مصر: بعد مضي خمس سنوات على مذبحة رابعة، ما زالت ظاهرة الإفلات من العقاب تشعل أزمة حقوقية غير مسبوقة

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن تقاعس السلطات المصرية عن مساءلة أي شخص على مذبحة 2013، على أيدي قوات الأمن، لما لا يقل عن 900 شخص شاركوا في المظاهرات بميدان رابعة العدوية وميدان النهضة في القاهرة، يجسد أزمة حقوق الإنسان غير المسبوقة في البلاد.

وقالت نجية بونعيم، مديرة الحملات ببرنامج الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية: “إن نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي حريص على القضاء على ذكرى مجزرة صيف عام 2013، على الرغم من أن شبح ما حدث سيبقى دائماً مخيماً على إدارته”.

“إن التقاعس المتكرر للسلطات المصرية عن احترام حقوق المتظاهرين، وتقاعسها عن مساءلة أي شخص على جرائم القتل الجماعي، قد ساهم في خلق بيئة تشعر فيها قوات الأمن أن بإمكانها انتهاك حقوق الإنسان مع الإفلات التام من العقاب”.

“لقد كانت مذبحة رابعة نقطة تحول مروعة لحقوق الإنسان في مصر. فعلى مدى السنوات الخمس الماضية، وقعت انتهاكات لحقوق الإنسان على أيدي قوات الأمن المصرية، مثل القيام بعمليات إخفاء قسري، وتنفيذ إعدامات خارج نطاق القضاء بشكل لم يشهد له مثيل من قبل”.

وبدلاً من السعي إلى تحقيق العدالة لضحايا المجزرة، أجرت السلطات المصرية محاكمة جماعية لـ 739 شخصاً، من بينهم صحفيون ومصورون، شاركوا في المظاهرات في ذلك اليوم.

وقد اتُهم جميع المتهمين بالمشاركة في مظاهرات غير مرخص بها، كما يواجهون تهم أخرى تتراوح بين القتل، و”التحريض على خرق القانون”، و “العضوية في جماعة غير قانونية”، و “التجمع غير القانوني”، والمشاركة في أعمال عنف.

ولم يقتصر الأمر على عدم قيام النيابة بتقديم أدلة تثبت المسؤولية الفردية لكل من المتهمين الـ 739، فقد فشلت محكمة جنايات القاهرة أيضًا في إثبات هذه المسؤولية، مما جعل هذه المحاكمة تتسم بالجور البالغ. وعلى الرغم من ذلك، يواجه 75 متهما الآن عقوبة الإعدام.

وفي 16 يوليو/ تموز، وافق مجلس الشعب بأغلبية الثلثين على مشروع قانون مقدم من الحكومة يمنح الحصانة والامتيازات لكبار ضباط القوات المسلحة الذين يختارهم الرئيس السيسي.

فهذا القانون الجديد يمنح كبار ضباط القوات المسلحة حصانة من المقاضاة عن أي فعل يرتكب أثناء أداء واجباتهم خلال الفترة بين تعليق الدستور من 3 يوليو/تموز 2013 إلى 10 يناير/كانون الثاني 2016. وتنص المادة 6 من القانون على أن “يتمتع الموظفون أيضًا بالحصانات الخاصة لرؤساء وأعضاء البعثات الدبلوماسية خلال فترة خدمتهم وفترة استدعائهم “.

واختتمت بونعيم قائلة: يوضح هذا القانون الجديد خلل الأولويات لدى إدارة السيسي. ويبدو أن الهدف من ذلك هو ترسيخ ظاهرة الإفلات من العقاب، وعدم احترام القوانين الدولية والدستور المصري والمبادئ الأساسية للعدالة”.

“لقد عززت السلطات دون حياء الامتيازات التي تتمتع بها قوات الأمن المشاركة في عملية قمع اعتصام رابعة، بينما اضطهدت المتظاهرين والصحفيين الذين كانوا يمارسون حقهم في حرية التعبير والتجمع. إنه لمن المروع أن بعضهم قد يدفع حياته ثمناً لذلك”.