تونس: يجب على مجلس نواب الشعب احترام قرار تمديد فترة عمل هيئة الحقيقة والكرامة

في 24 مارس/آذار، سيجري مجلس نواب الشعب التونسي تصويتاً مثيراً للجدل حول تمديد فترة عمل هيئة الحقيقة والكرامة لنهاية عام 2018. وقد منحها القانون المؤسس لها سلطة تمديد فترة عملها إلى عام واحد؛ وعلى الرغم من ذلك، أصر أعضاء مجلس نواب الشعب على طرح القرار للتصويت، في محاولة واضحة لمنع التمديد.

لقد واجه عمل هيئة الحقيقة والكرامية عراقيل من خلال رفض وزارتي الداخلية والدفاع التعاون مع طلبات تقديم المعلومات، بما في ذلك الاطلاع على أرشيفات الدولة، والاستجابة إلى الاستدعاءات.

وقالت هبة مرايف، المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية: “سيكون من المستحيل عملياً أن تقوم هيئة الحقيقة والكرامة باستكمال عملها في الشهرين القادمين، ولهذا السبب قرر أعضاء الهيئة أنهم بحاجة إلى مزيد من الوقت. فأعضاء مجلس نواب الشعب ملزمون بموجب القانون باحترام قرار الهيئة المستقل بتمديد فترة عملها”.

“لقد وضع عشرات الآلاف من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان ثقتهم في هيئة الحقيقة والكرامة للحصول على حقهم في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة على جرائم ظلت دون عقاب على مدى عقود. فبدلاً من محاولة وضع العراقيل أمام الهيئة، ينبغي أن يركز أعضاء نواب الشعب على كيفية تمكين ودعم الإنجاز الكامل لعملها، بما في ذلك من خلال ضمان تعاون الهيئات الحكومية مع التحقيقات”.

 ففي 6 مارس/آذار، أعلنت سهام بن سدرين، رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، أن الهيئة قد قررت تمديد فترة عمل الهيئة لمدة سبعة أشهر بعد انتهاء فترة عملها الأولية التي تنتهي في 31 ماي/ أيار. وينص القانون الأساسي المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها، الذي أسس الهيئة، بوضوح في المادة 18 على أنه يمكن تمديد فترة عملها مرة واحدة لمدة عام واحد من خلال “قرار معلل يرفع من الهيئة إلى مجلس نواب الشعب”.

إلا أن بعض أعضاء مجلس نواب الشعب قد عارضوا التمديد قائلين إنه يتطلب التصويت في البرلمان وفي 8 مارس/آذار قرر مكتب مجلس نواب الشعب إجراء التصويت في 24 مارس/آذار.

وكان أحد الأسباب التي استندت إليها الهيئة في قرارها بتمديد فترة عملها هو عدم تعاون المؤسسات الحكومية مثل وزارة الداخلية ووزارة الدفاع معها.

“إن مؤسسات الدولة، لا سيما وزارتي الداخلية والدفاع، تعرقل عمل هيئة الحقيقة والكرامة بعدم الرد على الاسئلة التي قدمتها الهيئة أو منحها إمكانية الاطلاع على ارشيف الدولة، بما في ذلك ملفات المحاكمات العسكرية وسجلات البوليس السياسي (الشرطة السرية). وتقع على عاتق الحكومة مسؤولية ضمان استجابة هذه المؤسسات بالكامل لطلبات الحصول على المعلومات، وأي استدعاءات للمسؤولين.

 ويحق لهيئة الحقيقة والكرامة إحالة القضايا التي حققت فيها مباشرة إلى المحاكم الجنائية. ففي 2 مارس/آذار، أحالت الهيئة أول حالة اختفاء قسري إلى الدوائر القضائية المختصة. ومع ذلك، فإن وحدة التحقيق تحقق في مئات الحالات الأخرى لضحايا الانتهاكات بما في ذلك حالات الموت اثناء الايقاف والتعذيب والاعتقال السري والتعسفي، وتتطلب المزيد من الوقت لإحالتها إلى المحكمة، بالإضافة إلى إنهاء العمل على تقريرها النهائي. .

واختتمت مرايف قائلة: “إن الاختبار الحقيقي لمسار العدالة الانتقالية في تونس هو ما إذا كان سيتوج بمنح الضحايا الذين انتظروا عقوداً من أجل إرساء الحقيقة والعدالة حقهم في الانتصاف، وما إذا كانت هذه المحاكمات ستتم بطريقة حيادية وشفافة وشاملة”.

خلفية

 منذ بدء عملياتها في عام 2014، عقدت “هيئة الحقيقة والكرامة” جلسات استماع في شتى أنحاء تونس، وتلقت أكثر من 62 ألف حالة من انتهاكات حقوق الإنسان. فقد أسست الهيئة بموجب القانون الأساسي المتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها في ديسمبر 2013. ويتمثل عمل الهيئة في الكشف عن الحقيقة المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي، وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت بين عامي 1955 و2013. ويشمل عملها أيضا التحكيم في قضايا الجرائم الاقتصادية، ووضع وإدارة برنامج التعويضات الفردية والجماعية، وتقديم توصيات لضمان عدم تكرار جرائم الماضي، وإصلاح مؤسسات الدولة المنخرطة في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك الاقتراح بفحص سجلات أعضاء مؤسسات الدولة.