مدوِّن مصري ضمن 24 شخصاً يواجهون أحكاماً بالسجن بتهمة “إهانة” القضاء

قالت منظمة العفو الدولية إنه يجب على السلطات المصرية إسقاط جميع التهم الموجهة إلى علاء عبد الفتاح، وهو مدوِّن وناشط في مجال حقوق الإنسان برز خلال انتفاضة عام 2011، وإلى ما لا يقل عن 23 متهماً آخر، حيث يمكن أن يُحكم عليهم بالسجن لمدد قد تصل إلى أربع سنوات لمجرد انتقادهم النظام القضائي المعيب في مصر.

ومن المقرر أن تُصدر إحدى محاكم الجنايات حكمها في القضية التي تضم 25 متهماً يوم السبت 30 سبتمبر/أيلول 2017. وقد وُجهت تهمة إهانة القضاء إلى ما لا يقل عن 24 من المتهمين، من بينهم علاء عبد الفتاح، والسياسي المصري عمرو حمزاوي وعضو مجلس الشعب (البرلمان) السابق عصام سلطان، وذلك بسبب انتقادهم المشروع للقضاء المصري ووصفه بأنه متحيز ويُعد بمثابة دُمية في يد الدولة.

وتعليقاً على ذلك، قالت نجية بونعيم، مديرة الحملات لشمال إفريقيا بمكتب تونس الإقليمي لمنظمة العفو الدولية، “إن هذه المحاكمة هي محاولة لإخراس أي انتقاد لجهاز قضائي أصبح في حد ذاته مصدراً لانتهاكات حقوق الإنسان. فمن المعروف أن “إهانة” مؤسسات عامة أو مسؤولين عموميين لا تُعتبر تهمة جنائية بموجب القانون الدولي، وينبغي ألا يُحاكم أحد بمثل هذه التهمة، ناهيك عن الحكم عليه بالسجن، بسبب ممارسته السلمية لحقه في حرية التعبير”.

إن هذه المحاكمة هي محاولة لإخراس أي انتقاد لجهاز قضائي أصبح في حد ذاته مصدراً لانتهاكات حقوق الإنسان.

نجية بونعيم، مديرة الحملات لشمال إفريقيا بمكتب تونس الإقليمي لمنظمة العفو الدولية

وأضافت نجية بونعيم قائلةً: “بدلاً من معاقبة علاء عبد الفتاح والمتهمين الآخرين البالغ عددهم 23 متهماً بسبب تعبيرهم عن آرائهم، يجب على السلطات إسقاط التهم المنسوبة لهم والإفراج عنهم فوراً ودن قيد أو شرط”.

وقد توصلت بحوث منظمة العفو الدولية إلى وجود أوجه قصور جسيمة في الإجراءات الواجبة في القضاء المصري. فقد أصدر نظام القضاء الجنائي أحكاماً جماعية بالإعدام وبالسجن لمدد طويلة على آلاف من المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والمحامين والصحفيين إثر محاكمات فادحة الجور، بينما يتمتع أفراد قوات الأمن الذين يتحملون المسؤولية عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بحصانة شبه تامة من العقاب والمساءلة. كما خلصت المنظمة إلى أن النيابة العامة متواطئة في الانتهاكات، بتجاهلها لحالات الاختفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.

وقالت نجية بونعيم: “من المفارقات الغريبة أن السلطات المصرية تحاكم أشخاصاً بتهمة انتقاد جهاز القضاء، بينما لا تزال هناك تساؤلات جديِّة معلَّقة بخصوص استقلال هذا الجهاز ونزاهته”.

ومضت نجية بونعيم قائلةً: “إذا ما اختارت السلطات إدانة علاء عبد الفتاح والمتهمين الآخرين الثلاثة والعشرين في جلسة يوم السبت، فسوف يكون ذلك بمثابة مسمار آخر في نعش العدالة في مصر”.

والملاحظ أن التهم الموجهة إلى 24 من المتهمين، وبينهم علاء عبد الفتاح، ترجع بشكل كامل إلى ممارستهم لحقهم في حرية التعبير. ويشير تحليل منظمة العفو الدولية لملف القضية إلى عدم وجود أدلة ذات مصداقية على أن المتهمين حرَّضوا على الكراهية أو العنف أو التمييز. وتستند التهم الموجهة لهؤلاء المتهمين إلى تعليقات أبدوها من خلال وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.

إذا ما اختارت السلطات إدانة علاء عبد الفتاح والمتهمين الآخرين الثلاثة والعشرين في جلسة يوم السبت، فسوف يكون ذلك بمثابة مسمار آخر في نعش العدالة في مصر.

نجية بونعيم

ويُحاكم علاء عبد الفتاح بسبب تغريدة على موقع “تويتر”، انتقد فيها القضاء ووصفه بأنه “متحيز”، وأشار ضمناً إلى أن القضاة “يأخذون الأوامر من العسكر”. وكانت هذه التغريدة بخصوص محاكمة مثيرة للجدل أُجريت عام 2013، وصدرت فيها أحكام بالسجن لمدد تتراوح بين سنة وخمس سنوات على 43 من العاملين في منظمات غير حكومية. كما تستند التهمة الموجهة إلى السياسي المصري عمرو حمزاوي إلى تغريدة عن الحكم نفسه، حيث وصفه بأنه “صادم ويفتقر إلى الشفافية”. أما التهمة الموجهة إلى عضو مجلس الشعب السابق عصام سلطان فتستند إلى مقابلة تليفزيونية وصف خلالها محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك بأنها “سخرية من العدالة وخيانة لأرواح المتظاهرين الذين قُتلوا”. وقد وُجهت تهم إلى 21 متهماً آخر استناداً إلى تغريدات وتريحات مماثلة.

وكان علاء عبد الفتاح قد أمضى 45 يوماً في الحبس في عام 2006، لمشاركته في مظاهرات تأييداً للقضاة الذين طالبوا باستقلال القضاء في عهد الرئيس السابق حسني مبارك.

وقالت نجية بونعيم: “من الأمور الصادمة أن الشخص الذي وقف جنباً إلى جنب مع القضاة في مصر دفاعاً عن حقوق القضاة ومؤسسة القضاء منذ أكثر من عشر سنوات هو نفسه الذي يُحاكم الآن بسبب انتقاده السلمي للمؤسسة نفسها”.

حملة #الحرية لعلاء عبد الفتاح

يُجتجز علاء عبد الفتاح حالياً في سجن المزرعة بمجمع سجون طرة في القاهرة، حيث يقضي حكماً بالسجن لمدة خمس سنوات بعد إدانته بمخالفة قانون التظاهر القمعي الساري في مصر بمشاركته في مظاهرة سلمية في عام 2013 احتجاجاً على المحاكمات العسكرية للمدنيين. وسوف يخضع بعد انتهاء مدة السجن لإجراءات مراقبة شُرطية مشددة لمدة خمس سنوات، فيما يُعد بمثابة حرمان من الحرية. وقد خلص “الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي” التابع للأمم المتحدة بأن علاء عبد الفتاح محتجز بشكل تعسفي، وطالب بالإفراج عنه فوراً.

علاء عبد الفتاح، مدون ومدافع عن حقوق الإنسان، ذاع صيته خلال انتفاضة مصر عام 2011 ©Islam Amin
علاء عبد الفتاح، مدون ومدافع عن حقوق الإنسان، ذاع صيته خلال انتفاضة مصر عام 2011 ©Islam Amin

ومن المقرر أن تنظر محكمة النقض المصرية، يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول 2017، في الدعوى المقامة من علاء عبد الفتاح للطعن في الحكم الصادر ضده، ويجوز للمحكمة تأييد الحكم أو تخفيفه أو تبرئة علاء عبد الفتاح.

وفي مقابلة مع منظمة العفو الدولية، قالت منى سيف، شقيقة علاء عبد الفتاح، إن “علاء هو واحد من الآلاف الذين تضيع سنوات من أعمارهم في السجون المصرية، بينما يُستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي بحفاوة من حكومات في مختلف أنحاء العالم، وقليلاً ما تُطرح عليه أسئلة عما يرتكبه نظامه من انتهاكات الحقوق”.

وأضافت منى سيف قائلةً: “ولكننا نعرف أن هناك أشخاصاً في جميع أنحاء العالم يقفون إلى جانب علاء وجميع المحبوسين ظلماً في السجون المصرية، ونحن ندعوهم أن ينضموا إلى حملتنا وأن يرفعوا أصواتهم لمساعدتنا. #الحرية لعلاء عبد الفتاح”.  #FreeAlaa

كما قالت منى سيف إن شقيقها حُرم طوال حبسه على مدى ثلاث سنوات ونصف السنة من الحصول على أية كتب أو صحف، في محاولة لعزله عقلياً عن الأحداث الجارية.