- تصدر أحكام الإعدام عقب محاكمات جائرة تفتقر إلى الضمانات الأساسية
- نُفذ خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2015 ما لا يقل عن 102 اعداما مقارنة بتنفيذ 90 اعداما في عام 2014 بأكمله
- يتم إعدام ما معدله شخص واحد كل يومين، وذلك بحد السيف في معظم الحالات
- حوالي نصف أعداد الإعدام في السنوات الأخيرة كان على خلفية جرائم غير مميتة
- أُعدم ما لا يقل عن 2208 أشخاص خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني 1985 ويونيو/ حزيران 2015
- كان ما يقارب من نصف الذين تم إعدامهم منذ العام 1985 من الأجانب
- يتم تنفيذ حكم الإعدام بحق أحداثاً وأشخاصاً يعانون من إعاقات عقلية
في تقرير جديد تنشره اليوم، قالت منظمة العفو الدولية أن مئات الأشخاص قد صدرت بحقهم أحكام بالإعدام عقب إدانتهم في محاكمات جائرة ضمن النظام القضائي السعودي الذي تشوبه الكثير من العيوب الخطيرة.
ويكشف التقرير المعنون “القتل باسم العدالة: عقوبة الإعدام في السعودية” التطبيق الصادم والتعسفي لعقوبة الإعدام في المملكة، والتي غالباً ما تصدر أحكام الإعدام فيها عقب محاكمات تنتهك المعايير الدولية بشكل صارخ.
وبهذه المناسبة، قال القائم بأعمال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، سعيد بومدوحة: “من المعيب تماماً الحكم على المئات من الأشخاص بالإعدام عقب إجراءات قضائية تشوبها عيوبٌ خطيرة. فتطبيق عقوبة الإعدام أمر مروع بحد ذاته في جميع الظروف والأحوال، ولكن يصبح الأمر مأساوياً عندما يتم تطبيق العقوبة بشكل تعسفي وعلى إثر محاكمات جائرة بكل المعايير”.
تطبيق عقوبة الإعدام أمر مروع بحد ذاته في جميع الظروف والأحوال، ولكن يصبح الأمر مأساوياً عندما يتم تطبيق العقوبة بشكل تعسفي وعلى إثر محاكمات جائرة بكل المعايير.
سعيد بومدوحة، القائم بأعمال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية
وأضاف بومدوحة قائلاً: “يساهم نظام العدالة المعيب في السعودية بتيسير تنفيذ الإعدامات الصادرة وفق أحكام قضائية وبأعداد كبيرة. فغالبا ما يُحرم المتهم في الكثير من القضايا من الاتصال بمحام، أو تتم إدانته بناء على “اعترافات” انتُزعت منه تحت التعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة السيئة ضمن سياق إساءة تطبيق أحكام العدالة بشكل صارخ “.
تطبيق عقوبة الإعدام في السعودية
أُعدم 175 شخصاً خلال الفترة ما بين أغسطس/ آب 2014 ويونيو/ حزيران 2015، أي بمعدل شخص واحد كل يومين.
وصدر ثلث أحكام الإعدام المنفذة منذ العام 1985 في جرائم لا تلبي معيار “الجرائم الأشد خطورة” الذي يجوز بموجبه فرض عقوبة الإعدام وفق أحكام القانون الدولي. كما إن نسبة كبيرة من أحكام الإعدام الصادرة في السعودية منذ العام 1991 (أي 28% منها تحديداً) قد صدرت على خلفية جرائم تتعلق بالمخدرات.
وشكّل الأجانب حوالي نصف (48.5%) الذين تم إعدامهم في السعودية منذ العام 1985، وحُرم الكثير منهم من الحصول على خدمات الترجمة الملائمة أثناء المحاكمة وأُجبروا على التوقيع على وثائق بما في ذلك اعترافات دون أن يتمكنوا من فهم محتواها.
وتُنفذ معظم أحكام الإعدام في السعودية بحد السيف، فيما ينُفذ الحكم في بعض الحالات رمياً بالرصاص. كما يُنفذ الحكم في بعض الحالات أمام الناس علناً قبل أن يُصار لاحقاً إلى تعليق الجثث والرؤوس المقطوعة كعبرة.
وغالباً ما لا يتم إعلام عائلات السجناء تحت طائلة الإعدام بموعد تنفيذ الحكم، ولا يتسنى لهم معرفة ذلك إلا من خلال وسائل الإعلام بعد إعدام ذويهم.
نظام العدالة المَعيب
يفتقر نظام العدالة القائم على أحكام الشريعة في السعودية لوجود قانون جزائي، الأمر الذي يترك مسألة تعريف الجرائم وعقوباتها مبهمة ومفتوحة أمام الاجتهادات على نطاق واسع. كما يمنح النظام المعمول به القضاة صلاحية استخدام سلطاتهم التقديرية أو الاستنسابية عند النطق بالحكم، الأمر الذي يؤدي إلى حصول تباين كبير في الأحكام، وإصدار أحكام تعسفية في بعض الحالات. إذ يكفي في الجرائم التي يُعاقب عليها تعزيراً توافر عنصر الشبهة كي يقوم القاضي باللجوء إلى الحكم بالإعدام على المتهم بناء على جسامة الجريمة وخطورتها أو طبيعة شخصية مرتكبها.
الطبيعة المعيبة أساساً في نظام السعودية القانوني تترك الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام إساءة استخدامه. فالسلطات تتلاعب بأرواح الناس بأسلوب متهور ومروع.
سعيد بومدوحة
كما يفتقر نظام العدالة السعودي لأبسط الاحتياطات المتعلقة بضمان الحق في الحصول على محاكمة عادلة. وغالباً ما تصدر أحكام الإعدام عقب محاكمات جائرة وإجراءات موجزة تُعقد سراً أحياناً. ويُحرم المتهمون بشكل منهجي من الاتصال بمحام أو تتم إدانتهم بناء على”اعترافات” انتُزعت منهم تحت التعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة السيئة. كما يُحرم المتهمون من الحق في الحصول على فرصة الطعن أو الاستئناف بشكل مناسب ودقيق.
ولطالما أنكرت السعودية الانتقادات الموجهة إليها جملة وتفصيلا لا سيما تلك المتعلقة بتطبيق عقوبة الإعدام، وما انفكت تزعم أن الإعدامات تُنفذ وفق أحكام الشريعة الإسلامية وأن ذلك يقتصر على “الجرائم الأشد خطورة” مع مراعاتها الصارمة لتوافر المعايير والضمانات المتعلقة بالمحاكمات العادلة.
وفي هذا السياق، قال سعيد بومدوحة: “إن زعم السعودية بأنها تنفذ أحكام الإعدام باسم العدالة ووفق مقتضيات القانون الدولي هو أبعد ما يكون عن الحقيقة. فعوضاً عن الانشغال بالدفاع عن سجل البلاد المروع في هذا المجال، ينبغي على السلطات السعودية أن تبادر على وجه السرعة إلى فرض وقف اختياري على تنفيذ جميع أحكام الإعدام وتطبيق المعايير الدولية المتعلقة بالمحاكمات العادلة في جميع الجرائم والجنايات”.
وتجسد قضية الشيخ نمر باقر النمر، أحد رجال الدين الشيعة ومن منتقدي الحكومة في المنطقة الشرقية الذي حُكم عليه بالإعدام في أكتوبر/ تشرين الأول 2014، أوجه القصور هذه. فلقد أُدين النمر على ذمة جرائم مبهمة الوصف على إثر محاكمة سياسية يشوبها عوار شديد وحُرم من إمكانية الإعداد لدفاعه بشكل ملائم. بل إن بعض الجرائم المنسوبة إليه لا تُصنّف كجرائم في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأضاف بومدوحة قائلاً إن “الطبيعة المعيبة أساساً في نظام السعودية القانوني تترك الباب مفتوحاً على مصراعيه أمام إساءة استخدامه. فالسلطات تتلاعب بأرواح الناس بأسلوب متهور ومروع”.
واختتم بومدوحة تعليقه قائلاً: “إذا رغبت السلطات في أن تظهر التزامها بمراعاة المعايير الصارمة التي تضمن إجراء محاكمات عادلة، فيتعين عليها أن تطبق الإصلاحات التي من شأنها أن تجعل من نظام العدالة السعودي متسقاً والقانون الدولي ومعاييره”.
وبانتظار إلغاء تطبيق عقوبة الإعدام بشكل كامل، تناشد منظمة العفو الدولية السلطات السعودية إلى تقييد نطاق الجرائم التي يُعاقب عليها بالإعدام بحيث يقتصر على جرائم “القتل العمد” وذلك اتساقاً مع القانون الدولي ومعاييره، وأن تبادر إلى وضع حد للممارسة التي تجيز الحكم بالإعدام على الأحداث المذنبين وأولئك الذين يعانون من إعاقات عقلية.