سوريا: البراميل المتفجرة ونيران القناصة تفاقم من مأساة المدنيين المحاصرين في مخيم اليرموك

 2015 الصورة : رجل يقف على درج داخل مبنى هدمت في اليرموك ، 6 أبريل

© AFP / غيتي

قالت منظمة العفو الدولية أن ما لا يقل عن 18 مدنياً بينهم فتاة تبلغ من العمر 12 عاماً وأحد عمال الإغاثة   الإنسانية قد لقوا حتفهم في مخيم اليرموك منذ قيام الجماعة المسلحة التي تطلق على نفسها اسم “الدولة الإسلامية” بمهاجمة المخيم المخصص للاجئين الفلسطينيين والاستيلاء على معظم مناطقه الأسبوع الماضي.

ويواجه آلاف آخرون مخاطر أخرى مع تصعيد قوات النظام السوري لقصفها المدفعي والجوي للمخيم رداً على استيلاء تنظيم الدولة الإسلامية على المنطقة بما في ذلك قيامها بقصف المخيم بالبراميل المتفجرة. كما تعرض المدنيون لنيران القناصة

وعلقوا وسط الصدامات المسلحة بين الجماعات المسلحة لا سيما بين تنظيم الدولة الإسلامية والجماعة الفلسطينية المعروفة باسم كتائب أكناف بيت المقدس.

وفي معرض تعليقها على الموضوع، قالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، حسيبة حاج صحراوي: “أصبحت الحياة بالنسبة للمدنيين العالقين داخل مخيم اليرموك معاناة مؤلمة للبقاء على قيد الحياة. فعقب ما تعرضوا له من حصار حكومي على مدار سنتين شل مناحي الحياة في المخيم، ها هم اليوم يتسمرون في أماكنهم خوفاً على حياتهم من نيران القناصة وفي ظل تصاعد القصف المدفعي والجوي”.

أصبحت الحياة بالنسبة للمدنيين العالقين داخل مخيم اليرموك معاناة مؤلمة للبقاء على قيد الحياة

نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة العفو الدولية، حسيبة حاج صحراوي

وعلى الرغم من التصعيد الذي شهده القتال، رفضت قوات النظام السوري ومقاتلو الدولة الإسلامية السماح بدخول المساعدات الطبية أو الإنسانية إلى المخيم، الأمر الذي ترك عشرات الجرحى دون إمكانية الحصول على المساعدات الطبية والإنسانية الطارئة.  وتعرض مستشفى فلسطين الذي يُعد أحد مستشفيين وحيدين في المخيم للقصف بصاروخ أوقع ستة جرحى بتاريخ 1 إبريل/ نيسان الجاري

وقال أحد طواقم الإسعاف في المخيم لمنظمة العفو الدولية: “تنجم الإصابات الرئيسية في المخيم عن نيران القناصة والقصف”.

وأضاف قائلاً: “ويغلب على الأمراض الرئيسية التي تتفشى بين سكان المخيم أمراض القلب والصدرية والإسهال والعدوى والالتهابات – ويزداد الأمر صعوبةً بفعل سوء التغذية المنتشرة بين السكان. ونعاني من نقص حاد في المعدات الطبية والأدوية ونحن بحاجة ماسة إلى الحصول على سوائل معالجة الجفاف وأكياس الدم والمضادات الحيوية”.ويُذكر أنه لم يعد هناك منظمات إغاثة لا تزال تعمل داخل المخيم.

وقالت حسيبة حاج صحراوي: “ثمة حاجة ماسة للسماح فوراً للوكالات الإنسانية المستقلة بدخول مخيم اليرموك دون قيود والمساهمة في تخفيف عبء المعاناة التي لا تنتهي”.

وبحسب ما افاد به ناشطون محليون، أُرديت زينب الداغستاني (12 عاماً) قتيلة برصاص القناصة بتاريخ 7 إبريل/ نيسان أثناء محاولتها الفرار إلى القسم الجنوبي الهادئ نسبياً من المخيم. كما قُتل مدنيون آخرون بينهم ماجد العمري الذي يعمل كعامل إغاثة مع منظمة جفرا والذي يُعتقد أنه قُتل أثناء تبادل النيران بين الجانبين بتاريخ 3 إبريل/ نيسان. كما قُتل الناشط جمال خليفة (27 عاماً) جراء قصف مدفعي استهدف المخيم في نفس اليوم. وقُتل لاجئ شاب هو حسين طه في 6 إبريل/ نيسان عقب سقوط أحد البراميل المتفجرة على منزله.

وأخبر سكان المخيم منظمة العفو الدولية أن حوالي 25 برميلاً متفجراً قد أُسقطت على المخيم خلال الأسبوع الماضي لا سيما أثناء الليل.

ووجد مدنيو مخيم اليرموك أنفسهم محاصرين بين خيار التعرض لانتهاكات الدولة الإسلامية والخطر الداهم الذي يمثله قصف القوات الحكومية التي استهدفت أحياء شارع فلسطين والمنصورة ومقبرة الشهداء في المخيم على الرغم من أنها مناطق مدنية عموماً ولكن تمركز داخلها بعض مقاتلي الدولة الإسلامية.

وقالت حاج صحراوي: “إن استخدام البراميل المتفجرة لقصف السكان المدنيين المحاصرين والجوعى ليبرهن مرة أخرى على عدم اكتراث الحكومة السورية بالقانون الإنساني الدولي وانتهاكها الصارخ لحقوق المدنيين. ولا يظهر أن تجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين هو أحد عناصر المعادلة التي تأخذها قوات النظام بالحسبان عندما تقرر أن تقصف منطقة دون أخرى”.

وأضافت حاج صحراوي قائلةً: “يشكل قصف المناطق المدنية الآهلة بالسكان وإسقاط البراميل المتفجرة عليها جريمة حرب. ويجب أن يتوقف هذا النوع من الهجمات فوراً، وينبغي على الأطراف كافة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة من أجل تقليص حجم الضرر الذي يلحق بالمدنيين”.

وقال أحد سكان المخيم: “ما انفكت الأوضاع تزداد سوءاً بالنسبة للمدنيين لا سيما مع عدم توفر الماء أو الطعام أو الدواء.”

يشكل قصف المناطق المدنية الآهلة بالسكان وإسقاط البراميل المتفجرة عليها جريمة حرب. ويجب أن يتوقف هذا النوع من الهجمات فوراً، وينبغي على الأطراف كافة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة من أجل تقليص حجم الضرر الذي يلحق بالمدنيين”.

حسيبة حاج صحراوي

ولا زال حوالي 18 ألف مدني محاصرين داخل مخيم اليرموك. فلقد أدت سنتان تقريباً من الحصار القاسي الذي تفرضه قوات النظام على المخيم اعتباراً من يوليو/ تموز 2013 إلى أزمة إنسانية مدمرة. وبحلول مارس/ آذار

2014، وصل عدد القتلى داخل المخيم إلى 194 شخصاً قضى معظمهم جراء المجاعة وغياب الرعاية الطبية. وأخبر أحد الناشطين المدنيين في المخيم منظمة العفو الدولية أنه ثمة اثنان آخران من السكان قد توفوا جوعاً خلال الأسبوع الحالي.

واختتمت حاج صحراوي تعليقها قائلةً: “يفوق حجم المعاناة الإنسانية والبؤس في مخيم اليرموك الوصف. ويتعين على جميع الأطراف المتحاربة أن تسمح فوراً للمنظمات الإنسانية بدخول المخيم بحيث يتسنى لها تلبية الاحتياجات الملحة للسكان المدنيين في المخيم والمساعدة في إخلاء الراغبين بمغادرته إلى مناطق أكثر أماناً”.

وقيل أن جبهة النصرة التي تمتلك مقاتلين داخل مخيم اليرموك هي التي يسرت دخول مقاتلي الدولة الإسلامية إلى المخيم في 1 إبريل/ نيسان 2015. وتقاتل الجبهة جماعات أخرى مثل كتائب أكناف بيت المقدس المقربة من

حركة حماس وجيش الإسلام. ويقول سكان المخيم أن ثلاثة من المقاتلين الفلسطينيين الأسرى قد أُعدموا بقطع الرأس على أيدي مقاتلي الدولة الإسلامية. وقبيل عام 2011، كان مخيم اليرموك يؤوي أكبر عدد من مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في سورية إلى جانب آلاف المواطنين السوريين.