قمة حلف شمال الأطلنطي: لا تتركوا أفغانستان مخلفين تركةً من الإفلات من العقاب

قالت منظمة العفو اليوم إن ثمة خطراً في أن ترحل قوات “حلف شمال الأطلنطي” (الناتو) عن أفغانستان مخلفةً وراءها تركةً من الإفلات من العقاب ما لم تُعالج قضية قتل مدنيين بشكل غير مشروع على أيدي القوات الدولية على مدى أكثر من عشرة أعوام معالجةً تستند إلى إقرار العدالة وتعويض المتضررين. وجاء تصريح المنظمة عشية قمة دولية كبرى تُعقد يومي 4 و5 سبتمبر/أيلول 2014 في مدينة نيوبورت بمقاطعة ويلز.

ومن بين الموضوعات التي ستُطرح على جدول الأعمال في قمة رؤساء الدول والحكومات المشاركة في “حلف شمال الأطلنطي” موضوع دعم وتدريب قوات الأمن الوطني الأفغانية، التي ستتولى المسؤولية الكاملة عن الأمن في البلاد بحلول نهاية العام الحالي.

وقال ريتشارد بينيت، مدير قسم آسيا والمحيط الهادئ في منظمة العفو الدولية، إنه “مع حلول نهاية الفترة الانتقالية فيما يتعلق بالأمن بعد بضعة أشهر قلائل، فإنه قد حان الوقت لمعالجة قضية الافتقار شبه الكامل للمساءلة عن أعمال قتل المدنيين، وهي أعمال غير مشروعة بشكل جلي وغير مقبولة على الإطلاق”.

ومضى ريتشارد بينيت قائلاً: “ينبغي أن يُقدم إلى ساحة العدالة جميع المسؤولين عن أعمال قتل المدنيين بشكل غير مشروع منذ بدء التدخل الدولي في أفغانستان في عام 2001، كما ينبغي تعويضات إلى أهالي الضحايا وفقاً للمعايير الدولية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن القوات الأفغانية في حاجة لمزيد من الدعم بما يتيح لها رصد ومنع ومعالجة انتهاكات حقوق الإنسان”.

وفي تقرير جديد، وثَّقت منظمة العفو الدولية غياب العدالة بشكل كامل تقريباً فيما يتعلق بمن قُتلوا وأُصيبوا من المدنيين على أيدي القوات الأمريكية وغيرها من القوات المشاركة في قوات “حلف شمال الأطلنطي” في أفغانستان. ويركز هذا التقرير بشكل أساسي على القوات الأمريكية، التي تشكل أغلبية القوات الدولية في أفغانستان، كما كانت ضالعةً في الغالبية العظمى من الحالات التي انطوت على وقوع قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.

وتشير تقديرات منظمة العفو الدولية إلى أن حوالي 1800 مدني قد قُتلوا خلال العمليات العسكرية للقوات الدولية في الفترة من عام 2009 إلى عام 2013، وهي الفترة التي يغطيها التقرير.

وبالرغم من أنه ليس ضرورياً أن تنطوي كل حادثة وفاة لمدنيين خلال نزاع مسلح على انتهاك للقانون الدولي، فإن بعض الحالات التي تقصتها منظمة العفو الدولية تظهر أدلة دامغة على أن القوات الأمريكية ارتكبت جرائم حرب، ومع ذلك، فقد كان من النادر محاكمة المسؤولين عنها.

وقال ريتشارد بينيت إنه “ينبغي على الولايات المتحدة الأمريكية وشركائها في حلف شمال الأطلنطي التحقيق على وجه السرعة في جميع الحالات التي بدا فيها أن مدنيين قد قُتلوا على أيدي القوات الدولية، وكذلك التكفل بتحقيق ما يستحقه أهال يالضحايا من العدالة والإنصاف والتعويض حيثما توجد أدلة على وقوع أعمال قتل دون وجه حق”.

ومن المقرر أن تتولى القوات الأفغانية المسؤولية الكاملة عن الأمن بحلول عام 2015، وبهذه المناسبة اتخذت قوات “حلف شمال الأطلنطي” والحكومة الأفغانية خطوات تستحق الترحيب لإنشاء آلية لرصد انتهاكات حقوق الإنسان على أيدي الجيش الأفغاني.

واستطرد ريتشارد بينيت قائلاً: “لقد تلقينا أيضاً أنباء تدعو إلى القلق عن نطاق انتهاكات حقوق الإنسان على أيدي قوات الأمن الأفغانية، ويبدو أن الحكومة الأفغانية وقوات “حلف شمال الأطلنطي” تتخذان خطوات لمعالجة هذه الانتهاكات، وهو أمر يستحق الترحيب. وينبغي على حلف شمال الأطلنطي أن يضمن قيام قوات الأمن الوطني الأفغانية بإنشاء آلية فعالة وذات موارد كافية لرصد الخسائر في صفوف المدنيين، ومحاكمة الأفراد الذين ارتكبوا الانتهاكات، إذا ما طُلب منها ذلك”.

توصيات إضافية 

لا يزال العنف وانعدام الأمن المرتبطان بالنزاع يتسببان في تشريد أشخاص ونزوحهم داخلياً. ولا يزال نحو 631.286 أفغانياً نازحين داخل البلاد من جراء النزاع، وبينهم عشرات الآلاف الذين شُردوا في العام الماضي وحده. وينبغي على “حلف شمال الأطلنطي” أن يعالج مشكلة النزوح الناجمة عن النزاع. كما يجب، في إطار الجهود الرامية إلى تحسين قدرات قوات الأمن الوطني الأفغانية، أن تشتمل السياسات والبرامج التدريبية المتعلقة بحماية المدنيين على بنود لمنع النزوح والتخفيف من آثاره.

ومع اعتزام قوات “حلف شمال الأطلنطي” إنهاء مهمتها الأمنية الانتقالية، فإنه يتعين عليها أيضاً اتخاذ خطوات للمساعدة في تعزيز دور المرأة في عملية السلام والمصالحة، وبشكل أوسع نطاقاً تشجيع المرأة على المشاركة في الشؤون العامة. وينبغي أن يشمل ذلك التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن الدولي فيما يتعلق بدور المرأة في أفغانستان، ولاسيما قرار مجلس الأمن رقم 1325. وينبغي بذل جهود في قمة دول “حلف شمال الأطلنطي” نفسها وفي عمليات المتابعة اللاحقو لضمان مشاركة المرأة الأفغانية بشكل فعال، سواء من مؤسسات الدولة أو المجتمع المدني، وضمان الاستماع إلى آراء النساء والفتيات ووضعها في الاعتبار.