أُبعدت من الضفة الغربية

في عام 2005، سافرت برلنتي عزام، وهي فتاة فلسطينية من قطاع غزة، إلى الضفة الغربية كي تبدأ دراستها للحصول على شهادة جامعية في مجال إدارة الإعمال والترجمة من جامعة بيت لحم.وفي أكتوبر/تشرين الأول 2009، وقبل شهرين فقط من إنهاء دراستها وحصولها على الشهادة، أُبعدت برلنتي بصورة قسرية إلى غزة على أيدي الجيش الإسرئيلي.وفي 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2009، تحدثت برلنتي عزام إلى منظمة العفو الدولية في غزة، بعد بضع أيام فقط من طردها من الضفة الغربية:

“كان آخر يوم أربعاء 28 أكتوبر/تشرين الأول، وكنت في طريقي عائدة من رام الله إلى بيت لحم. كنت في مقابلة من أجل التقدم إلى وظيفة في رام الله. وفي الطريق بين بيت لحم وأبو ديس، استُوقفت عند حاجز “الكونتينر” العسكري (حاجز عسكري في الطريق بين رام الله وبيت لحم يقيد تنقلات الفلسطينيين بين جنوب الضفة الغربية وشمالها) … وسُئلت إن كنت من غزة (من قبل الجنود الإسرائيليين) … اطلعوا على بطاقة هويتي، ولكنهم لم يقولوا شيئاً، قالوا لي فقط انتظري الشرطة السرية. كانت الواحدة بعد الظهر عندما استوقفت. وانتظرت هناك حتى السابعة مساءً … كان الجو بارداً جداً عند الحاجز العسكري ؛ كانت يداي مصفدتين، ولم أستطع تحريكهما جيداً، كان هناك جندي عربي، سألته عن سبب احتجازهم لي عند حاجز “الكونتينر” العسكري. رفضت أن أوقع على الورقة التي أعطوني إياه لأنها كانت بالعبرية. قلت لهم إنني لن أوقع عليها، أنا لا أفهم العبرية. وفي نهاية المطاف، وقعت عليها لأنهم ضغطوا علي. لا أعلم ماذا تقول هذه الورقة”. وكان لدى برلنتي هاتفها النقال، فاستخدمته للاتصال بساري باشي، وهو محام يعمل مع المنظمة الإسرائيلية لحقوق الإنسان “غيشا” مسلك – مركز الدفاع عن حرية الحركة.وأخبرت برلنتي منظمة العفو الدولية أن الجنود الإسرائيليين تحدثوا مع المحامي، وأخبروه بأنهم لن يأخذوها إلى غزة، وأنه باستطاعته الالتقاء بها في مركز الاعتقال بالضفة الغربية في اليوم التالي.وعندما وضعوها في السيارة الجيب لنقلها من حاجز “الكونتينر”، ظنت برلنتي في بادئ الأمر أن الجنود ربما يأخذوها  إلى إيتزيون، وهو سجن إسرائيلي بالقرب من بيت لحم:

“كنت خائفة. فقد أعصبوا عيني بمنديل رأسي ولذا شعرت بالبرد أيضاً. تحركنا بالجيب مدة طويلة. فالرحلة من بيت لحم إلى إتزيون حوالي عشر دقائق فقط، وبعد فترة عرفت أنها بعيدة جداً. واستغرقت الرحلة حوالي ساعة ونصف. وفي حوالي الساعة التاسعة والنصف مساءً، توقفت الجيب، فسألتهم إذا كان من الممكن أن أذهب إلى دورة المياه. سألتهم بالإنجليزية، لكنهم تحدثوا معي بالعبرية، فقلت لهم أنني لا أتحدث العبرية. وكان هناك جنديات إسرائيليات، وسمحن لي بالذهاب إلى دورة المياه. وسألت النساء: “أين نحن؟ فُأخبرت أننا في إيتزيون.”ثم أخذوني إلى الجيب مرة أخرى. كان هناك ثلاثة جنود ولم يتكلموا معي. تحدثوا مع بعضهم البعض وخلال الهاتف. لم أعرف أين أنا. وقيود اليد كانت شديدة الإحكام وكانت تؤلمني. طرقت على النافذة التي بيني وبين الجندي في الجيب، وقلت بالإنجليزية “إنها تؤلمني”. حاولت فعل ذلك عدة مرات، ولكنه لم يستجب لي. وفي آخر المطاف أخرجوني عند إيريز (معبر بين شمالي غزة وإسرائيل).” في أوسلو (اتفاقية أوسلو للسلام لعام 1993) قالوا إن الضفة الغربية وغزة منطقة واحدة. فلا ينبغي أن نكون في حاجة إلى تصريح للذهاب إلى رام الله أو بيت لحم: فأنا أقيم بصور مشروعة … وكنت في بيت لحم مدة أربع سنوات، ولا أعرف إيريز، لم أرَ أسرتي طيلة هذه السنوات، فكان الأمر صدمة بالنسبة لي. وقالت أمي أنها عرفت أنني كنت خائفة من نبرة صوتي. كان من المفروض أن أنتهي (من دراستي) في ديسمبر/كانون الأول. والمحامي يعمل على الالتماس كي يقدمه إلى المحكمة (الإسرائيلية العليا). وآمل أن يكون مفيد، وأعود إلى بيت لحم. لقد ذهبت هناك مدة  أربع سنوات وافتقدت أسرتي، و (إذا لم يُسمح لي بالعودة) فستكون كل هذه السنوات قد ضاعت هباءً … إنني أتمنى حقيقةً أن أستطيع العودة إلى بيت لحم. فالحالة في غزة صعبة جداً. أريد العودة لإكمال دراستي. ولكنني خائفة أن أتلقى الرفض، وحينئذ فلن أحصل على التصريح أبداً. أريد أن أنهي دراستي وأتخرج من الجامعة. فالامتحان النهائي في 31 ديسمبر/كانون الأول، وليس عندي كتبي التي أدرس فيها، لدي حقيبة يدي فقط. كل مدوناتي، كل شيء موجود في بيت لحم”.

تحديث بشأن قضية برلنتي عزام

في 9 ديسمبر/كانون الأول، وبعد جلستي استماع، أيدت المحكمة العليا موقف الدولة الإسرائيلية وقررت عدم السماح لبرلنتي بالعودة إلى جامعة بيت لحم لإكمال دراستها. وخلال جلسات استماع المحكمة العليا، لم تقدم السلطات أي مزاعم ضد برلنتي غير قولها فقط إن وجود برلنتي في الضفة الغربية غير قانوني.وبعد أن رفضت السلطات الإسرائيلية منح برلنتي تصريح العودة إلى بيت لحم، قامت برلنتي بمواصلة دراستها مع معلميها السابقين في الجامعة عن طريق البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية. وأتمت دراستها وتسلمت شهادة البكالوريوس من جامعة بيت لحم في كنيسة العائلة المقدسة بغزة.