شنت السلطات الصينية عدداً من حملات القمع الباعثة على القلق ضد الناشطين والأقليات العرقية في الأسبوع الماضي. ففي يوم الثلاثاء، ذكر شهود عيان أن الشرطة الصينية استخدمت الغاز المسيل للدموع وهراوات الصعق الكهربائي لتفريق 500 متظاهر في عاصمة التيبت، لهاسا. وكان المتظاهرون يطالبون بالإفراج عن رهبان من أقرانهم احتجزوا في احتجاجات اليوم السابق. كما ذُكر أن 11 متظاهراً، بينهم تسعة رهبان، تعرضوا للضرب المبرح وللاعتقال خارج كاتدرائية تسوكلاكهانغ في وسط لهاسا يوم الإثنين. وكان هؤلاء يتظاهرون احتفالاً بالذكرى 49 لفرار الدالاي لاما من التيبت في أعقاب فشل تمرد قاده ضد الحكم الصيني. واعتُقل في الحملة الأخيرة كذلك نحو 50 راهباً من مختلف أرجاء العاصمة. وكانت السلطات قد استهدفت في وقت سابق على ذلك سكاناً من الأويغور في إقليم كسينجيانغ أويغور الذي يتمتع بالحكم الذاتي. وادعت يوم الأحد أنها قد أحبطت مؤامرة “إرهابية” لمهاجمة الألعاب الأولمبية نسبتها إلى انفاصليين مزعومين من الأويغور. واستندت هذه المزاعم إلى عملية إغارة قامت بها ما وصفت بـ “عصابة إرهابية” في إقليم كسينجيانغ في يناير/ كانون الثاني 2008 وقتلت أثناءها الشرطة الصينية، بحسب مسؤولين صينيين، عضوين ينتميان إلى هذه العصابة واعتقلت 15 آخرين. ولم تقدم السلطات أدلة ملموسة لإسناد هذه الادعاءات، ومن غير المفهوم سبب كشف السلطات عن خطط مزعومة لمهاجمة الألعاب الأولمبية بعد ثلاثة أشهر من وقوع الحادثة. وتتناقض هذه التهم كذلك مع الادعاء الأولي للسلطات بأن “العصابة الإرهابية” في كسينجيانغ كانت تخطط لعملية في 5 فبراير/شباط، ذكرى مذبحة غولجا، عندما هاجمت السلطات الصينية بضراوة مظاهرات سلمية قضى خلالها مئات الأشخاص، بحسب التقديرات. وادعت السلطات يوم الأحد أيضاً أنها أحبطت مؤامرة لإسقاط طائرة صينية أثناء رحلة كانت تقوم بها من أرومقي، عاصمة إقليم كسينجيانغ، إلى بكين. وجاءت هذه الادعاءات بعد أيام فقط من تحذير منظمة العفو الدولية من حملة قمعية كانت جارية ضد محامين لحقوق الإنسان وناشطين آخرين في بكين بالعلاقة مع استضافة الصين للألعاب الأولمبية. وثمة من يرى في إشارات السلطات الصينية إلى “الإرهاب” والتهديدات للأمن، ولا سيما في سياق التحضيرات للألعاب الأولمبية تبريراً لحملة قمعية واسعة ليس فحسب ضد أقليات إثنية تنتقد الحكم الصيني، وإنما أيضاً ضد المدافعين عن حقوق الإنسان. وتعليقاً على ذلك، قال تيم باريت، نائب مدير برنامج آسيا والمحيط الهادئ في منظمة العفو الدولية، يوم الجمعة إن “الرقابة الحثيثة والهجمات وعمليات الاختطاف ضد الناشطين السلميين على أيدي مشتبه فيهم من الموظفين الأمنيين الرسميين في بكين يجعل من الوعود الرسمية بتحسين حالة حقوق الإنسان في فترة التحضيرات للألعاب الأولمبية أمراً يفتقر إلى الجدية”. وكشفت منظمة العفو الدولية النقاب عن أن تينغ بياو – وهو محام وأكاديمي وناشط في مجال حقوق الإنسان – أصبح في عداد المفقودين بعد أن رآه شهود عيان يُدفع إلى داخل إحدى المركبات بعد وصوله بقليل إلي بيته حوالي الساعة 8:30 من مساء الخميس، 6 مارس/آذار. ومع أنه قد أطلق سراحه بعد ذلك، إلا أنه هُدد بأن لا يتحدث إلى الصحفيين الأجانب بشأن اختطافه. وفي حادثة منفصلة صباح الجمعة، صدمت سيارة شرطة سيارة محامي حقوق الإنسان لي هيبينغ أثناء نقله إبنه إلى المدرسة في بكين. وأصيب هو وابنه في الحادثة، دون أن يؤدي ذلك إلى جروح خطيرة. وكانت سيارة الشرطة تتعقبه منذ مغادرته منـزله، ومن الواضح أنها زادت من سرعتها قبل الاصطدام بسيارته. وتمكن لي هيبينغ من التعرف على أن رجال الشرطة الثلاثة الذين كانوا في السيارة كانوا من منطقته. وقال إن سائق السيارة تجاهله عندما واجهه بشأن حادثة الصدم، بينما رفضت شرطة السير متابعة القضية عندما تقدم بشكوى عن الحادث في وقت لاحق من اليوم. وفي سبتمبر/أيلول 2007، اختُطف لي هيبينغ على أيدي مجهولين وتعرض للضرب بهراوات الصعق الكهربائي وأُبلغ بأن عليه أن يغادر بكين وإلا فإنه سيتعرض لاعتداءات أخرى. وقال تيم باريت: “إن تكثيف استهداف محامييْن لحقوق الإنسان إنما يشير إلى أن التشدد مع الناشطين في بكين يتزايد مع اقتراب موعد الألعاب الأولمبية. وينبغي على السلطات فتح تحقيق واف وغير متحيز في اختطاف تينغ بياو وحادثة استهداف لي هيبينغ”.