ضحايا التعذيب في أبو غريب ما انفكوا ينشدون الإنصاف

قبل عامين، صُدم العالم وسادت حالة من الفزع عندما ظهرت على الملأ صور تظهر المعتقلين وهم يعذبون وتساء معاملتهم على أيدي القوات العسكرية للولايات المتحدة في سجن أبو غريب. وعلى الرغم من الدعوات المتكررة، فإن سلطات الولايات المتحدة قد امتنعت عن إجراء التحقيقات المناسبة لضمان محاسبة جميع المسؤولين عن ذلك، بمن فيهم أعلى مستويات المسؤولية. ولا يزال الناجون ينشدون الإنصاف.

وتثير الذكرى الثانية لانكشاف الفضيحة بواعث قلق جديدة من أنه وبعد سنتين من ذاك التعذيب وتلك الإساءة للعراقيين، فإنهم لا يزالون ضحايا للتعذيب والإساءة، سواء على أيدي سلطات بلادهم أو على أيدي قوات الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة. ويأتي هذا التذكير في وقته، حيث يحاجج وزير دفاع الولايات المتحدة بأن أفراد قوات الولايات المتحدة الذين يرون التعذيب والمعاملة اللاإنسانية ليسوا ملزمين بـ”وقفه بأيديهم”، وإنما بـ”الإبلاغ عنه” فقط.

وتشير شهادات شهود العيان التي جمعتها منظمة العفو الدولية من معتقلين سابقين ذُكر أنهم تعرضوا للتعذيب في أبو غريب وفي أماكن أخرى إلى أن الضحايا لم يتلقوا أي تعويضات، ومن الواضح أنهم ليسوا على علم بأي سبل لتقديم طلبات في هذا الشأن، وفي العديد من الحالات لا يملكون الوسيلة أو الموارد للقيام بذلك.

قضية عبد الجبار العزاوي

اعتُقل عبد الجبار العزاوي، وهو في الخمسين من العمر، وتعرض للتعذيب على أيدي قوات الولايات المتحدة ومحققين مدنيين استأجرتهم حكومة الولايات المتحدة في العراق. وأبلغ منظمة العفو الدولية أن نحو 30 جندياً أمريكياً هاجموا بيته ودخلوه عنوة في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2003 وألقوا به أرضاً وقيَّدوا يديه. وأخذت قوات الولايات المتحدة، بحسب ما زعم، مبالغ من المال ومجوهرات ومقتنيات شخصية أخرى من بيته في وقت اعتقاله، ولم تُعد هذه المسروقات إليهم أبداً.

كما يزعم أن أحد جنود الولايات المتحدة ضرب زوجته على رأسها بعقب بندقية أثناء الإغارة على بيته، ما سبب لها فقدان إحدىعينيها القدرة على الإبصار.

وفي مطار بغداد، حيث جرى حبسه ابتداء، قام أفراد قوات الولايات المتحدة، بحسب ما ذُكر، بتعذيب عبد الجبار العزاوي أثناء استجوابه. ووصف كيف كال هؤلاء إليه الإهانات وعصبوا عينيه وضربوه وقيدوه بالأحزمة وسلطوا خراطيم المياه عليه وربطوه في وضع الصلب وعلقوه في الهواء. وبعد ذلك نقلوه إلى سجن أبو غريب، حيث احتجز “كمعتقل شبح” – أي دون تدوين اسمه – في الحجز الانفرادي لمدة تقرب من الشهر. ويقول إنه جرى التقاط صور له وهو عار، بينما كان يجبر على اتخاذ أوضاع معيبة شبيهة بتلك التي أخضع لها المعتقلون الآخرون، والتي ظهرت في الصور التي نشرت لفضيحة أبو غريب. وأفرج عنه في 6 يونيو/حزيران 2004 بعد قضاء نحو سبعة أشهر في الاعتقال دونما تهمة أو محاكمة. ولم يتلق عبد الجبار العزاوي، الذي يعاني من اضطرابات جسدية ونفسيه لحقت به، بحسب ما ذُكر، أثناء اعتقاله، أي تعويضات من سلطات الولايات المتحدة. [الناجون ما زالوا ينشدون الإنصاف
أفضت تحقيقات الولايات المتحدة في الانتهاكات إلى عمليات مقاضاة لعسكريين من رتب متدنية فقط، بينما لم تعكس الأحكام التي صدرت بحق هؤلاء بصورة عامة فداحة الجرم الذي ارتكبوه

فمنذ غزو العراق في مارس/آذار 2003، اعتقلت قوات الائتلاف الذي تتزعمه الولايات المتحدة عشرات الآلاف من الأشخاص. وفي خرق بيِّن للقانون الإنساني الدولي، احتُجز معظم هؤلاء دون تهمة أو محاكمة أو فرصة للالتقاء بمحام أو للمثول أمام محكمة من المحاكم. وقد مضى على حبس بعض المعتقلين أكثر من عامين؛ بينما أفرج عن آخرين دون تقديم تفسير لهم أو اعتذار عن الشهور التي قضوها في الاعتقال
 
إن على حكومة الولايات المتحدة، وبعد مرور سنتين، أن تدين جميع أشكال التعذيب وغيره من صنوف سوء المعاملة، وأن تفتح تحقيقاً مستقلاً في الانتهاكات، وتقدم الجناة إلى العدالة، وأن تنشئ آلية كافية للأنصاف؛ وينبغي أن يتضمن ذلك التعويضات ورد الاعتبار والإرضاء وضمانات بعدم تكرار ما حدث وإعادة التأهيل.