محاكمة حرية التعبير في تونس

قالت منظمة العفو الدولية إن محاكمة أربعة من التونسيين هذا الأسبوع أمام أربع محاكم مختلفة لتعبيرهم عن آراء انتقدوا فيها مؤسسات عامة أو أفكاراً ينظر إليها على أنها ضد “الآداب العامة” ليست سوى مؤشراً على الهجوم المتصاعد على حرية التعبير في البلاد. وقالت حسيبة حاج صحراوي، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن “السلطات التونسية تظهر تصلباً متزايداً حيال من ينتقدون الموظفين العموميين والمؤسسات العامة، وكذلك ضد أي شخص يعبر عن آراء ترى أنها ‘غير لائقة’ أو تقوض الآداب العامة.”فحرية التعبير تتعرض للهجوم من قبل جبهات عديدة في تونس، بينما أصبح المزيد والمزيد من الموضوعات خطاً أحمر وتعرض التونسيين لخطر أن يلقى بهم وراء القضبان.” إذ أيدت محكمة استئناف اليوم إدانة مغني الراب، علاء الدين اليعقوبي، بينما خَفضت حكم السجن الصادر بحقه من سنتين إلى ستة أشهر، مع وقف التنفيذ. وكان المغني المعروف باسم “ولد الـ15″، قد أدين بتهمة إهانة الشرطة والتشهير بموظفين عموميين، و”بالفجور” والإخلال بالآداب العامة، بالعلاقة مع شريط فيديو لأغنيته المعنونة “الشرطة كلاب”. وتعتقد منظمة العفو الدولية أنه لا ينبغي سجن أحد بمثل هذه التهم. فلا يجوز أن يُقاضى أحد بتهم التشهير بموظفين عموميين أو مؤسسات عامة. وسجْن الأشخاص بسبب تعبيرهم على نحو يعتبر “غير لائق” أو “مسيء إلى الآداب العامة”- بغض النظر عن رؤية البعض لمثل هذا التعبير بأنه مسيء- هو بطبيعته قيد غير متناسب وغير مسموح به على حرية التعبير. وستنظر المحاكم في ثلاث قضايا منفصلة أيضاً هذا الأسبوع. حيث سيمثل المدوِّن حكيم غانمي أمام محكمة عسكرية خاصة في مدينة صفاقس، في 3 يوليو/تموز، بعد أن وجِّهت إليه تهمة التشهير بموظف عمومي والمس بسمعة الجيش عقب انتقاده علناً موظفي أحد المستشفيات العسكرية بسبب ما يتلقاه المرضى من معاملة. ويواجه احتمال الحكم بالسجن لفترة تصل إلى ثلاث سنوات وبدفع غرامة. إن مجرد محاكمته أمام محكمة عسكرية يشكل انتهاكاً لحقه في محاكمة عادلة. فلا ينبغي أبداً أن يحاكم المدنيون أمام محكمة عسكرية، وينبغي إسقاط التهم الموجهة إليه نظراً لمخالفتها التزامات تونس حيال حقوق الإنسان. وفي اليوم نفسه، ستنظر محكمة الاستئناف قضية أيوب المسعودي، وهو مستشار سابق للرئيس التونسي، منصف المرزوقي. ففي يناير/كانون الثاني الماضي، حكمت عليه محكمة استئناف عسكرية بالسجن سنة واحدة مع وقف التنفيذ. كما جُرِّد من حقوق مدنية محددة، بما في ذلك منعه من الخدمة في الجيش، أو إشغال وظيفة عامة، أو تلقي أوسمة وامتيازات من الدولة. وحوكم بالعلاقة بانتقاده لعملية تسليم تونس رئيس الوزراء الليبي الأسبق، البغدادي المحمودي، إلى ليبيا، في يونيو/حزيران 2012. كما جرت محاكمته أمام محكمة عسكرية، في انتهاك واضح لحقه في محاكمة عادلة. وينبغي إلغاء حكم الإدانة والعقوبات الصادرة بحقه. وفي 4 يوليو/تموز، تمثُل الناشطة التونسية في منظمة “فيمن” ، أمينة سبوعي (المعروفة أيضاً بأمينة تايلر) أمام محكمة استئناف في مدينة سوسة. حيث أدينت في 30 مايو/أيار بحيازة عبوة رش لمواد حارقة للدفاع عن النفس وغُرِّمت 300 دينار تونسي (نحو 184 دولاراً أميركياً)، واستأنف الادعاء العام الحكم. وهي عرضة الآن لخطر الحكم عليها بالسجن لمدة ستة أشهر. وعقب محاكمتها، جرى احتجازها على ذمة التحقيق بتهم تتعلق بتدنيس إحدى المقابر، وبالانتماء إلى منظمة إجرامية وتقويض الآداب العامة، وهي تهم يمكن أن تعاقب عليها بالسجن عدة سنوات، بموجب القانون الجنائي التونسي. ويبدو أن هذه التهم تستند كلياً إلى حقيقة أنها كتبت كلمة “فيمن” على جدار إحدى المقابر في القيروان، في 19 مايو/أيار، وهو اليوم الذي دعت فيه مجموعة “أنصار الشريعة”، وهي جماعة سلفية، مؤيديها إلى مسيرة جماهيرية في المدينة نفسها. وقد رفض قاضي التحقيق في القضية طلب محامي أمينة بالإفراج عنها إلى حين استكمال التحقيق. واختتمت حسيبة حاج صحراوي بالقول: “يتعين على السلطات التونسية إسقاط التهم الموجهة إلى المدون حكيم الغانمي، وإلغاء الحكم الصادر ضد أيوب المسعودي، والإفراج عن أمينة سبوعي فوراً. فلا ينبغي أبداً أن يسجن شخص لانتقاده الموظفين العامين أو لتعبيره عن آراء تخالف الأنماط الاجتماعية أو الدينية السائدة”.