على مصر أن تعود إلى حكم القانون مع انتهاء حالة الطوارئ

مع انتهاء حالة الطوارئ، بعد عامين من آخر مرة جددت حكومة حسني مبارك العمل بها، قالت منظمة العفو الدولية إن إنهاء حالة الطوارئ التي دامت في مصر لـ31 سنة يجب أن تؤشر على عودة حكم القانون. وقالت آن هاريسون نائبة مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية:”يجب على السلطات المصرية أن تنأى بنفسها تماماً عن ممارسات حالة الطوارئ بمكافحة الانتهاكات الممنهجة التي سهلتها والتي ما تزال مستمرة اليوم في ظل الحكم العسكري. وتشمل هذه الممارسات انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان مثل عمليات القمع الوحشية ضد المتظاهرين السلميين، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب والمحاكمات الجائرة لمدنيين في إطار القانون العسكري.”وبينما سمح مجلس الشعب المصري بإلغاء حالة الطوارئ، إلا أنه لم يتمكن من إنهاء المحاكمات الظالمة لمدنيين أمام محاكم عسكرية. وقد صدق مجلس الشعب على التعديلات على قانون الأحكام العسكرية في مايو/أيار، وهو قانون يسمح في الواقع بمحاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.غير أن  التعديلات لم تكن واسعة النطاق بما يكفي لوقف الجيش عن مواصلة المدنيين أمام محاكم عسكرية. إذْ يواجهُ المحاكمةَ العسكريةَ حالياً نحوُ 100 شخص اعتقلوا بعد مظاهرة في  مايو/أيار في ميدان العباسية في القاهرة.ومنذ “ثورة 25 يناير” حكمت المحاكم العسكرية على آلاف المدنيين في محاكمات مجحفة على جرائم مثل “البلطجة” و “خرق حظر التجول”.كما تدعو منظمة العفو الدولية السلطات المصرية ومجلس الشعب إلى مواجهة جو الإفلات من العقاب الذي عززته حالة الطوارئ. وقالت آن هاريسون:” في ظل حكم مبارك تمتعت قوات الأمن بحالة شبه مطلقة من الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك التعذيب المنهجي للمعتقلين. وقد بات الآن مناطاً بالسلطات المصرية ومجلس الشعب المصري العمل على تحدي مناخ الإفلات من العقاب الذي أخصَبتْ تربَتـَه حالةُ الطوارئ.”وفي أغلب الحالات لم يكن هناك إجراء ضد التعذيب المنهجي وغيره من أشكال سوء المعاملة المرتكبة في ظل حالة الطوارئ. ففي ظل الحكم العسكري شملت مثل تلك الانتهاكات “فحوصات العذرية” الإجبارية على متظاهرات في مارس/آذار 2011، وضرب المتظاهرين المعتقلين في أعقاب الاعتصام خارج مبنى مجلس الوزراء في ديسمبر/كانون الأول من نفس السنة.إن الإفلات من العقاب في ظل حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة تواصل أيضاً فيما يتعلق بالانتهاكات التي ارتكبت خلال القمع الوحشي الذي مارسته قوات الأمن والجيش ضد المظاهرات. وقد شملت عمليات القمع مظاهرات في مبنى ماسبيرو في القاهرة في أكتوبر/تشرين الأول حيث قتل 27 شخصاً، ومظاهرات قرب وزارة الداخلية في نوفمبر/تشرين الثاني حيث قتل 50 شخصاً، ومظاهرة حول مبنى مجلس الوزراء في ديسمبر/كانون الأول حيث قتل 17 شخصاً. وحتى الآن لم يقم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمحاسبة أي عنصر من عناصر قوات الأمن.وفي ظل حكم مبارك،خولت حالة الطوارئ قوات الأمن المصرية صلاحية العمل فوق القانون. فعلى وجه الخصوص، ارتكب جهاز أمن الدولة المنحل حالياً انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بما فيها التعذيب والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والذي لم يحاسب مرتبكوها حتى الآن. إن منظمة العفو الدولية تدعو السلطات لإجراء تحقيقات مستقلة ومحايدة في كل انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في إطار حالة الطوارئ، وإلى محاسبة أي شخص تثبت مسؤوليته أمام القضاء في محاكمات عادلة وبدون اللجوء إلى عقوبة الإعدام. وفي ظل حكم مبارك استخدمت السلطات حالة الطوارئ لاعتقال عشرات الآلاف من الناس في اعتقال إداري دون اتهام أو محاكمة طيلة أشهر أو سنوات-وغالباً ما يكون ذلك رغم قرارات قضائية متكررة بالإفراج عنهم. كما خلق قانون الطوارئ نظاماً قضائياً بديلاً يتجلى في محاكم الطوارئ التي كانت لا تباهي بالضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة مثل الحق في الاستئناف أمام محكمة أعلى. إن منظمة العفو الدولية تطالب السلطات بإطلاق سراح أي شخص ما يزال معتقلاً وفق قانون حالة الطوارئ، أو توجيه اتهام له بجريمة جنائية معترف بها، ومحاكمته أمام محكمة مدنية حسب إجراءات تتماشى بشكل كامل مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة.