ليبيا

لا تتخذ منظمة العفو الدولية أي موقف من قضايا السيادة أو النزاعات الإقليمية. وتستند الحدود على هذه الخريطة إلى بيانات الأمم المتحدة الجغرافية المكانية.
العودة. ليبيا

ليبيا 2024

نفَّذت قوات الأمن والميليشيات والجماعات المسلحة في شتى أنحاء ليبيا عمليات قبض تعسفي استهدفت مئاتٍ من النشطاء والمتظاهرين والمتظاهرات والصحفيين والصحفيات فضلًا عن مستخدمات لوسائل التواصل الاجتماعي، وغيرهن. وظلَّ آلاف الأشخاص مُحتجزين تعسفيًا دونما سبب سوى انتمائهم السياسي أو القبلي، في أعقاب محاكمات فادحة الجور أو بدون أساس قانوني. واستمرت ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على نطاق واسع وبشكل ممنهج. ونُشرت عبر الإنترنت “اعترافات” انتُزعت تحت وطأة التعذيب. وتعرَّض المجتمع المدني للخنق، وسط جهود من السلطتين المتنافستين للتحكُّم في تسجيل وتمويل وأنشطة المنظمات غير الحكومية. ووقعت اشتباكات متفرِّقة بين ميليشيات وجماعات مسلحة، استُخدمت فيها أسلحة مُتفجِّرة ذات تأثير واسع النطاق، مما أدى إلى خسائر في صفوف المدنيين وتدمير أعيان مدنية. وكانت النساء والفتيات، كما كان أفراد الأقليات الدينية، عُرضةً لتمييز مُجحف راسخ. وتعرَّض أفراد من مجتمع الميم للقبض التعسفي، والمقاضاة، ولتهديدات بالقتل. ونفَّذت ميليشيات وجماعات مسلحة عمليات إخلاء قسري وهدم للمنازل. واعترضت قوات حرس السواحل في غرب ليبيا، المدعومة من الاتحاد الأوروبي، وجماعات مسلحة في شرق ليبيا، سبيلَ آلاف اللاجئين والمهاجرين في عرض البحر، وأعادتهم قسرًا إلى الاحتجاز في ليبيا. وتعرَّض لاجئون ومهاجرون مُحتجزون للتعذيب، والعنف الجنسي، والعمل القسري. وأُبعد آلاف الأشخاص قسرًا إلى بلدان مجاورة دون اتباع الإجراءات الواجبة، أو دون أن تُتاح لهم إمكانية طلب اللجوء. وأصدرت المحاكم أحكامًا بالإعدام إثر محاكمات جائرة، ولم تُنفَّذ أي إعدامات.

خلفية

ازداد الجمود السياسي في ليبيا، حيث لم تتفق الفصائل المتنافسة على تشكيل حكومة جديدة موحدة وميزانية موحدة، أو تحديد مواعيد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي طال تأجيلها.

وفي 30 سبتمبر/أيلول، وافقت الحكومتان المتنافستان على تعيين محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي، لتنتهي بذلك الأزمة المصرفية التي أثَّرت على التجارة، وعلى عائدات النفط، وسُبل الحصول على العملة الصعبة، منذ عزل محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير في 20 أغسطس/آب.

وأوقفت القوات المسلحة العربية الليبية، وهي سلطة الأمر الواقع في شرق ليبيا وأجزاء من جنوبها، إنتاج النفط فيما يتصل بأزمة تعيين محافظ مصرف ليبيا المركزي، وما تناقلته الأنباء عن أن إسبانيا أصدرت مذكرة اعتقال في أغسطس/آب ضد صدَّام حفتر، وهو القائد الفعلي للجماعة المسلحة المعروفة باسم لواء طارق بن زياد وابن القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية خليفة حفتر.

واستمرت انتهاكات حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا، حيث سُلمت شحنات روسية علنًا في موانئ بشرق ليبيا.

الاحتجاز التعسفي والمحاكمات الجائرة

قبضت قوات الأمن والميليشيات والجماعات المسلحة على مئات من النشطاء والناشطات، وزعماء القبائل، والصحفيين والصحفيات، والمسؤولين الحكوميين وغيرهم بسبب انتماءاتهم الفعلية أو المُشتبه بها، أو آرائهم، أو للحصول على مكاسب مالية. وظلَّ آلاف الأشخاص مُحتجزين تعسفيًا دونما سبب سوى انتمائهم السياسي أو القبلي، في أعقاب محاكمات فادحة الجور أو بدون أساس قانوني.

وفي فبراير/شباط، قبض حوالي 20 رجلًا مسلحًا من جهاز دعم مديريات الأمن بالمنطقة الشرقية على الشيخ الصوفي مفتاح الأمين البيجو من منزله في بنغازي. وكان لا يزال محتجزًا تعسفيًا من دون تهمة أو محاكمة بحلول نهاية العام، كما مُنع من التواصل مع أسرته ومحاميه.

وفي يوليو/تموز، اختطف مسلحون مجهولون يرتدون ملابس مدنية الناشطيْن السياسييْن المعتصم العريبي ومحمد أشتيوي من أحد الشوارع في مدينة مصراتة. واحتجز المسلحون الناشطيْن تعسفيًا لمدة يومين فيما يتصل بتسجيلات مُسربة تشير إلى تورُّط مسؤولين في وقائع فساد.

التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة

استمرت ممارسة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة بشكل منهجي في السجون ومرافق الاحتجاز في شتى أنحاء البلاد. ومن بين الأساليب التي ورد ذكرها الضرب، والصعق بصدمات كهربائية، والعنف الجنسي، والإبقاء في وضعيات مجهدة. واستمر نشر “الاعترافات” المُنتزعة تحت وطأة التعذيب عبر الإنترنت على أيدي ميليشيات وجماعات مسلحة.

وتقاعست السلطات عن إجراء تحقيقات فعَّالة على وجه السرعة في أسباب وملابسات وفيات مريبة أثناء الاحتجاز. ففي يوليو/تموز، تُوفي أحمد عبد المنعم الزوي أثناء احتجازه على أيدي جهاز الأمن الداخلي في مدينة أجدابيا. وادعى جهاز الأمن الداخلي أن أحمد عبد المنعم الزوي شنق نفسه، لكن شهودًا أفادوا بأنهم رأوا كدمة على مؤخرة رأسه يبدو أنها ناتجة عن تلقي ضربة قوية. وأغلق أحد وكلاء النيابة في بنغازي القضية دون إجراء أي تحقيق.

حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها

واصلت الجهات المسلحة الموالية للسلطتين المتنافستين قمع المجتمع المدني، بما في ذلك عن طريق استهداف النشطاء من خلال عمليات الاختطاف، والاحتجاز التعسفي، وعمليات الاستدعاء لإجراء تحقيقات قسرية، والتهديدات، والمطالبات بتقديم معلومات.

وفي أكتوبر/تشرين الأول، داهمت الجماعة المسلحة المعروفة باسم جهاز الأمن الداخلي في مدينة سبها إحدى فعاليات المجتمع المدني عن الصحة العقلية، واعتقلت واستجوبت لفترة وجيزة بعض الحاضرين.

وقدمت مفوضية المجتمع المدني، وهي هيئة رسمية، مشروع قانون بخصوص المنظمات غير الحكومية، من شأنه منح الحكومة صلاحيات مُفرطة بخصوص تسجيل المنظمات غير الحكومية وتمويلها وأنشطتها. وكانت مواد مشروع القانون، وكذلك المقترحات المُضادة التي قدمها المجتمع المدني الليبي، لا تزال منظورة أمام البرلمان.

حرية التعبير والتجمع

تعرَّض مئات النشطاء والناشطات والمتظاهرين والصحفيين والصحفيات وصناع وصانعات المحتوى على الإنترنت للقبض والاحتجاز بشكل تعسفي على أيدي جماعات مسلحة وميليشيات لمجرد ممارستهم لحقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي.

ففي يناير/كانون الثاني، قبضت الجماعة المسلحة المعروفة باسم جهاز الأمن الداخلي في سبها بشكل تعسفي على المدوِّنة مريم منصور الورفلي بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تنتقد القوات المسلحة العربية الليبية. وظلَّ جهاز الأمن الداخلي يحتجزها بدون تهمة أو محاكمة حتى أكتوبر/تشرين الأول.

وفي 11 يوليو/تموز، قبضت ميليشيا جهاز الأمن الداخلي في طرابلس على الصحفي أحمد السنوسي بعد أن نشر موضوعًا عن ادعاءات بالفساد في حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس. وقد أُفرج عنه بعد ثلاثة أيام في أعقاب غضب عام، وفرَّ من ليبيا وفي وقت لاحق بعد أن تلقى تهديدات.

وفي 24 أكتوبر/تشرين الأول، تعرَّضت مظاهرة سلمية نظمها سكان من مدينة يفرن في غرب البلاد للتفريق بعنف على أيدي جنود ينتمون إلى المنطقة العسكرية الجبل الغربي التابعة للقوات المسلحة لحكومة الوحدة الوطنية. وكان السكان يحتجون على تدهور ظروف المعيشة وتواجد ميليشيات طرابلس. وأفاد شهود بأن اثنين من المتظاهرين أُصيبا بجروح. وفي أعقاب الاحتجاج، اعتقلت مديرية أمن وسط الجبل ما لا يقل عن 14 فردًا يشتبه في تنظيمهم للاحتجاجات أو مشاركتهم فيها. وظل فرد واحد منهم قيد الاحتجاز بحلول نهاية العام.

الهجمات غير المشروعة

بالرغم من الحفاظ إلى حدٍ كبير على وقف إطلاق النار الذي تم التوصُّل إليه في 2020 على مستوى البلاد، وقعت اشتباكات مسلحة متفرقة على نطاق ضيق في طرابلس، وكذلك في مدينتي الزاوية والجميل غرب ليبيا، ومدينة سبها جنوب ليبيا، بين ميليشيات وجماعات مسلحة تتنافس على السيطرة على الموارد أو على النفوذ السياسي. وأدت الهجمات بلا تمييز والاستخدام المتهور لأسلحة مُتفجِّرة ذات تأثير واسع النطاق في مناطق سكنية إلى وقوع خسائر بين المدنيين وإلحاق أضرار بأعيان مدنية أو تدميرها. ففي مايو/أيار، قُتلت فتاة تبلغ من العمر 10 أعوام في طرابلس خلال اشتباكات بين ميليشيات محلية.

وفي أغسطس/آب، اندلعت اشتباكات بين اثنتين من الميليشيات في تاجوراء، وهي منطقة تقع في شرق طرابلس، استُخدمت خلالها أسلحة متفجرة ذات تأثير واسع النطاق، مما أدى إلى وفاة تسعة أشخاص على الأقل وإصابة آخرين، وفقًا لما ذكره جهاز الإسعاف والطوارئ، بالإضافة إلى تعرُّض عشرات العائلات للنزوح المؤقت.

الإفلات من العقاب

تمتَّع مسؤولو وقادة الميليشيات والجماعات المسلحة القوية بإفلات شبه كامل من العقاب عما ارتُكب في عام 2024 والأعوام السابقة من الجرائم التي يشملها القانون الدولي.

وفي مايو/أيار، أنشأ رئيس الوزراء في حكومة الوحدة الوطنية جهازًا جديدًا لمكافحة الجرائم المالية والإرهاب، دون إجراء فحص من منظور حقوق الإنسان لقادته وأعضائه.

وفي يوليو/تموز، اعتمد مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة قرارًا بتجديد برنامجه بشأن المساعدة التقنية وبناء القدرات في ليبيا، والذي لم يفِ بمطلب إنشاء آلية التحقيق والمراقبة الذي دعت إليه منظمات غير حكومية، كما انطوى على خطر ترسيخ الإفلات من العقاب بصورة أكبر.

وفي يوليو/تموز، صدرت أحكام بالسجن على 12 مسؤولًا من المستويات الدُنيا والوسطى لمسؤوليتهم عن الانهيار المميت لسدين بالقرب من مدينة درنة في سبتمبر/أيلول 2023. ومع ذلك، تقاعست السلطات عن إجراء تحقيق عاجل، وشامل، ومستقل، ونزيه، وفعَّال بخصوص ما إذا كانت شخصيات عسكرية وسياسية قوية قد تقاعست عن حماية الحقوق الإنسانية للأفراد، ولاسميا الحق في الحياة والحق في الصحة.1

وفي سبتمبر/أيلول، قُتل عبد الرحمن ميلاد، المشهور بلقب “بيجا”، والذي كان خاضعًا لعقوبات الأمم المتحدة لما زُعم عن ضلوعه في تهريب وإيذاء مهاجرين، إثر إطلاق النار عليه في طرابلس، وذلك دون أن يواجه العدالة.

وفي أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية عن إصدار مذكرات بالقبض على ستة من القادة وكبار الأعضاء والمنتسبين إلى الجماعة المسلحة المعروفة باسم الكانيات، وذلك بسبب جرائم الحرب المتمثِّلة في القتل العمد، والتعذيب، وعمليات الاختفاء القسري وغيرها من الأفعال غير الإنسانية المُرتكبة في بلدة ترهونة، في شمال شرق ليبيا، والتي سيطرت عليها الجماعة حتى يونيو/حزيران 2020. وظلَّ خمسة من المُشتبه بهم أحرارًا طلقاء، بينما تقاعست السلطات الليبية عن أن تُسلم إلى المحكمة الجنائية الدولية عبد الباري الشقاقي، الذي ورد أنه مُحتجز لدى جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.2

وبالرغم من سجل جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظَّمة في ارتكاب التعذيب وغيره من الجرائم، فقد واصل الاشتراك في استجواب واحتجاز أفراد اتُّهموا بارتكاب جرائم يشملها القانون الدولي، ومن بينهم قائد في الجماعة المسلحة المعروفة باسم تنظيم الدولة الإسلامية اتُّهم بالمسؤولية عن ذبح 21 مسيحيًا مصريًا في ليبيا في عام 2015.

التمييز المُجحف

النساء والفتيات

واجهت المرأة التمييز المُجحف في القانون والممارسة الفعلية، بما في ذلك في الأمور المتعلقة بالزواج، وحضانة الأطفال، وتولي المناصب السياسية، والتوظيف.

واستهدفت ميليشيات وجماعات مسلحة نساء من المؤثِّرات وصانعات المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي بسبب أشكال من التعبير والزي لا تتماشى مع المعايير المجتمعية السائدة القائمة على التمييز ضد النساء والفتيات. وفي مارس/آذار، أفرج جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة عن امرأة كانت مُحتجزة لأسباب “أخلاقية” منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وكانت النيابة العامة قد أمرت بالإفراج عنها في أبريل/نيسان 2023.

وفي سبتمبر/أيلول، قبضت الجماعة المسلحة المعروفة باسم جهاز الأمن الداخلي على اثنتين من المؤثِّرات على وسائل التواصل الاجتماعي في مطار بنغازي بتهمة أن سلوكهما كان مخالفًا لأعراف المجتمع. ولم ترد أي معلومات عن مصيرهما ومكانهما بحلول نهاية العام.

وفي يونيو/حزيران، أنشأ المجلس الرئاسي هيئة حماية الأخلاق العامة تحت إشرافه. وفي أكتوبر/تشرين الأول، أنشأت حكومة الوحدة الوطنية الإدارة العامة لحماية الآداب العامة في إطار وزارة الداخلية. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية عن خطط لإلزام النساء بارتداء الحجاب، وفرض ذلك من خلال نشر “شرطة الآداب”. كما هدد بفرض تدابير أشد صرامة لمنع النساء من السفر إلى الخارج بدون إذن من أولياء أمورهن الذكور.

أفراد مجتمع الميم

استمر تجريم العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي بين البالغين. وقبض جهاز الأمن الداخلي في طرابلس وغيره من الميليشيات والجماعات المسلحة على عشرات الأفراد بسبب ميولهم الجنسية و/أو هوية النوع الاجتماعي الخاصة بهم الفعلية أو المُفترضة.

وتعرَّض أفراد ونشطاء من مجتمع الميم لتهديدات بالقتل بسبب منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، مما دفع بعضهم إلى الفرار من ليبيا.

وفي مارس/آذار، أحال مكتب النائب العام في طرابلس 19 فردًا إلى غرفة الاتهام في محكمة جنوب طرابلس الابتدائية بتهم “المثلية الجنسية” و”الإلحاد”. تم الإفراج عنهم جميعًا بكفالة في انتظار المحاكمة، وكان عليهم الحضور أسبوعيًا إلى مكتب النائب العام.

وفي يوليو/تموز، قبضت شرطة النجدة في طرابلس على بائع متجول لأنه كان يبيع طائرات ورقية ملونة بألوان قوس قُزح، في ميدان الشهداء.

الأقليات العِرقية والشعوب الأصلية

في يناير/كانون الثاني، أقر البرلمان قانونًا جديدًا يُجرِّم “السحر” و”الشعوذة”. ويُعرِّض هذا القانون للخطر الحق في حرية الوجدان والدين لأفراد الأقليات الدينية والعِرقية، بما في ذلك الصوفيون والأمازيغ من أتباع مذهب الإباضية.

وواجه بعض أفراد جماعتي التبو والطوارق، ممن ليست لديهم بطاقات هوية بسبب القوانين واللوائح المنظِّمة للجنسية الليبية التي تنطوي على التمييز المجحف، عقبات في الحصول على التعليم والخدمات الصحية.

عمليات الإخلاء القسري

نفَّذت ميليشيات وجماعات مسلحة في طرابلس وبنغازي عمليات إخلاء قسري وهدم للمنازل، وعرَّضت من احتجوا عليها للقبض والترهيب.

ففي مارس/آذار، تعرَّض أفراد حوالي 350 عائلة للإخلاء القسري من منازلهم في حي أبو سليم في طرابلس، دون توفير سكن بديل لهم، وذلك وفقًا لما ذكرته الأمم المتحدة.

وفي أكتوبر/تشرين الأول، قبضت الجماعة المسلحة المعروفة باسم جهاز الأمن الداخلي في بنغازي على الصحفي محمد الصريط قرقر بعد أن انتقد عبر الإنترنت استيلاء صندوق إعمار ليبيا على ممتلكات خاصة. وكانت جماعات مسلحة تابعة للقوات المسلحة العربية الليبية قد أخلت قسرًا وهدمت منازل أعمامه في منطقة جليانة في بنغازي، دون تقديم تعويض كافٍ أو التشاور مع سكانه. أطلق سراح محمد الصريط قرقر بعد 19 يومًا لأسباب طبية.

حقوق اللاجئين والمهاجرين

واصلت قوات الأمن والميليشيات والجماعات المسلحة، وغيرها من الجهات الفاعلة غير الحكومية في شتى أنحاء ليبيا، ارتكاب انتهاكات وإساءات منهجية واسعة النطاق لحقوق الإنسان ضد اللاجئين والمهاجرين، مع تمتعها بالإفلات من العقاب.

وخلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول، تُوفي 1,749 شخصًا أو راحوا في عداد المفقودين في عرض البحر وسط البحر الأبيض المتوسط، وفقًا لما ذكرته المنظمة الدولية للهجرة. وعُثر على مقبرتين جماعيتين على الأقل في ليبيا، في مارس/آذار ويوليو/تموز، يحويان 65 و12 جثة على التوالي لأشخاصٍ يُشتبه أنهم لاجئون ومهاجرون. وخلال العام، تم اعتراض 21,762 من اللاجئين والمهاجرين في عرض البحر على أيدي قوات خفر السواحل الليبية المدعومة من الاتحاد الأوروبي في غرب ليبيا، وكذلك القوات الخاصة البحرية الليبية التابعة للقوات المسلحة العربية الليبية، وقوات لواء طارق بن زياد المعزز في شرق ليبيا.

وتصاعدت على نطاق واسع حملات قبض لا تستند إلا لوضع الهجرة في جنوب ليبيا، واستمرت في مختلف أنحاء البلاد في أعقاب عمليات اعتراض في عرض البحر، وكذلك مداهمات قامت بها ميليشيات وجماعات مسلحة على مخيماتٍ عشوائية لمهاجرين أو أوكارٍ لمهربين أو متاجرين بالبشر. وبحلول سبتمبر/أيلول، كان ما يزيد عن 5,470 من الأجانب لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي في مراكز يديرها جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، بينما كان هناك آلاف مُحتجزين على أيدي ميليشيات وجماعات مسلحة أخرى. واحتُجز هؤلاء في ظروف قاسية وغير إنسانية، وتعرَّضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، بما في ذلك العنف الجنسي، والابتزاز، والعمل القسري، والحرمان من الرعاية الطبية الملائمة.

وعلى مدار العام، أبعدت السلطات التونسية قسرًا آلاف اللاجئين والمهاجرين إلى ليبيا. واحتُجز أولئك الذين أُعيدوا في ظروف قاسية وغير إنسانية، وتعرَّضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في مراكز احتجاز يديرها جهاز حرس الحدود الليبي، أو جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية، أو جماعات مسلحة (انظر: باب تونس).

وأبعدت جماعات مسلحة تابعة للقوات المسلحة العربية الليبية قسرًا آلاف اللاجئين والمهاجرين إلى تشاد، والسودان، ومصر، والنيجر، دون منحهم الفرصة للطعن في قرارات ترحيلهم أو طلب الحماية الدولية. وأُبعد البعض، بما في ذلك من تم إنقاذهم من الأسر المطوَّل بعد احتجازهم على أيدي مهربين، بتهمة أنهم “حاملون لأمراض”.

عقوبة الإعدام

أبقت ليبيا على عقوبة الإعدام بالنسبة لمجموعة واسعة من الجرائم، بما في ذلك جرائم لا ينطبق عليها معيار الجرائم الأشد خطورة أي “القتل العمد” بموجب القانون الدولي. واستمرت محاكم مدنية وعسكرية في إصدار أحكام بالإعدام بتهمة القتل العمد، إثر محاكمات فادحة الجور. ولم تُنفَّذ أي إعدامات.

الحق في بيئة صحية

كان من شأن العدد المحدود من نُظم الإنذار المبكر، وقصور الاستجابة للأزمات، أن يفاقم من تعرُّض ليبيا للأحداث الجوية القاسية. وفي أغسطس/آب، تأثَّرت مدينتا الكُفرة، وغات، وكذلك مناطق أخرى في جنوب ليبيا، بالأمطار الغزيرة والفيضانات والعواصف الرعدية، مما أدى إلى أضرار فادحة وخسائر في الأرواح. ولم تصادق ليبيا بعد على اتفاق باريس، ولم تقدم أي خطط رسمية للتخفيف من آثار تغيُّر المناخ والتكيُّف معه.


  1. ليبيا: “في ثوانٍ، تغيّر كل شيء”: العدالة والإنصاف بعيدا المنال للناجين من فيضانات درنة، 11 مارس/آذار ↩︎
  2. ليبيا: “نَمُوتُ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ مَرَّة”: الإفلات من العقاب على الجرائم ضد الإنسانية في ترهونة، 26 نوفمبر/تشرين الثاني ↩︎