فنزويلا 2023
ظلَّ الافتقار إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يشكل مبعث قلق كبير، حيث تعاني أغلبية السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد. وكان النظام الصحي العام في حالة انهيار. وفشلت الحكومة في تنفيذ التدابير الإنسانية التي اتُفق عليها في عام 2022 للتصدي لهذه القضايا. وقوبلت الاحتجاجات المطالِبة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية باستخدام القوة غير القانونية وغيرها من التدابير القمعية من قِبل قوات الأمن. وتعرَّض منتقدو حكومة الرئيس مادورو للاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب، مع صمت النظام القضائي. واعترفت الحكومة بوجود 455 حالة اختفاء قسري منذ عام 2015، ولم يتم حل أغلبيتها. واستمر الإفلات من العقاب على عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء على أيدي قوات الأمن. وعلى الرغم من إطلاق سراح بعض المحتجزين في نهاية العام، استمرت الاعتقالات التعسفية الممنهجة بدوافع سياسية. وكشفت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق المعنية بفنزويلا عن وقوع جرائم ضد الإنسانية، ودَعت إلى إجراء تحقيقات في السياسات القمعية للدولة، وأشارت إلى عدم الالتزام بالتوصيات السابقة. وواصلت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاتها في الجرائم ضد الإنسانية في فنزويلا على الرغم من محاولات الحكومة تعليق العملية. وتدهورت أوضاع السجون، بما فيها الافتقار إلى الماء والغذاء، على نحو أشد. وشكَّلت عمليات التعدين غير القانونية والعنف تهديدًا لحقوق السكان الأصليين في منطقة قوس أورينوكو للتعدين. واستمرت أعداد ضخمة من الفنزويليين في الفرار من البلاد، وواجه الأشخاص الذين أُعيدوا إلى البلاد الاعتقال التعسفي. وجرى تقييد الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية بشكل كبير، واستمر تجريم الإجهاض. كما استمر العنف ضد النساء والفتيات، وظل أفراد مجتمع الميم يواجهون التمييز.
خلفية
ظل التضخم وضعف القوة الشرائية الحاد لشراء السلع والخدمات الأساسية يؤديان إلى معاناة معظم السكان من أزمة إنسانية عميقة، ولا سيما أولئك الذين يعيشون خارج العاصمة كراكاس.
انخرطت الحكومة، وجزء من المعارضة، في مفاوضات سياسية. وبحلول أكتوبر/تشرين الأول، اتفق الطرفان على شروط معينة بشأن انتخابات عام 2024.
قدَّمت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق تقارير حول القمع الانتقائي للمعارضين السياسيين وهيكلية أجهزة الشرطة المسؤولة عن عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء.
أدَّى تحدي الحكومة المتعلق بالحدود مع غيانا إلى زيادة الوجود العسكري على طول الحدود، مما زاد من مخاطر وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان. وواجه منتقدو هذه السياسة تهديدًا أكبر بتجريمهم.
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
ظل عدم الحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والرعاية الصحية يشكل مبعث قلق بالغ. وبحلول نهاية العام، لم يتم تنفيذ الاتفاق الإنساني “ميسا سوسيال” (Mesa Social) الذي تم التوصل إليه بين الحكومة والمعارضة في عام 2022. وقد نصَّ الاتفاق على إنشاء صندوق إنساني يُموَّل من الأصول الفنزويلية المحتجزة في الخارج، وتديره الأمم المتحدة، بهدف الاهتمام بالقضايا الملحَّة المتعلقة بالخدمات الصحية والتعليم والكهرباء.
الحق في العمل
استمر ورود مزاعم بشأن الاضطهاد والترهيب والمضايقة وغيرها من أفعال العنف التي يتعرض لها النقابيون والعمال. وأوردت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان 12 حالة تتعلق بتجريم قادة في نقابات العمال في عام 2023، حتى سبتمبر/أيلول.
الحق في التعليم
ذكرت منظمة المجتمع المدني هوم فنزويلا (HumVenezuela) أن 18% من الأطفال لم يلتحقوا بالمدارس في عام 2023، وأن ما لا يقل عن 44.8% منهم لم يلتحقوا بالمدارس بصورة منتظمة، بسبب نقص التمويل ونقص الموظفين في المدارس العامة وتدنِّي أجور المعلمين. واستمر المعلمون في المطالبة بتوفير ظروف عمل أفضل في المدارس العامة.
الحق في الصحة
واجهت ثلاثة أرباع المراكز الصحية العامة (72.4%) نقصًا في الأدوية والأجهزة الطبية والموظفين، وكان 88.9% من الخدمات الصحية العامة غير عامل.
في أكتوبر/تشرين الأول، أظهر التقرير نصف السنوي الصادر عن المسح الوطني للمستشفيات أن الماء غير متوفر بصورة منتظمة في حوالي 55% من المرافق الصحية العامة. وفي 90% من الحالات، كان المرضى مضطرين لجلب مستلزماتهم الجراحية الخاصة. وتوصَّل المسح إلى أن 127 شخصًا قضوا نحبهم في المستشفيات في الفترة بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول 2023 بسبب انقطاع الكهرباء.
وتحدَّثت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن تدهور نظام الرعاية الصحية الناجم عن نقص التمويل ونقص الموظفين. وقدّرت عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و23 شهرًا ممن لم يتلقوا بعد اللقاح الثلاثي للحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR) بحوالي 560,660 طفلًا.
ووفقًا لمنظمات المجتمع المدني، فإن العمال الصحيين الذين اعترضوا على أوجه القصور وتدنِّي الرواتب تعرضوا للترهيب من قبل السلطات. وفي أغسطس/آب، أصيب 10 أطفال بالتهاب السحايا بعد تلقيهم العلاج الطبي لسرطان الدم. وكانت مؤسسة الضمان الاجتماعي الفنزويلي في مستشفى الأطفال جيه إم دي لوس ريوس في كراكاس قد استوردت الأدوية المرتبطة بالتهاب السحايا ووزعتها. وفي سبتمبر/أيلول، رفضت السلطات الصحية إجراء تحليل للأدوية. وبحلول نوفمبر/تشرين الثاني، كانت إحدى الأطفال قد توفيت، ولم تُعطَ أي معلومات رسمية بشأن تحديد المسؤولية عن وفاتها. وذكرت وسائل إعلامية أن الجمعيات الطبية قد طلبت إجراء تحقيق رسمي في هذه الحالة.
الحق في الغذاء والماء
وفقًا لمركز التوثيق والتحليل الاجتماعي، فإن كلفة السلة الغذائية الشهرية لأُسرة مؤلفة من خمسة أفراد في فنزويلا بحلول أكتوبر/تشرين الأول بلغت 494 دولارًا أميركيًا، في حين أن الحد الأدنى للأجر الشهري كان 3.67 دولارًا أميركيًا، الأمر الذي يترك أغلبية السكان في مواجهة حالة انعدام الأمن الغذائي الحادة. ولم يتم تعديل الحد الأدنى للأجور منذ مارس/آذار 2022. وبحلول نهاية عام 2023، كانت الأوضاع قد ازدادت تدهورًا بسبب وصول التضخم إلى الذروة، وانخفاض قيمة العملة. وبحسب بيانات البنك الدولي، فإن فنزويلا حلَّت في المرتبة الثالثة بين أعلى معدلات التضخم في أسعار المواد الغذائية في العالم.
ووفقًا لمنصة هوم فنزويلا الإنسانية، فإن 25.7% من الأُسر تتناول أقل من ثلاث وجبات يوميًا، وأن 22.8% منها قضت أيامًا كاملة بدون تناول الطعام. علاوةً على ذلك، فإن 74.5% من الأُسر لم تستطع الحصول على مياه شرب آمنة بصورة منتظمة.
قمع المعارضة
استمرت سياسة القمع التي تنفذها الحكومة. وتعرَّض المعارضون السياسيون، الفعليون منهم والمتصوَّرون، للهجوم المستمر ولخطر الاحتجاز التعسفي والتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان. وبحسب منظمة حقوق الإنسان، فورو بينال (Foro Penal)، فإن نحو 9,000 شخص ظلوا خاضعين للقيود المفروضة على حريتهم بسبب الإجراءات القضائية الحالية أو السابقة ذات الدوافع السياسية.
واصلت السلطات تقييد المشاركة السياسية. وزُعم أن زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، التي فازت في الانتخابات التمهيدية في أكتوبر/تشرين الأول، غير مؤهلَّة للترشح للرئاسة في الانتخابات القادمة.
تعرَّض الفضاء المدني للهجوم باستمرار. ففي يناير/كانون الثاني، بدأ البرلمان مناقشاته حول مشروع قانون لتدقيق وتنظيم عمل المنظمات غير الحكومية والإشراف على أنشطتها وتمويلها. ومن شأن مشروع القانون المقترح أن يفرض مزيدًا من القيود على أنشطتها، وأن يمكِّن الحكومة من حل الجمعيات من طرف واحد. ولم يكن مشروع القرار قد أُقر بحلول نهاية العام.
في أغسطس/آب، قضت المحكمة العليا بإقالة مجلس إدارة جمعية الصليب الأحمر الفنزويلي بأكمله وتعيين مدير جديد لديه تعليمات بإعادة هيكلة المنظمة.
في أكتوبر/تشرين الأول، أعلن مكتب المدعي العام فتح تحقيق جنائي مع أعضاء اللجنة الوطنية للانتخابات التمهيدية (وهي مبادرة غير حكومية لانتخاب مرشح المعارضة) في محاولة لوقف المشاركة السياسية. وفي ديسمبر/كانون الأول، احتُجز تعسفيًا عضو اللجنة ورئيس منظمة سوماتي (Súmate) غير الحكومية روبرتو أدبول، وأُطلق سراحه بعد أسبوعين. وفي نهاية عام 2023، ظل الوضع القانوني لأعضاء اللجنة غير واضح.
حرية التعبير والتجمع
استمرت أساليب السلطات القمعية، بما فيها استخدام النظام القضائي لإسكات المعارضة وتجريم المدافعين عن حقوق الإنسان.
وفقًا للمرصد الفنزويلي للنزاعات الاجتماعية، تم تنظيم 6,956 احتجاجًا في عام 2023، أي بمعدل 19 احتجاجًا في كل يوم. وكان 80% منها يطالب بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وقادَت التعاونيات النقابية، التي طالبت بحقوق العمال، العديد من تلك الاحتجاجات. وكثيرًا ما ردّت السلطات باستخدام القوة المفرطة غير الضرورية والاحتجازات التعسفية.
في يوليو/تموز، تحدَّث المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن حالات تأخير مطوَّلة وإفلات من العقاب في التحقيقات في الوفيات التي وقعت إبان الاحتجاجات في الأعوام 2014، و2017، و2019.
سجَّلت منظمة بوبلك سبيس (Public Space) المحلية 349 هجومًا على حرية التعبير على شكل رقابة واعتداءات لفظية وترهيب استهدفت الصحفيين وغيرهم من العاملين في وسائل الإعلام في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى نوفمبر/تشرين الثاني. وفي سبتمبر/أيلول احتُجز تعسفيًا الصحفي لويس أليخاندرو أكوستا، وتمت مقاضاته بتهمة التشجيع والتحريض المزعومين على التعدين غير المشروع لأنه في منطقة محميَّة، والتشجيع المزعوم على ارتكاب أفعال جنائية، بينما كان يغطي أخبار عمليات التنقيب غير المشروع عن الذهب في ولاية أمازوناس الجنوبية. وقد أُطلق سراحه بعد 14 يومًا.
الاحتجاز التعسفي والمحاكمات الجائرة
إن استخدام الحكومة للاحتجاز التعسفي ضد المدنيين يمكن أن يشكل جريمة ضد الإنسانية. ووفقًا لمنظمات المجتمع المدني كان هناك حوالي 15,700 حالة احتجاز تعسفي بين عامي 2014 و2023.
في أكتوبر/تشرين الأول، تم التوصل إلى اتفاق بين المنصة الموحدة وممثلي الرئيس مادورو، ودعمتْه الولايات المتحدة الأمريكية وبلدان أخرى، ما أدَّى إلى إطلاق سراح 26 محتجزًا بحلول نهاية العام. وظلت شروط الإفراج عنهم غير واضحة. وظل قرابة 280 شخصًا قيد الاحتجاز التعسفي بدوافع سياسية، وفقًا لمنظمات محلية.
ظلَّت انتهاكات حقوق الإنسان، من قبيل الاختفاء القسري والتعذيب، تشكل جزءًا من سياسة القمع التي تطبِّقها الحكومة. وذكرت منظمة العفو الدولية أنه بعد الاعتقال كان الضحايا يقدَّمون بصورة اعتيادية إلى المحاكمة – التي غالبًا ما كانت ذات ولاية قضائية خاصة بالإرهاب – ويُتَّهمون بالاشتراك الجنائي، وغيرها من التهم المتعلقة بالإرهاب قبل نقلهم إلى مركز للشرطة أو الجيش بانتظار المحاكمة لأشهر أو حتى لسنوات. وأبلغ العديد من الضحايا عن تعرضهم للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. لقد شكَّلت هذه الإجراءات انتهاكًا لضمانات المحاكمة العادلة، وغيرها من حقوق الإنسان. 1
أثناء قيام اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة بمراجعة سجل فنزويلا، ادَّعت السلطات الفنزويلية أنه إذا اعتُقل شخص ما ولم تُبلَّغ عائلته بمكان احتجازه بعد ساعات أو أيام، فإن ذلك لا يشكل اختفاءً قسريًا. وفي سياق المراجعة، اعترفت السلطات بأنه خلال عامي 2015 و2022 كان من بين 455 حالة اختفاء قسري مزعومة 10 حالات فقط لأشخاص قُدموا إلى المحاكم بدون إعطاء معلومات حول أماكن الضحايا، ولم يعاقَب أحد.
في يوليو/تموز، جرت محاكمة النشطاء والقادة النقابيين ألسيديس براتشو، وغابرييل بلانكو، وإمليو نيغرين، وألونسو ميلينديز، ونيستور أستودييو، ورينالدو كورتيس، وحُكم عليهم بالسجن لمدة 16 سنة من قِبل محكمة ذات ولاية قضائية خاصة بالإرهاب. وكانوا قد اتُّهموا تعسفيًا بالتآمر والاشتراك في أفعال جنائية بسبب مشاركتهم في مظاهرات سلمية. وفي ديسمبر/كانون، الأول اُطلق سراحهم بعد مفاوضات سياسية.
في 30 أغسطس/آب، احتُجز تعسفيًا الطالب والناشط جون ألفاريز. وقالت عائلته إن أفرادًا من مديرية مكافحة التجسس العسكري قاموا بتعذيبه وأرغموه على تجريم زعيم نقابي وصحفي. وكان واحدًا من مجموعة أشخاص أُطلق سراحهم في ديسمبر/كانون الأول. وفي أكتوبر/تشرين الأول، أُطلق سراح الصحفي والناشط السياسي رولاند كارينيو، الذي كان محتجزًا منذ عام 2020، إثر محادثات جرت بين الحكومة والمعارضة. كما أُطلق سراح النقابي غييرمو زاراغا في ديسمبر/كانون الأول.
وكان عدد من المحتجزين تعسفيًا لأسباب سياسية، ومن بينهم روبرت فرانكو وداريو إسترادا، ما زالوا بانتظار استئناف محاكماتهم في نهاية العام. وفي يوليو/تموز، تم تأجيل المحاكمات، وفجأة نُقلت الولاية القضائية الخاصة بالإرهاب من محكمة إلى أخرى، ما يعني أنه ينبغي أن تبدأ محاكماتهم من جديد.
عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء
على الرغم من أن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ذكرت في عام 2022 أن السلطات كانت قد حلَّت قوات العمليات الخاصة للشرطة الوطنية البوليفارية (FAES)، كانت هذه القوات متورطة في عدة مئات من عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء المزعومة في عام 2023. ووجدت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق أن قوات العمليات الخاصة قد استُبدلت، وحلَّت محلها مديرية العمليات الاستراتيجية والتكتيكية، وأن عددًا من الموظفين في قوات العمليات الخاصة ظلوا يعملون ضمن الشرطة البوليفارية.
الحق في معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة والحصول على التعويض
في يونيو/حزيران، فتح المدعي العام الفدرالي الأرجنتيني تحقيقًا جنائيًا ضد أفراد الحرس الوطني البوليفاري بشأن حادثة إعدام شخصين خارج نطاق القضاء كجزء من عملية القمع التي نُفذت في فنزويلا خلال عام 2014.
وظلت انتهاكات حقوق الإنسان تُرتكب بلا عقاب. وأشارت بعثة تقصي الحقائق إلى عدم الالتزام بالتوصيات التي قدمتها البعثة في تقاريرها السابقة، وكيف استُخدم النظام القضائي لحماية أجهزة الأمن المتورطة في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
في يونيو/حزيران، فوَّضت غرفة ما قبل المحاكمة في المحكمة الجنائية الدولية المدعي العام باستئناف تحقيقه في الجرائم المزعومة ضد الإنسانية في فنزويلا. وبعد الاستئناف الذي قدَّمته فنزويلا، لم يكن قرار غرفة الاستئناف قد صدر في نهاية العام.
وفي نهاية عام 2023، أعلن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء عن القيام بزيارة البلاد. وكان مقررون خاصون آخرون للأمم المتحدة وهيئات المعاهدات بانتظار تلقِّي دعوات رسمية على الرغم من التزام الحكومة في عام 2019 بإرسال مثل تلك الدعوات. واستمر عدم السماح لبعثة تقصي الحقائق بزيارة البلاد بحلول نهاية العام.
أوضاع الاحتجاز اللاإنسانية
استمرت الأوضاع في السجون ومراكز الاحتجاز في التدهور، فقد كانت المراكز مكتظة، ولم يتوفر فيها ما يكفي من الغذاء والماء. وكان السجناء والمحتجزون يعتمدون على أقربائهم في توفير المواد الأساسية الضرورية للبقاء على قيد الحياة. واستمر الاحتجاز لفترات طويلة في مراكز الشرطة، وغيرها من مراكز الاحتجاز غير القانونية.
أدَّى الافتقار إلى الخدمات الصحية والمعالجة الطبية في مراكز الاحتجاز إلى تعريض حياة المحتجزين للخطر. فقد واجهت إيميرلندريس بنيتيز، التي كانت لا تزال محتجزة تعسفيًا لأسباب سياسية ظروفًا صحية عصيبة، ولم تحصل على الرعاية الطبية. 2
وعانت النساء المحرومات من الحرية من أوضاع لاإنسانية، ولم تتوفر مرافق تراعي منظور النوع الاجتماعي.
وأثناء مراجعة اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة لسجل فنزويلا، اعترفت الدولة بأنها لم تكن تسيطر على ستة سجون لأن النزلاء هم الذين كانوا يحكمونها. وعقب عملية أمنية في سبتمبر/أيلول، بدأت الحكومة باستعادة السيطرة على المرافق في توكورون، وتوكوييتو بوينتي أيالا، وتروخييو، ولا بيكا، وفيستا هيرموسا وسان فيليبي.
حقوق السكان الأصليين
ظلت عمليات التعدين في منطقة قوس أورونيكو للتعدين تلحق أضرارًا جسيمة بحقوق الإنسان في ولاية بوليفار بجنوب فنزويلا، وأضرَّت بصورة غير متناسبة بحقوق السكان الأصليين في تقرير مصيرهم، وفي موافقتهم الحرة والمسبقة والمستنيرة، وفي بيئة صحية.
بعد أكثر من سنة على مقتل فيرجيليو تروخيو أرانا، المدافع عن الأرض والحقوق الإنسانية للسكان الأصليين، استمر الإفلات من العقاب على تلك الجريمة. وتحدَّث أقرباؤه عن التعرض للتهديدات من قِبل مجهولين.
في سبتمبر/أيلول، ذكر مدافعون عن حقوق الإنسان أن القوات العسكرية سيطرت على متنزَّه ياباكانا الوطني في جنوب البلاد، وطردت العاملين في المناجم والفلاحين غير القانونيين باستخدام القوة المفرطة بحسب ما ورد. واعترفت وزارة الدفاع بوفاة شخصين، وإصابة ثلاثة آخرين وإخلاء 12,000 شخص من المنطقة، كان العديد منهم من السكان الأصليين. وقالت منظمات المجتمع المدني إن ما لا يقل عن 10 أشخاص قضوا نحبهم خلال العملية.
المدافعون عن حقوق الإنسان
ظل المدافع عن حقوق الإنسان وسجين الرأي ومدير منظمة فونداريديس (FUNDAREDES) غير الحكومية، رهن الاحتجاز التعسفي عقب اعتقاله في عام 2021 بتهم تتعلق بالإرهاب.
وذكرَ مركز المدافعين والعدالة أن 524 تهديدًا وصلت إلى المدافعين عن حقوق الإنسان في الفترة بين يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني، ومنها حملات التشهير والوصم من قِبل وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.
حقوق اللاجئين والمهاجرين
بحلول نهاية العام، كان ما يربو على 7.72 مليون شخص قد غادروا فنزويلا. وفي أكتوبر/تشرين الأول، استؤنفت رحلات الترحيل الجوية من الولايات المتحدة الأمريكية إلى فنزويلا، وكان قد تم ترحيل 928 شخصًا بحلول نهاية العام. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، تم ترحيل ما لا يقل عن 155 شخصًا من آيسلندا، بعد رفض طلبات لجوئهم، على ما يبدو. ووردت أنباء عن اعتقال أولئك الأشخاص عند وصولهم إلى فنزويلا.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أوصت لجنة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان بأن توفر بلدان المنطقة الحماية، وأن تمنح صفة لاجئ للأشخاص الذين يفرُّون من فنزويلا.
حقوق النساء والفتيات
استمرت النساء والفتيات في فنزويلا في مواجهة التحديات المتعلقة بالحصول على ما يكفي من الغذاء والماء والإمدادات الصحية. وقالت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة إن الأوضاع الإنسانية المعقدة منذ عام 2015 كان لها تأثيرات مختلفة على النساء والفتيات، حيث دفعت العديد من النساء إلى التبعية الاقتصادية في إطار علاقات مسيئة، وزادت من مخاطر أن يصبحن ضحايا للعنف القائم على النوع الاجتماعي.
الحقوق الجنسية والإنجابية
أشارت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة بقلق إلى تجريم الإجهاض؛ والأنباء المتعلقة بالتعقيم القسري؛ ومحدودية الحصول على وسائل منع الحمل الحديثة وخدمات الصحة الجنسية والإنجابية؛ وارتفاع معدلات وفيات الأمهات الناجمة عن الحمل والولادة بسبب محدودية الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية.
ظلَّ تأثير حالة الطوارئ الإنسانية المستمرة على الخدمات الصحية الجنسية والإنجابية يعيق إمكانية حصول النساء والفتيات على حقوقهن الجنسية والإنجابية.
العنف ضد النساء والفتيات
أعربت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة عن قلقها بشأن ارتفاع عدد حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات، بما فيها استمرار جرائم قتل الإناث، والاختفاء القسري، والعنف النفسي والجنسي ضد النساء والفتيات. كما أبرزت اللجنة عدم توفر بروتوكول يراعي النوع الاجتماعي فيما يتعلق بالتحقيق في جرائم قتل الإناث، وحقيقة أنه لا يوجد سوى خمسة مآوٍ لضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، وأنه لا تتوفر بيانات إحصائية بشأن حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات.
في أكتوبر/تشرين الأول، وأثناء مراجعة لجنة حقوق الإنسان، قال ممثلو فنزويلا إن نتيجة 95% من التحقيقات في جرائم قتل الإناث كانت الإدانة، وإنه تمت المقاضاة فيما يخص حوالي 1,700 تهمة قتل إناث بين عامي 2016 و2023.
وأورد مركز العدالة والسلام (Centre for Justice and Peace)، وهو منظمة مجتمع مدني محلية، 201 جريمة قتل إناث مزعومة بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول.
حقوق أفراد مجتمع الميم
ظلَّ أفراد مجتمع الميم يواجهون التمييز. ففي يوليو/تموز اعتُقل تعسفيًا 33 رجلًا، وتعرضوا للانتهاكات على أيدي عناصر الشرطة بسبب ميولهم الجنسية. ونُشرت هوياتهم في وسائل الإعلام. وأُطلق سراح ثلاثين من الضحايا بعد ثلاثة أيام؛ بينما حُرم الباقون من حريتهم لمدة 10 أيام، وبعد ذلك أُطلق سراحهم تحت إشراف المحكمة، وهم يواجهون تهمتيْ “خدش الحياء” و”التلوُّث الصوتي”.
الحق في بيئة صحية
بحلول نهاية العام، لم تكن فنزويلا قد وقَّعت أو صدَّقت على الاتفاقية الإقليمية بشأن الوصول إلى المعلومات والمشاركة العامة والعدالة في المسائل البيئية في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (إسكازو). وتناقض طموح الحكومة إلى زيادة إنتاج النفط مع التزاماتها الدولية بتقليص انبعاثات غازات الدفيئة.

