تونس: يجب إلغاء الأمر الوزاري الذي يفرض رقابة على العاملين الصحيين بشأن كوفيد-19

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه ينبغي على السلطات التونسية أنّ تسحب فوراً أمراً وزارياً يفرض عقوبات على الأطباء والعاملين الصحيين الذين يدلون بتصريحات غير مصرح بها حول وضع جائحة كوفيد-19 في تونس.

ففي 16 أبريل/نيسان 2021، أصدرت وزارة الصحة التونسية توجيهاً ينص على أنه يسمح لقائمة محددة فقط من الممثلين عن القطاع الصحي بالإدلاء بتصريحات في وسائل الإعلام أو على وسائل التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بالوباء. وقد يواجه الأطباء وغيرهم من العاملين في وزارة الصحة الذين لم ترد أسماؤهم في القائمة عقوبات تأديبية وجزائية إذا تحدثوا إلى وسائل الاعلام أو قاموا بالنشر على وسائل التواصل الاجتماعي من دون إذن مسبق.

وقالت أمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إنَّ هذا التوجيه الوزاري هو محاولة فاضحة من قبل السلطات التونسية لفرض الرقابة على العاملين الصحيين وإسكات منتقدي سياسة الحكومة لمواجهة وباء فيروس كوفيد-19. طوال فترة تفشي الوباء، عرّض العاملون الصحيون صحتهم وحياتهم للخطر لمساعدة الآخرين والآن ترد السلطات التونسية لهم الجميل بفرض رقابة صارخة. ومثل أي شخص آخر، يجب حماية حقهم في حرية التعبير.

“إنَّ منع الأطباء والعاملين في المجال الصحي من التعبير عن مخاوفهم أو تبادل المعلومات من خلال مطالبتهم بالحصول على إذن مسبق للإدلاء بأي تصريح علني بمثابة صفعة قاسية لحرية التعبير في تونس”.

“من الضروري أن يُسمح للعاملين الصحيين بالتحدث بحرية ومن دون خوف من الانتقام لضمان وصول الجمهور إلى معلومات دقيقة وجديرة بالثقة في الوقت المناسب حول طبيعة ومستوى التهديد الصحي والتدابير التي تتخذها السلطات لحماية الصحة العامة ومواجهة الوباء”.

 وينص التوجيه الوزاري على أنَّ “التعامل مع وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة بالإضافة الى وسائل التواصل الاجتماعي يتم بصفة حصرية للمكلفين بذلك حسب الجدول التالي”.

إنَّ هذا التوجيه الوزاري هو محاولة فاضحة من قبل السلطات التونسية لفرض الرقابة على العاملين الصحيين وإسكات منتقدي سياسة الحكومة لمواجهة وباء فيروس كوفيد-19

أمنة القلالي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية

وتضم القائمة المديرة العامة للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة وأعضاء اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا المستجد بوصفهم الوحيدون المخوّلون بالتحدث إلى الصحفيين 

أو التعليق على وسائل التواصل الاجتماعي حول “الوضع الوبائي والإجراءات الوقائية لمكافحة وباء كوفيد-19”.

ويتضمن الأمر الوزاري أربعة أسماء أخرى من مؤسسات بعينها مرخص لها بالإدلاء بتصريحات عامة حول حملة التلقيح الوطنية.

مدراء مؤسسات الصحة العامة مدرجون بوصفهم الممثلين الحصريين المخولين بالحديث عن الوضع الصحي والتدابير الوقائية في المستشفيات والمؤسسات الصحية الأخرى.

ويحذر الأمر الوزاري من أنَّ أي شخص يخالف القواعد قد يواجه “تتبعات تأديبية وجزائية”.

لعب الأطباء والعاملون الصحيون الآخرون في تونس دوراً بارزاً في إطلاع الجمهور على حالة الوباء وفي التعليق على فعالية استجابة السلطات وحسن توقيتها. وتتم دعوتهم بانتظام في البرامج التلفزيونية في أوقات الذروة للإدلاء بتقييمهم لسياسات الحكومة وقد كشفوا في مناسبات عديدة عن افتقار السلطات للاستعداد والعمل المتماسك لمنع انتشار وباء فيروس كوفيد-19.

تحمي المادة 19 من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، وتونس طرف فيه، الحق في حرية التعبير للجميع، بمن فيهم العاملون في مجال الصحة والعاملون الأساسيون. يشمل هذا الحق في التماس وتلقي ونقل المعلومات والأفكار بجميع أشكالها.

يمكن التذرع بالصحة العامة كأساس لتقييد الحق في حرية التعبير من أجل السماح للدولة باتخاذ تدابير تتعامل مع تهديد خطير لصحة السكان، ولكن هذه التدابير يجب أن ينص عليها القانون وأن تكون ضرورية ومتناسبة تهدف بشكل خاص إلى هدف مشروع ذي صلة مثل منع انتشار مرض مثل كوفيد-19 أو معالجته. القيود التي تستهدف الأطباء والعاملين في مجال الرعاية الصحية، شأنه شأن أي حظر شامل على نشر المعلومات، غير ضرورية وغير متناسبة وتتعارض بشكل واضح مع الحق في حرية التعبير.

في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً يوثق نمط تحقيقات جنائية وملاحقات قضائية للنشطاء الشباب فيما يتعلق بممارستهم السلمية لحرية التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي عدة حالات، تم استدعاء نشطاء شباب لانتقادهم استجابة الحكومة لوباء كوفيد-19.

وقالت أمنة القلالي: “على مدى السنوات الثلاث الماضية، شهدنا علامات تراجع مقلقة في ما يتعلق بحرية التعبير، حيث تم استدعاء النشطاء الشباب واستجوابهم بتهم جزائية تنطوي على أحكام قاسية بالسجن بسبب منشورات على فيسبوك ينتقدون فيها المسؤولين المحليين أو أفراد الأجهزة الأمنية. هذا القرار الأخير هو أحدث علامة على التراجع ويجب سحبه على الفور”.