إيران: كاتبة تواجه خطر السجن الوشيك بسبب قصة عن الرجم

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يتعين على السلطات الإيرانية أن تلغي فوراً حكم الإدانة والسجن الصادر ضد غولروخ إبراهيمي الرائي، وهي كاتبة وناشطة في مجال حقوق الإنسان، حيث من المقرر أن تبدأ تنفيذ حكم بالسجن لمدة ست سنوات بتهمة “إهانة المقدسات الإسلامية” بسبب كتابة قصة لم تُنشر عن عقوبة الرجم الفظيعة.

وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد بقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، “إن التهم الموجهة إلى غولروخ إبراهيمي الرائي تبعث على السخرية. فهي تواجه خطر قضاء سنوات وراء قضبان السجن لمجرد أنها كتبت قصة، بل إن هذه القصة لم تُنشر بعد. ومن ثم، فإنها تُعاقب في واقع الأمر لأنها استخدمت خيالها”.

بدلاً من سجن امرأة شابة لمجرد أنها مارست حقوقها الإنسانية بصورة سلمية، من خلال التعبير عن معارضتها لعقوبة الرجم، يتعين على السلطات الإيرانية أن تركز جهودها على إلغاء هذه العقوبة، التي تُعد بمثابة نوع من التعذيب.

فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد بقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية

ومضى فيليب لوثر قائلاً: “بدلاً من سجن امرأة شابة لمجرد أنها مارست حقوقها الإنسانية بصورة سلمية، من خلال التعبير عن معارضتها لعقوبة الرجم، يتعين على السلطات الإيرانية أن تركز جهودها على إلغاء هذه العقوبة، التي تُعد بمثابة نوع من التعذيب. ومن المفزع أن إيران لا تزال تسمح بتطبيق عقوبة الرجم، وتبررها بدعوى حماية الأخلاق”.

وكانت غولروخ إبراهيمي الرائي قد تلقت، يوم 4 أكتوبر/تشرين الأول 2016، مكالمةً هاتفية من “مركز تنفيذ الأحكام” تنطوي على تهديد وتأمرها بتسليم نفسها إلى سجن إيفين للبدء في تنفيذ الحكم الصادر ضدها بالسجن ست سنوات بتهمة “إهانة المقدسات الإسلامية” و”ترويج دعاية ناهضة للنظام”.

وكانت التهمة الأولى، والتي عُوقبت عليها غولروخ إبراهيمي الرائي بالسجن خمس سنوات، قد وُجهت لها أساساً بسبب قصة خيالية غير منشورة كتبتها. وتصف القصة مشاعر امرأة شابة كانت تشاهد فيلم “رجم ثريا م.”، والذي يحكي قصة حقيقية لامرأة شابة أُعدمت رجماً بتهمة الزنا، فاستبد بها الغضب الشديد بعد المشاهدة مما دفعها إلى حرق نسخة من القرآن الكريم.

وقد اكتشفت السلطات هذه القصة يوم 6 سبتمبر/أيلول 2016، عندما قُبض على غولروخ إبراهيمي الرائي وزوجها أرش صدِّيقي في مقر عمله في طهران، على أيدي أشخاص يُعتقد أنهم من الحرس الثوري. ولم يبرز هؤلاء الأشخاص أي إذن رسمي بالقبض، ولكنهم اقتادوا الزوجين إلى بيتهما حيث قاموا بتفتيش مقتنياتهما وصادروا بعضها، ومن بينها أجهزة الحاسب الآلي المحمول الخاصة بهما، ودفاتر وأسطوانت مدمجة.

وبعد ذلك، نُقل أرش صدِّيقي، وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان، إلى سجن إيفين، بينما نُقلت غولروخ إبراهيمي الرائي إلى معتقل سري، حيث أمضت ليلةً ثم نُقلت إلى قسم في سجن إيفين يخضع لسيطرة الحرس الثوري، واحتُجزت هناك لمدة 20 يوماً، دون السماح لها بالاتصال بأسرتها أو بالاستعانة بمحام، ودون إحالتها إلى المحكمة. وقد احتُجزت في زنزانة انفرادية طوال الأيام الثلاثة الأولى.

لقد كانت محاكمة غولروخ إبراهيمي الرائي هزلية. فقد حُرمت من حق الدفاع، وكان الحكم ضدها مُعداً سلفاً. وليس هذا سوى أحدث مثال على استخفاف السلطات الإيرانية الكامل بالعدالة وبحقوق الإنسان

فيليب لوثر

وقالت غولروخ إبراهيمي الرائي إنها خضعت خلال فترات احتجازها للتحقيق على مدى ساعات طويلة، بينما كانت معصوبة العينين ووجهها إلى الحائط، وإن المحققين أبلغوها مراراً أنها يمكن أن تُعدم بسبب “إهانة الإسلام”. كما كان بوسعها أن تسمع بوضوح أصوات المحققين وهم يهددون ويشتمون زوجها في الزنزانة المجاورة، مما زاد من ألمها ومعاناتها. وقال أرش صدِّيقي إنه تعرض منذ ذلك الحين للتعذيب أثناء احتجازه، حيث اعتدى عليه المحققون بالركل واللكم في الرأس، فضلاً عن صفعه وخنقه.

وقد حُوكمت غولروخ إبراهيمي الرائي في جلستين مقتضبتين أمام محكمة ثورية في طهران، ولم يكن لها ممثل قانوني أثناء المحاكمة. وكان المحامي الأول الذي وكَّلته قد تعرض لضغوط من أجل الانسحاب من القضية، بينما مُنع المحامي الثاني من قراءة ملف القضية ومن تمثيلها. ولم تُمنح غولروخ إبراهيمي الرائي فرصة الحديث للدفاع عن نفسها، لأن الجلسة الأولى تركزت على أنشطة زوجها، بينما لم تتمكن من حضور الجلسة الثانية لوجودها في المستشفى، حيث كانت تقضي فترة نقاهة بعد إجراء جراحة كبرى لها. وقد قدَّمت للمحكمة الشهادات الطبية الخاصة بها، ولكن المحكمة رفضت طلبها بتأجيل الجلسة.

وتعليقاً على ذلك، قال فيليب لوثر: “لقد كانت محاكمة غولروخ إبراهيمي الرائي هزلية. فقد حُرمت من حق الدفاع، وكان الحكم ضدها مُعداً سلفاً. وليس هذا سوى أحدث مثال على استخفاف السلطات الإيرانية الكامل بالعدالة وبحقوق الإنسان”.

واستطرد فيليب لوثر قائلاً: “إن منظمة العفو الدولية تطالب السلطات الإيرانية بأن تلغي فوراً الحكم الصادر ضد غولروخ إبراهيمي الرائي والحكم الصادر ضد زوجها أرش صدِّيقي، والذي لا يزال قابعاً وراء قضبان السجن منذ يونيو/حزيران 2016 بسبب ممارسته السلمية لحقه في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات. والظاهر أن الحكومة الإيرانية توشك على إخراس جيل بأكمله من النشطاء الشبان نتيجةً لأساليبها الوحشية والقمعية”.

خلفية

أكدت السلطات الإيرانية، في معرض تعليقها على التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة بشأن وضع حقوق الإنسان في إيران، أن الرجم عقوبة مقررة في الشريعة الإسلامية لجريمة الزنا، وأضافت بأن هذه العقوبة “فعَّالة في ردع الجريمة وحماية الأخلاق”.

ولدى منظمة العفو الدولية علم بحالة امرأة واحدة على الأقل تواجه حالياً خطر الإعدام رجماً، وهي حالة فاريبا خليجي.

وقد دأبت منظمة العفو الدولية على مطالبة السلطات الإيرانية بإلغاء تجريم العلاقات الجنسية التي تتم بالتراضي بين بالغين من الجنسين أو من الجنس نفسه.

ويقضي أرش صدِّيقي حالياً حكماً بالسجن لمدة 15 سنة في سجن إيفين لإدانته بعدة تهم، من بينها “ترويج دعاية مناهضة للنظام”، و”جمع معلومات والتواطؤ في جمع معلومات ضد الأمن القومي”، و”إهانة مؤسس الجمهورية الإسلامية”. كما حُرم أرش صدِّيقي من الاستعانة بمحامٍ. وأفادت الأنباء أن المحققين في قضيته قد استخدموا نسخاً من رسائل بعث بها من خلال صفحته على موقع “فيسبوك” وبريده الإلكتروني إلى بعض الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان في الخارج، بالإضافة إلى مواد من منافذ إعلامية مثل محطة “بي بي سي” (هيئة الإذاعة البريطانية) باللغة الفارسية، باعتبارها “دليلاً” على التهم المنسوبة إليه.