إسرائيل/الأراضي الفلسطينية المحتلة: أسقطوا التهم الملفقة ضد مدافع فلسطيني عن حقوق الإنسان

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يتعين على السلطات الإسرائيلية إسقاط جميع التهم الموجهة ضد أحد المدافعين الفلسطينيين عن حقوق الإنسان عيسى عمرو، الذي يواجه حكماً بالسجن بسبب أنشطته السلمية المعترف بها دولياً ضد المستوطنات غير الشرعية التي أقامتها إسرائيل في مدينة الخليل.

إن طوفان التهم الموجهة ضد عيسى عمرو لا يصمد أمام أية محاولة للتدقيق.

ماغدالينا مغربي، نائبة المديرة الإقليمية لبرنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية

ومن المقرر أن تبدأ محاكمة عيسى عمرو في 23 نوفمبر/تشرين الثاني أمام “محكمة عوفر العسكرية” في الضفة الغربية المحتلة.

وفي هذا السياق، قالت ماغدالينا مغربي، نائبة المديرة الإقليمية لبرنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن “طوفان التهم الموجهة ضد عيسى عمرو لا يصمد أمام أية محاولة للتدقيق. ففي غمرة تصميمها على إسكاته وتجميد أنشطته بشأن حقوق الإنسان، عمدت السلطات الإسرائيلية حتى إلى إعادة فتح ملف قضية تم إغلاقه. وإذا ما جرت إدانته، فسنعتبر عيسى عمرو سجين رأي.

“وكما يتعين على السلطات الإسرائيلية إسقاط التهم التي لا أساس لها، الموجهة إلى عيسى عمرو بدوافع سياسية، ينبغي عليها التحقيق في مزاعمه بأنه قد تعرض للضرب المتكرر في الحجز، وفي الاعتداءات البدنية واللفظية التي انهالت عليه من جانب المستوطنين والجيش والشرطة. كما ينبغي أن يلقى من يفضحون انتهاكات حقوق الإنسان الحماية، لا أن يُعتدى عليهم ويتعرضوا للمضايقات.”

وعيسى عمر مدافع فلسطيني عن حقوق الإنسان يشرف على منظمة “شباب ضد الاستيطان”، ومقرها الخليل. ويلتزم هو ومنظمته بسلمية الأنشطة اللاعنفية التي يقومون بها ضد المستوطنات غير الشرعية في الخليل، وضد القيود التمييزية المفروضة على الفلسطينيين في المدينة من جانب السلطات الإسرائيلية. ويدأب عيسى عمرو على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في المدينة، كما ينظم مظاهرات سلمية، ويقوم بتوزيع معلومات حول المستوطنات والاحتلال العسكري الإسرائيلي على الزوار والصحفيين والدبلوماسيين.

في 7 يونيو/حزيران 2016، وجهت ضد عيسى عمر في “محكمة عوفر العسكرية” 18 تهمة، ويعود بعض هذه التهم إلى عام 2010. وتتراوح بين “إهانة جندي” و”الاعتداء”.

وتعود إحدى تهم الاعتداء إلى حادثة وقعت أثناء مظاهرة نظمت في 20 مارس/آذار، وبعد أن كانت الشرطة قد قبضت على عيسى عمرو، ولم يكن حاضراً في حينها. ويظهر شريط فيديو لمسرح الحادثة بوضوح أن رجلاً آخر كان هو المسؤول عن الحادثة، التي كسرت فيها آلة تصوير لأحد المستوطنين.

وكانت المظاهرة ذات طبيعة سلمية، وتصادف مع زيارة قام بها رئيس الولايات المتحدة، باراك أوباما، آنذاك إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة. حيث ارتدى المتظاهرون أقنعة تحمل وجه أوباما، وقمصاناً قطنية كتب عليها “لدي حلم”، وقاموا بالتلويح بالعلم الفلسطيني- وهي أفعال اعتبرتها السلطات سياسية، وبالتالي إجرامية.

وأبلغ عيسى عمرو منظمة العفو الدولية أنه أدرك على الفور أنه لا دافع وراء التهم التي وجهت إليه سوى أنشطته، وخاصة بالنظر إلى أن العديد منها يعود إلى سنوات خلت، وأن ملف إحدى القضايا التي وردت بينها كان قد أغلق. وقال محاميه، غابي لاسكي، إنه كان من غير المعتاد البتة أن يعاد فتح القضايا على هذا النحو، وإن الشرطة لم تتبع الإجراءات المرعية في مثل هذه الحالات.

وتعود إحدى التهم التي يواجهها إلى 8 يوليو/تموز 2013، وتتعلق بنقاش دار بين عيسى عمرو وأحد رجال شرطة الحدود عقب أخذ هذا الأخير الهوية الشخصية لعيسى عمرو للتدقيق فيها، ليظل ينتظر لنصف ساعة دون أن يعيدها إليه. فقال لرجل الشرطة: أريد بطاقتي الشخصية، لست شخصاً مطلوباً، ولو أنك اتصلت للسؤال والتدقيق لعرفت ذلك. ولكنك لم تتصل، أعرف ذلك، لست غبياً”.

وطبقاً لما قاله عيسى عمرو، يبدو أن الشرطي فسر ما قاله عيسى خطأً بأنه موجه إليه وأنه قال “أنت غبي”، فأدى ذلك إلى توجيه تهمة إضافية إليه هي “إهانة الجندي”. وقال عيسى عمرو إنه اقتيد إلى مركز الشرطة وضرب بشدة على ظهره من قبل أحد الضباط إلى حد أنه ما زال يتناول العلاج نتيجة لذلك. وقال إن الضباط منعوه من الذهاب إلى المستشفى لثلاث ساعات، وعملوا على التأكد من أن يذهب إلى مرفق صحي فلسطيني حتى لا يتم الإبلاغ عما لحق به من أذى في إسرائيل.

لقد واجه عيسى عمرو حملة مستمرة من المضايقات والاعتداءات على أيدي الجيش الإسرائيلي والمستوطنين بسبب أنشطته.

ماغدالينا مغربي

ومضت ماغدالينا مغربي إلى القول: “لقد واجه عيسى عمرو حملة مستمرة من المضايقات والاعتداءات على أيدي الجيش الإسرائيلي والمستوطنين بسبب أنشطته. وقضيته تجسد تماماً مناخ العداء المتصاعد تجاه الناشطين الذين يحتجون ضد المستوطنات، غير المشروعة بمقتضى القانون الدولي.

“ونعتقد أنه يواجه المحاكمة لسبب وحيد هو ممارسته السلمية لحقه في حرية التعبير والتجمع. ومن شأن إيداع عيسى عمرو السجن أن يشكل وصمة في وجه العدالة، وأن يسكت صوتاً ناقداً آخر كبير الأهمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.”

خلفية

وثّقت منظمة العفو الدولية نمطاً من الهجمات استُهدف به المدافعون الفلسطينيون عن حقوق الإنسان، بمن فيهم عيسى عمرو، في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة. وقد خلق التصعيد لأعمال الترهيب على أيدي الحكومة، والهجمات والتهديدات من قبل المستوطنين وغيرهم من الجهات غير الحكومية، بيئة تزداد خطورة باطراد على الناشطين في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.

والخليل هي إحدى مدينتين فلسطينيتين زُرعت في داخلهما مستوطنات إسرائيلية غير شرعية. وقد فرضت السلطات الإسرائيلية، منذ زمن طويل، مجموعة من القيود المشدّدة التي تميز بصورة مفرطة ضد تنقل أهالي الخليل الفلسطينيين، بما يرقى إلى مرتبة العقاب الجماعي. وكثيراً ما لا تتدخل القوات الإسرائيلية في الخليل لمنع الهجمات على الفلسطينيين من قبل المستوطنين، بينما لا يحدث، إلا ما ندر، أن تتم مساءلة هؤلاء عما يرتبكون من اعتداءات وانتهاكات.