غالباً ما يخضع السجناء المحكوم عليهم بالإعدام في سائر بلدان العالم لأشد ظروف الاحتجاز قسوة. ففي العديد من الحالات يُحتَجزون في عزلة تامة، ويُحرمون من الحصول على الأدوية الضرورية، ويعيشون في قلق مستمر تحت شبح الإعدام. ويقوم بعض الحكومات بإبلاغ السجناء وأقربائهم قبل أيام، بل قبل لحظات فقط، من تنفيذ الإعدام.
وقد وثَّقت منظمة العفو الدولية انتهاكات مروعة في شتى أنحاء العالم. واحتفاءً باليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، تطلق المنظمة حملة تُسلِّط فيها الضوء على حالات في كل من بيلاروس وغانا وإيران واليابان وماليزيا، حيث قسوة عقوبة الإعدام لا تزال متفشية.
فالحبس الانفرادي، سواءً باستخدام أدوات تقييد أو بدون استخدامها، ممارسة شائعة في قسم المحكومين بالإعدام. ففي حالة ماتسوموتو كينجي، وهو سجين محكوم بالإعدام في اليابان، كانت هذه العقوبة اللاإنسانية بشكل خاص بمثابة الشرارة المحتملة التي أصابته بمرض اضطراب التوهُّم الذي ذُكر أنه جعله شخصاً مُرتاباً ومشوَّشاً.
ماتسوموتو كينجي، صورة خاصة
ويُذكر أن ماتسوموتو كينجي محكوم عليه بالإعدام منذ عام 1993. وهو يعاني من إعاقة ذهنية منذ فترة طويلة نتيجةً للتسمم بالزئبق، ومعدل ذكائه متدنٍ- بين 60 و70- وفقاً لتشخيص أطباء النفس. ومع ذلك فقد قررت سلطات المحكمة أنه مؤهل عقلياً لأن يُحكم عليه بالإعدام، وأن “اعترافه” موثوق على الرغم من أن محاميه حاجج بأنه تعرَّض للضغط من قبل الشرطة.
وأمضى محمد رضا حدادى في إيران كل فترة شبابه تحت حكم الإعدام إثر إدانته بجريمة القتل العمد في محاكمة جائرة على نحو صارخ، وحُكم عليه بالإعدام عندما كان عمره 15 عاماً. وهو واحد من 84 شخصاً آخرين على الأقل يواجهون عقوبة الإعدام في إيران على ارتكاب جرائم مزعومة عندما كانوا دون سن الثامنة عشرة.
محمد رضا، صورة خاصة
وهذا لا يشكل انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان فحسب، وإنما أُرغم محمد رضا على الخضوع لتعذيب نفسي بأن تقرَّر إعدامه ثم أُلغي ست مرات في غضون 14 عاماً، كانت آخرها في 31 مايو/أيار 2016، عندما تلقى قراراً بتأجيل إعدامه في اللحظات الأخيرة إثر تفجُّر غضب شعبي حول قضيته.
إن انعدام الشفافية بشأن استخدام عقوبة الإعدام في ماليزيا يعني أن السجناء المحكوم عليهم بالإعدام، مثل هو يو واه لا يعلمون شيئاً حول طلبات الاسترحام التي يقدمونها.
هو يو واه، صورة: كرستين يو
وكان هو يو واه قد حُكم عليه بعقوبة الإعدام الإلزامية في مايو/أيار 2011 إثر إجراءات قانونية جائرة. وفي عام 2005، عندما كان في العشرين من العمر، عُثر في حوزته على 188.35 غرام من مادة ميثامفيتامين المخدرة. وافتُرض بشكل تلقائي بأنه يتاجر بالمخدرات، وأُدين لاحقاً وحُكم عليه بالإعدام شنقاً. ولا يزال بانتظار نتائج التماس الرأفة الذي قُدم إلى سلطات ولاية جوهور في أبريل/نيسان 2014. وسيُكمل هو يو واه عامَه الثالث والثلاثين في ديسمبر/كانون الأول، حيث قال: “لو تُتاح لي الفرصة لإثبات أنني تغيرتُ”.
وفي بيلاروس تحيط السرية باستخدام عقوبة الإعدام على نطاق واسع؛ إذ يتم إخفاء حالات الإعدام بشكل صارم عن الجمهور وتنفيذها بدون إعطاء أي إشعار بذلك للسجناء أو عائلاتهم أو ممثليهم القانونيين. فقد قال مدير سابق لمركز مينسك للاعتقال الذي يسبق المحاكمة رقم 1 – وهو السجن الذي يُحتجز فيه جميع السجناء المحكوم عليهم بالإعدام في بيلاروس – لمنظمة العفو الدولية إن السجناء كانوا يُقتادون أولاً إلى غرفة واحدة، ويُقال لهم بحضور مسؤولين، إن طلب الرأفة رُفض، وإنه سيتم تنفيذ الحكم. ثم يُنقل السجناء إلى غرفة مجاورة، حيث كان يتم عصب عيونهم وتقييد أيديهم، وإرغامهم على الركوع، وإطلاق النار على رؤوسهم من الخلف.
صورة توضيحية لمركز مينسك للاحتجاز الاحتياطي رقم 1، صورة لجورج باتلر
ووفقاً للقانون البيلاروسي، ترفض السلطات إعادة جثامين المعدومين إلى عائلاتهم أو الكشف عن موقع دفنهم، وهو أمر مستمَد من إرث الحقبة السوفييتية.
وفي غانا أيضاً يخضع السجناء المحكوم عليهم بالإعدام لأوضاع احتجاز قاسية. فعندما زارت منظمة العفو الدولية سجن “نساوام” في عام 2016، لم يكن يُسمح للسجناء المحكومين بالإعدام بالمشاركة في الأنشطة التعليمية والترفيهية، مما أدى إلى زيادة الشعور بالعزلة والتسبُّب بالأسى والقلق. كما أخبر السجناء المحكومون بالإعدام منظمة العفو الدولية بأن الرعاية الطبية محدودة. وقالوا إنهم واجهوا صعوبات في الحصول على الأدوية اللازمة لمعالجة الأمراض، والمشكلات الصحية المزمنة لأن الأدوية لم تكن متوفرة في بعض الأحيان أو لم يكن بمقدور السجناء دفع ثمنها. وأعرب أحد السجناء المحكومين بالإعدام عن مخاوفه عندما أُصيب بالمرض، بالقول: “عندما يغشاك المرض في الليل في الزنزانة، ولا يأتي الشرطي لمساعدتك، فإنك يمكن أن تموت”.
من بيلاروس إلى غانا وإيران واليابان وماليزيا، يتعين على الحكومات التي لديها سجناء محكومون بالإعدام أن تعاملهم بكرامة وإنسانية، وأن تفي ظروف احتجازهم بالمعايير والقوانين الدولية لحقوق الإنسان.
لقد آن الأوان للحكومات التي لا تزال تستخدم عقوبة الإعدام لأن تلغيها فوراً، وأن تضع حداً لظروف الاحتجاز المريعة، التي يُرغَم العديد من السجناء المحكومين بالإعدام على مكابدتها.
إن عقوبة الإعدام تشكل انتهاكاً للحق في الحياة المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وهي العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهينة.
* ابتداءً من 5 أكتوبر/تشرين الأول، وخلال نوفمبر/تشرين الثاني، سيطلق نشطاء من شتى بلدان العالم حملة بالنيابة عن هو يو واه و ماتسوموتو كينجي و محمد رضا حدادى والسجناء المحكومين بالإعدام في بيلاروس وغانا. ويمكنك المشاركة فيها من خلال الاتصال بأقرب مكتب لمنظمة العفو الدولية أو الانضمام إلينا، على العنوان: @amnestyglobal and @amnesty