السودان

لا تتخذ منظمة العفو الدولية أي موقف من قضايا السيادة أو النزاعات الإقليمية. وتستند الحدود على هذه الخريطة إلى بيانات الأمم المتحدة الجغرافية المكانية.
العودة. السودان

السودان 2022

واصلت قوات الأمن استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، ما أودى بحياة عشرات الأشخاص وإصابة آلاف آخرين. واحتُجِز المتظاهرون، بمن فيهم النساء والأطفال، على نحو غير قانوني، وتعرضوا للمعاملة السيئة، وتعرض بعضهم للاختفاء القسري. وقُتل مئات المدنيين وأُصيبوا على أيدي مجموعات المليشيات في منطقة غرب دارفور. ومثل علي محمد علي في محاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وقعت في غرب دارفور. وفُرِضَت قيود مُشدَّدة على حرية التعبير، وقُطِع الاتصال بالإنترنت قبل اندلاع تظاهرات جماهيرية. وتعرضت المتظاهرات للاعتداء الجنسي والمضايقة. وواجهت أعداد كبيرة من الأشخاص الجوع الشديد بسبب انعدام الأمن الغذائي. وظلّ اللاجئون يتوافدون من إثيوبيا وإريتريا وجنوب السودان، وواجهوا تخفيضًا في حصص إعاشتهم بسبب نقص التمويل.

خلفية

في يناير/كانون الثاني، استقال رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، الذي أُعيد تنصيبه في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بعد الانقلاب العسكري في أكتوبر/تشرين الأول 2021، تاركًا السيطرة الكاملة للجيش على الحكومة. واستمرت التظاهرات على مدى العام احتجاجًا على استيلاء الجيش على السلطة في البلاد.

وفي مايو/أيار 2022، رُفِعَت حالة الطوارئ التي فرضها الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021، التي تَبِعها الإفراج عن 171 مُحتَجَزًا في أرجاء البلاد. ومع ذلك، ظلّت التدابير، التي اُتُّبِعت بموجب حالة الطوارئ، سارية، كتلك التي تُوسِع نطاق صلاحيات إنفاذ القانون لقوات الأمن المشتركة السودانية.

وكانت المحاولات المحلية والدولية لتسهيل التوصُّل إلى حل سياسي وإتاحة المجال أمام الانتقال الديمقراطي بقيادة مدنية موثوقة منذ الانقلاب العسكري جارية. وفي 5 ديسمبر/كانون الأول، وقَّع تحالف من القيادات المدنية والعسكرية اتفاقية لتشكيل سلطة مدنية انتقالية جديدة لمدة عامين بقيادة رئيس للوزراء من اختيار القيادات المدنية.

واستمر النزاع المسلح في منطقتي دارفور والنيل الأزرق.

الاستخدام المفرط للقوة

واصلت قوات الأمن السودانية استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين السلميين. ووفقًا للأمم المتحدة، قُتل 117 شخصًا في أثناء المظاهرات التي أُقيمت منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، من بينهم 20 طفلًا وامرأة واحدة، بحلول أغسطس/آب. وأصيب متظاهرون يُقدَّر عددهم بـ 7,700، من بينهم آلاف الأطفال، إصابات بالغة. وقالت لجنة أطباء السودان المركزية إن بين 6 مايو/أيار و20 أغسطس/آب 2022 فقط، كان هناك 21 حالة وفاة و1,850 إصابة. ولم تفِ السلطات بتعهداتها بإجراء تحقيقات بشأن هذه الجرائم.

وفي 5 مايو/أيار، أفادت لجنة أطباء السودان المركزية بمقتل مجتبى عبدالسلام عثمان، البالغ من العمر 23 عامًا، حينما دهست إحدى المركبات التابعة لعناصر الأمن المتظاهرين. ووفقًا للمرصد السوداني لحقوق الإنسان، وردت أنباء عن وقوع 73 إصابة في ذلك اليوم، من بينها 30 إصابة ناجمة عن استنشاق الغاز المسيل للدموع و11 ناجمة عن التعرض للدهس من جانب إحدى مركبات الشرطة.

وفي 30 يونيو/حزيران، عمَّت مظاهرات حاشدة أرجاء البلاد، للاحتجاج على استيلاء الجيش على السلطة في 2021. ونُظِّمت التظاهرات تزامنًا مع الذكرى السنوية للانقلاب العسكري في 1989، الذي أطاح بالحكومة التي جاءت بعد انتخابات ديمقراطية ونَصَّب عمر البشير – المخلوع حاليًا – رئيسًا للبلاد. وكانت هذه التظاهرات أيضًا أول مسيرة “مليونية” منذ مقتل أكثر من 100 متظاهر على أيدي قوات الأمن التي استخدمت العنف لفضّ مظاهرة سلمية، في 3 يونيو/حزيران 2019. وفي 30 يونيو/حزيران، استخدمت قوات الأمن مُجددًا القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين، ما أسفر عن مقتل تسعة متظاهرين، لقي ثمانية منهم مصرعهم بسبب إطلاق قوات الأمن للذخيرة الحية كما زُعِم، بينما أُصيب أكثر من 600 آخرين. ونُظِّمت عدة اعتصامات في عاصمة البلاد، الخرطوم، في أعقاب أعمال عنف، لإدانة استخدام قوات الأمن للقوة المفرطة.

عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفية

في إطار الحملة القمعية التي تشنَّها قوات الأمن السودانية على نطاق أوسع ضد المُعارَضة المناهِضة للانقلاب العسكري في 2021، احتجزت مئات المتظاهرين على نحو غير قانوني وعرّضت العديد من الأشخاص الآخرين للاختفاء القسري؛ وكان هؤلاء لا يزالون مفقودين بحلول نهاية العام. وبين أكتوبر/تشرين الأول 2021 وأبريل/نيسان 2022، وثَّق الخبير المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان الذي عيَّنته الأمم المتحدة ومكتب الأمم المتحدة المشترك لحقوق الإنسان في السودان الاعتقال والاحتجاز التعسفيين لـ 1,293 شخصًا في ما يتصل بالانقلاب أو بالتظاهرات المُناهِضة للانقلاب. وتضمنوا 143 امرأة و157 طفلًا، من بينهم فتاتان. واحتُجِز العديد من الأشخاص الآخرين لمدد وجيزة وأُفرِج عنهم بدون توجيه أي تهم إليهم.

ونُفِّذَت عمليات الاعتقال على أيدي قوات الأمن، بما فيها شرطة مكافحة الشغب وبوليس الاحتياطي المركزي ووحدات عسكرية من القوات المسلحة السودانية، إلى جانب عناصر أخرى مجهولة الهوية بملابس مدنية. وشملت ضروب المعاملة السيئة التي عرّضوا المتظاهرين لها تجريد الأطفال المُحتَجَزين من ملابسهم والتهديد بالعنف الجنسي ضد النساء.

هجمات وعمليات قتل غير مشروعة

تقاعست قوات الأمن السودانية عن حماية المدنيين من الهجمات المسلحة العشوائية المستمرة. فوفقًا للأمم المتحدة، قُتِل وأُصيب مئات المدنيين في منطقة غرب دارفور على أيدي مجموعات المليشيات. وفي أكتوبر/تشرين الأول، لقي ما لا يقل عن 220 شخصًا حتفهم في يومين خلال قتال قبلي نشب في ولاية النيل الأزرق الجنوبية بالسودان. وبحسب ما ذكرته الأمم المتحدة، اندلعت اشتباكات قبلية في النيل الأزرق عدة مرات، منذ يوليو/تموز فصاعدًا، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 359 شخصًا وإصابة 469 آخرين بين صفوف المُشاركين في الاشتباكات والمدنيين. وأدت الاشتباكات أيضًا إلى نزوح أكثر من 97,000 مدني. وأعلنت حكومة الولاية حالة طوارئ لمدة 30 يومًا وحظرت التجمعات.

الحق في معرفة الحقيقة، وتحقيق العدالة، والحصول على التعويض

في أبريل/نيسان، بدأت المحكمة الجنائية الدولية محاكمة علي محمد علي، المعروف كذلك باسم علي كوشيب، الذي يُعتقَد أنه كان القائد الرئيسي لميليشيا الجنجويد في غرب دارفور. ويواجه علي محمد علي 31 تهمة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في 2003 و2004 بغرب دارفور.

وفي أغسطس/آب، أجرى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، زيارة إلى السودان، حيث تَوجَّه إلى مخيمات النازحين داخليًا في دارفور. ودعا خان مجلس الأمن الدولي بالأمم المتحدة إلى ضمان أن تكون زيارته ومحاكمة علي محمد علي “بداية المحاسبة الحقيقية للجُناة لا محض آمال زائفة”.

وواجه ثلاثة أشخاص آخرين، من بينهم عمر البشير، تهمًا أمام المحكمة الجنائية الدولية، لكن السلطات السودانية لم تُسلِّمهم بعد إلى المحكمة للمثول أمامها.

حرية التعبير

فُرضت قيود شديدة على الحق في حرية التعبير وحرية الإعلام. إذ تعرض الصحفيون وغيرهم من العاملين في مجال الإعلام للاعتداءات والتهديدات والمضايقات.

وفي 13 يناير/كانون الثاني، داهمت قوات الأمن محطة التلفزيون العربي بالخرطوم. واعتدت على أربعة موظفين كانوا يصورون مظاهرة من سطح مبنى المحطة واعتقلتهم، وحطمت كاميراتهم. وفي 19 يناير/كانون الثاني، اعتقلت الشرطة امرأة بجنوب كردفان، على خلفية منشور لها على وسائل التواصل الاجتماعي حول تجنيد الأطفال في القوات المسلحة السودانية. وأُفرِج عنها بعد اتهامها بارتكاب عدة جرائم بموجب قانون مكافحة جرائم المعلوماتية. وتضمنت تلك التهم نشر معلومات كاذبة، والاعتداء علي نزاهة القوات المسلحة السودانية، وتهديد الامن القومي.

وأكدت العديد من المجموعات التي ترصد الاتصال بالإنترنت في أنحاء العالم، من بينها نت بلوكس (NetBlocks)، تعطيل خدمة الاتصال بالإنترنت لدى العديد من مقدمي الخدمة في أرجاء السودان، قبل التظاهرات الجماهيرية المقرر إقامتها في 30 يونيو/حزيران (انظُر قسم الاستخدام المفرط للقوة أعلاه). وأُعيدَت خدمة الإنترنت إلى طبيعتها بعد مرور 20 ساعة.

العنف الجنسي والقائم على أساس النوع الاجتماعي

ظلّت المتظاهرات يتعرضن للاعتداءات الجنسية. واستمر العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي في غرب دارفور، بما في ذلك العنف الجنسي ضد النساء والفتيات المرتبط بالنزاع.

ووفقًا للخبير المُعيَّن من الأمم المتحدة، ارتكبت عناصر قوات الأمن السودانية المشتركة ورجال مسلحون آخرون بالزي المدني انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان، بما في ذلك العنف الجنسي والقائم على أساس النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات اللاتي تقدمن الصفوف الأمامية للتظاهرات المناهضة للانقلاب. وتحقق الخبير المُعيّن من وقوع 13 حادثة اغتصاب واغتصاب جماعي، ومحاولة اغتصاب وصور أخرى من العنف الجنسي والقائم على أساس النوع الاجتماعي المرتكَبة في الخرطوم في سياق التظاهرات المناهِضة للانقلاب بين أكتوبر/تشرين الأول 2021 وأبريل/نيسان 2022. وتضمنت 14 ضحية (10 نساء وفتاة ورجل وصبيّان).

وأفاد الخبير المُعيَّن من الأمم المتحدة بوقوع ثمانية حوادث اغتصاب في دارفور، تضمنت 15 امرأة وخمس فتيات في سياق العنف القبلي أو اعتداءات على نساء وفتيات نازحات داخليًا. وكان مرتكبو هذه الأعمال رجالًا مسلحين، ارتدى معظمهم زيًا عسكريًا. وأُبلِغت الشرطة بجميع هذه الحوادث، لكن لم يُلق القبض إلا على شخص واحد على خلفية اغتصاب فتاة تبلغ من العمر 12 عامًا في شمال دارفور.

الحق في الغذاء

وفقًا لما ذكرته الأمم المتحدة، شهد السودان ازديادًا مطردًا في مستويات انعدام الأمن الغذائي؛ إذ أظهرت التقديرات أن ربع سكان البلاد تقريبًا كان يعاني من الجوع الشديد بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول. واستأثرت مناطق شمال وغرب ووسط دارفور والخرطوم وكسلا والنيل الأبيض بأعلى عدد من الأشخاص الذين عانوا من الجوع الشديد. وكان يعاني ما وصل إلى 11.7 مليون شخص من الانعدام الشديد للأمن الغذائي. وشمل هؤلاء 3.1 مليون شخص صُنِّفوا بأنهم في حالة “طارئة”. ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، زاد النزاع المسلح في أوكرانيا من تفاقم انعدام الأمن الغذائي في السودان، نظرًا إلى اعتماده على واردات القمح من روسيا وأوكرانيا على مدى الأعوام الأخيرة.

حقوق اللاجئين والمهاجرين

واصل السودان استقبال لاجئين جدد من البلدان المجاورة، على وجه التحديد من جنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا. ووفد 20,000 لاجئ من جنوب السودان طوال العام إلى البلاد، لا سيما إلى ولاية النيل الأبيض وشرق دارفور وغرب وجنوب كردفان. واستمر أيضًا توافد اللاجئين الإثيوبيين إلى شرق السودان ومنطقة النيل الأزرق. وبحسب الأمم المتحدة، عَبَر نحو 59,800 شخص، اعتبارًا من 31 يوليو/تموز، إلى السودان منذ بداية الأزمة في شمال إثيوبيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.

وبسبب النقص الشديد في التمويل الدولي، اضطر برنامج الأغذية العالمي إلى خفض حصص الإعاشة للاجئين في أنحاء البلاد. وساعد برنامج الأغذية أكثر من 550,000 لاجئ في السودان. ومنذ يوليو/تموز، لم يتلقَ اللاجئون سوى نصف سلة غذائية قياسية، أو ما يقابلها نقدًا.