إثيوبيا 2023
بعد توقيع اتفاق لإنهاء الأعمال القتالية، كان من شأن ظهور أدلة عن حرف وجهة الإمدادات الإنسانية أن يدفع الهيئات الإنسانية إلى وقف المساعدات الإنسانية إلى إقليم تيغراي بشكل مؤقت. واندلعت اشتباكات جديدة بين الجيش الاتحادي وميليشيات فانو الأمهرية في إقليم أمهرة، وارتُكبت في هذا السياق انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات الاعتقال والاحتجاز بشكل تعسفي؛ ونُفِّذت عمليات قتل خارج نطاق القضاء في إقليم تيغراي. وتعرَّضت نساء في تيغراي للعنف الجنسي. وشنَّت الجماعات والشخصيات ذات النفوذ حملةً بلغت ذروتها بحملة قمع للحكومة ضد الأفراد من مجتمع الميم. وقُطعت خدمة الإنترنت في إقليم أمهرة، وفُرضت قيود على الاتصال بمنصات التواصل الاجتماعي في شتى أنحاء إثيوبيا، وقُتل حوالي 30 متظاهرًا. ونجحت الحكومة في شن حملة ضد آليات التحقيق الإقليمية والدولية، التي كان يمكن أن تؤدي إلى تحقيق العدالة والمحاسبة لضحايا الانتهاكات المؤثَّمة بموجب القانون الدولي.
خلفية
لم يتمكن السكان الذين شُردوا قسرًا، في إطار حملة التطهير العِرقي ضد أفراد مجتمع التيغراي في منطقة غرب تيغراي، من العودة إلى ديارهم. واستمرت موجات جديدة من النازحين من المنطقة، التي تخضع لإدارة قوات إقليمية أمهرية مدنية وأمنية، في الوصول إلى أجزاء أخرى من تيغراي. وذكرت وسائل إعلام محلية أن 47,000 شخص فرُّوا في مارس/آذار، بينما فرَّ من المنطقة أكثر من 1,000 شخص في سبتمبر/أيلول، وبينهم فارون من مراكز الاحتجاز الجماعي.
وتصاعد القتال في منطقة أوروميا، بعدما فشلت للمرة الثانية محادثات السلام بين جيش تحرير أورومو والحكومة، مما أثر على المدنيين في المنطقة.
الحق في الغذاء
في أيار/مايو، أي بعد ستة شهور تقريبًا من توقيع اتفاق وقف الأعمال العدائية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أعلن برنامج الغذاء العالمي والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عن إيقاف المساعدات الغذائية إلى إقليم تيغراي مؤقتًا. واتُخذ هذا الإجراء بعدما توصلت الهيئتان إلى أدلة عن تحويل وجهة الإمدادات، على أيدي الأجهزة الحكومية والجيش، حسبما زُعم. وعلى الرغم من إعلان الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وبرنامج الأغذية العالمي في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول عن اعتزامهما استئناف توزيع الأغذية، أشارت التقارير الواردة من المنطقة إلى أنهما لم يستأنفا التوزيع بالكامل بعد. وقد أثر وقف المساعدات على أكثر من 4 ملايين شخص كانوا يعانون أصلًا من انعدام الأمن الغذائي. وأشارت أنباء من مهنيين طبيين محليين ومن السلطات الحكومية إلى أن مئات الأشخاص تُوفوا جراء الجوع في أعقاب توقف المساعدات.
عمليات الاعتقال والاحتجاز التعسفية
فرضت الحكومة، في 4 أغسطس/آب، حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر في عموم البلاد، وذلك في أعقاب اندلاع اشتباكات مسلحة واسعة النطاق بين قوات الدفاع الوطنية الإثيوبية وميليشيا فانو في منطقة أمهرة. ومنح قانون الطوارئ صلاحيات واسعة لقوات الأمن، مما أسفر عن احتجاز مئات الأشخاص وحرمانهم من الاتصال بمحامين ومن المثول أمام محاكم. وفي حين توفرت أدلة على مزيد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أثناء الاشتباكات، فإن تدهور الوضع حال دون التواصل الفعال مع الناس في المنطقة، مما يجعل من الصعب تحديد مدى الانتهاكات (انظر أدناه، القسم المعنون: حرية التعبير والتجمع).
عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء
استمر جنود من قوة الدفاع الإريترية في تنفيذ عمليات إعدام خارج نطاق القضاء ضد مدنيين في إقليم تيغراي، وذلك على مدى شهور بعد توقيع اتفاق وقف الأعمال العدائية. فخلال الفترة من نوفمبر/تشرين الأول 2022 إلى يناير/كانون الثاني 2023، أعدم هؤلاء الجنود ما لا يقل عن 24 مدنيًا في منطقة كوكب تسيبه. وفي عام 2023، تحقَّقت منظمة العفو الدولية من وقوع عمليات إعدام خارج نطاق القضاء لما لا يقل عن 20 مدنيًا، خلال الفترة من 25 أكتوبر/تشرين الأول إلى 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، في منطقة مريم شويتو. إلا أن عاملين اجتماعيين في المنطقة لديهم قائمة بأكثر من 100 مدني أُعدموا خلال الفترة نفسها على أيدي قوة الدفاع الإريترية.1
العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي
ارتكبت قوة الدفاع الإريترية أعمال عنف جنسي ضد نساء، من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 إلى أواخر يناير/كانون الثاني 2023 في منطقة كوكب تسيبه بإقليم تيغراي. وخلال هذه الفترة، احتجز جنود من قوة الدفاع الإريترية في قاعدتهم العسكرية ما لا يقل عن 15 امرأة كأسيرات، لما يقرب من ثلاثة أشهر، حتى 19 يناير/كانون الثاني 2023. وتعرَّضت النساء للاغتصاب مرارًا على أيدي الجنود، في ظروف ترقى إلى الاستعباد الجنسي. وبالإضافة إلى ذلك، تعرَّضت النساء لإساءات أخرى بدنية ونفسية، وللحرمان من الموارد الأساسية، مثل الغذاء، والماء، والخدمات الصحية.
كما أخضعت قوة الدفاع الإريترية نساءً احتُجزن أسرى في بيوتهن في المنطقة نفسها للاغتصاب والاغتصاب الجماعي. وقال ضحايا وعاملون اجتماعيون ومسؤولون محليون إن قوة الدفاع الإريترية استهدفت أولئك النساء للاشتباه في أن أزواجهن، أو أبنائهن أو أقارب ذكور آخرين لهن على صلة بقوات التيغراي.
وأوردت بعض منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المحلية أنباءً عن حالات متعدِّدة من اختطاف نساء بغرض الزواج بالإكراه. وكان اختطاف تسيغا بيلاشو، وهي محاسبة في أحد المصارف، من بين تلك الحالات التي حظيت باهتمام وطني، بما في ذلك على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد اختُطفت يوم 23 مايو/أيار على أيدي حارس شخصي لرئيس بلدية هواسا في منطقة سيداما، واحتُجزت لمدة تسعة أيام ثم أُطلق سراحها.
حقوق أفراد مجتمع الميم
شنَّ مؤثِّرون على وسائل التواصل لاجتماعي، وزعماء دينيون، وفنانون شعبيون، حملةً عبر الإنترنت وخارجه ضد أفراد مجتمع الميم. وبلغت الحملة ذروتها، في أغسطس/آب، عندما داهمت السلطات في العاصمة أديس أبابا فنادق وحانات ومراكز ترفيه زُعم أنها تتيح تنظيم “أنشطة المثلية الجنسية”. وذكر أفراد من مجتمع الميم في أديس أبابا أنهم تعرَّضوا للضرب بعدما جرى تداول منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تحدد هويتهم.
ووجَّه مدافعون عن حقوق مجتمع الميم اتهاماتٍ لمنصات التواصل الاجتماعي، وخاصة منصة تيك توك، بالتقاعس عن اتخاذ إجراءات ضد المحتوى الذي يحرِّض على العنف ضد الأشخاص استنادًا إلى ميولهم الجنسية أو هوية النوع الاجتماعي الخاصة بهم.
وظلَّت العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي مجرَّمةً ويُعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات.
حرية التعبير والتجمع
استمر للعام الثالث حجب خدمات الاتصالات، الذي فرضته السلطات الاتحادية في منطقة غرب تيغراي. ونتيجةً للاشتباكات في إقليم أمهرة، أوقفت السلطات خدمة الإنترنت هناك، في 3 أغسطس/آب، بينما تعرَّضت مناطق أخرى لحجب خدمات الاتصالات بشكل كامل. واستمر ذلك حتى نهاية العام.
وفي أعقاب توترات نجمت عن خلافات في أوساط الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية، قُتل ما لا يقل عن 30 متظاهرًا على أيدي قوات الأمن، يوم 9 فبراير/شباط، في مدينة شاشامانه في إقليم أوروميا، وفقًا لما ذكرته كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإثيوبية. وفي الوقت نفسه، منعت السلطات أعضاء مجموعات الكنيسة الضالعة في الخلافات من تنظيم مسيرات، كما فرضت قيودًا على الاتصال بوسائل التواصل الاجتماعي، حتى 17 يوليو/تموز.
الإفلات من العقاب
واصلت الحكومة التقاعس عن التحقيق مع منْ زُعم أنهم ارتكبوا جرائم مؤثَّمة بموجب القانون الدولي، وعن مقاضاتهم في اجراءات علنية. وفي أعقاب حملة شنَّتها الحكومة الإثيوبية لمناهضة جهود تحقيق العدالة والمحاسبة، قررت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، في مايو/أيار، إنهاء تفويض لجنة التحقيق بشأن الوضع في إقليم تيغراي. ولم تنشر لجنة التحقيق مطلقًا تقريرًا عن النتائج التي توصلت إليها، ولم تُبلغ الضحايا والناجين والجمهور العام بمصير الأدلة التي جمعتها. وفي مارس/آذار، حاولت الحكومة حشد الدعم لإنهاء تفويض لجنة خبراء حقوق الإنسان الدولية المعنية بإثيوبيا التابعة للأمم المتحدة، قبل موعد انتهائه. إلا أن اللجنة نشرت، في سبتمبر/أيلول، تقريرها الذي خلص، من ضمن أمور أخرى، إلى أن “الوضع الحالي في شتى الأنحاء [في إثيوبيا]… يولِّد مخاطر واضحة لمزيد من الجرائم الفظيعة في المستقبل”. على الرغم من النتائج التي عرضها التقرير، لم يطرح مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرارًا بتجديد تفويض لجنة خبراء حقوق الإنسان الدولية المعنية بإثيوبيا التابعة للأمم المتحدة.
وفي الوقت نفسه، عقدت الحكومة جلسات تشاور بشأن مقترح سياسات للعدالة الانتقالية، وهي عملية تركِّز على المصالحة، وليس على تحقيق العدالة والمحاسبة للضحايا والناجين.