قالت منظمة العفو الدولية، إثر تحليل شريط فيديو دعائي عسكري، إنه يجب على النيابة العامة المصرية التحقيق، على وجه السرعة، في ما يبدو أنه عمليات إعدام خارج نطاق القضاء قام بها أفراد من الجيش في شمال سيناء.
ففي مقطع فيديو نشره المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية، في الأول من أغسطس/آب، كتحديث بشأن العمليات ضد المسلحين، يظهر جندياً يطلق النار على شخص من مسافة قريبة أثناء نومه في خيمة مؤقتة. ويظهر مقطع آخر رجلاً غير مسلح يُطلق عليه الرصاص من أعلى، وهو يركض في الصحراء، قبل أن يسقط على الأرض.
وفي التعليق الصوتي للفيديو، يحتفي الراوي بنجاح العمليات التي تقوم بها القوات المسلحة المصرية في شمال سيناء معلناً مقتل 89 مسلحاً خلال فترة زمنية غير محددة.
وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية. “إن اللقطات المثيرة للقلق البالغ في هذا الفيديو الدعائي العسكري المصري، الذي يحتفي بقتل القوات المسلحة، بلا رحمة، شخصين أعزلين، من الواضح أنهما لا يشكلان تهديدًا للحياة، إنما يعطي لمحة عن الجرائم المروعة التي ارتكبت باسم مكافحة الإرهاب في مصر.
“ويجب على النيابة العامة المصرية أن تشرع فوراً في إجراء تحقيقات فعالة ونزيهة ومستقلة في ما يبدو أنه عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء هذه، بغية تقديم المسؤولين عنها إلى العدالة في محاكمات عادلة أمام المحاكم المدنية”.
إن اللقطات المثيرة للقلق البالغ في هذا الفيديو الدعائي العسكري المصري، الذي يحتفي بقتل القوات المسلحة، بلا رحمة، شخصين أعزلين، من الواضح أنهما لا يشكلان تهديدًا للحياة، إنما يعطي لمحة عن الجرائم المروعة التي ارتكبت باسم مكافحة الإرهاب في مصر.
فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية
فبموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان يجب أن تقتصر الولاية القضائية الجنائية للمحاكم العسكرية فقط على محاكمات أفراد قوات الأمن بسبب مخالفات الانضباط العسكري، ويجب ألا تشمل انتهاكات حقوق الإنسان، ولا جرائم القانون الدولي.
والجندي الذي شوهد في شريط الفيديو، وهو يطلق النار على الرجل في الخيمة، يستخدم بندقية كاربين إم 4 بنظام بي إي كيو للتصويب ضوئي ( M4 Carbine with a PEQ Aiming Light) ومنظار بندقية قتالية متطور (Advanced Combat Optical Gunsight)، وكلاهما أمريكيي الصنع. وتعد مصر من بين أكبر المتلقين للمساعدات العسكرية من الولايات المتحدة، حيث تتلقى مساعدات عسكرية سنوية تصل إلى 1.3 مليار دولار أمريكي.
واختتم فيليب لوثر قائلاً: “نظراً لجسامة الانتهاكات المرتكبة دون عقاب في مصر، كما يتضح من هذا الفيديو المروع، يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تحرص على أن تقديم التمويل العسكري الأجنبي المخصص لمصر – وهي واحدة من أكبر المستفيدين على المدى الطويل من المساعدات العسكرية – مرهون باتخاذ الحكومة المصرية تدابير ملموسة لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان في البلاد، ومحاسبة المسؤولين الأمنيين”.
” فالمشاهد المروعة في هذا الفيديو بمثابة تذكير مفزع بأن السلطات المصرية إنما تزدري بذلك القانون الدولي. كما أنها تبين مخاطر التواطؤ في هذه الانتهاكات من قبل مصدري الأسلحة. ويجب على المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أن يوقف، بشكل عاجل، نقل الأسلحة أو المعدات العسكرية، عندما يكون هناك خطر واضح بأن تستخدم هذه الأسلحة لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.”
ولم تتمكن منظمة العفو الدولية من التحقق، بشكل مستقل، من اللقطات المستخدمة في الفيديو الذي بثته القوات المسلحة، أو تأكيد تاريخ الأحداث المعروضة أو موقعها. وقد تم بث الفيديو في أعقاب هجومين مسلحين أسفرا عن مقتل خمسة أشخاص وإصابة ثمانية جنود، ومقتل شخص وإصابة أربعة من المدنيين. وفي وقت لاحق، أعلنت “ولاية سيناء”، وهي جماعة مسلحة تنشط في شمال سيناء، مسؤوليتها عن الهجوم الأول.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يتهم فيها الجيش بعمليات إعدام خارج نطاق القضاء، ولم يتم التحقيق في أي منها بشكل مستقل.
خلفية
فرضت مصر تعتيماً إعلامياً صارماً على العمليات العسكرية في شمال سيناء، ومنعت وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان والمراقبين المستقلين من الوصول إلى المنطقة.
فالصحفي إسماعيل الإسكندراني، معتقل منذ نوفمبر 2015، وحكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات من قبل محكمة عسكرية بسبب تغطيته للوضع في شمال سيناء.
وجدير بالذكر، أن القوات العسكرية والأمنية المصرية تقاتل المسلحين في شمال سيناء منذ عام 2011.