أوزبكستان: السلطات الروسية تتواطأ في عمليات الإعادة القسرية لمئات من طالبي اللجوء والمهاجرين الذين يواجهون التعذيب

المنتج السينمائي ورجل الأعمال الأوزبكستاني ميرسوبير حميد كارييف، الذي أخُتطف واحتُجز بمعزل عن العالم الخارجي في موسكو قبل تسليمه من قبل ضابط في جهاز الأمن الاتحادي الروسي إلى عناصر الأمن الأوزبكستاني، ثم إعادته قسراً إلى بلاده.

في تقرير موجز صدر اليوم، قالت منظمة العفو الدولية إن مئات من طالبي اللجوء واللاجئين والعمال المهاجرين قد تم ترحيلهم، وحتى اختطافهم، في عمليات إعادة قسرية من روسيا إلى أوزبكستان، حيث تعرضوا للتعذيب.

ويوضح التقرير المعنون بــ “المسار السريع للتعذيب: عمليات الاختطاف والإعادة القسرية من روسيا إلى أوزبكستان” كيف تعاونت السلطات الروسية مع أوزباكستان في مئات من حالات الترحيل؛ على الرغم من المخاطر الواضحة من تعرض الأشخاص للتعذيب عند ترحيلهم. وفي الحالات النادرة التي رفضت فيها روسيا طلبات اعتقال وتسليم أشخاص، أُطلق العنان لقوات الأمن الأوزبكستانية لاختطاف مواطنيها من الأراضي الروسية.”

وقال جون دولهويسن، مدير برنامج أوروبا ووسط آسيا بمنظمة العفو الدولية: “إن السلطات الروسية لا تغض النظر عن التعذيب والظلم في أوزباكستان فحسب، بل تقدم يد العون للسلطات الأوزبكستانية.”

إن السلطات الروسية لا تغض النظر عن التعذيب والظلم في أوزباكستان فحسب، بل تقدم يد العون للسلطات الأوزبكستانية.

جون دولهويسن، مدير برنامج أوروبا ووسط آسيا بمنظمة العفو الدولية

وأضاف يقول: “يتعين على روسيا أن تضع حداً لعمليات الاختطاف والترحيل التي تشكل انتهاكاً لالتزامات حقوق الإنسان التي تقع عل عاتقها، وأن تكفل عدم إعادة أي شخص معرَّض للتعذيب إلى أوزبكستان. وينبغي ممارسة كافة الضغوط الممكنة على أوزبكستان لحملها على وقف استخدام التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة، وضمان أن تكون جميع المحاكمات عادلة وأن تفي بالمعايير الدولية بشكل كامل.”

التعذيب والقمع باسم الأمن

لطالما استخدمت السلطات الأوزبكستانية، على نحو اعتيادي، “الكفاح ضد الإرهاب”، ومكافحة الأنشطة “المناهضة للدولة”، لتبرير محاكمات المعارضين السياسيين المسيئة، بالإضافة إلى منتقدي الحكومة والأعضاء المزعومين في الجماعات الإسلامية غير المشروعة أو المتعاطفين معها. إنهم جميعاً عرضة لخطر التعذيب حال وقوعهم في قبضة نظام العدالة الجنائية الأوزبكستانية.

في عام 2013، رفضت السلطات الروسية طلباً من أوزبكستان بتسليم المنتج السينمائي ورجل الأعمال الأوزبكستاني ميرسوبير حميد كارييف. وقد واجه ميرسوبير تهماً تتعلق بتشكيل جماعة إسلامية غير مشروعة، بعد أن سُمع وهو يتحدث في تجمع غير رسمي معرباً عن مساندته للنساء اللاتي يرتدين غطاء الرأس (الحجاب).

بيد أن ميروسور أخُتطف في يونيو/حزيران واحتُجز بمعزل عن العالم الخارجي في موسكو قبل تسليمه من قبل ضابط في جهاز الأمن الاتحادي الروسي إلى عناصر الأمن الأوزبكستاني، ثم إعادته قسراً إلى بلاده.

وقد انتزعت قوات الأمن الأوزبكستانية من ميروسور “اعترافاً” تحت وطاة الضرب، حيث خُلعت سبعة من أسنانه وكُسر له ضلعان قبل إرساله إلى معسكر اعتقال، أمضى فيه عدة أسابيع في زنازن العقاب.

وخلال وجوده هناك تم ربطه بلوح مثبت في جدار غرفة التحقيق، بينما كان رأسه متدلياً إلى الأسفل، وضُرب مراراً وتكراراً. وأُدين لاحقاً بارتكاب جرائم التطرف بناء على “اعتراف” انتُزع منه بالإكراه، وحُكم عليه بالسجن لمدة ثماني سنوات ومن المقرر أن يُطلق سراحه في عام 2022.

وفي عدة حالات أخرى، واجه الضحايا محاكمات جائرة، أدت إلى صدور أحكام بالسجن لمدة طويلة في ظروف قاسية ولا إنسانية ومهينة. وفي السنوات الثلاث التي سبقت مارس/ آذار 2016، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ما لا يقل عن 17 حكماً شجبت جميعها ترحيل الأشخاص قسراً إلى أوزبكستان.

تهديد العائلات

إن لجوء السلطات الأوزبكستانية إلى مضايقة وتهديد أفراد العائلات لإرغامهم على تجريم أقاربهم أو الكشف عن أماكن وجود المشتبه بهم، أمر شائع بالنسبة للسلطات الأوزبكستانية.

في يناير/كانون الثاني 2016، احتُجز آرثر أفاكيان لمدة أربعة أسابيع وتعرَّض للتعذيب إلى أن قام أخيراً بتجريم شقيقه الأكبر أراميس أفاكيان، وهو مربي أسماك، بارتكاب أعمال إرهابية. وقام أفراد الشرطة بربط يدي آرثر ورجليه، وتوصيل قطبين كهربائيين بشحمتي أذنيه، وصعقه إلى أن التصق لسانه بلثَّته.

ويعتقد أفراد عائلة أراميس وأصدقاؤه بأنه حوكم لأن مسؤولين محليين كانوا مهتمين بالاستيلاء على مزرعة الأسماك الناجحة التي يمكلها. وقد تم احضاره إلى المحكمة على نقالة بعد قضاء حوالي خمسة أشهر في الحجز، وحُكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات على أساس تهم تتعلق “بالإرهاب”.

وأبلغ أراميس المحكمة الجنائية الإقليمية في جيزاخ بأنه تعرَّض للتعذيب لإرغامه على “الاعتراف” بأنه متعاطف مع تنظيم “الدولة الإسلامية.”

إن السلطات الأوزبكستانية مستعدة لبذل كل ما في وسعها لضمان إعادة مواطنيها كي يواجهوا “العدالة”، وإن السلطات الروسية راغبة تماماً في إجبارهم على ذلك.

جون دالهويسن

وغالباً ما يخشى أقرباء المعتقلين اللجوء إلى المحامين أو منظمات حقوق الإنسان طلباً للمساعدة، لأن قوات الأمن تهددهم باستمرار بأنها ستجعل حياة أحبائهم أكثر سوءاً إذا فعلوا ذلك.

وقال جون دالهويسن: ” إن السلطات الأوزبكستانية مستعدة لبذل كل ما في وسعها لضمان إعادة مواطنيها كي يواجهوا “العدالة”، وإن السلطات الروسية راغبة تماماً في إجبارهم على ذلك.”

وخلص إلى القول:”إنه يتعين على السلطات الأوزبكستانية والروسية وضع حد فوري لعمليات التعذيب والاختطاف، وتقديم جميع الجناة إلى ساحة العدالة بسبب ارتكاب تلك الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان.