أزمة اللاجئين العالمية: تحذير إلى قادة العالم الغني

بقلم الأمين العام لمنظمة العفو الدولية سليل شيتي

SalilShetty@

بعد جيل من الآن، ستعرض على تلاميذ المدارس صورة لطفل غريق في الثالثة من العمر ووجهه إلى الأسفل على الشاطئ.

وسوف ينظرون في صمت المصاب بالصدمة، مسمّرين في أماكنهم من حال هذا الولد، الذي كان يمكن بسهولة أن يكون أخاهم أو نسخة أصغر من أنفسهم. وسوف يخبرهم معلمهم كيف أن هذه الصورة المأساوية لحياة آلان الكردي المسلوبة تلخص العار التاريخي للعالم في عام 2015، عندما فشل المجتمع الدولي في مساعدة ملايين الأشخاص المستضعفين في خضم أسوأ أزمة للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية.

 والأمر متروك لقادة العالم – وخاصة لأولئك الموجودين على رأس أكبر وأغنى الاقتصادات – كيف سيقررون نهاية درس التاريخ هذا.

ماذا سيكون إرثهم للأجيال القادمة؟ وهل سوف يستمرون في ذرف دموع التماسيح بينما يستثمرون في تحصين حدودهم ويتجاهلون محنة ملايين اللاجئين؟

سليل شيتي، الأمين العام لمنظمة العفو الدولية سليل شيتي

 ماذا سيكون إرثهم للأجيال القادمة؟ وهل سوف يستمرون في ذرف دموع التماسيح بينما يستثمرون في تحصين حدودهم ويتجاهلون محنة ملايين اللاجئين؟ أم أنهم سوف يستردون بوصلتهم الأخلاقية، ويرتقون إلى مستوى مسؤولياتهم في مساعدة من تمس الحاجة لديهم ليتمتعوا بالحق في الحماية؟

ألان كان واحداً فقط من آلاف في جميع أنحاء العالم لقوا حتفهم هذا العام أثناء فرارهم من النزاعات والاضطهاد. وفي المأساة تلو المأساة التي تكسر القلب، جرفت جثثهم إلى الشاطئ، وعثر عليهم محشورين في قواربهم المنكوبة، أو اختفوا في أعماق البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجه وبحر أندامان، ليختفوا مرة واحدة وإلى الأبد.

 لقد تضخمت الأرقام في السنوات الأخيرة، حيث اتخذ عدد لا يحصى من الناس القرار المؤلم بترك كل ما هو عزيز عليهم في بلدانهم الأصلية والرحيل.

 ما يدفعهم ليس رغباتهم الأنانية، ولكن طلب السلامة لأنفسهم ولذويهم. دفعتهم الحرب والأعمال الوحشية والإرهاب في سوريا والعراق وأفغانستان، والنزاعات المتعددة في بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. واضطر الاضطهاد كثيرين غيرهم إلى ترك دول مثل إريتريا، حيث تواجه المعارضة بقبضة من حديد، وميانمار، حيث يواجه أفراد أقلية الروهينجا من المسلمين عقوداً من التمييز برعاية الدولة.

ولكن ذاكرتنا قصيرة. وسيضحي هذا النظام أشلاء ممزقة ما لم ينتبه قادة العالم للعبر من دروس التاريخ ويغيروا المسار الآن.

سليل شيتي

 لمثل هذه الحالات، على وجه الدقة، أنشأ النظام العالمي لحماية اللاجئين، في أعقاب الأهوال التي شهدتها الحرب العالمية الثانية.

 ولكن ذاكرتنا قصيرة. وسيضحي هذا النظام أشلاء ممزقة ما لم ينتبه قادة العالم للعبر من دروس التاريخ ويغيروا المسار الآن.

ففي حين هيمنت الزيادة في عدد اللاجئين الذين يصلون الاتحاد الأوروبي على عناوين الصحف في الأشهر الأخيرة، تتحمل البلدان الأكثر فقراً العبء الأكبر للتكيف مع أزمات اللاجئين المتعددة في العالم. وتستضيف تركيا والبلدان النامية بشكل رئيسي في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا 86 بالمائة من 20 مليون لاجئ في العالم.

بينما لا تفعل الدول الغنية ما يذكر للمشاركة في تحمل هذا العبء.

 وتعاني المناشدات الإنسانية للتصدي لأزمات اللاجئين بشكل مستمر – وغالباً بشدة – من نقص التمويل. وقد حذر أنطونيو غوتيريس، المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة، في سبتمبر/أيلول، من أن المناشدات الإنسانية العالمية كانت “مفلسة مالياً”. ولهذا تأثيره المدمر على حصول اللاجئين على الغذاء والدواء، وغيرهما من أشكال المساعدات الإنسانية.

وبدلاً من الاستجابة لهذا التحدي، ابتكر قادة العالم الغني طرقاً لإبقاء الناس خارج حدودهم، أو بعيداً عن شواطئهم، حيث يموت الآلاف في البحر أو يعانون ظروفاً مزرية خلف أسوار من الاسلاك الشائكة. وهذا هو الإفلاس الأخلاقي.

سليل شيتي

 وبدلاً من الاستجابة لهذا التحدي، ابتكر قادة العالم الغني طرقاً لإبقاء الناس خارج حدودهم، أو بعيداً عن شواطئهم، حيث يموت الآلاف في البحر أو يعانون ظروفاً مزرية خلف أسوار من الاسلاك الشائكة. وهذا هو الإفلاس الأخلاقي.

 ففي نهاية المطاف، تنتهي أزمات اللاجئين عندما تعالج أسبابها الجذرية. وينبغي على الدول أن تسعى إلى وضع حد للصراعات والانتهاكات المتفشية لحقوق الإنسان – ولكن هذه الأهداف صعبة المنال وتستغرق وقتاً طويلاً لتحقيقها.

ومع ذلك، ثمة أشياء يمكن لأغنى دول العالم القيام بها الآن للتخفيف من الآثار المدمرة لأزمات اللاجئين في العالم.

إن منظمة العفو الدولية تدعو إلى اتخاذ إجراءات متظافرة في ثمانية مجالات لها الأولوية. وتشمل هذه التمويل الكامل للمناشدات الإنسانية وإيجاد أماكن لإعادة توطين مليون من اللاجئين الأكثر ضعفاً – فأقل من عشر هذا الرقم تم توطينهم في العام الماضي. وهناك حاجة إلى طرق آمنة وقانونية لطلب اللجوء أيضاً حتى لا يضطر اللاجئون للشروع في رحلات محفوفة بالمخاطر.

وفي حين تظل الأزمة من الضخامة بالنسبة لكل دولة على حدة، يمكن للمجتمع الدولي، بل يجب عليه، أن يعمل بشكل جماعي لتقاسم مسؤولية إعادة توطين اللاجئين والترحيب بهم.

في الشهر المقبل سيجتمع قادة دول مجموعة العشرين في تركيا، البلد الذي ألقى البحر بالطفل آلان الكردي على شواطئه، والتي تستضيف حالياً أكثر من مليوني لاجئ – أكثر من أي دولة أخرى.

ولا ينبغي أن يغادر هؤلاء غرفة الاجتماعات قبل أن تكون بين أيديهم خطة ملموسة مع جداول زمنية واضحة لضمان التمويل الإنساني بصورة كاملة ومستمرة لأزمات اللاجئين المتعددة في العالم، ونظام لتقاسم مسؤولية توطين اللاجئين الأكثر ضعفاً في العالم. وأي شيء أقل من هذا سيكون فشلاً آخر للقيادة يضاف إلى أوجه الفشل السابقة.

 لقد فات الاوان على مساعدة آلان الكردي أو آلاف الغرقى آخرين الذين فقدوا حياتهم بالفعل. ولكن ما زال هناك وقت لتغيير مسار هذا الفشل الأخلاقي، والبدء بمساعدة ملايين اللاجئين اليائسين بمنحهم شريان جديد لحياة إنسانية.

إذا كان قادة العالم معنيين بإرثهم، فينبغي عليهم أن يفعلوا ذلك، اعتباراً من اليوم.

نشرت هذه المدونة أولا فى جلوبال بوست