جنوب أفريقيا: أوقفوا المسؤولين عن مقتل عمال المناجم في ماريكانا ومن قاموا بالتغطية عليهم

عشية الذكرى الثالثة لمقتل 34 من عمال المناجم المضربين على أيدي الشرطة بشكل غير مشروع، قالت منظمة العفو الدولية اليوم أنه يجب أن يتم فوراً وقف جميع الضالعين من عناصر جهاز شرطة جنوب أفريقيا في مقتل عمال المناجم في ماريكانا ومن قاموا بالتغطية عليهم لاحقاً بانتظار نتائج المزيد من التحقيقات في الواقعة.

ويتعين على الرئيس زوما كخطوة أولى أن يحرك إجراءات وقف مفوض جهاز الشرطة راياه بهيغا عن الخدمة.  فبعد ثلاث سنوات على الحادثة، لم يجر وقف ولو عنصر واحد من عناصر جهاز الشرطة ولم تتم محاسبة أحد منهم في هذا الإطار.

وبهذه المناسبة، قال مدير فرع منظمة العفو الدولية في جنوب أفريقيا، ديبروز موكينا: “مع تجاهل سلطات الشرطة للأدلة ضدهم التي أبرزتها نتائج تقرير لجنة فارلام، فمن الحيوي أن يظهر الرئيس زوما قيادة صارمة ويتخذ إجراءا ضد من يتربعون على قمة هرم القيادة في جهاز الشرطة”.

مع تجاهل سلطات الشرطة للأدلة ضدهم التي أبرزتها نتائج تقرير لجنة فارلام، فمن الحيوي أن يظهر الرئيس زوما قيادة صارمة ويتخذ إجراءا ضد من يتربعون على قمة هرم القيادة في جهاز الشرطة.

ديبروز موكينا، مدير فرع منظمة العفو الدولية في جنوب أفريقيا

وأضاف موكينا أن “الاكتفاء بأقل من هذا الإجراء كحدٍ أدنى من شأنه أن يؤدي إلى استمرار غياب المساءلة على عمليات القتل غير المشروع التي ارتكبتها الشرطة بتاريخ 16 أغسطس/ آب 2012 في ماريكانا.  ولا يمكن القبول باستمرار حرمان الضحايا وعائلاتهم من تحقيق العدالة”.

وكانت شرارة عملية الشرطة في 16 أغسطس/ آب 2012 قد انطلقت بفعل قرار اتخذه أحد كبار ضباط الشرطة في الليلة السابقة لتجريد المضربين من أسلحتهم وتفريقهم بالقوة على الرغم من المؤشرات الكثيرة على احتمال إراقة الدماء لو تم تنفيذ الأمر حينها.  ووصف تقرير لجنة التحقيق في أحداث ماريكانا (لجنة فارلام) الذي نُشر في يونيو/ حزيران 2015 قرار الضابط بالمتهور وغير المبرر واعتبرته اللجنة “السبب الحاسم” وراء مقتل العمال المضربين.

ومنذ البداية، حرصت الشرطة بشكل منهجي على إخفاء الأدلة وتزويرها وتضليل لجنة فارلام.  وتضمن تقرير اللجنة الكثير من الانتقادات لقيادات جهاز الشرطة في جنوب أفريقيا لا سيما مفوض (رئيس) الجهاز وذلك لإدلائهم بإفادات مراوغة وضلوعهم في إتلاف الأدلة وإخفائها وتلفيقها.

ودعت إحدى توصيات تقرير لجنة فارلام إلى تشكيل مجلس برئاسة أحد القضاة يتولى النظر في مدى أهلية مفوض الشرطة الحالي لشغل منصبه.  وينبغي على الرئيس زوما أن يستخدم صلاحياته لتشكيل هذا المجلس ووقف مفوض الشرطة عن الخدمة مؤقتاً بانتظار ظهور نتائج التحقيق في الأمر.  وينبغي أن يتيح ذلك المجال ويمهد الطريق أمام وقف ضباط آخرين عن الخدمة في سلك الشرطة لضلوعهم في الحادثةوالتغطية على المتورطين فيها، وسوف يقود ذلك إلى تيسير اتخاذ الإجراءات الانضباطية والتحقيقية الواردة في توصيات لجنة فارلام.

بعد مرور ثلاث سنوات، لا زال بالإمكان مشاهدة تبعات حادثة ماريكانا وهزاتها الارتدادية متجسدةً في حزن عائلات جميع الضحايا ومعاناة المصابين وتوق مواطني جنوب أفريقيا العاديين لتحقيق المساءلة.

ديبروز موكينا

ويُذكر أن الكثير من العائلات قد تضررت بمقتل ذويها يوم 16 أغسطس/ آب 2012 بشكل غير مشروع على أيدي عناصر الشرطة والمضربين في الأيام السابقة للواقعة.  ولا زالت العائلات يلفها الحزن على فراق ذويهم وأخبرت إحدى أفراد تلك العائلات منظمة العفو الدولية بما يلي: “من المؤلم جداً أن يكون هناك عدم يقين كبير حيال هوية الأطراف التي ينبغي محاسبتها على مقتل أزواجنا الذين ماتوا كالكلاب”.

وقال ديبروز موكينا: “بعد مرور ثلاث سنوات، لا زال بالإمكان مشاهدة تبعات حادثة ماريكانا وهزاتها الارتدادية متجسدةً في حزن عائلات جميع الضحايا ومعاناة المصابين وتوق مواطني جنوب أفريقيا العاديين لتحقيق المساءلة”.

واختتم موكينا تعليقه قائلاً: “يجب على الرئيس جيكوب زوما أن يتحرك الآن كي يكفل تنفيذ جميع التوصيات الرئيسية الصادرة عن لجنة فارلام.  ويجب جلب مرتكبي عمليات القتل التي وقعت في ذلك الأسبوع المروع للمثول أمام القضاء”.

خلفية

هدفت عملية الشرطة في ماريكانا بتاريخ 16 أغسطس/ آب 2012 إلى نزع سلاح المشاركين في أحد الإضرابات وتفريقهم واعتقالهم بعد أن اعتُبر تجمعهم مخالفاً للقانون في موقع منجم لونمين ماريكانا.

وقُتل في العملية 34 من عمال المناجم بعد أن فتحت الشرطة نيران أسلحتها عليهم وأُصيب 70 آخرون بجراحٍ خطيرة.  ولم يكن قرار القيادة المتخذ مساء يوم 15 أغسطس/ آب بتجريد المضربين من سلاحهم بالقوة نابعاً من أي تهديد شكله المحتجين في ذلك الوقت تحديداً.  كما إن القرار الآخر بنشر أعداد كبيرة من وحدات الشرطة مسلحين بأسلحة نارية وذخيرة حية لم يأت رداً على وجود تهديد لحياة أفراد الشرطة أو رغبةً في إنقاذ أرواح الآخرين أو حمايتهم.

وعليه فلقد جعلت تلك الاعتبارات أفعال الشرطة ذلك اليوم غير مشروعة وفق أحكام القوانين المحلية في جنوب أفريقيا التي تفرض على عناصر الأمن التصرف ضمن إطار الحد الأدنى من القوة، وحماية حياة الأشخاص واحترامها وفق معايير القانون الدولي.  ويُذكر أن مبادئ الأمم المتحدة الأساسية لاستخدام القوة والأسلحة النارية تقصر استخدام الأسلحة على الحالات التي تكون دفاعاً عن النفس في وجه تهديد وشيك بالموت أو التسبب بإصابات خطيرة، وفقط بعد أن يثبت عدم كفاية الأساليب الأقل قسوة.