قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يتعين على السلطات الكاميرونية أن تنهي فوراً الاعتقال غير القانوني الذي استمر ستة أشهر وطال 84 طفلاً- بعضهم لا يزيد عمره عن خمس سنوات- قبض عليهم أثناء إغارة بوليسية على مدارس لتعليم القرآن في أقصى شمال البلاد.
ففي 20 ديسمبر/كانون الأول، أغارت قوات الأمن على سلسلة من المدارس في بلدة تدعى غويرفيديغ، وقبضت على 84 طفلاً و43 رجلاً- بمن فيهم العديد من المعلمين. وجميع الأطفال، باستثناء ثلاثة منهم، دون سن 15، و47 منهم دون سن العاشرة. وتدعي السلطات أن المدارس كانت تستخدم كواجهة “لمخيمات التدريب التابعة لبوكو حرام”.
ورغم انقضاء ستة أشهر، ما برح الأطفال في مركز للأطفال في مروى، المدينة الرئيسية في الإقليم الشمالي، رغم عدم توجيه الاتهام إليهم بارتكاب أي جرم. وجراء عدم تخصيص السلطات المحلية موارد لهم، فقد قامت “اليونيسف” بتزويد المركز بالفرشات، بينما قدّم “برنامج الأغذية العالمي” ما يحتاجون من طعام، لكن مخزونه يتضاءل.
وتعليقاً على احتجاز الأطفال، قال ستيف كوكبيرن، نائب مدير البرنامج الإقليمي لغرب ووسط أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إنه “لمن الأمور التي لا يحتملها العقل احتجاز أطفال صغار كهؤلاء بعيداً عن أهاليهم لفترة بهذا الطول، ودون توفير الدعم الكافي لهم. فهم لا يستحقون أن يغدوا خسائر جانبية في الحرب ضد بوكو حرام.
لمن الأمور التي لا يحتملها العقل احتجاز أطفال صغار كهؤلاء بعيداً عن أهاليهم لفترة بهذا الطول، ودون توفير الدعم الكافي لهم. فهم لا يستحقون أن يغدوا خسائر جانبية في الحرب ضد بوكو حرام
ستيف كوكبيرن، نائب مدير البرنامج الإقليمي لغرب ووسط أفريقيا في منظمة العفو الدولية
“واعتقال أطفال صغار لن يساعد على حماية الكاميرونيين ممن تتهددهم بوكو حرام في شيء. بل يتعين على الحكومة أن تفي بوعدها باحترام حقوق الإنسان في قتالها ضد بوكو حرام، وعليها أن تفرج عن هؤلاء الأطفال حتى يمكن لم شملهم مع عائلاتهم دون تأخير.”
وقد عززت الكاميرون بصورة كبيرة من حضور قواتها الأمنية على مدار السنة الماضية في الإقليم الشمالي من البلاد، رداً على سلسلة من الهجمات الواسعة النطاق شنتها بوكو حرام على الأراضي الكاميرونية. وقد أعدم العديد من المدنيين أو اختطفوا خلال هذه الفترة.
ففي 20 ديسمبر/كانون الأول، أغلقت قوة مشتركة من الشرطة والدرك والجيش أحياء غويرفيديغ واقتحمت المدارس التي اتهمتها السلطات المحلية بتجنيد الأطفال لبوكو حرام. ولم يكن قد تم الإبلاغ عن أي هجمات على البلدة فيما سبق.
وذكر شهود عيان أنه أثناء حملة الإغارة على المدارس جرى تطويق الرجال والأولاد واحتجازهم، وظلوا لساعات ينتظرون في ساحة عامة قبل إكراههم على الصعود إلى الشاحنات. وظل الأطفال في حجز المقر الرئيسي للدرك لأربعة أيام قبل أن ينقلوا إلى مركز للأحداث يخضع لإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية. بينما نقل الرجال إلى سجن مروى المركزي، حيث لا يزالون رهن الاحتجاز في ظروف في غاية السوء.
وأبلغ أحد الأطفال باحثَ منظمة العفو الدولية بما حدث: “كنا نقرأ القرآن عندما اقتحمت قوات الأمن مدرستنا. طلبوا منا بطاقات هويتنا الشخصية واستجوبونا. قالوا إنهم سوف يحفرون قبرنا ويلقوننا فيه. كنا مرعوبين. ثم عاملوا معلمينا بخشونة، حتى أن الدماء كانت تغطي وجوه بعضهم”.
وطبقاً لشهادات شهود عيان جمعتها منظمة العفو الدولية، دخلت قوات الأمن بالقوة عدة بيوت أيضاً وصادرت موجودات وطلبت رشاوى من الأهالي. وشاهد أحد الآباء أشخاصاً يعطون النقود إلى قوات الأمن لتأمين الإفراج عن أبنائهم الذين قبض عليهم. وقال: “ذاك اليوم، لم تكن لدي أي نقود وأخذوا ابني”.
وتعرض عدد من الرجال للضرب أثناء القبض عليهم، بمن فيهم معلم قرآن يبلغ من العمر 39 وانهالت عليها الضربات بعقب بندقية حتى راح يتقيأ دماً. والتقته منظمة العفو الدولية في السجن في مروى. ولم يكن قادراً على إبقاء رأسه في وضع مستقيم وكان بحاجة إلى من يسنده وهو يمشي. ونقل إلى المستشفى للعلاج من داء “التدرن الرئوي”، ولكنه لم يتلق أي علاج بعد للجروح التي لحقت به أثناء اعتقاله.
وقد أثار باحثو منظمة العفو الدولية قضية الأطفال المحتجزين بصورة مباشرة مع سلطات كاميرونية مختلفة. وبينما تعترف معظمها بأن الأطفال لا يشكلون أي تهديد، إلا أن أياً منها لم يبد استعداداً لتحمل مسؤولية تسهيل الإفراج عنهم وإعادة إدماجهم مع أهاليهم، ما يترك الأطفال في ضياع تام.
إن منظمة العفو الدولية تدعو إلى إخلاء سبيل جميع الأطفال دون سن 15 فوراً وإعادتهم إلى أهاليهم، وإما الإفراج عن من هم فوق سن 15 فوراً أو توجيه تهم معترف بها إليهم. فسن 15 هو سن الحد الأدنى للمسؤولية الجنائية طبقاً “للميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب”، والكاميرون دولة طرف فيه.
كما تدعو منظمة العفو الدولية السلطات الكاميرونية إلى فتح تحقيق مستقل في حملة الاعتقالات الجماعية وما تلاها من احتجاز للأشخاص في غويرفيديغ، وكذلك إلى ضمان محاكمات عادلة وظروف إنسانية في السجن للرجال الذين جرى احتجازهم في العملية نفسها.