الأمم المتحدة: العفو الدولية تصف الفيتو الروسي الصيني لعرقلة قرار إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية “بالإجراء القاسي”

صرحت منظمة العفمو الدولية أن كلا من روسيا والصين قد أظهرتا القسوة والاستخفاف بوقوع عدد لا يُحصى من ضحايا الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في سورية، وذلك باستعمالها حق النقض (الفيتو) للحيلولة دون صدور قرار عن مجلس الأمن ينص على إحالة ملف الأوضاع في سورية إلى مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية.

وفي معرض تعليقه على الإجراء الروسي الصيني، قال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، فيليب لوثر: “يُعد الفيتو الروسي الصيني خطوة سياسية قاسية تخذل معاناة الناس في سورية.  ولو لم تتم عرقلة صدور القر لتسنى للمحكمة الجنائية الدولية التدخل للتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع، ولتكفل حينها بإرسال رسالة هامة مفادها عدم إمكانية الإفلات من العقاب على ارتكاب هذه الجرائم المروعة”.

وأضاف لوثر قائلا: “لقد أُهدرت فرصة هامة لتحقيق العدالة.  وها هي روسيا والصين تعاودان خذلان الشعب السوري من أجل إنقاذ تحالفاتها السياسية، وأخفق أعضاء مجلس الأمن بتوحيد مواقفهم من أجل تحقيق العدالة الدولية لصالح ملايين المدنيين الذين يعانون ويلات هذا النزاع.  ولا يقتصر خطر هذه الخطوة على زيادة جرأة مرتكبي الجرائم مع إفلاتهم من العقاب وحسب، بل إنها تشكل علامة دالة على خذلان المجتمع الدولي للسوريين مرة أخرى”.

فقد قامت روسيا  الصين منذ بداية الأزمة باستخدام حق النقض في الحيلولة دون صدور قرارات حاصة بسورية في ثلاث مناسبات مختلفة داخل مجلس الأمن.

ولقد كشف الإخفاق الأخير العيوب التي تشوب آلية اتخاذ القرار داخل مجلس الأمن، ويشكك بشكل جدي في مدى قدرته على منح المدنيين بارقة أمل حقيقية على صعيد تحقيق العدالة وكشف الحقيقة وإنصاف ضحايا النزاع في سورية.

واستغرق الأمر مجلس الأمن حوالي ثلاث سنوات كي يصدر القرار الأممي الأول الخاص بسورية بهدف التصدي للأزمة الإنسانية الكارثية التي تكشفت فصولها في ذلك البلد.  وعقب صدوره في فبراير/ شباط 2014، دعا القرار 2139 إلى السماح فورا بدخول المساعدات الإنسانية إلى سورية، ووقف ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان.  وبعد شهرين على صدوره، لا زال هناك الكثير من الاستخفاف ببنود هذا القرار.

وتهيب منظمة العفو الدولية بالأمم المتحدة كي تقوم بتحرك ملموس من قبيل فرض عقوبات موجهة على جميع الأطراف التي تتقاعس عن تنفيذ بنود القرار على أرض الواقع.

وعلى الرغم من رفع الحصار عن المدينة القديمة في حمص في وقت سابق من الشهر الحالي، والتحسن الطفيف الذي طرأ على توفير المساعدات الإنسانية، فلا زال الكثير من المدنيين الآخرين يرزحون تحت الحصار.  ووفق ما توصلت إليه البحوث التي قامت منظمة العفو الدولية بها، ثمة زهاء 20000 مدني لا زالوا تحت الحصار في مخيم اليرموك جنوبي دمشق، حيث لقي أكثر من 260 شخصا حتفهم جراء الحصار منذ تشديده في يوليو/ تموز 2013.  وتُوفي 70 من هؤلاء بعد صدور قرار مجلس الأمن في 22 فبراير/ شباط 2014.

ولقد استمر ارتكاب ممارسات من قبيل الحجز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب والوفاة في الحجز – بما في ذلك الحجز في حجز الجماعات المسلحة.  ولم يتم حتى الساعة الامتثال لبند القرار الذي يدعو إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين والمختطفين تعسفا، بما في ذلك سجناء الرأي.

وقال فيليب لوثر: “إن تكرار تقاعس مجلس الأمن عن التخفيف من معاناة المدنيين السوريين قد ألحق أضرار كبيرة بمصداقيته، ويقوض من مستوى الثقة في قدرته على الاستجابة للانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان”.

واختتم لوثر تعليقه قائلا: “ومن أجل استرداد أي شكل من أشكال الأدوار الفعالة في مكافحة الإفلات من العقاب وانتهاكات حقوق الإنسان في سورية، يتعين على أعضاء مجلس الأمن تصعيد جهودهم بشكل ملموس من أجل تنفيذ أحكام القرارات الصادرة، ورفض تسيييس عملية إصدارها، وتوحد الجميع من أجل مراعاة احترام حقوق الإنسان”.