أعلنت سويسرا إلغاء مؤتمر الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقيات جنيف، الذي كان مقررًا عقده استجابةً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2024، بشأن تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة في الأرض الفلسطينية المحتلة، وذلك بسبب عدم توافق الآراء بين الأطراف المشاركة. وتعقيبًا على ذلك، صرّحت أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية:
“إنّ إخفاق الدول في الوفاء بالتزاماتها بتنفيذ اتفاقيات جنيف في الأرض الفلسطينية المحتلة يُمثّل انتكاسة أخرى للقانون الدولي الإنساني، وخيانةً لضحايا القتل غير المشروع والانتهاكات الجسيمة الأخرى للقانون الدولي الإنساني، التي تُرتكب في الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل”.
“من خلال التقاعس عن التزامها بواجبها القانوني بضمان احترام اتفاقية جنيف الرابعة، تُقدّم الدول مصالحها السياسية على التزاماتها القانونية بحماية المدنيين في أوقات الحرب، حتى في ظلّ انتهاكات إسرائيل الجسيمة للاتفاقية وانتهاكاتها الخطيرة الأخرى للقانون الدولي الإنساني في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، إضافةً إلى الإبادة الجماعية التي ترتكبها في قطاع غزة”.
بدلًا من إثبات التزامها بحماية حقوق الإنسان وضمان احترام القانون الدولي، تخلّت الدول بقسوة ولا مبالاة عن فرصة حاسمة للاتفاق على تدابير جوهرية من شأنها تطبيق القانون الدولي الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة، ما يعكس لامبالاة صادمة بمصير جميع المدنيين.
أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية
“وبدلًا من إثبات التزامها بحماية حقوق الإنسان وضمان احترام القانون الدولي، تخلّت الدول بقسوة ولا مبالاة عن فرصة حاسمة للاتفاق على تدابير جوهرية من شأنها تطبيق القانون الدولي الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة، ما يعكس لامبالاة صادمة بمصير جميع المدنيين، وخاصة الفلسطينيين، إذ أقدمت إسرائيل مجددًا على منع دخول جميع المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بينما تواصل تهجير آلاف الفلسطينيين قسرًا في الضفة الغربية المحتلة”.
“يُعدّ هذا الإخفاق بمثابة إدانة لجميع الدول الأوروبية التي ما فتئت تدّعي لعدة أسابيع تمسّكها بالقانون الدولي والنظام القائم على سيادة القانون في سياق الصّراع الأوكراني، لكنها تفشل مجددًا في ترجمة أقوالها إلى أفعال، مما يسهم في تدمير ما تبقى من القيم الدولية والعالمية”.
“عكست مسودة البيان التي وزّعتها سويسرا على الدول المشاركة، بعد عملية اتّسمت بعدم الشفافية، فشلًا ذريعًا في تلبية المطالب الأساسية لاحترام القانون الدولي الإنساني، كما أنها تجاهلت بشكلٍ مخزٍ الرأي الاستشاري الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في يوليو/تموز 2024، والذي أكّد على عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة، والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية”.
“يقتضي الحدّ الأدنى من ضمان احترام اتفاقيات جنيف أن تعلّق جميع الدول صفقات نقل الأسلحة لأطراف النزاع، وأن تتعاون لضمان المساءلة عن انتهاكات القانون الدولي، كما يستوجب دعم المؤسسات والآليات الدولية، بما في ذلك التحقيقات التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية ولجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن الأرض الفلسطينية المحتلة”.
خلفية:
في سبتمبر/أيلول 2024، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى عقد مؤتمر يضمّ الأطراف السامية المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة، وفوّضت سويسرا بتنظيمه بصفتها الدولة الراعية لاتفاقيات جنيف. كان من المقرر أن يتولى مؤتمر الأطراف السامية المتعاقدة لعام 2025 مهامًا تركز على “الإجراءات اللازمة لإنفاذ اتفاقيات جنيف في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وضمان احترامها، وذلك وفقًا للمادة رقم 1 المشتركة في اتفاقيات جنيف الأربعة”.
ولكن عشيّة انعقاد المؤتمر، أعلنت سويسرا إلغاءه، وعزت ذلك إلى “خلافات عميقة بين الأطراف السامية المتعاقدة”. وفي بيانٍ صدر عن منظمة التعاون الإسلامي تعليقًا على إلغاء المؤتمر، انتقدت المنظمة مسودة البيان، معتبرةً أنها “فشلت في الوفاء بالالتزامات المتفق عليها”، وأنها “لم تعكس خطورة الوضع”. وفي وقتٍ سابق من الأسبوع، أعلنت إسرائيل عدم مشاركتها في المؤتمر المقرر عقده، وحثّت باقي الدول على الامتناع عن الحضور.