قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يجب على المجتمع الدولي استخدام جميع الوسائل الدبلوماسية المتاحة لمنع السلطات الإيرانية من بتر أصابع ثمانية رجال أُدين ثلاثة منهم، على الأقل، استناداً إلى “اعترافات” مشوبة بالتعذيب، إثر محاكمات بالغة الجور.
ووفقًا للمعلومات التي حصلت عليها منظمة العفو الدولية، أبلغت السلطات الرجال بأنهم سينقلون، في الأيام المقبلة، إلى سجن لديه مقصلة لتنفيذ الأحكام الصادرة بحقهم.
وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية: “إن بتر أصابع السجناء يُعدّ شكلاً من أشكال التعذيب، كما أنّه تذكير إضافي صادم بالوحشية المشينة لنظام العدالة الجنائية في إيران الذي يشرّع التعذيب، وهو جريمة بموجب القانون الدولي. لا يحقّق تنفيذ مثل هذه العقوبات المروعة العدالة، إنما هو اعتداء مقيت على كرامة الإنسان. ويجب على السلطات الإيرانية إلغاء أحكام الإدانة وبتر الأطراف بحق هؤلاء الرجال الثمانية فوراً، وإعادة محاكمتهم محاكمات عادلة من دون اللجوء إلى عقوبات بدنية”.
“وندعو المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوقف تنفيذ هذه الأحكام، وإلى دعوة السلطات الإيرانية إلى إلغاء جميع أشكال العقوبة البدنية. فمن غير المقبول أن تواصل السلطات في إيران ارتكاب مثل هذه الأعمال الإجرامية الوحشية مع الإفلات من العقاب”.
ويُحتجز الرجال الثمانية جميعهم حالياً في سجن طهران المركزي الكبير. ونُقل هادي رستمي ومهدي شرفيان ومهدي شاهيوند – من سجن أوروميه، محافظة أذربيجان الغربية، في 15 مايو/أيار 2022، استعداداً لتنفيذ الأحكام الصادرة بحقهم. من بين السجناء الخمسة الباقين، تم تحديد اسم واحد، وهو يعقوب فاضلي، لكن لم تتمكن منظمة العفو الدولية من الحصول على أسماء الرجال الآخرين. وأدين الثمانية جميعهم بجريمة السرقة، وحكم عليهم ببتر أصابعهم. وتعلم منظمة العفو الدولية أن الأحكام الصادرة بحق جميع الرجال قد أيدتها المحكمة العليا، وأُرسلت إلى مكتب تنفيذ الأحكام. وهذا يعني أنه يمكن تنفيذ الأحكام الصادرة بحقهم في أي وقت.
في 8 يونيو/حزيران 2022، أبلغت النيابة الرجال أنه سيتم نقلهم إلى سجن إيفين بطهران أو سجن رجائي شهر في كرج، محافظة ألبرز، لتنفيذ الاحكام الصادرة بحقهم، لكن تم تأجيل عملية النقل في اللحظة الأخيرة لأسباب غير معروفة. يأتي ذلك وسط تقارير من نشطاء حقوقيين في إيران تفيد بإحضار مقصلة إلى العيادة الطبية بسجن إيفين الشهر الماضي، وأنه في 31 مايو/أيار 2022، بترت سلطات السجن أربعة أصابع لسجين نُقل إلى هناك من سجن ديزل أباد بمحافظة كرمانشاه لتنفيذ الحكم الصادر بحقه.
إن بتر أصابع السجناء يُعدّ شكلاً من أشكال التعذيب، كما أنّه تذكير إضافي صادم بالوحشية المشينة لنظام العدالة الجنائية في إيران الذي يشرّع التعذيب، وهو جريمة بموجب القانون الدولي
ديانا الطحاوي، منظمة العفو الدولية
تشكل العقوبات اللاإنسانية مثل بتر الأطراف تعذيباً، وهو جريمة بموجب القانون الدولي، ومحظور بموجب المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وإيران دولة طرف فيه. وإيران ملزمة قانوناً بحظر التعذيب ومعاقبة مرتكبيه في جميع الظروف، ومن دون استثناء.
على الرغم من ذلك، ينص قانون العقوبات الإسلامي الإيراني أيضاً على عقوبات بدنية أخرى تصل إلى حد التعذيب، بما في ذلك الجلد، وسمل العينين، والصلب، والرجم.
واختتمت ديانا الطحاوي قائلة: “لمنع مثل هذا التعذيب الذي تقره الدولة، وإتاحة سبل الإنصاف للضحايا، ندعو جميع الدول إلى ممارسة الولاية القضائية العالمية، حيثما أمكن، للتحقيق مع المسؤولين الإيرانيين، بما في ذلك المهنيين الطبيين، المسؤولين عن إصدار الأوامر بتنفيذ أعمال تعذيب، أو ارتكابها أو المساعدة فيها و/أو التحريض عليها، مثل بتر الأطراف، وفي حالة توفر أدلة كافية مقبولة، إصدار أوامر اعتقال والسعي إلى مقاضاتهم”.
خلفية
في 29 مايو/أيار 2022، أضرب كل من هادي رستمي ومهدي شاهيوند عن الطعام احتجاجاً على الأحكام الصادرة بحقهما. وفي 2 يونيو/حزيران 2022، أنْهيا إضرابهما عن الطعام بعد أن أكد لهما المسؤولون أنه سيتم العفو عنهما.
ومُنع كل من هادي رستمي ومهدي شرفيان ومهدي شاهيوند من الاتصال بالمحامين أثناء مرحلة التحقيق في قضاياهم، واستندت المحاكم إلى “اعترافات” قسرية تم الحصول عليها تحت وطأة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة لضمان إداناتهم، على الرغم من تراجع المتهمين عن تلك “الاعترافات”، خلال محاكماتهم. ولم تأمر السلطات القضائية بإجراء تحقيق في مزاعم تعرضهم للتعذيب. ووفقًا لأحكام المحكمة التي اطلعت عليها منظمة العفو الدولية، فقد حُكم عليهم بـ “ببتر كلّي لأربعة أصابع من أيديهم اليمنى، بحيث لا يتبقى سوى الكفّ والإبهام”، وفقًا للعقوبة المنصوص عليها لبعض أنواع السرقة بموجب قانون العقوبات الإسلامي الإيراني.
وقد أوقفت السلطات الإيرانية خططها لتنفيذ الأحكام الصادرة بحق هادي رستمي ومهدي شرفيان ومهدي شاهيوند في سبتمبر/أيلول 2020، بعد ضغوطات دولية. في فبراير/شباط 2021، تم جلد هادي رستمي 60 جلدة في السجن بعد إدانته بـ “الإخلال بالنظام في السجن” انتقاماً من احتجاجه السلمي، بما في ذلك إضرابه عن الطعام، ضد ظروف سجنه غير الإنسانية والتهديدات المتكررة بإنزال عقوبة بتر الأطراف بحقه وشيكًا. وقد حاول الانتحار مرتين في السجن، مما أدى إلى إصابته بمضاعفات صحية خطيرة.