أثار اختيار العاصمة الأنغولية لواندا لتكون نقطة البدء للاحتفال “باليوم العالمي للإسكان” جدلاً واسعاً في أوساط المنظمات المعنية بقضايا السكن ومنظمات حقوق الإنسان. وقد بعثت كل من منظمة العفو الدولية و”المركز المعني بعمليات الإجلاء وحقوق السكن” و”الائتلاف العالمي من أجل الإسكان” ومنظمة “هيومن رايتس ووتش” برسالة مشتركة إلى المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، والذي يتولى تنظيم الاحتفال، أعربت فيها عن قلقها بشأن اختيار مكان الاحتفال. وكانت الحكومة الأنغولية قد نفذت مراراً عمليات إجلاء قسري لأعداد كبيرة من السكان من أجل إفساح المجال لبعض مشاريع التنمية الحضرية والإسكان الفاخر، مما أدى إلى ترك مئات الآلاف من السكان يعيشون في فقر. كما وقعت انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان في سياق عمليات الإجلاء القسري هذه، بما في ذلك القبض والاحتجاز بصورة تعسفية والتعذيب وسوء المعاملة فضلاً عن مضايقة المدافعين عن حقوق الإنسان. ويُذكر أن الأمم المتحدة تنظم “اليوم العالمي للإسكان” من أجل رفع الوعي بالحق الإنساني المتمثل في توفير مأوى ملائم لجميع البشر، ولتذكير العالم بمسؤوليته الجماعية عن مستقبل الإسكان البشري. ويُعرف هذا اليوم عموماً باسم “اليوم العالمي للإسكان وحقوق الأرض”، ويتم الاحتفال به كل عام منذ عام 1986 في يوم الاثنين الأول من شهر أكتوبر/تشرين الأول. وفي العام الماضي، أُجريت الاحتفالات الرئيسية في مدينة لاهاي، بينما انطلقت الاحتفالات في الأعوام السابقة من مدن عدة مثل نابلس وجاكرتا ونيروبي ودبي. وسوف يُقام الاحتفال العالمي في أنغولا في “مركز تالاتونا الدولي للمؤتمرات”، وتشارك فيه شخصيات محلية ودولية من مختلف القطاعات، من بينهم ممثلون لحكومات وبلديات ونواب برلمانيون وممثلون للقطاع الخاص. وقد أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها بشأن استبعاد هيئات المجتمع المدني من احتفال الأمم المتحدة. وسوف تُقام أيضاً احتفالات في شتى أنحاء العالم. وسوف يكون موضوع الاحتفال هذا العام هو “المدن المتوائمة، والتي يتم فيها “تحقيق حس الانتماء بين مختلف الثقافات ومختلف الأفراد”، حسبما جاء في بيان نُشر على موقع “برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية”. ومضى البيان قائلاً إن الأمم المتحدة اختارت هذا الموضوع “بغية زيادة الوعي فيما يتعلق بالمشاكل الناجمة عن عملية التحضر المتسارع، وأثرها على البيئة، ونشوء الأحياء الفقيرة، وإضفاء الصبغة الحضرية على ظاهرة الفقر في ظل تدفق أعداد متزايدة من الأفراد إلى المدن والبلدات ضمن سعيهم للحصول على حياة أفضل”. وأضاف البيان قائلاً: “في زمن حيث يقطن أكثر من نصف البشرية ولأول مرة في المدن والبلدات، فإن السعي لتوفير المأوى الملائم للجميع، إلى جانب توفير الخدمات الأساسية كإمدادات المياه، والصرف الصحي، والكهرباء، والرعاية الصحية اللائقة، والشوارع الآمنة، وما إلى ذلك، قد بات يشكل إلحاحاً أكثر من أي وقت مضى، لاسيما في البلدان النامية”. ومضى البيان يقول: “مما لا شك فيه على الإطلاق، فإن المدن تُعد ذات أكبر أثر على كل من البيئة وظاهرة التغير المناخي. علاوةً على ذلك، فإن سكان هذه المدن سيكونون الفئة الأكثر تضرراً في حال ضعف إدارة المدن وضعف هياكلها الإدارية”. وقد اختيرت لواندا موقعاً لانطلاق الاحتفالات هذا العام بغرض إظهار “كيفية نجاح دولة في أعقاب أعوام من الصراع وتقدمها في إنشاء المدن المتوائمة من خلال إدخال تحسينات على الهياكل الأساسية والخدمات في المناطق الحضرية، وكذلك من خلال إنشاء إستراتيجية جديدة للتنمية الحضرية”. وقد ذكرت منظمة العفو الدولية والمنظمات الأخرى التي شاركت في توجيه الرسالة أنها “تقر بالجهود التي يبذلها بعض أعضاء الحكومة الأنغولية من أجل تعزيز مزيد من المشاركة العلنية والإدارة اللامركزية، وكذلك بالخطوات الرامية إلى تعزيز الاعتراف بالحق في المأوى الملائم، من خلال سن قوانين خاصة بالأرض والسكن، وإقامة مشروع سكني لتوفير مساكن شعبية للشباب في البلاد. إلا إن مثل هذه الممارسات الطيبة لم تترسخ، على ما يبدو، كما أنها لا تتمتع بالدعم الكافي من جانب واضعي السياسات في أنغولا”. ومضت الرسالة تقول إنه “ما لم تتخذ أنغولا الخطوات الضرورية لمعالجة الانتهاكات للحق في المأوى الملائم وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان في سياق عمليات الإجلاء القسري التي تمت على نطاق واسع، فإنه من غير الملائم وضع أنغولا كمثال يُحتذى وكبؤرة للاهتمام في احتفالات “اليوم العالمي للإسكان”، لأن ذلك يمثل إهانة من جانب حكومة أنغولا و”برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية” لمعاناة الآلاف من سكان أنغولا الذين تضرروا من عمليات الإجلاء القسري”. ودعت المنظمات الموقعة على الرسالة “برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية” لاستغلال الاحتفال بمناسبة “اليوم العالمي للإسكان” في لواندا من أجل حث حكومة أنغولا على الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، واتخاذ خطوات فعالة على وجه السرعة لوقف عمليات الإجلاء القسري ومنعها”.