طلاب ومعلمون أمام الكاميرا لالتقاط صورة لهم في مولدوفا

مولدوفا: مسابقة حقوق الإنسان تغير اتجاهات الأشخاص

يراقب الطلاب في مولدوفا حقوق الإنسان في مدارسهم ويرصدونها كطريقة لتعلم المزيد عن حقوقهم، ولمساعدة مدارسهم على أن تكون صديقة لحقوق الإنسان

فالطلاب في شتى أنحاء مولدوفا يتابعون التربية على حقوق الإنسان ويتعلمون كيف يمكن أن يغير ذلك حياتهم اليومية، بفضل “المسابقة الوطنية لحقوق الإنسان”، وهي مبادرة خلاّقة تتيح لهم الفرصة كي يستكشفوا حقوقهم، وتبادل الأفكار فيما بعد حول أفضل الطرق التي يمكن للمكلفين بالمهمة أن يؤدوا واجبهم على أحسن وجه.

 وتهدف المسابقة، التي نظمها الفرع المولدوفي لمنظمة العفو الدولية سوية مع “مركز معلومات حقوق الطفل”، إلى انخراط الأطفال في حقوق الإنسان، وتربيتهم على ممارسة حقوقهم وعلى كيفية احترام هذه الحقوق في مدارسهم وفي مجتمعاتهم المحلية. وهي جزء من منهاج المدارس الصديقة لحقوق الإنسان، وتعليم أفراد المجتمع المدرسي كيف يطالبون بحقوقهم.

في صيف كل عام، يقدم الفرع المولدوفي لمنظمة العفو الدولية مواد تدريبية للصبيان والبنات للتربية على حقوق الطفل، وعلى سبل المشاركة في مراقبة حقوق الإنسان والإبلاغ عن واقعها. ثم تختار مجموعات تضم حوالي عشرة طلاب حقاً بعينه لدراسته، ومراقبته خلال السنة المدرسية. وفي الأشهر التالية، يتعلم الأطفال المزيد بشأن حقوق الإنسان، سواء في دروس التربية المدنية أو في المواد التعليمية الاختيارية للتربية على حقوق الإنسان. كأن يقوموا بمراقبة تنفيذ الحق الذي يختارون عبرمؤشرات خاصة بهذا الحق يقومون بوضعها بأنفسهم، ويقدمون، في نهاية المطالف، تقريراً إلى المكلفين بالمهمة من طلائعهم حول ذلك. وفي الختام، يلتقي الطلاب من جميع أنحاء البلاد في شيزاناو، في مايو/أيار للمشاركة في المسابقة، المعروفة بصورة غير رسمية باسم “الألعاب الأولمبية للتربية المدنية والتربية على حقوق الإنسان”.

وتتكون المسابقة من مرحلتين، إقليمية ووطنية. وليس هناك حد لعدد المجموعات المشاركة على المستوى الإقليمي، أو أي مجموعة من المدارس تستطيع الحضور. وتختار الدوائر الإقليمية ذات الصلة أفضل التقارير للانتقال إلى المستوى الوطني. حيث تقسم المجموعات إلى مستويين: “الجيمنازيوم” (12-15 سن من العمر) و”الليسيوم” (16-18 سنة).ويمكن لما يصل عدده إلى 20 من الفرق لكل مستوى الوصول إلى النهائيات الوطنية.

طلاب يقدمون مشروعهم أمام الجمهور أثناء المسابقة © Child Rights Information Centre
طلاب يقدمون مشروعهم أمام الجمهور أثناء المسابقة © Child Rights Information Centre

ثم يتخذ فريق من القضاة المحلفين من أعضاء المجتمع المدني وممثلون عن وزارة التربية والتعليم وممثلون عن القطاع الأكاديمي القرارات بشأن الفائزين، استناداً إلى معايير متنوعة: مدى تطور المؤشرات الموضوعة لمراقبة الحقوق؛ المجموعة المستهدفة المتأثرة بالحق؛ والتحديد المناسب للقانون الوطني والدولي الذي يحمي الحق موضوع المتابعة، والمكلفين بالمهمة ذوي الصلة بالحق نفسه وصياغة التوصيات ورفعها للمكلفين بالمهمة

وقد ساعدت “المسابقة الوطنية لحقوق الإنسان”، التي أجريت للمرة الأولى في 2013، الطلاب في شتى أنحاء البلاد على حل مشكلات متنوعة وتحسين مستوى الحياة في مدارسهم. وكانت المجموعة الفائزة في 2017، وهي مجموعة لمنظمة العفو من سيركوفا، قد تبنت مشروع مراقبة الأمن المروري أمام مدارسها. وكانت تبلغ ملاحظاتها إلى المكلفين بالمهمة وإلى دائرة الشرطة في المنطقة، ولم تكن هناك لا خطوط عبور مائلة ولا إشارات أو شارات مرور توحي بأن هناك مدرسة في الجوار. وقد شرعت الشرطة، عند تلقيها التقرير، في تثبيت إشارات المرور اللازمة.

أما الفائز هذا العام، فكان فريق من مدينة بالطي، تولى مراقبة الحق في الصحة والصرف الصحي في المدينة. حيث ركز الطلاب على مستوى جودة الطعام المقدم إلى الأطفال في المدارس، كما ركزوا على متابعة ما إذا كان الطلاب على معرفة جيدة بالأكل الصحي. وأظهر تقريرهم أن 44% من الأطفال يقبلون على الوجبات السريعة، ولا يعرفون عن مخاطرها. وأوصوا إدارة المدرسة بتزويد الطلاب بمعلومات أكثر حول الوجبات الصحية، وبضمان أن يكون الطعام المقدم في مقصف المدرسة صحياً أكثر. واستجابة لذلك، قامت إدارة المدرسة بتعيين مساعد طبي لمراقبة الأطعمة التي تقدم. كما تم تعليق ملصقات في مختلف أنحاء المدرسة حول الوجبات الصحية وتناولها ومخاطر الوجبات السريعة.  

طلاب في انتظار التقاط صورة لهم عقب تقديمهم مشروعهم © Child Rights Information Centre
طلاب في انتظار التقاط صورة لهم عقب تقديمهم مشروعهم © Child Rights Information Centre

تقول مدرِّسة التربية على حقوق الإنسان في بالطي، ديانا غالنتون، إن الأطفال لم يعودوا، بفضل التربية على حقوق الإنسان، “متلقين سلبيين” وإنما أصبحوا “مواطنين نشطين يدافعون عن حقوقهم وعن حقوق الآخرين”. وتضيف أن المسابقة “تعني المشاركة، ما يعني طلاباً نشطين، وبالتالي مدافعين عن حقوق الإنسان في المستقبل”.

ويوافق المعلمون والطلاب الآخرون على الدور الذي تعلبه المسابقة في الحياة المدرسية” فالطالبة نيكوليتا ألوينيك تعتبر المسابقة “أداتنا للتغيير، سواء في مجتمعاتنا أو بالنسبة لأنفسنا”. وتشير إلى أنه وبفضل هذه المبادرة، فقد “تمكنا من تغيير نظرة المكلفين بالمهمة تجاهنا”. وتشعر هي نفسها بالتغيير: “لقد اكتسبت مهارات جديدة للتواصل والبحث، وكذلك زادت ثقتي بنفسي”. وهذا شعور تشاركها فيه الطالبة سفيتلانا بوسويك، التي تقول إنها تشعر “أكثر أمانا أثناء القيام بالأنشطة لأنني أعرف ما هو حق وما هو ليس كذلك”. وتمدح بوسويك المسابقة لأنه بفضلها “جعلنا إدارة المدرسة تستمع إلى أصواتنا بصورة أفضل فيما يخص المشكلات التي يمكن حلها”.

 وتعتقد ماريا بيسيريغا، وهي طالبة أيضاً، أن دراسة حقوق الإنسان تساعد على “أن نشكل أنفسنا ونصبح أكثر ثقة”. وتقول بيسيريغا إن التعلم بشأن حقوق الإنسان ساعدها على المبادرة وعلى أن تتجرأ وتدافع عن زميلة أخرى تعاني من اضطرابات عقلية عندما تعرضت للمضايقة: “لم أستطع تجاهلها. قمت بتنظيم جلسة تبادل معلومات مع الطالبات، بمن فيهن تلك التي تطلق النكات عليها، وأوضحت لهن أهمية المساواة في الحقوق”. قالت إنها لاحظت، بعد المسابقة، “تغيرات محددة في بيئة مدرستنا”. وتقول إن الأمور أصبحت الآن “أكثر أمانا للجميع وأن الطالبات يتحدثن بثقة أكبر عندما بعبرن عن أفكارهن”.

تقول ناتاليا سيبوتاري، معلمة التربية على حقوق الإنسان، إن المسابقة “فرصة مواتية للأطفال كي يشاركوا في الأنشطة الاجتماعية”، وتضيف أنها تتيح لهم “أن يشعروا بحقوق الإنسان ويطوروا علاقات إيجابية مع الآخرين المختلفين عنهم مثل الزملاء القادمين من مجتمعات أخرى أو المكلفين بالمهمة”. وتشير إلى أن الطلاب، وعلى نحو خاص، “يتعلمون أنه لا بد من أجل تحقيق التغيير الانخراط مع الآخرين والمبادرة بالتحرك”.