تونس

لا تتخذ منظمة العفو الدولية أي موقف من قضايا السيادة أو النزاعات الإقليمية. وتستند الحدود على هذه الخريطة إلى بيانات الأمم المتحدة الجغرافية المكانية.
العودة. تونس

تونس 2022

واصل الرئيس قيس سعيِّد بذل الجهود لتركيز السلطة في يديه بعد هيمنته على السلطة في عام 2021. وأصدر كذلك مراسيم لتفكيك ضمانات مؤسسية أساسية لحقوق الإنسان، فهاجم بصورة خاصة استقلال القضاء والحق في حرية التعبير. واستخدمت السلطات القوة غير المشروعة لتفريق محتجين، واستهدفت شخصيات بارزة من منتقدي الرئيس والأعداء المُفترضين له بالملاحقة القضائية والاحتجاز التعسفي. وهُدّد الحق في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. وأدى مرسوم بتعديل قانون الانتخابات إلى إلغاء اجراءات تشريعية تقضي بتعزيز مشاركة النساء في البرلمان. واستمرت تونس في تجريم العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي بين البالغين.

خلفية

في 18 فبراير/شباط، جدد الرئيس قيس سعيِّد حالة الطوارئ حتى نهاية العام. وفي 30 ديسمبر/كانون الأول، جددها مرة أخرى حتى 30 يناير/كانون الثاني 2023. كما منح نفسه سلطات جديدة من خلال الإشراف على اعتماد دستور جديد، في 17 أغسطس/آب، ركَّز السلطات في أيدي السلطة التنفيذية.

وفي 30 مارس/آذار، حل الرئيس قيس سعيِّد البرلمان الذي كان معلقًا آنذاك، بعد أن عقد حوالي 120 عضوًا، من الأعضاء البالغ عددهم 217، جلسة عامة عبر الإنترنت كبادرة تحدٍ له. وفرضت السلطات أوامر تعسفية بحظر السفر على ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص، من بينهم أعضاء في البرلمان، الذي كان قد حُل قبل فترة قصيرة، وهم ينتمون إلى أحزاب عارضت الرئيس سعيّد علنًا.

واشتدت الأزمة الاقتصادية، حيث وصلت نسبة البطالة إلى 15.3% ومعدل التضخم إلى 10.1%. وشهدت البلاد نقصًا في الأغذية الأساسية، وقال مسؤولون إنهم يعتزمون خفض دعم الطاقة والغذاء القائم منذ أمد طويل. وفي أكتوبر/تشرين الأول، توصلت السلطات إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي سعيًا لتأمين دعم تمويلي قدره 1.9 مليار دولار أمريكي. وأجَّل المجلس التنفيذي للصندوق مناقشة القرض، التي كان مقررًا إجراؤها في 19 ديسمبر/كانون الأول، بدون أن يحدد على الفور موعدًا جديدًا.

وأشارت تقديرات الخبراء إلى أن تونس عرضة بشكل شديد لمخاطر التغيرات المناخية وانعدام الأمن الغذائي، نظرًا لأن مواردها المائية محدودة مع توقع تزايد وتيرة نوبات الجفاف، وارتفاع درجات الحرارة.

الحق في محاكمة عادلة

أصدر الرئيس قيس سعيِّد مرسومين جديدين يمنحانه، مع بنود في الدستور الجديد، سلطات تتيح له التدخل في المسارات الوظيفية للقضاة، وعزل القضاة بإجراءات موجزة، وإقرار التعيينات القضائية، مما يعني تقويض استقلال القضاء.1

وفي 1 يونيو/حزيران، عزل الرئيس قيس سعيِّد 57 قاضيًا بإجراءات موجزة، متهمًا إياهم بسوء السلوك، بما في ذلك تعطيل تحقيقات والفساد والزنا. وألغت المحكمة الإدارية التونسية 49 من قرارات العزل، لكن وزارة العدل رفضت إعادة القضاة إلى عملهم.2

وكما حدث في السنوات السابقة، تقاعست السلطات عن إنشاء محكمة دستورية، وهو إجراء طال انتظاره. وفي حين تضمن الدستور الجديد بنودًا تقضي بإنشاء مثل هذه المحكمة، إلا أنها تمنح الرئيس القرار النهائي في تعيين أعضائها.

واستمرت المحاكم العسكرية في ملاحقة مدنيين قضائيًا، لكن بوتيرة أقل عما كانت عليه في عام 2021. وبدأت محاكمة رجلين على الأقل أمام المحاكم العسكرية في ما يتصل بتعليقين علنيين أدليا بهما، أحدها عن الشرطة والآخر عن الرئيس قيس سعيِّد والجيش.

حرية التعبير

قوَّض الرئيس قيس سعيِّد حرية التعبير بإصدار مرسومين يفرضان عقوبة السجن لنشر “أخبار كاذبة” بشكل مغرض أو الإدلاء بتصريحات تتضمن تشهيرًا. ويقضي المرسوم عدد 14 لسنة 2022، الذي دخل حيز التنفيذ في 21 مارس/آذار، بالسجن مددًا تتراوح بين عشر سنوات ومدى الحياة لأي شخص “يباشر أنشطة اقتصادية” يروِّج عمدًا “لأخبار أو معلومات كاذبة أو غير صحيحة” بخصوص إمدادات السلع.3 ويقضي المرسوم عدد 54 لسنة 2022، الصادر في 13 سبتمبر/أيلول، وهو قانون جديد بشأن الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، بفرض عقوبة السجن مددًا تصل إلى 10 سنوات لإساءة الاستخدام المتعمدة لشبكات الاتصالات بغرض إنشاء، أو إرسال، أو نشر “أخبار كاذبة” أو أي محتوى آخر كاذب أو يتضمن تشهيرًا. ويسمح للسلطات بحل الهيئات التي يثبت مخالفتها له. كما يهدد هذا المرسوم الحق في الخصوصية من خلال منح السلطات صلاحيات واسعة لمراقبة كيفية استخدام الأفراد للإنترنت، واعتراض الاتصالات الخاصة، ومشاركة البيانات الشخصية مع حكومات أجنبية.

وأجرت السلطات القضائية تحقيقات مع ما لا يقل عن 32 شخصية بارزة من منتقدي الرئيس أو خصومه المُفترضين أو لاحقتهم قضائيًا، وذلك لممارستهم حقهم في حرية التعبير. ومن بينهم أعضاء في البرلمان، المنحل حاليًا ومحامون وصحفيون.

وفي مايو/أيار، أدانت محكمة عسكرية المحامي عبد الرزاق الكيلاني بتهمة هضم جانب موظف عمومي، وحكمت عليه بالسجن شهرًا مع وقف التنفيذ. وقد وجهت إليه النيابة العسكرية الاتهام في يناير/كانون الثاني، بعد أن خاض مجادلة مع بعض أفراد الشرطة الذين منعوه من زيارة أحد موكليه. وألغت محكمة الاستئناف العسكرية الإدانة لاحقًا، لكن النيابة العسكرية قدمت طعنًا في الحكم.

وفي أوائل أبريل/نيسان، فتحت السلطات القضائية تحقيقات بشأن ما لا يقل عن 20 من أعضاء البرلمان الذين شاركوا في جلسة عامة عبر الإنترنت عُقدت احتجاجًا على قرار الرئيس قيس سعيِّد بحل البرلمان، واستدعت 10 على الأقل لاستجوابهم.4 وفي نهاية العام، لم يكن قد أُحرز تقدم في التحقيقات.

وفي 12 مايو/أيار، فتحت السلطات القضائية تحقيقًا جنائيًا ضد غازي الشواشي، الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي المعارض، بتهمة التشهير بموظف عمومي ونشر معلومات كاذبة، وذلك في ما يتصل بمقابلة إذاعية انتقد خلالها السلطات وقال إن رئيسة الوزراء نجلاء بودن قدمت استقالتها لكن الرئيس قيس سعيِّد رفض قبولها.

وفي 11 يونيو/حزيران، قبضت الشرطة على الصحفي صالح عطية في ما يتصل بمقابلة تلفزيونية قال فيها إن الجيش رفض طلبًا من الرئيس سعيّد بإغلاق مقر النقابة العمالية الأكبر في تونس، ووضعِ قادة سياسيين رهن الإقامة الجبرية. وفي 16 أغسطس/آب، قضت محكمة عسكرية بسجن صالح عطية ثلاثة أشهر بدءًا من وقت القبض عليه بتهمة التشهير بالرئيس وإهانة الجيش. وقد أُفرج عنه في 16 سبتمبر/أيلول بعد أن قضى مدة عقوبته.5

وفتحت النيابة العمومية، وفي حالة واحدة النيابة العسكرية، تحقيقات بمقتضى المرسوم عدد 54 لسنة 2022 ضد خمسة أشخاص، على الأقل، من بينهم نزار بهلول، رئيس تحرير موقع بيزينس نيوز، بسبب مقال ينتقد رئيسة الوزراء نجلاء بودن؛ والمحامي مهدي زقروبة، بسبب منشور على موقع فيسبوك ينتقد وزيرة العدل ليلى جفال. وبدأت وزيرة العدل تحقيقًا بمقتضى المرسوم ضد الزعيم السياسي غازي الشواشي بسبب تصريحات للإعلام.

حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها

في فبراير/شباط، سُرب مشروع قانون بشأن الجمعيات من شأنه أن يمنح السلطات صلاحيات لتنظيم إنشاء جماعات المجتمع المدني وأنشطتها، وتمويلها الخارجي وحلها متى شاءت، سواء بسبب انعدام نشاطها أو بموجب بنود مبهمة. وفي 24 فبراير/شباط، قال الرئيس قيس سعيِّد إنه يعتزم حظر كل أشكال التمويل الأجنبي لجماعات المجتمع المدني.6 وفي تقرير مكتوب وتصريحات شفهية في نوفمبر/تشرين الثاني، في سياق الاستعراض الدوري الشامل الرابع لسجل تونس، أشارت السلطات إلى خطط لتعديل القانون التونسي بشأن الجمعيات بدون أن تذكر تفاصيل واضحة.

حرية التجمع والاستخدام المفرط للقوة

نُظمت خلال العام في العاصمة تونس مظاهرات مؤيدة ومعارضة للرئيس قيس سعيِّد. وسمحت السلطات لأغلبها بالمضي قدمًا، لكنها استخدمت القوة غير المشروعة لفض ما لا يقل عن ثلاثة تجمعات تنتقد الرئيس.

ففي 14 يناير/كانون الثاني، فرّقت الشرطة في العاصمة تونس باستخدام العنف محتجين مناهضين للرئيس تجمعوا في تحدٍ لحظر لمدة أسبوعين للتجمعات العامة فُرِض قبل ذلك بيومين لاحتواء وباء فيروس كوفيد-19. وضربت الشرطة المحتجين بالهراوات، واستخدمت خراطيم المياه ضدهم، وقبضت على ما لا يقل عن 31 شخصًا. وأصدر أحد القضاة حكمًا بتبرئة 14 منهم، لكنه قضى بتغريم 15 منهم لمخالفة الأنظمة الصحية.

وفي 4 يونيو/حزيران، استخدمت الشرطة الحواجز المعدنية والرذاذ الذي يحتوي على مواد كيميائية مهيجة لمنع المحتجين المناهضين للرئيس من التجمع أمام مقر هيئة الانتخابات.

وفي 22 يوليو/تموز، فرَّقت الشرطة محتجين مناهضين للرئيس في العاصمة تونس، مستخدمةً العنف، بعد أن حاول عدة محتجين إزالة حواجز السيطرة على الحشود. واستخدمت الشرطة الرذاذ الذي يحتوي على مواد كيميائية مهيجة، وضربت بعض المحتجين بالهراوات، وقبضت على ما لا يقل عن 11 شخصًا. وقال أربعة ممن قُبض عليهم لمنظمة العفو الدولية إنهم تعرضوا للضرب على أيدي الشرطة بعد اقتيادهم إلى الحجز.

الإفلات من العقاب

تقاعست السلطات إلى حد كبير عن محاسبة أفراد قوات الأمن الذين وُجهت إليهم اتهامات موثوقة بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.

فلم تصدر المحاكم قرارات أو أي أحكام أخرى في أي من المحاكمات العشر التي بدأت في عام 2018 بعد أن أحالت هيئة الحقيقة والكرامة إلى محاكم متخصصة قضايا أفراد من قوات الأمن اتُهموا بارتكاب انتهاكات خلال الثورة التونسية، من ديسمبر/كانون الأول 2010 إلى يناير/كانون الثاني 2011.7

وفي 13 يناير/كانون الثاني، بدأت محاكمة 14 شرطيًا اتُهموا بالتسبب في وفاة عمر العبيدي، وهو شاب قال شهود العيان إنه غرق بعد أن دفعه أفراد الشرطة إلى قناة برغم توسله بأنه لا يمكنه السباحة. وفي 3 نوفمبر/تشرين الثاني، قضت المحكمة بسجن 12 منهم لمدة سنتين بتهمة القتل غير العمد، كما قضت ببراءة اثنين.

ولم تحقق السلطات بطريقة فعالة في الشكاوى المقدّمة من قبل أسرتي نور الدين البحيري، وهو وزير سابق للعدل؛ وفتحي البلدي، وهو مسؤول أمني، بشأن احتجازهما تعسفيًا بدءًا من 31 ديسمبر/كانون الأول 2021. وقد احتجزتهما السلطات 67 يومًا بدون السماح لهما بالاتصال بمحامين قبل أن تطلق سراحهما بدون أن تُوجّه إليهما أي تهمة.

حقوق النساء والفتيات

في 15 سبتمبر/أيلول، صدر المرسوم عدد 55 لسنة 2022 بتعديل قانون الانتخابات التونسي، حيث حذف بنودًا كانت تهدف، في جانب منها، لتعزيز تمثيل النساء في البرلمان. وكان القانون من قبل يقتضي أن تضم قوائم المرشحين في الانتخابات البرلمانية عددًا متساويًا من الرجال والنساء. وبموجب القانون المعدل، سينتخب التونسيون أعضاء البرلمان بحسب النظام الفردي، بدون بنود تضمن التكافؤ بين فئات النوع الاجتماعي في أعداد المرشحين.

وظل القانون التونسي يميّز ضد النساء في الأمور المتعلقة بالميراث. وتنص مجلة الأحوال الشخصية على أن يحصل الأخ على ضعف حصة الأخت من الميراث في الحالات التي تؤول فيها التركة إلى ورثة من الذكور والإناث.

وبرغم اعتماد قانون متقدم بشأن العنف ضد المرأة في تونس في عام 2017، يعرف باسم القانون الأساسي عدد 58، فقد استمر تباطؤ السلطات في تزويد الشرطة بالموارد الكافية والتدريب للتحقيق في بلاغات الانتهاكات وتوفير الحماية للنساء المعرضات للخطر.

ظلت النساء تتعرض للإساءة الأسرية وغير ذلك من أشكال العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي بحسب جماعات تونسية معنية بحقوق النساء التي أشارت إلى نقص في الإحصاءات الرسمية الحديثة بخصوص بلاغات حوادث القتل وغيره من أشكال العنف ضد النساء.

حقوق أفراد مجتمع الميم

استمرت تونس في تجريم العلاقات الجنسية المثلية بالتراضي بين أفراد بالغين بموجب الفصل 230 من المجلة الجزائية الذي يقضي بالسجن ثلاث سنوات عقابًا على العلاقات الجنسية المثلية. ووفقًا للجمعية التونسية للعدالة والمساواة (دمج)، وهي جماعة حقوقية تونسية تدافع عن حقوق أفراد مجتمع الميم، حاكمت المحاكم أشخاصًا بموجب الفصل 230 في ما لا يقل عن 47 قضية مختلفة.


  1. تونس: تدهور حقوق الإنسان على مدى عام منذ هيمنة الرئيس على السلطة، 21 يوليو/تموز
  2. “تونس: ينبغي إعادة القضاة ووكلاء النيابة المعزولين إلى مناصبهم”، 16 سبتمبر/أيلول
  3. تونس: حرية التعبير في خطر في ظل القانون الجديد لمقاومة المضاربة غير المشروعة”، 25 مارس/آذار
  4. “تونس: أسقطوا التحقيقات ذات الدوافع السياسية ضد نواب المعارضة”، 8 أبريل/نيسان
  5. “تونس: أسقطوا جميع التهم الموجهة إلى الصحفي صالح عطية”، 15 أغسطس/آب
  6. “تونس: أوقفوا القيود الوشيكة على المجتمع المدني”، 11 مارس/آذار
  7. “تونس: نضال الضحايا من أجل تحقيق العدالة وجبر الضرر مستمر بعد 10 سنوات من الثورة”، 14 يناير/كانون الثاني