إيران: يجب محاسبة مسؤولين إيرانيين على تنفيذ عقوبة البتر بحق رجلين

استخدمت السلطات الإيرانية مقصلة لبتر أصابع رجل أدين بالسرقة في 27 يوليو/تموز 2022، كما استطاعت منظمة العفو الدولية أن تؤكّد. وأُسعف بويا ترابي، وهو رجل في أواخر الثلاثينات من عمره، بشكل طارئ إلى المستشفى فور بتر أصابعه بحضور عدّة مسؤولين وطبيب في سجن إيفين في طهران.

وقبل أقل من شهرين، في 31 أيار/مايو، بترت السلطات الإيرانية كذلك أصابع سيد برات حسيني، دون تخدير. وهو منذ ذلك الحين مسجون في الحبس الانفرادي في سجن إيفين ومحروم من الرعاية الصحية العقلية والبدنية الكافية التي يحتاجها بسبب الالتهابات والصدمة النفسية التي يعاني منها جرّاء بتر أصابعه.

إنَّ البتر هو تعذيب مشروع في القضاء الإيراني، والتعذيب يعدّ جريمة بموجب القانون الدولي”.

ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا

وقالت ديانا الطحاوي، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا “إنَّ عمليات البتر هذه هي عروض مروّعة لمدى ازدراء السلطات الإيرانية لحقوق الإنسان وكرامته. إنَّ البتر هو تعذيب مشروع في القضاء الإيراني، والتعذيب يعدّ جريمة بموجب القانون الدولي، وينبغي محاكمة جميع المتورطين في تنفيذ وإصدار الأمر بتنفيذ هذه العقوبات البدنية في محاكمات عادلة”.

“يتعرض ما لا يقل عن ثمانية سجناء آخرين في إيران حاليًا لخطر بتر أصابعهم. ومع تفشي الإفلات من العقاب في إيران، سيخضع عدد متزايد من الناس لهذه العقوبة بالغة القسوة بشكل لا يوصف ما لم يقم المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات. ندعو جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى توجيه إدانة قوية للعقوبات البدنية وبذل كل ما في وسعها للضغط على السلطات الإيرانية لإلغاء العقوبات البدنية فورًا. كما نحثُ جميع الدول على ممارسة الولاية القضائية العالمية للتحقيق جنائيًا مع المسؤولين الإيرانيين المشتبه في مسؤوليتهم الجنائية عن ارتكاب مثل هذه الجرائم بموجب القانون الدولي وملاحقتهم قضائيًا”.

مع تفشي الإفلات من العقاب في إيران، سيخضع عدد متزايد من الناس لهذه العقوبة بالغة القسوة بشكل لا يوصف ما لم يقم المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات.

ديانا الطحاوي

وحُكم على بويا ترابي وسيد برات حسيني في قضيتين منفصلتين بالبتر قبل نحو ثلاث سنوات بعد أن أدانتهما المحكمتان الجنائيتان في سمنان وكرمانشاه على التوالي بتهمة السرقة. ووفقًا لمصدر مطّلع أجرت منظمة العفو الدولية مقابلة معه، فقد تم تنفيذ الحكمين بالبتر في عيادة داخل سجن إيفين بحضور عدّة مسؤولين، بمن فيهم المدعي العام في طهران، والمدعي العام المساعد (داديار) في سجن إيفين، والقاضي المشرف على تنفيذ الأحكام في سجن إيفين، ومدير سجن إيفين وكبير الأطباء في العيادة الطبية في سجن إيفين.

وأبلغ المصدر نفسه منظمة العفو الدولية أنه قبل بتر أصابع سيد برات حسيني، أخبرته السلطات أن بإمكانه الدفع مقابل “تجليد” الأصابع ثم إعادة ربطها جراحيًا. ولكن لم يكن لدى برات حسيني هذا المبلغ لدفع ثمن هذا الإجراء.

وبعد قطع أصابعه، فقد سيد برات حسيني وعيه على الفور بسبب فقدان الدم والألم الشديد، ونُقل إلى مستشفى خارج السجن. وأعيد إلى السجن بعد ثلاثة أيام، قبل أن يتعافى من محنته، وأصيبت جروحه بالالتهاب. وبعد أسابيع من حرمانه من العلاج المناسب، نُقل مرة أخرى إلى المستشفى في منتصف يوليو/تموز، ليُعاد إلى السجن في اليوم نفسه. ومنذ ذلك الحين، احتُجز في الحبس الانفرادي في سجن إيفين بمعزل عن العالم الخارجي، في محاولة للحيلولة دون انكشاف أخبار عقوبته وحالته الصحية السيئة الحالية.

وكان كل من سيد برات حسيني وبويا ترابي قد تم نقلهما إلى إيفين من سجون المحافظات لتنفيذ أحكام البتر الصادرة بحقهما. وفي أبريل/نيسان، تم تركيب مقصلة خاصة في إيفين لإضفاء الطابع المركزي على تنفيذ أحكام البتر الصادرة في جميع أنحاء البلاد.

إن الأغلبية الواسعة لضحايا أحكام البتر القضائية في إيران من خلفيات فقيرة ويفتقرون إلى إمكانية تأمين تمثيل قانوني من اختيارهم. ومن الصعب للغاية على الضحايا وعائلاتهم تنبيه منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام إلى عمليات البتر الوشيكة بسبب الخوف من التهديدات بالانتقام من السلطات الإيرانية، التي تفرض الصمت والسرية حول فرض وتنفيذ أحكام البتر.

وتُجدد منظمة العفو الدولية دعواتها إلى السلطات الإيرانية إلى الإلغاء الفوري، في القانون وفي الممارسة العملية، لجميع أشكال العقاب البدني. ويجب عليها وقف جميع أحكام البتر المنوي تنفيذها، ومنح بويا ترابي وسيد برات حسيني وجميع ضحايا أحكام البتر القضائي الآخرين إمكانية الوصول إلى سُبل فعالة للانتصاف وجبر الضرر الذي لحق بهم، بما في ذلك رد الاعتبار والتعويض وإعادة التأهيل.

خلفية

في يونيو/حزيران 2022، حذرت منظمة العفو الدولية من أنَّ السلطات الإيرانية تستعد لبتر أصابع ثمانية رجال آخرين، بمن فيهم هادي رستمي ومهدي شرفيان ومهدي شاهيوند.

ووفقًا لمركز عبدالرحمن برومند، قامت السلطات الإيرانية منذ كانون الثاني/يناير 2000 ببتر أصابع ما لا يقل عن 131 رجلاً.

وتُشكل العقوبات البدنية القاسية واللاإنسانية ممارسات ترقى إلى التعذيب، وهو أمر محظور بموجب المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي تُعد إيران دولة طرف فيه. وبالرغم من ذلك، ينص قانون العقوبات الإسلامي الإيراني على عقوبات بدنية مختلفة ترقى إلى مستوى التعذيب، بما في ذلك ممارسات البتر والجلد وإفقاد البصر والصلب والرجم.

وينص القانون على أنَّ العقوبة بالنسبة لأنواع معينة من السرقة، يجب أن يتعرّض المدانون لـ”قطع أربعة أصابع من اليد اليمنى بشكل تام بحيث لا يبقى لهم سوى راحة اليد والإبهام”.

ويتطلب القانون الإيراني حضور الطبيب أثناء تنفيذ العقوبات البدنية، في انتهاك مباشر للمبادئ التوجيهية الأخلاقية والمعايير الدولية التي تحظر صراحة تورط مقدمي الخدمات الصحية في التعذيب.

وقد دافعت السلطات الإيرانية باستمرار عن البتر باعتباره أفضل طريقة لردع السرقة، وأعربت عن أسفها لعدم إمكانية ممارسته علنًا بسبب الإدانة الدولية.