على المملكة المتحدة وقف عمليات الإبعاد إلى دول تمارس التعذيب

أقدمت المملكة المتحدة في الآونة الأخيرة على إعادة رجلين جزائريين إلى الجزائر بعد أن وصفتهما بأنهما يشكلان تهديداً “للأمن القومي”، ورغم السجل الحافل لهذا البلد بالتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة لمن يشتبه بتورطهم في الإرهاب.

وقال الرجلان إن السفارة الجزائرية كانت قد أكدت لهما أنهما سيتمتعان بالحصانة من المقاضاة. بيد أن هذه التأكيدات ذهبت أدراج الرياح.

فإثر ترحيل رضا دنداني ورجل آخر معروف لأسباب قانونية باسم “هـ” إلى الجزائر، جرى احتجازهما بمعزل عن العالم الخارجي لدى جهاز المخابرات الجزائري لنحو 12 يوماً. وبحدود ما استطاعت منظمة العفو الدولية التأكد منه، وجِّهت إليهما تهمة “الاشتراك في شبكة إرهابية تعمل في الخارج”، وتم توقيفهما بانتظار تقديمهما للمحاكمة.

وعلى الرغم من هذا، تحاول المملكة المتحدة إبعاد جزائريين آخرين استناداً إلى تأكيدات من السلطات الجزائرية بأن المبعدين سوف يلاقون معاملة إنسانية، وسوف يستفيدون من تدابير العفو التي أقرتها الحكومة الجزائرية فيما سبق.

كما يواجه أبو قتاده، الذي يشتبه أيضاً بأنه “تهديد للأمن القومي”، الإعادة كذلك إلى الأردن، بعد أن رفضت محكمة في المملكة المتحدة مؤخراً طعنه في قرار إبعاده بالاستناد إلى دواعي “الأمن القومي”.

وبينما افتقرت إجراءات المحكمة إلى النـزاهة واتسمت بالسرية إلى حد كبير، تجاهلت المحكمة كذلك الأدلة الوفيرة على أن أبا قتادة سوف يتعرض، إذا ما رُحِّل إلى الأردن، لخطر حقيقي بأن تُنتهك حقوقه الأساسية. فالتعذيب وغيره من صنوف سوء المعاملة في بعض مراكز الاعتقال الأردنية أمر روتيني، بينما يُحرم المعتقلون عادة من الاتصال بمحامين أو بهيئات حقوق الإنسان.

ورغم كل ذلك، فقد قبلت المحكمة بتأكيدات حكومة المملكة المتحدة بأن إبرام “مذكرة تفاهم” بين المملكة المتحدة والأردن يشكل آلية فعالة لحماية أبي قتادة من هذه المخاطر.

وعلى ما يبدو، فإن المملكة المتحدة عازمة على مواصلة مساعيها لإبعاد الأشخاص إلى دول ذات سجلات مشينة من حيث ممارستها للتعذيب وسوء المعاملة، متذرعة في ذلك بدعاوى الأمن القومي. ويتخذ قرار الإبعاد غالباً بالاعتماد على معلومات سرية، وضمن إجراءات تتسم في جوهرها بالجور البالغ.

إن سلطات المملكة المتحدة تعترف بأن المبعدين سوف يواجهون خطراً حقيقياً في أن تتعرض حقوقهم الإنسانية لانتهاكات فظيعة في بلدانهم الأصلية، في حال غياب هذه “التأكيدات” ومذكرات التفاهم. وتدعي حكومة المملكة المتحدة، رغم ذلك، أنها بضمانها الحصول على مثل هذه “التأكيدات” تكون قد أوفت بواجباتها تجاه حقوق الإنسان.

إن ذلك، وببساطة، عار عن الصحة.