مكافحة التعذيب في الوقت الراهن

في عام 2015، أجرت منظمة العفو الدولية مسحاً للوقوف على مدى انتشار التعذيب في مختلف أنحاء العالم، وأبلغت عن وقوع حالات تعذيبٍ وغيره من ضروب المعاملة السيئة في 122 بلداً من مختلف مناطق العالم. وأظهرت النتائج أن التعذيب لا زال متفشياً. 

عندما يتعرض شخص ما للتعذيب، تُطرح حينها كرامته وسلامته جانباً، ويصبح مجرد أداة لتحقيق مآرب جلاديه بصرف النظر عن طبيعتها؛ فالتعذيب هو دون أدنى شك حرمان كامل للشخص من حقوقه الإنسانية.

ولقد صدر “دليل مكافحة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة: دليل التحركات” في توقيت مفصلي من مسيرة النضال ضد هذا النوع من الانتهاكات، لا سيما مع استمرار انتشار التعذيب في مختلف أنحاء العالم. ولا بد لنا بالتالي من أن نتسلح بأدوات قوية، وقوانين متينة، تكفل وضع حد للتعذيب حيثما يقع.

ويحدد الدليل الخطوت الرئيسية التي يمكن للحكومات والناشطين القيام بها بغية إنهاء التعذيب، ويورد معلومات مفصلة عن الضمانات القانونية، والأفكار الخاصة بالحراك.

وقامت منظمة العفو الدولية بنشر التقرير عقب صياغته بالمشاركة مع مركز تنفيذ حقوق الإنسان في جامعة بريستول.

تفقد حينها القدرة على التفكير بعقلانية جراء الألم والظمأ. وسرعان ما تشعر بحب تجاه أحد الحراس إذا جلب لك الماء أو الطعام

طبيب وأحد ضحايا التعذيب في سوريا

مكافحة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة: دليل التحركات 

من المفترض أن يساعد الديل الجديد الصادر عن منظمة العفو الدولية جميع الأشخاص، حيثما كانوا، على كشف النقاب عن التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة ومكافحتها.  وعلاوة على إبراز الصكوك الدولية والإقليمية الرئيسية في مجال مناهضة التعذيب، يورد الدليل وصفاً لآلية قيام منظمة العفو الدولية بحملات مناهضة التعذيب، بما في ذلك تبيان أكثر استراتيجياتها نجاحاً على صعيد التحركات.

ولقد تمت صياغة الدليل بحيث يكون تحديداً في خدمة المدافعين عن حقوق الإنسان، والمحامين، والقضاة، وموظفي الأجهزة المكلفين بإنفاذ القوانين، وغيرهم من المسؤولين العموميين، والمشرعين، والموظفين الصحيين، وطلاب تخصص القانون، ووسائل الإعلام.

ويمكن حالياً تنزيل نسخة مجانية باللغة الإنجليزية من دليل مكافحة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة: دليل التحركات” من خلال هذه الصفحة (انظر أدناه).  وسوف  يكون من الممكن تنزيل نسخ باللغات العربية والفرنسية والإسبانية والأوكرانية بمجرد ما تصبح متاحة. ويحدونا الأمل في أن نتمكن من ترجمة الدليل الحالي إلى لغات أخرى مستقبلاً.  وإذا كنتم ترغبون في ترجمة الدليل إلى لغة أخرى، فنرجو منكم مراسلتنا على عنوان البريد الإلكتروني التالي:[email protected] .

ناشطون في مسيرة مع بعض ضحايا التعذيب في شيكاغو بمناسبة مؤتمر حقوق الإنسان الذي عقده فرع منظمة العفو الدولية بالولايات المتحدة عام 2014 في شيكاغو بولاية إيلينوي. © Scott Langley/Amnesty

مشكلة معاصرة

وبدلاً من أن يصبح في عصرنا الحالي ممارسةً اندثرت بزوال حقبة العصور الوسطى، ما انفك التعذيب ينتشر في مختلف أنحاء العالم، لا سيما داخل الأماكن التي تشهد حرمان الأشخاص من حريتهم وخارجها أيضاً.  وليس ثمة مكان يمكن أن يشعر الناس فيه بأنهم في مأمن من خطر التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، سواءً أكان ذلك الخطر يتربص بهم من خلال المسؤولين بشكل مباشر، أو عن طريق تواطئهم فيه، أو عزوفهم عن التحرك ضده، أو تقاعسهم عن مكافحته.

ويجدر التنويه بأن “دليل مكافحة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة: دليل التحركات” هو النسخة الثانية من أداة ناجحة تستخدمها منظمة العفو الدولية في هذا النوع من الحملات، حيث جرى تحديث الدليل وتوسعة نطاقه بما يكفل التصدي للتحديات التي يخلقها النضال ضد التعذيب هذه الأيام، ونحن على ثقة بأنه سوف يكون دون شك أداةً لا تُقدر بثمن لكل من يسعى إلى وضع حد للتعذيب في بلده.

ويلقي القسم الأول من الدليل نظرة على الجهود السابقة في مجال القضاء على التعذيب، بما في ذلك المرور على حملات منظمة العفو الدولية التي انطلقت منذ سبعينيات القرن الماضي، وإبراز التحديات الراهنة التي تعترض سبيل تطبيق الحظر المفروض على التعذيب.

ويورد القسم الثاني من الدليل تحليلاً للصكوك القانونية المتوفرة بشأن حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة ومكافحتها.  ويظل حظر التعذيب نافذاً في جميع الظروف والأحوال، وفي بلدان العالم قاطبة، وذلك حتى في أوقات النزاعات، وأثناء تنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب، وغير ذلك من حالات الطوارئ العامة.  ويتناول القسم الثاني أيضاً الضمانات التي توفر الحماية للأشخاص من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، من قبيل الحق في توكيل محامٍ، والحصول على الرعاية الصحية، وتوفير ظروف وأحوال إنسانية في الحجز.

وأما القسم الثالث من الدليل، فيصف الأساليب المستخدمة في حملة “أوقفوا التعذيب” بوصفها أحدث الحملات التي أطلقتها منظمة العفو الدولية في هذا السياق، ويبرز أوجه النجاح التي أصابتها الحملة.  ويحدد القسم الثالث استراتيجيات الحملات التي يمكن للمنظمات الأخرى والناشطين استخدامها، ويتناول تفاصيل بعض أكثر المجالات حاجةً للتحركات حالياً.

وإذا سمحنا، من خلال سلبيتنا، لحكوماتنا بأن توظف أساليب التعذيب، وتنتزع الكرامة والإنسانية من بشر آخرين، فسوف نحكم على أنفسنا حينها بأننا نسخر بعضاً من إنسانيتنا لا محالة

خوان إ. منديس، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالتعذيب