ينبغي على سلطات كازاخستان ألا تكمم وسائل الإعلام

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يتعين على السلطات في كازاخستان ألا تستخدم تهمة “التطرف” كذريعة لتكميم حرية الصحافة. وجاء ذلك في أعقاب محاولة من مكتب النائب العام لإغلاق نحو 40 من المنافذ الإعلامية والمواقع الإلكترونية للمعارضة.ففي يوم الأربعاء 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، تقدم مكتب النائب العام في مدينة ألماتي بدعوى قضائية تطلب إغلاق جميع ما تبقى تقريباً من وسائل الإعلام المستقلة، متهمةً إياها بأنها “متطرفة، وتحرض على القلاقل الاجتماعية وتهدد الأمن القومي.ويعكس تصريح منظمة العفو الدولية مخاوف 15 من منظمات حقوق الإنسان القائمة في كازاخستان، والتي أدانت الإجراء الذي اتخذه مكتب النائب العام، وقالت إنه محصلة، على ما يبدو، لمساعي السلطات من أجل فرض قيود على وسائل الإعلام المستقلة في هذا البلد الواقع في وسط آسيا.وقال ديفيد دياز جوغيكس، نائب مدير قسم أوروبا ووسط آسيا في منظمة العفو الدولية، إن “الأصوات المستقلة المتبقية في كازاخستان تواجه خطراً جسيماً يتمثل في إخراسها إذا ما مضت المحاكم قدماً في نظر تلك الدعوى”.وتشمل دعوى النائب العام ثمانية مطبوعات و23 موقعاً إلكترونياً، وجميعها مملوكة لتكتل إعلامي واحد، بالإضافة إلى صحيفة أخرى والمواقع الإلكترونية المؤيدة لها، وقناتين تليفزيونيتين تُبثان عبر الإنترنت. كما طالبت الدعوى بوضع حزب “ألغا”، وهو حزب معارض غير مسجل، و”جبهة الشعب”، وهي حركة اجتماعية غير مسجلة، ضمن قائمة الحركات “المتطرفة”.

القمع في أعقاب مصادمات عنيفة

في يوم الاثنين 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، أيدت محكمة الاستئناف في منطقة مانغيستاو، الواقعة في جنوب غرب البلاد، حكم السجن الصادر ضد فلاديمير كوزلوف، زعيم حزب “ألغا”، وهو أحد أحزاب المعارضة غير المسجلة في كازاخستان. وقد سبق أن اتُهم بالتحريض على احتجاجات عنيفة خلال إضراب عمال صناعة النفط في ديسمبر/كانون الأول 2011.وقد تحول الاحتفال بالذكرى السنوية العشرين لاستقلال كازاخستان إلى أعمال عنف، هي الأسوأ في تاريخ البلاد الحديث، عندما اندلعت مصادمات بين المتظاهرين والشرطة في مدينة زاناوزن، الواقعة جنوب غربي البلاد، يوم 16 ديسمبر/كانون الأول 2011.وقد لقي ما لا يقل عن 15 شخصاً مصرعهم، كما أُصيب أكثر من 100 آخرين إصابات خطيرة. واندلعت أعمال العنف هذه بعد شهور من إضرابات عمال صناعة النفط في منطقة مانغيستاو بسبب الحقوق النقابية والأجور وظروف العمل.وفي المحاكمات التي أعقبت أعمال العنف، وعُقدت في وقت سابق من العام الحالي، أُدين خمسة من كبار مسؤولي الأمن بإساءة استخدام السلطة، وحُكم عليهم بالسجن خمس سنوات بتهمة استخدام القوة المفرطة والمميتة، أو السماح باستخدامها، لتفريق حشود المتظاهرين.وفي مايو/أيار 2012، حُكم على سبعة من النشطاء العماليين والمتظاهرين بالسجن لمدد بلغ أقصاها سبع سنوات، بعد أن أدانتهم محكمة مانغيستاو الإقليمية بتنظيم الاحتجاجات في زاناوزن أو المشاركة فيها. وقد أصر جميع المتهمين على براءتهم، وادعوا أن الشرطة قد عذبتهم من أجل انتزاع اعترافات.وفي مارس/آذار من العام الحالي، أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها من الإجراءات الرامية إلى اتهام بعض نشطاء المعارضة السياسية والنشطاء العماليين بالمسؤولية الجنائية، بعد أن سافروا للخارج لإطلاع منظمات حكومية دولية وحكومات أجنبية على وضع الإضرابات وما تلاها من عنف في زاناوزن. وكان قد بدأ سريان قانون جديد للأمن القومي، في 6 يناير/كانون الثاني 2012، يجعل من “الإضرار بصورة كازاخستان في الخارج” تهمة جنائية.كما واجه آخرون، ممن وزعوا مطبوعات أو نشروا مواد عن مطالب العمال المضربين داخل كازاخستان، خطر تحميلهم مسؤولية جنائية بموجب بند في قانون الأمن القومي يقضي بفرض عقوبات على الأفراد الذين “يؤثرون على الرأي العام ووعي الأفراد” من خلال توزيع معلومات “مشوهة” “وغير موثوقة” على حساب الأمن القومي.

ترهيب العاملين في الإعلام

كان بعض العاملين في الإعلام في كازاخستان وأقاربهم هدفاً أيضاً لدعاوى قضائية ولحوادث مضايقة خلال الفترة الأخيرة.ففي الحكم الصادر ضد كوزلوف يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول 2012، وصفت محكمة الجنح عدة وسائل إعلامية معارضة، كانت قد غطت إضرابات عام 2011 والتحقيقات في أعمال العنف في زاناوزن، بما في ذلك صحيفة “غولوس ريسبابليكي”، بأنها “متطرفة سياسياً” وتحرض على “الكراهية الاجتماعية”.وينص قانون كازاخستان على أن “التطرف السياسي” يُعد تهمة جنائية يُعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى سبع سنوات، وتعود أصول هذه التهمة إلى العهد السوفيتي.وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول 2012، أي بعد عدة أسابيع من صدور الحكم الأولي ضد كوزلوف، قُبض على عسكر مولداشيف، شقيق مالك صحيفة “غولوس ريسبابليكي” ورئيس تحريرها، وذلك استناداً إلى تهم تتعلق بالمخدرات، وتعتقد منظمة العفو الدولية أنها ملفَّقة.وكان عسكر مولداشيف قد احتُجز أو الأمر دون السماح له بالاتصال بمحاميه أو بأسرته، وتعين عليه أن يخضع للعلاج في الحجز. وفي 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، قضت محكمة مقاطعة بوستانديك بأن يظل مولداشيف رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة لمدة شهرين، ودعت إلى إجراء تحقيق في ادعاءاته عن تعرضه لانتهاكات خلال القبض عليه والشهر الماضي الذي أمضاه في الحجز.وتفيد صحيفة “غولوس ريسبابليكي” أن مديرها دانيار مولداشيف كان أيضاً هدفاً للاضطهاد السياسي في الماضي، واضطُر للاختباء لعدة أشهر في الخارج حيث كان يخضع للعلاج في وقت سابق من العام الحالي.وقال ديفيد دياز جوغيكس إن “المضايقات الحالية التي يتعرض لها العاملون في الإعلام وأقاربهم تُعتبر اعتداءً خطيراً على حرية التعبير في كازاخستان، وينبغي وضع حد لها”.ومضى ديفيد دياز جوغيكس قائلاً: “يجب على السلطات أن تحمي الحق في حرية التعبير، بما في ذلك حرية الصحافة، وأن تكفل للعاملين في الإعلام أن يؤدوا وظيفتهم دون خوف من الأعمال الانتقامية وحملات التشهير ضدهم وضد أقاربهم”.