جنوب السودان: لم تتحقق العدالة في قضية قتل المحتجين


صرحت منظمتا العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش اليوم أن السلطات في دولة جنوب السودان قد تقاعست عن إجراء تحقيقات كافية في مقتل ثمانية محتجين في ديسمبر 2012 على أيدي قوات الأمن الحكومية.وكان عناصر من قوات الأمن قد أطلقوا النار باتجاه احتجاج سلمي في 9 ديسمبر، مما تسبب بمقتل ستة أشخاص على الفور.  كما تُوفي محتجان آخران في وقت لاحق في المستشفى.  ولقد اندلع ذلك الاحتجاج عقب مقتل اثنين أثناء أعمال عنف اندلعت بين الشباب وقوات الأمن في مساء اليوم السابق.وفي معرض تعليقه على الموضوع، قال مدير برنامج أفريقيا بمنظمة هيومان رايتس ووتش، دانييل بيكيلي: “تُوفي ثمانية من المحتجين السلميين في جنوب السودان على أيدي عناصر قوات الأمن، ويظهر أنه لم تُسند تهم بهذا الخصوص إلى أي شخص، ولم تتم بالتالي أيٍّ كان بعد مرور خمسة شهور على الحادثة”.  وأضاف بيكيلي أيضاً: “تشكل هذه سابقة سيئة في سجل هذا البلد الناشئ، وتقوض من حرية التعبير عن الرأي والتجمع السلمي في جميع أنحاء جنوب السودان”.ولقد وقع احتجاج يوم 9 ديسمبر أثناء قلاقل مدنية في واو، عاصمة ولاية غرب بحر الغزال، التي شهدت مقتل اثنين في مساء اليوم السابق؛ وجاءت تلك الاضطرابات احتجاجاً على نقل المقر الإداري للمقاطعة إلى خارج البلدة. وفي فبراير 2013، زار وفد من منظمة العفو الدولية مدينة واو، وأعد تقرير حول أعمال العنف هناك.  كما زار وفد من منظمة هيومان رايتس ووتش مدينة واو في فبراير ومايو من عام 2013 أيضاً. ولقد أخبر حاكم ولاية غرب بحر الغزال، رزق زكريا حسن، منظمة هيومان رايتس ووتش في مايو أن رجال الشرطة قد أطلقوا للنار على المحتجين لحماية بنك جنوب السودان من هجوم “مفتعلي الشغب” عليه.  بيد أن شهود العيان قد أخبروا أعضاء وفدي المنظمتين أن المحتجين قد قاموا بمسيرة سلمية مرت من أمام البنك، وهو ما تأكد من خلال العديد من مقاطع الفيديو المصورة للاحتجاج.ووصف رجل يبلغ من العمر 18 عاماً لمنظمة هيومان رايتس ووتش ما حصل قائلاً: “لقد بدأوا إطلاق النار علينا بمجرد أن رأونا”.  وأضاف الرجل الذي أُصيب بعيارات نارية في ساقيه القول أن “جميع الشباب كانوا في مقدمة صفوف المحتجين.  ولقد رأيت ثلاثة منهم يسقطون على الأرض قتلى”.  وقال أحد الأطباء الذي شاهد الجثث عقب الاحتجاج أن القتلى الثمانية قد أُصيبوا إما في الرأس أو الصدر.  ولا تزال هوية عناصر قوات الأمن المسؤولين عن قتل المحتجين غير معلومة.وصرحت منظمتا العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش أنه يتعين على السلطات أن تحرص على فتح تحقيقات كاملة وفعالة ومحايدة في ما وقع، ومقاضاة المسؤولين عن مقتل أولئك الأشخاص قبل خمسة أشهر، وكذلك المسؤولين عن مقتل آخرين أثناء الاضطرابات المدنية في واو.وينص الدستور الانتقالي لدولة جنوب السودان على حماية الحق في التجمع السلمي وتشكيل الجمعيات وكذلك الحق في حرية التعبير عن الرأي.  ومن أجل حماية حق كل شخص في الحياة والأمن، فتشترط المعايير الدولية قيام موظفي أجهزة إنفاذ القانون باتباع وسائل غير عنيفة قدر الإمكان.ولا يجوز استخدام الأسلحة النارية إلا كملاذ أخير – أي في حالات الضرورة القصوى من قبيل الدفاع النفس أو الدفاع عن الآخرين في وجه تهديدات مباشرة من شأنها أن تتسبب بالموت أو الإصابات الخطيرة؛ ويُسمح باستخدام الأسلحة النارية بقصد القتل فقط في حال تعذر استعمال أي وسيلة أخرى لحماية حياة الشخص المعني.وبناء على روايات الشهود التي حصلت عليها منظمتا العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش، فلم تبادر قوات الأمن إلى بذل أي محاولات لضبط الجموع أو تفريقها بوسائل غير عنيفة، أو استخدام وسائل أقل فتكاً على الأقل، قبيل قيامها بإطلاق النار. كما إن قوات الأمن لم تطلق أي تحذيرات تفيد بعزمها استخدام الأسلحة النارية، ولم تقم بمحاولات للحيلولة دون وقوع قتلى أو إصابات.وقالت مديرة برنامج أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، نيتسانيت بيلاي: “تضطلع قوات الأمن بواجب حماية حياة الآخرين، وصيانة سيادة القانون.  وعليه، فمن غير المقبول بتاتاً أن تقوم هذه القوات باستخدام الذخيرة الحية ضد المحتجين السلميين”.وبموجب المعايير الدولية المرعية في هذا المجال، يتعين فتح تحقيق مستقل ومحايد في كل واقعة تستخدم قوات الأمن فيها القوة المميتة، بما في ذلك المناسبات التي يُزعم أن استخدام تلك القوة فيها كان عرضياً وغير مقصود.ولم يجر فتح تحقيق ملائم في هذا الأمر، وما زالت هوية عناصر الأمن المسؤولين عن قتل المحتجين غير معروفة.