ينبغي إعطاء الأولوية لحماية الأقليات في المرحلة الانتقالية في سورية

ومع قُرب انتهاء المؤتمر الدولي المنعقد في المملكة المتحدة للتخطيط لما بعد انهيار الحكومة السورية المحتمل، قالت منظمة العفو الدولية اليوم إن أية حكومة انتقالية مستقبلية في سورية يجب أن تضع مهمة حماية الأقليات على رأس أولوياتها.وقد حثت المنظمة زعماء المعارضة والخبراء الدوليين في الشأن السوري الذين يعقدون محادثات خاصة في ساسيكس لليوم الثاني على وضع حقوق الإنسان في صلب كافة الخطط المتعلقة بمستقبل البلاد.إن الأقليات، التي تشمل المسلمين العلويين الذين يشكلون الطائفة التي تنتمي لها عائلة الرئيس بشار الأسد، تواجه مخاطر متزايدة من التعرض لانتهاكات حقوق الإنسان عل أيدي الجماعات المسلحة.وقالت آن هاريسون، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، إنه “عندما ينتهي النـزاع في نهاية المطاف، فإن مهمة ضخمة ستكون بانتظار أولئك الذين سيتولون مقاليد السلطة، وإن من المهم للغاية أن يحرص كل من سيصعد إلى سدة الحكم على وضع حقوق الإنسان في صلب سياساته وإصلاحاته.””ويأتي في مقدمة ذلك ضمان سلامة وأمن الأقليات، ولا سيما الأشخاص الذين يُشتبه في أنهم كانوا يدعمون الحكومة السابقة.”لقد شهدت سورية في الآونة الأخيرة ارتفاعاً في وتيرة العنف الطائفي، وخاصة على أيدي المعارضين للرئيس بشار الأسد. وكان العلويون والدروز والشيعة، إلى جانب المسيحيين، من بين المستهدفين بوجه خاص.وأضافت هاريسون تقول: “إن ثمة حاجة إلى تحرك عاجل لوقف الاعتداءات الطائفية، وضمان ألا يستمر إرث القمع في صنع مستقبل سورية.” “وينبغي عدم السماح لظاهرة الإفلات من العقاب على الجرائم التي تشكل انتهاكاً للقانون الدولي بالتقرُّح وتلطيخ آفاق سورية الجديدة، حيث ينبغي احترام حقوق الجميع احتراماً تاماً.”وينعقد مؤتمر ساسيكس في وقت يبدو فيه الحل السلمي في سورية أمراً بعيد المنال. فقوات المعارضة مستمرة في إحراز مكاسب على الأرض على الرغم من أن البلدات والمدن التي يسيطرون عليها كثيراً ما تتعرض للقصف بالأسلحة الثقيلة من قبل قوات الحكومة السورية.وستقع على عاتق القادة المستقبليين لسورية مهمة إعادة بناء البلاد التي دمَّرها النـزاع الدموي الذي أسفر حتى الآن عن قتل ما لا يقل عن 60,000 شخص وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة. ولا يزال المدنيون يتحملون الوزر الأكبر لأعمال العنف، حيث يلقى عشرات المواطنين حتفهم يومياً بحسب ما ورد.ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة أيضاً، فقد بلغ عدد النازحين داخلياً ما يزيد على مليوني شخص، في حين أن ما يربو على 600,000 لاجئ فروا خارج البلاد، معظمهم إلى البلدان المجاورة.ومضت هاريسون تقول: “إن إحدى المهمات الأشد إلحاحاً أمام أية حكومة جديدة تتمثل في ضمان حصول جميع الذين هم بحاجة إلى مساعدات إنسانية طارئة على مثل تلك المساعدات بدون تأخير.”وقالت منظمة العفو الدولية إن من واجب المجتمع الدولي تخفيف الأزمة الإنسانية في سورية – قبل أية مرحلة انتقالية وبعدها.وينبغي توفير السكن والغذاء والماء والتمديدات الصحية وخدمات الرعاية الصحية، ويتعين على المجتمع الدولي أن يساعد على تحمل هذا العبء.وتسعى الأمم المتحدة وغيرها من الوكالات الدولية إلى الحصول على مساهمات مالية عاجلة لمساعدة الناس المحتاجين، سواء من الموجودين داخل سورية أو ممن فروا إلى الخارج.ومضت هاريسون تقول: “إن البلدان المضيفة للاجئين من سورية يجب ألا تعيدهم قسراً إلا بعد تحسُّن الأوضاع الأمنية وأوضاع حقوق الإنسان في بلادهم بما يسمح لهم بعودة آمنة وكريمة ودائمة.”وقد دعت منظمة العفو الدولية مختلف الحكومات إلى الإعراب عن تضامنها مع البلدان المجاورة لسورية والتي تستضيف حالياً معظم اللاجئين، وحثتها على اتخاذ خطوات حقيقية لتقاسم المسؤولية معها.كما حثت المنظمة الشخصيات السورية والدولية الذين يناقشون مستقبل البلاد على الالتـزام بمكافحة التمييز والعنف، ولا سيما ضد النساء، في حالة وصولهم إلى السلطة في المستقبل.وقالت هاريسون: “لطالما شهدنا في السنوات الأخيرة كيف تهبط حقوق المرأة إلى ذيل جدول أعمال الحكومات الانتقالية- وهو أمر يتعين على السلطات في مرحلة ما بعد النـزاع في سورية أن تمنع حدوثة.””إن القطع مع إرث أكثر من 40 عاماً من الأنماط المستحكِمة لانتهاكات حقوق الإنسان سيتطلب شجاعة فائقة وإرادة سياسية وتدابير فعالة.””ولكن السوريين، بعد أن شهدوا عقوداً من القمع الخانق وأشهراً من النـزاع المدمر، يريدون دولة تقوم على احترام حقوق الإنسان وحكم القانون، وهم يستحقونها.”