منظمة العفو الدولية تحث القيادة الليبية على إعطاء الأولوية لحقوق الإنسان
  

صرحت منظمة العفو الدولية اليوم بأنه يتعين على القيادات السياسية في ليبيا – وخصوصاً أعضاء المؤتمر الوطني العام المنتخب – أن تأخذ خطوات فورية من شأنها أن تضع حداً لانتهاكات حقوق الإنسان، وتقود إلى فرض سيادة القانون. وفي إعلانها لحقوق الإنسان في ليبيا، حذّرت منظمة العفو الدولية قادة ليبيا من مغبة عدم لجم عنان الميليشيات المسلحة، ومحاسبتهم، وأن البلاد سوف تصبح في حال التقاعس عن القيام بذلك عرضة لتكرار ارتكاب الانتهاكات الحقوقية ذاتها التي أدت في نهاية المطاف إلى قيام ثورة 17 فبراير ضد الحكم القمعي لمعمر القذافي. وفي معرض تعليقها على الموضوع، قالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، حسيبة حاج صحراوي: “تردنا في كل يوم مناشدات استغاثة يائسة من ضحايا الانتهاكات الحقوقية في أنحاء ليبيا كافة؛ حيث يناشدنا أصحابها التدخل، وتوفير الحماية لهم”. وأضافت حاج صحراوي القول: ” نسمع عن أفراد يتعرضون للاختطاف على أيدي الميليشيات المسلحة، وللتعذيب حتى الموت، والإخلاء القسري من منازلهم، والقتل أو الإصابة أثناء المواجهات المسلحة.  وكان ينبغي لمثل تلك الممارسات أن تختفي بزوال حقبة القذافي، بيد أنها لا زالت مستمرة في ظل مناخ يشجع على الإفلات من العقاب”.   وفي 24 سبتمبر/ أيلول الجاري، تقدمت منظمة العفو الدولية بإعلان حول حقوق الإنسان وضعته بين يدي لجنة حقوق الإنسان المُنشأة حديثاً تحت مظلة المؤتمر الوطني العام,  ولقد تضمن إعلان المنظمة 10 خطوات رئيسية تهدف إلى تعزيز حقوق الإنسان.  ولقد أبدى رئيس المؤتمر الوطني العام، محمد المقريّف، و59 من زملاءه أعضاء المؤتمر المنتخبين تأييدهم لطلب العفو الدولية مخاطبة كامل أعضاء المؤتمر الوطني العام، بيد أن أعضاء المؤتمر قد اتخذوا قراراً برفض الطلب عقب طرحه للتصويت الأسبوع الماضي.  وخلال الاجتماع الذي جمعه مع منظمة العفو الدولية في 21 سبتمبر/ أيلول الجاري، أقر المقريف بالانتهاكات الحقوقية الجارية، وأشار إلى التزامه بالسعي من أجل وضع حدٍ لها.وأشار رئيس المؤتمر الوطني العام خلال اللقاء إلى أنه لا يجوز استخدام الانتهاكات التي ارتكبتها حكومة القذافي في الماضي كمبرر لأشكال الإساءة الجارية الآن، ولا اتخاذها كذريعة للانتقام من مؤيديه المزعومين.  ولقد أكد المقريف على الدعوات التي أطلقتها العفو الدولية بخصوص الحاجة إلى نزع سلاح الميليشيات، وإصلاح قطاع الأمن وأجهزته، وإعادة تشكيل الجهاز القضائي بشكل جذري.  وأضافت حسيبة حاج صحراوي معلقةً: “ليس ثمة من ملاذ يلجأ الضحايا إليه في معرض مساعيهم لإقامة العدل والحصول على التعويضات طالما ظل الجهاز القضائي يعاني الشلل التام تقريباً”. وأردفت حاج صحراوي قائلةً: “وفي سبيل وضع حد لحلقة الإساءة، تكتسي عملية تدقيق وفحص أعضاء الجهاز القضائي وتمحيصهم أهمية كبيرة بغية استبعاد من يثبت ضلوعه منهم في عمليات الاحتجاز التعسفي، والمحاكمات الجائرة، وغيرها من الانتهاكات؛ كما تكتسي مسألة ضمان استقلالية القضاء أهمية مشابهة من أجل تحقيق الهدف ذاته. اذا أحس الضحايا أن القضاء قادر على حماية حقوقهم فلن يشعروا بالحاجة لأخذ القانون بأيديهم والبحث عن الانتقام.”ولا زال آلاف المحتجزين المتهمين بالقتال إلى جانب حكومة القذافي أو مساندتها قيد الاحتجاز دون توجيه أي تهم إليهم أو محاكمتهم – وقد مضى على احتجاز البعض منهم أكثر من عام على هذه الحال. كما أن الميليشيات المسلحة ما انفكت تلجأ إلى خطف الأشخاص واحتجازهم في مراكز حجز غير رسمية.  وتتفشى ممارسات من قبيل التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، الأمر الذي أفضى إلى وقوع الكثير من حالات الوفاة.  ولقد أُجبر عشرات الألوف على مغادرة منازلهم، ولا زالوا مشتتين في مختلف أنحاء البلاد. وتقع أشكال الانتهاكات تلك في ظل مناخ يسوده الخوف، الأمر الذي يخلق نوعاً من التردد بين  الناشطين الحقوقيين والمحامين والصحفيين في رفع أصواتهم في العلن.  ويمكن القول بأن مخاوفهم هذه هي مخاوف مبررة، وذلك كونهم قد جوبهوا بالتهديد، وتعرضوا للاعتقال، وحتى أنه جرى التعرض لهم بالعنف الجسدي. واختتمت حاج صحراوي تعليقها قائلةً: “ثمة فرصة سانحة أمام المؤتمر الوطني العام كي ينأى بنفسه عن دائرة الانتهاكات الحقوقية، والإفلات من العقاب، وقمع المعارضة التي اتسمت بها أربعة عقود من الانتهاكات الحقوقية الممنهجة في ليبيا إبان حكم القذافي.  ولقد آن الأوان كي تبادر القيادة السياسية الجديدة في ليبيا إلى ترجمة التزاماتها الحقوقية إلى أفعال، لا أن تبقى مجرد أقوال”.