مصر: سلطات الجيش غير المقيَّدة تهديد لحقوق الإنسان

قالت منظمة العفو الدولية إن قرار المجلس العسكري الحاكم في مصر بمنح نفسه سلطات غير مقيَّدة، استباقاً لنتائج الانتخابات الرئاسية، يضع قدمي البلاد على مسار سيفضي إلى المزيد من انتهاكات حقوق الإنسان. وحذرت المنظمة من أنه ما لم يتم تقييد هذه السلطات، سيتمكن العسكر من مواصلة الدوس على حقوق الإنسان دون أن يُسائلهم أحد.فقد أعطى الإعلان الدستوري لمصر، الذي صدر في مارس/آذار من السنة الماضية، الجيش سلطات ليحكم إلى حين انتخاب المصريين رئيساً ومجلساً للشعب. بيد أن “المجلس الأعلى للقوات المسلحة” الحاكم قام، يوم الأحد الماضي، بتعديل “الإعلان” ليتيح لنفسه السيطرة على جميع الشؤون المتعلقة بالقوات المسلحة. وتعفي التعديلات الجيش، في نهاية المطاف، من الخضوع للإشراف المدني. ويسمح تعديل جديد مهم لرئيس مصر دعوة الجيش إلى مكافحة “الاضطرابات داخل البلاد”. وإذا ما أقر هذا، فسيكون على القانون المصري تحديد ولاية الجيش وسلطات القبض والاحتجاز التي يتمتع بها، والظروف التي يحق له فيها استخدام القوة. وفي هذا السياق، قال فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إنه “لما يبعث على القلق الشديد أن الجيش قد مهد الطريق لمواصلته القبض على المدنيين واعتقالهم، وكذلك لاستخدام القوة ضد المحتجين، دونما إشراف فعال على تصرفاته”. “وينبغي على الجيش المصري- الذي لا يتمتع بسجل طيب في مضمار حقوق الإنسان- أن لا يملك بين يديه، في أي ظرف من الظروف، سلطة القبض والاعتقال والتحقيق مع المدنيين.”فقد دأبت منظمة العفو الدولية على توثيق ارتكاب الجيش المصري انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان منذ تسلمه السلطة في فبراير/شباط 2011. وشملت هذه الانتهاكات القبض التعسفي على آلاف المدنيين وتعذيبهم وتقديمهم إلى محاكمات عسكرية تفتقر إلى النزاهة. وفي الأسبوع الماضي، أدانت المنظمة منح وزارة العدل الشرطة العسكرية ورجال الاستخبارات صلاحيات مماثلة لسلطات الشرطة أثناء تعاملها مع المدنيين الذين يشتبه بأنهم قد ارتكبوا جرائم ضد الأمن الوطني أو النظام العام. كما قامت منظمة العفو الدولية بتوثيق سلسلة من حملات القمع المميتة ضد المحتجين على يد الجيش المصري. وشملت هذه قتل 27 محتجاً في محيط مبنى ماسبيرو، في القاهرة، في أكتوبر/تشرين الأول؛ و50 في شارع محمد محمود، بالقرب من وزارة الداخلية في القاهرة، في نوفمبر/تشرين الثاني؛ و17 في احتجاجات محيط مبنى مجلس الوزراء، بالقاهرة، في ديسمبر/كانون الأول. ومضى فيليب لوثر إلى القول: “بالنظر لسجل الجيش في استخدام القوة المفرطة ضد المحتجين، ينبغي عدم نشر القوات المسلحة للقيام بعمل شرطي أثناء المظاهرات السلمية”.وتثير الأحكام الجديدة في تعديلات الإعلان الدستوري بواعث قلق خطيرة بشأن ما إذا كان هناك الآن أي مجال لمحاسبة الجيش على انتهاكاته لحقوق الإنسان. فبموجب التعديلات، سيحدد القانون المصري “حالات انتفاء المسؤولية” الجيش عن أفعاله، في حال تدخل الجيش فعلياً للتصدي “للاضطرابات”. وتساور منظمة العفو الدولية بواعث قلق من أن الصياغة الغامضة التي وضعت بها التعديلات قد تكون خطوة من جانب الجيش لحماية قواته من التحقيقات والمقاضاة على انتهاكات حقوق الإنسان. وقال فيليب لوثر: “إن إجراء الجيش هذا إنما يسلط الضوء على عزمه البقاء فوق القانون، وكذلك على الدوس على سيادة القانون، سواء بسواء”. “فحتى الآن،لم تفضِ التحقيقات العسكرية المزعومة في انتهاكات العسكر إلى محاسبة ولو فرد واحد من منتسبي القوات المسلحة.” وتعطي التعديلات، التي أدخلت على إعلان المجلس الأعلى، الجيش سلطة تشكيل جمعية تأسيسية جديدة- وهي الهيئة المكلفة بكتابة دستور مصر المقبل والممثلة لمختلف فئات المجتمع- في حال عدم قدرة الجمعية التأسيسية الحالية على إكمال عملها. وتذهب التعديلات، أكثر من ذلك، إلى السماح “للمجلس الأعلى للقوات المسلحة” بالاعتراض على أي مادة تقترحها الجمعية التأسيسية. إن بواعث قلق تساور منظمة العفو الدولية من أن هذا سوف يفتح الأبواب أمام الجيش كي يرفض أي محاولة من جانب الجمعية التأسيسية لتقييد دور العسكر، ووضعهم تحت إشراف مدني،  أو لإخضاع قواته للمساءلة عما ترتكبه من انتهاكات لحقوق الإنسان.وأكدت المنظمة أن من الأمور الحاسمة أن تكفل أي جمعية تأسيسية لمصر مشاركة المرأة والأقليات في عملها، على قدم المساواة وبصورة متكافئة.