تقرير منظمة العفو الدولية للعام 2012: لم تعد الأمور كالمعتاد بالنسبة للاستبداد والظلم

هناك حاجة ماسة لمعاهدة قوية بشأن الاتجار في الأسلحة، مع تزايد الدلائل على عجز مجلس الأمن الدولي عن تحقيق غرض المعاهدة.بمناسبة إصدار التقرير السنوي الخمسين لمنظمة العفو الدولية عن حالة حقوق الإنسان في العالم، دعت المنظمة إلى اعتماد معاهدة قوية بشأن الاتجار في الأسلحة في وقت لاحق من العام الحالي. وقالت المنظمة إن البسالة التي أبداها المحتجون في مناطق شتى من العالم على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية قد صاحبها تقاعس قادة الدول، وهو الأمر الذي جعل مجلس الأمن الدولي يبدو ضعيفاً ومتعثر الخطى وعاجزاً بصورة متزايدة عن تحقيق هدف تلك المعاهدة.وقال سليل شيتي، الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، “لقد امتد تقاعس القادة إلى شتى دول العالم خلال العام الماضي، إذ كان السياسيون المسؤولون يواجهون الاحتجاجات بالوحشية أو باللامبالاة. ويتعين على الحكومات أن تبرهن على شرعية وجودها في موقع القيادة، وأن ترفض الظلم، وذلك بحماية المستضعفين والحد من نفوذ الأقوياء. لقد حان الوقت لإعطاء الأولوية لمصالح البشر قبل مصالح الشركات وللحقوق قبل الأرباح”.والملاحظ أن التأييد الحماسي الصريح الذي أبدته كثير من القوى الدولية والإقليمية لحركات الاحتجاج خلال الشهور الأولى من عام 2011 لم يُترجم إلى أعمال ملموسة. وبينما يتأهب المصريون للتوجه إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد، يبدو بشكل متزايد وكأن فرص التغيير التي خلقها المحتجون تتعرض للتبديد.ومضى سليل شيتي قائلاً: “كثيراً ما اتضح على مدار العام الماضي أن التحالفات الانتهازية والمصالح المالية تعوق حقوق الإنسان، حيث تتنافس قوى دولية من أجل بسط نفوذها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومن ثم، يجري التشدق بشعارات حقوق الإنسان إذا كانت تخدم مصالح سياسية أو مصالح الشركات، بينما تُنحى هذه الشعارات جانباً إذا كانت غير ملائمة لهذه المصالح أو إذا كانت حجر عثرة في طريق جني الأرباح”. وكان من شأن التقاعس عن التدخل في سري لنكا، وعن اتخاذ موقف بشأن الجرائم ضد الإنسانية في سوريا، وهي واحدة من الدول الأساسية المستوردة للأسلحة من روسيا، قد جعل مجلس الأمن الدولي يبدو عاجزاً عن القيام بدوره كحارس للسلام العالمي. وكثيراً ما كانت القوى الاقتصادية الصاعدة حديثاً، مثل الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، ضالعةً في هذا من خلال صمتها.وقال سليل شيتي: “هناك حجة واضحة وقوية لمطلب إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية من أجل التحقيق في جرائم ضد الإنسانية. إلا إن تصميم بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي على توفير حماية لسوريا بأي ثمن يؤدي إلى التهرب من المحاسبة عن هذه الجرائم، كما إنه يمثل خيانة للشعب السوري”.ويوثِّق تقرير منظمة العفو الدولية للعام 2012 قيوداً محددة على الحق في حرية التعبير فيما لا يقل عن 93 دولة، كما يوثِّق حالات لأشخاص تعرضوا للتعذيب أو غيره من صنوف المعاملة السيئة فيما لا يقل عن 101 دولة، وكان ذلك في كثير من الحالات بسبب مشاركتهم في مظاهرات”.وأضاف سليل شيتي قائلاً: “إن الإطاحة ببعض القادة، مهما كان طغيانهم، لا تكفي لتحقيق تغيير طويل الأمد. ومن ثم، ينبغي على الحكومات أن تعزز حرية التعبير، سواء داخل بلادها أو خارجها، وأن تأخذ المسؤوليات الدولية على محمل الجد، وأن تعمل على إقامة نظم وهياكل تكفل العدالة والحرية والمساواة أمام القانون”.وسوف يكون اجتماع الأمم المتحدة في يوليو/تموز القادم، من أجل الموافقة على “معاهدة الاتجار في الأسلحة” بمثابة اختبار للسياسيين المسؤولين لمعرفة ما إذا كانوا سيعطون الأولوية للحقوق بدلاً من المصالح الذاتية والأرباح. فبدون معاهدة قوية، سوف يكون دور مجلس الأمن الدولي كحارس للسلام العالمي عرضةً للإخفاق، إذ تملك الدول ذات العضوية الدائمة في المجلس حقاً مطلقاً للاعتراض على أي قرار، بالرغم من أنها أكبر مورد للأسلحة في العالم.واختتم سليل شيتي تصريحه قائلاً: “لقد أثبت المحتجون أن التغيير أمر ممكن. فقد طرحوا تحدياً يتمثل في مطالبة الحكومات بالدفاع عن العدالة والمساواة والكرامة، وأظهروا أن القادة الذين لا يلبون هذه الطموحات لن يكونوا مقبولين بعد اليوم. وإذا كان عام 2012 قد بدأ بداية غير مشجعة، فمن الضروري أن يصبح عاماً للفعل”.ومن بين التطورات العالمية الأخرى التي يُسلط عليها الضوء في تقرير منظمة العفو الدولية للعام 2012:

أن الدول الأكثر قمعاً، بما في ذلك الصين، تسخِّر كل عتادها الأمني من أجل خنق الاحتجاجات. ولم يكن هناك أي تحسن في الوضع المريع لحقوق الإنسان في كوريا الشمالية.أن صدى الانتفاضات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كان يتردد عالياً في البلدان الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، ولكن القوة المفرطة استُخدمت ضد المحتجين في بلدان شتى، من أنغولا إلى السنغال وأوغندا.أن الاحتجاجات الاجتماعية تكتسب زخماً في الأمريكيتين، وكثيراً ما دفعت عموم الناس إلى مواجهات مع المصالح الاقتصادية والسياسية القوية. وقد تعرض عدد من النشطاء للتهديد والقتل في بلدان شتى، من بينها البرازيل وكولومبيا والمكسيك.في روسيا، تنامت الأنشطة المدنية، وشهدت البلاد أكبر مظاهرات منذ انهيار الاتحاد السوفيتي السابق؛ ولكن الأصوات المعارضة تعرضت للإخماد والقمع بشكل منظم.لم تظهر أية دلائل على حدوث تغيرات ذات مغزى في بلدان مثل تركمانستان وأوزبكستان. وأقدمت أذربيجان، التي تستضيف مسابقة الأغنية الأوروبية لهذا العام، على قمع حرية التعبير، ولا يزال 16 من سجناء الرأي يقبعون خلف القضبان هناك لأنهم جاهروا برأيهم في عام 2011.اندلع العنف في أعقاب التصويت على استقلال جنوب السودان، إلا إن مجلس الأمن الدولي، وكذلك مجلس الأمن والسلم في الاتحاد الإفريقي، تقاعسا مرة أخرى عن إدانة الانتهاكات، بما في ذلك عمليات القصف العشوائي دون تمييز التي شنتها القوات المسلحة السودانية، أو قيام الحكومة السودانية بإغلاق الولايات المتضررة في وجه المنظمات الإنسانية.بينما هيمنت الانتفاضات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الاهتمام العالمي؛ فقد تأججت المشاكل الأخرى التي طال أمدها في المنطقة. فقد أصبحت حكومة إيران أكثر عزلةً، ولم تُظهر أي تسامح مع المعارضة، واستخدمت عقوبة الإعدام بشكل منظم ولا يفوقها في ذلك سوى الصين، بينما شنت السعودية حملات قمع على المحتجين. وواصلت إسرائيل حصارها لقطاع غزة، مما يطيل من أمد الأزمة الإنسانية هناك، كما واصلت توسيع المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية. واستهدفت كل من حركة “فتح” وحركة “حماس” الفلسطينيتين أنصار الحركة الأخرى المنافسة، وتبادلت القوات الإسرائيلية والجماعات الفلسطينية المسلحة شن الهجمات الثأرية في غزة.اتخذت حكومة ميانمار قراراً بالغ الأهمية بإطلاق سراح ما يزيد عن 300 من السجناء السياسيين، مما أتاح للسيدة أونغ سان سو كي الترشح في الانتخابات. إلا إن هذه الإصلاحات بدت محدودة مع تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بالنزاع في مناطق الأقليات العرقية، وكذلك تعرض النشطاء للمضايقة والاعتقال.تصاعدت الانتهاكات ضد تجمعات السكان الأصليين في الأمريكيتين من أجل استغلال الموارد الطبيعية، وتزايد التمييز ضد أشخاص بسبب ميولهم الجنسية أو هويتهم النوعية في إفريقيا، وتزايد استخدام العبارات التي تنطوي على كراهية للأجانب من بعض السياسيين في أوروبا، كما تزايدت احتمالات التعرض لأعمال إرهابية على أيدي منظمات إسلامية مسلحة في إفريقيا.كان من بين دلائل التقدم تنامي الاتجاه العالمي لإلغاء عقوبة الإعدام، وتهاوي الحصانة عن الانتهاكات التي وقعت في الماضي في بلدان الأمريكيتين، والخطوات التاريخية نحو إقرار العدالة في أوروبا، والقبض على الجنرال راتكو ملاديتش وزعيم الصرب الكرواتيين غوران هازيتش لكي يواجها المحاكمة عن الجرائم التي ارتكبت في الحروب التي شهدتها يوغسلافيا السابقة خلال عقد التسعينيات من القرن العشرين.تنويه للمحررين

1. تقرير منظمة العفو الدولية للعام 2012: حالة حقوق الإنسان في العالم، يغطي الأحداث في الفترة من يناير/كانون الثاني حتى ديسمبر/كانون الأول 2011.2. للحصول على مزيد من المعلومات عن الوقائع أو الإحصائيات أو المواد السمعية والبصرية، أو للحصول على تفاصيل عن الأنشطة الإعلامية أو غير ذلك من المعلومات، يُرجى إرسال رسالة إلى العنوان التالي: [email protected] 3. للحصول على مزيد من المعلومات أو لترتيب مقابلة مع أحد المتحدثين باسم منظمة العفو الدولية، أو مع المشاركين في طليعة النضال من أجل حقوق الإنسان، يُرجى الاتصال بالقسم الإعلامي في منظمة العفو الدولية. الهاتف: + 44 (0) 20 7413 5566 ، البريد الإلكتروني: [email protected]. تابعونا على Twitter @amnestypress