لقد آن الأوان كي تبادر المملكة المتحدة إلى كشف الحقائق المتعلقة بتورطها في قضية تسليم أحد الليبيين إلى النظام السابق

صرحت منظمة العفو الدولية بأنه يتعين على المملكة المتحدة أن تضمن تحقيق المساءلة الكاملة فيما يتعلق بدورها في عملية تسليم أحد الليبيين إلى النظام السابق في عام 2004 وتعذيبه واحتجازه بشكل غير مشروع؛ وقد بادر الليبي الذي جرى تسليمه إلى رفع دعوى مدنية ضد وزير الخارجية البريطاني الأسبق جاك سترو، بتهمة التسبب بالتعذيب والتقصير في أداء الواجب العام، زاعماً ضلوع جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني (MI6) في العملية، ومطالباً بالتعويض عما لحق به من أضرار جراء ذلك. وتُعتبر هذه أحدث خطوة في سلسلة الدعاوى القانونية التي قام كل من عبد الحكيم بلحاج وزوجته فاطمة بوشر وليبي آخر يُدعى سامي السعدي وأسرته بتحريكها ضد السلطات البريطانية جراء دورها المزعوم في تسليمهم إلى ليبيا.وتُعد هذه الدعوى المدنية الأولى من نوعها كونها تذكر اسم أحد وزراء الحكومة السابقة على وجه التحديد. ولقد شرعت شرطة العاصمة بالتحقيق في هذه المزاعم منذ يناير/ كانون الثاني من عام 2012. وفي معرض تعليقه على الأمر، قال مدير برنامج أوروبا وآسيا الوسطى في منظمة العفو الدولية، جون دالهويزن: “لقد أخذت الكثير من المزاعم والأدلة المادية التي تشير إلى ضلوع المملكة المتحدة في عمليات تسليم معتقلين إلى ليبيا بالتراكم على نحو متزايد منذ أمد بعيد”.وأردف قائلاً: “إن الإعلان مؤخراً عن تحريك أحد ضحايا عمليات التسليم تلك لدعوى قانونية من شأنه أن يصبح أحد أهم الخطوات نحو تحقيق المساءلة من خلال المحاكم المدنية، وتظل هذه الدعوى أحد العوامل التي تذكّرنا على الدوام بتقاعس السلطات في المملكة المتحدة عن القيام بفتح تحقيق يراعي حقوق الإنسان في تلك المزاعم وغيرها من الإدعاءات المتعلقة بضلوع المملكة المتحدة في عمليات تعذيب وانتهاكات حقوقية”.  وتأتي هذه الدعوى في الوقت الذي تخطط الحكومة البريطانية فيه لتمرير تشريع جديد يستهدف ما تعتبره قضايا تمس “الأمن القومي”.  ومن شأن تلك المقترحات التشريعية متى ما جرى إقرارها أن تُتيح للسلطات اللجوء إلى إبراز أدلة سرية خلف أبواب مغلقة، ودون السماح للمدعي ومحاميه بالاطلاع عليها.   وكانت الحكومة قد اقترحت بأن يتم اعتماد هذا الأسلوب لدى النظر في ذلك النوع الدعاوى التي تُرفع ضد أجهزة الاستخبارات وغيرها من الدوائر والوزارات الحكومية.واضاف دالهويزن قائلاً: “وتأتي هذه الدعوى القانونية في ظل المقترحات الحكومية الرامية إلى ضمان النظر في كافة الدعاوى المدنية المرفوعة ضد الهيئات الحكومية ووكالات الاستخبارات، والتي تنطوي على مسائل ترتبط “بالأمن القومي”، بشكل سري وخلف أبواب مغلقة.  وإذا ما جرى تمرير تلك المقترحات، فسوف تزداد صعوبة الأمر على ضحايا عمليات التسليم والتعذيب في سعيهم إلى تحقيق المساءلة والإنصاف”.  واختتم دالهويزن تعليقه بالقول: “تُعتبر الدعوى التى جرى تحريكها اليوم بمثابة تذكير صارخ بمدى أهمية ضمان عدم إضفاء طابع من السرية على مثل تلك القضايا التي يُزعم تورط المملكة المتحدة فيها بارتكاب انتهاكات حقوقية خطيرة، وأنه ينبغي بدلاً من ذلك التعامل معها بشكل يتسم بالانفتاح والشفافية والإنصاف”.   وعقب تسليمه إلى السلطات الليبية من تايلاندا، احتُجز عبد الحكيم بلحاج في سجن أبو سليم سيء الصيت بطرابلس إلى أن أُطلق سراحه في مارس/ آذار من عام 2010.  ويشغل بلحاج منصب رئيس المجلس العسكري في طرابلس حالياً.  وقد التقى مندوبو منظمة العفو الدولية به في سبتمبر/ أيلول 2011، وهم الذين قاموا بزيارة سجن أبو سليم في مايو/ أيار 2009 عندما كان عبد الحكيم محتجزاً فيه.