يتعين على الجيش المصري أن يتحمل مسؤولياته إزاء مقتل المحتجين الأقباط

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يتعين على المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر أن يقدم توضيحاً على وجه السرعة لأسباب تحول احتجاج ضد التمييز الديني إلى حمام دم، وذلك عقب الاحتجاجات الدموية في القاهرة الأحد، التي خلفت ما لا يقل عن 25 قتيلاً.

وجُرح في الحادثة كذلك ما يربو على 200 شخص –  بمن فيهم العديد من المحتجين، وحسبما ذكر أفراد من قوات الأمن –  في أسوأ عنف تشهده مصر منذ تنحي الرئيس السابق حسني مبارك في فبراير/شباط.

وأظهرت لقطات فيديو صورت في الموقع عربات عسكرية وهي تدهم محتجين وتدهس أجسادهم أثناء اقتحامها الشوارع المكتظة.

وقالت منظمة العفو الدولية: “لا يستطيع المرء إلا أن يتعجب إزاء الأوامر التي أعطيت وأدت إلى أن تدهس المركبات العسكرية المحتجين في الشوارع. وإذا كانت الشرطة العسكرية وغيرها من قوات الأمن قد تصرفت دون أوامر، فهذا يثير أسئلة حول قدرتها على القيام بواجبها في حراسة المظاهرات في المقام الأول”.  

“والآن، يتعين على المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر أن يبيِّن أنه قادر على السيطرة على قوات الأمن وعلى ضمان عدم استخدامها القوة المفرطة. كما يتعين إصدار التعليمات لقوات الأمن بذلك  فوراً، ومباشرة تحقيق مستقل فيما حدث.”

وأبلغ عاملون طبيون في المستشفى القبطي بالقاهرة الذي استقبل عدداً كبيراً من الموتى والمصابين عقب الحادثة منظمة العفو الدولية أن الإصابات القاتلة شملت جروحاً تسببت عن رصاص حي وعن سحق أجزاء من الجسم نتيجة دهس العربات العسكرية أجساد الأشخاص بصورة متعمدة.

ووصف شهود عيان كيف أن قوات أمن في عربات مصفحة فتحت النار على المحتشدين وقتلت أو أصابت المحتجين بدهس أجسادهم.

ويدعي مسؤولون عسكريون أن مجموعة من المحتجين هي التي بدأت العنف، وقالوا إنهم يعتزمون فتح تحقيق. وقالت تقارير أخرى إن “بلطجية” استأجرهم أعضاء في “الحزب الوطني الديمقراطي” المنحل، الحزب السياسي لحسني مبارك، كانوا وراء العنف.

وبدأ النائب العام أمس التحقيق مع من أصيبوا بجروح في الاشتباكات، بينما جرى اعتقال 21 شخصاً لفترة 15 يوماً، في انتظار المزيد من التحقيقات.

وأمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة أمس بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق للتحقيق في الحادثة.

وقالت منظمة العفو الدولية: “يتعين لأي تحقيق في مصادمات الأحد أن يكون مستقلاً وغير منحاز، وأن يقدِّم الإجابات للجمهور المصري ويحدد المسؤولين”.

“ومن غير الممكن أن يكلف الجيش بهذا التحقيق ويجب أن يكون مستقلاً حقاً، وأن يرى الشهود وعائلات الضحايا أنه كذلك كي يثقوا بأنهم يستطيعون تقديم شهاداتهم بأمان وينتظروا أن يكون الأمر أكثر من مجرد عملية تستر على ما حدث.”

وتساور منظمة العفو الدولية بواعث قلق بالغ كذلك بشأن الطريقة التي تحدث بها تلفزيون الدولة عن الأمر، حيث قال إن قوات الأمن تعرضت لهجوم من المحتجين ودعا المصريين إلى دعمها و”الدفاع” عنها، مما زاد من تفاقم الأمور.

كما تعرضت محطتا تلفزيون كانتا تغطيان الاحتجاجات، وهما 25TV و”الحرة”، للمداهمة من جانب قوات الأمن، وعلى ما يبدو بغرض الحيلولة دون النقل المستقل للأحداث.

وقالت منظمة العفو الدولية: “لقد سارع المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى إلقاء اللوم على ‘مؤامرات’ خارجية وعلى التوترات الطائفية، أو على المحتجين”.

“وقد رفض المجلس حتى الآن قبول فكرة أن المسؤولية عن العنف ربما تقع على طريقته في إدارة أمن المظاهرات.”

وتأتي هذه الحادثة الأخيرة على خلفية التوترات الطائفية، التي شهدت مصر تصاعداً لها في الأشهر الأخيرة. ومع أن الأقباط يشكلون ما يقرب من 10 بالمائة من سكان مصر، إلا أن السياسات الرسمية تميِّز ضدهم، بما في ذلك بحرمانهم من بناء دور للعبادة.

وليس الهجوم على الكنيسة القبطية في منطقة أسوان في 30 سبتمبر/أيلول، الذي أشعل فتيل هذه الاحتجاجات، سوى الحادث الأخير في سلسلة من مثل هذه الحوادث. وقد قالت السلطات إن الكنيسة قد بنيت من غير ترخيص.

وكانت الحكومة قد أعلنت في مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين، عقب اشتباكات طائفية، عن خطط لإصدار‏ قانون موحد لبناء دور العبادة، ولفتح جميع الكنائس المغلقة عقب دراسة كل حالة علي حدة. ولم يصدر أي قانون من هذا القبيل، بينما وعدت الحكومة في اجتماع لها أمس بأن يقر هذا القانون خلال أسبوعين.