الإمارات العربية المتحدة: أوقفوا محاكمة الناشطين المتهمين بإهانة المسؤولين

قالت أربع منظمات دولية لحقوق الإنسان إنه ينبغي على سلطات الإمارات العربية المتحدة وقف محاكمة خمسة نشطاء قبض عليهم عقب دعوتهم إلى إصلاحات ديمقراطية. وتأتي هذه الدعوة قبيل استئناف محاكمة الناشطين، بتهمة “الإهانة العلنية” لرئيس الإمارات العربية المتحدة ومسؤولين آخرين كبار، في 18 يوليو/تموز أمام المحكمة الاتحادية العليا لأبو ظبي على خلفية حملة قمعية أوسع نطاقاً تستهدف الرأي المخالف في الإمارات العربية المتحدة. ودعت المنظمات الحقوقية الأربع – وهي منظمة العفو الدولية و”الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان” و”مدافعو الخط الأمامي” و”هيومان رايتس ووتش” – في بيان مشترك سلطات الإمارات العربية المتحدة إلى التخلي عن المحاكمة وإخلاء سبيل الرجال المحتجزين فوراً. ويتيح قانون العقوبات الإماراتي للحكومة حبس الأشخاص ببساطة لتعبيرهم السلمي عن آرائهم، وبما يخالف الضمانات الدولية الواضحة لحق الإنسان في حرية التعبير. وفي هذا السياق، قال فيليب لوثر، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن “حكومة الإمارات العربية المتحدة تستخدم تهمة التشهير كذريعة لمقاضاة الناشطين على تعبيرهم السلمي عن معتقداتهم بشأن طريقة إدارة البلاد. ونعتبر الرجال الخمسة جميعاً سجناء رأي وندعو سلطات الإمارات العربية المتحدة إلى الإفراج عنهم دون قيد أو شرط”. والرجال الخمسة معتقلون منذ أبريل/نيسان، عندما أعلن النائب العام أنهم في “الحجز الاحتياطي” بتهمة “التحريض ومخالفة القوانين وارتكاب أفعال تشكل تهديداً لأمن البلاد، وزعزعة النظام العام، ومعارضة نظام الحكم، وإهانة الرئيس ونائب الرئيس وولي عهد أبو ظبي”. وفي أوائل يونيو/حزيران، وجهت إلى الرجال الخمسة تهم بمقتضى المادة 176 من قانون العقوبات، الذي يجعل من إهانة كبار المسؤولين في الدولة علانية جرماً جنائياً.ووجهت إلى اثنين من الرجال الخمسة، وهما المدوِّن أحمد منصور والمحاضر الجامعي ناصر بن غيث، تهمة استخدام منبر “حوار الإمارات العربية المتحدة” السياسي على الشبكة “للتآمر ضد سلامة وأمن الدولة بالشراكة مع قوى أجنبية”. وقالت المنظمات الحقوقية إن الحكومة لم تقدم أي أدلة مشروعة لدعم هذا الادعاء. ولم تعثر منظمات حقوق الإنسان على أدلة بأن الرجال قد استخدموا العنف أو حرضوا عليه في أنشطتهم السياسية.ويواجه أحمد منصور تهماً إضافياً تتعلق بتحريض آخرين على مخالفة القانون، وبالدعوة إلى مقاطعة الانتخابات وإلى تنظيم مظاهرات. وكان قد أعرب في مارس/آذار، وقبيل القبض عليه بفترة وجيزة، عن دعمه الصريح لعريضة وقعها ما يربو على 130 شخصاً ودعوا فيها إلى أن يقر رئيس الإمارات العربية المتحدة إجراء انتخابات شاملة ومباشرة لاختيار أعضاء “المجلس الوطني الاتحادي”، وإلى إعطاء هذه الهيئة سلطات تشريعية. وتعليقاً على ذلك، قالت ساره ليا ويتسون، مديرة قسم الشرق الأوسط في “هيومان رايتس ووتش”: “في هذا اليوم وهذا العصر، ومع كل ما يحدث في الإقليم، من المثير للقلق ومن غير المعقول أن تحاكم الإمارات العربية المتحدة ناشطين لأنهم ببساطة قد نادوا بصوت عال بالديمقراطية. وينبغي على المجتمع الدولي أن يخرج عن صمته ويدين هذه المسخرة القضائية؛ فما كان للحكومة أن تقبض على هؤلاء الرجال في المقام الأول”. وقد واجه الناشطون منذ القبض عليهم – ولا سيما أحمد منصور – حملة ترهيب على شبكة الإنترنت والفضائيات تتهمهم بأنهم متطرفون دينيون وعملاء لجهات أجنبية يريدون إلحاق الضرر بالإمارات العربية المتحدة. وعندما اشتكى الناشطون إلى الشرطة بأنهم يتلقون تهديدات قبل القبض عليهم، قالت السلطات إنها لا تستطيع اتخاذ أي إجراءات ضد المواقع الإلكترونية المسجلة خارج البلاد. وعلق أندرو أندرسون، نائب مدير “مدافعو الخط الأمامي”، على ذلك بالقول: “ينبغي أن يكون هؤلاء الرجال في وضع يتوقعون معه أن السلطات موجودة كي تحميهم من التهديدات والهجمات. وعوضاً عن ذلك، ما شهدناه هو أن الحملة ضدهم تتفاقم دونما أدنى إشارة بأن حكومة الإمارات العربية المتحدة بصدد اتخاذ أي إجراء”.وكجزء من حملة أوسع نطاقاً لقمع حرية التعبير، قامت الحكومة كذلك بحل الهيئات الإدارية المنتخبة “لجمعية الحقوقيين” و”جمعية المعلمين” عقب دعوتهما، مع منظمتين أخريين، في أبريل/نيسان، إلى إصلاحات سياسية. ودعت الجماعات الحقوقية الأربع الحكومة إلى إلغاء قرارها وإلى إعادة الهيئتين الإداريتين السابقتين لهاتين الجمعيتين إلى موقعهما الشرعي. وقالت روضة أحمد، نائبة المدير التنفيذي “للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان”، تعليقاً على حملة القمع التي تمارسها سلطات الإمارات: “إن الإمارات العربية المتحدة لا تخدم لا مواطنيها ولا سمعتها الدولية بسعيها إلى منع النقاش المشروع الذي يدور. وبدلاً من محاولة إسكات الدعوات إلى الإصلاح، من الأفضل لحكومة الإمارات العربية المتحدة أن ترعى هذه الدعوات”.

دروواري دايك، باحث منظمة العفو الدولية بشأن الإمارات العربية المتحدة، يتحدث عن قضية الرجال الخمسة (الفيديو باللغة الانجليزية)

خلفيةالناشطون الخمسة، الذين بدأت محاكمتهم في 14 يونيو/حزيران، هم: أحمد منصور، وهو مهندس ومدون وعضو في “اللجنة الاستشارية لشؤون الشرق الأوسط لمنظمة هيومان رايتس ووتش” وعضو أيضاً في “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان”؛ وناصر بن غيث، وهو اقتصادي ومحاضر جامعي وداعية من أجل الإصلاح السياسي؛ وفهد سالم دلك؛ وأحمد عبد الخالق؛ وحسين علي الخميس، وجميعهم ناشطون على مواقع الإنترنت. وتتيح المادة 176 من قانون العقوبات الإماراتي للسلطات إصدار أحكام بالسجن تصل إلى خمس سنوات على “أي شخص يهين رئيس الدولة أو علمها أو شعارها الوطني علناً”. وتوسع المادة 8 من القانون المروحة العقابية لهذا الحكم لتشمل نائب الرئيس وأعضاء المجلس الأعلى للاتحاد وآخرين.ويكفل دستور الإمارات العربية المتحدة حرية الكلام، التي باتت جذورها راسخة في القانون الدولي لحقوق الإنسان. حيث ينص “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” على أنه “لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين”. وبينما لم تنضم الأمارات العربية المتحدة إلى العهد الدولي كدولة طرف، إلا أنه يشكل مصدراً حاكماً للتشريع ويتضمن مبادئ توجيهية تعكس الممارسات الدولية الفضلى. ولا تسمح المعايير المقبولة دولياً بتقييدات لمحتواه إلا في ظروف استثنائية ضيقة، من قبيل حالات إساءة السمعة أو التشهير التي تستهدف الأفراد أو الخطاب الذي يشكل تهديداً للأمن الوطني. وتكفل المادة 32 من “الميثاق العربي لحقوق الإنسان”، الذي صدّقت الإمارات العربية المتحدة عليه، الحق في حرية الرأي والتعبير وفي نقل الأخبار إلى الآخرين بأية وسيلة من الوسائل. والقيود الوحيدة التي يسمح الميثاق بفرضها على هذا الحق هي تلك التي يفرضها “احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة”.كما إن “إعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان” ينص على أنه ينبغي على الدول أن “تتخذ الدولة جميع التدابير اللازمة التي تكفل لكل شخص حماية السلطات المختصة له بمفرده وبالاشتراك مع غيره، من أي عنف أو تهديد أو انتقام أو تمييز ضار فعلاً أو قانوناً أو ضغط أو أي إجراء تعسفي آخر” نتيجة لمشاركته في أنشطة لحقوق الإنسان.