إسرائيل / الأراضي الفلسطينية المحتلة

لا تتخذ منظمة العفو الدولية أي موقف من قضايا السيادة أو النزاعات الإقليمية. وتستند الحدود على هذه الخريطة إلى بيانات الأمم المتحدة الجغرافية المكانية.
العودة. إسرائيل / الأرض الفلسطينية المحتلة

إسرائيل / الأراضي الفلسطينية المحتلة 2024

ارتكبت إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، بما في ذلك عن طريق التسبُّب في بعض من أعلى أعداد الوفيات بين الأطفال، وكذلك الصحفيين والعاملين في المجالين الطبي والإنساني، في أي نزاع حديث في العالم، وإخضاع الفلسطينيين عمدًا لظروف يُراد بها أن تُفضي إلى تدميرهم المادي. وتسبَّب النزاع المسلح مع لبنان في وقوع وفيات بين المدنيين، وفي عمليات نزوح واسعة. وارتكبت إسرائيل جريمة الفصل العنصري (الأبارتهايد)، بما في ذلك عن طريق النقل القسري والتهجير للفلسطينيين، سواء في إسرائيل أو في الأرض الفلسطينية المحتلة. وتمتع مرتكبو العنف من المستوطنين المدعومين من الدولة بالإفلات من العقاب، بينما سُجن عدد من المعترضين على الخدمة العسكرية بدافع الضمير. وقُتل مئات الفلسطينيين خلال مداهمات اعتقال عسكرية في الضفة الغربية المحتلة. وتعرَّض آلاف الفلسطينيين للاحتجاز التعسفي، وللمعاملة السيئة، التي وصلت إلى حد التعذيب في كثير من الحالات. وقُوبلت أوامر محكمة العدل الدولية بمنع أعمال الإبادة الجماعية، وإنهاء الاحتلال غير القانوني بالتجاهل. وتعرَّضت حرية التعبير والتجمع السلمي لاعتداءات.

خلفية

رسَّخت إسرائيل احتلالها العسكري لكل من قطاع غزة والضفة الغربية، من خلال توسيع وتحصين المناطق العسكرية، والمستوطنات في الضفة الغربية. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، قرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عزل وزير الدفاع آنذاك، يوآف غالانت، وأرجع ذلك إلى وجود خلافات بشأن السيطرة العسكرية الإسرائيلية المباشرة إلى أجل غير مُسمى على قطاع غزة، وتجنيد اليهود الحريديم (المتدينين المتشددين) في الجيش.

وتصاعد بشكل كبير النزاع بين حزب الله، وهو جماعة مسلحة مقرها لبنان، وإسرائيل. وفي 23 سبتمبر/أيلول، شن الجيش الإسرائيلي عملية سهام الشمال. وفي 1 أكتوبر/تشرين الأول، بدأت إسرائيل غزوًا بريًا لجنوب لبنان. وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني، تم التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان.

وفي أبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول، أدت هجمات إسرائيلية على أهداف إيرانية إلى مقتل عدد من كبار المسؤولين العسكريين، وأطلقت القوات الإيرانية صواريخ باتجاه إسرائيل، مما أسفر عن مقتل رجل فلسطيني في مدينة أريحا الواقعة في الجزء الشرقي من الضفة الغربية.

انتهاكات القانون الدولي الإنساني

النزاع المسلح في قطاع غزة

ارتكبت إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة عبر قتل مدنيين فلسطينيين، والتسبُّب في أضرار بدنية أو نفسية، والإقدام عمدًا على فرض ظروف معيشية يُراد بها التدمير المادي للفلسطينيين، عن طريق التهجير القسري الجماعي، وإعاقة أو منع المساعدات اللازمة لإنقاذ الأرواح، وبتدمير أو الإضرار بمرافق البنية الأساسية اللازمة للحفاظ على الحياة.1

وأدت الهجمات الإسرائيلية خلال العام إلى مقتل ما لا يقل عن 23,000 شخص بشكل فوري، وفقًا لما ذكرته مجموعة الصحة ومنظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة. وكان نحو 60% ممن قُتلوا من النساء والأطفال وكبار السن. وكان العدد الكبير من الوفيات في صفوف المدنيين ناجمًا عن هجمات مباشرة غير متناسبة أو عشوائية. ففي 16 أبريل/نيسان، قُتل عمدًا 15 مدنيًا في شارع السوق في مخيم المغازي للاجئين وسط غزة، في ضربة جوية إسرائيلية. ومن ضمن القتلى 10 أطفال كانوا يلعبون حول طاولة لكرة القدم. وكان أحد هؤلاء الأطفال قد فر من مدينة غزة مع أسرته هربًا من الجوع.2

وذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن 52,214 فلسطينيًا عانوا خلال العام من إصاباتٍ ذات صلة بالنزاع. واستنادًا إلى تقارير من أطباءٍ يعالجون الإصابات الرضِّية في الأطراف السفلى والرأس والعمود الفقري، أفادت تقديرات منظمة الصحة العالمية، في يوليو/تموز، بأن حوالي 25% ممنْ أُصيبوا في قطاع غزة سيكونون بحاجة ماسة ومستمرة لإعادة التأهيل طيلة سنوات.

وهُجّر نحو 90% من سكان قطاع غزة، وتعرَّض معظمهم للتهجير عدة مرات. وفي 6 مايو/أيار، بدأت إسرائيل عملية عسكرية واسعة النطاق في شرق رفح، توسَّعت لتشمل محافظة رفح بأكملها، بالرغم من تحذيرات من العواقب الإنسانية الكارثية، وبالرغم من أمرٍ مُلزم قانونًا من محكمة العدل الدولية بالإحجام عن تنفيذ العملية. وأدت العملية إلى تهجير حوالي 1.2 مليون فلسطيني يعيشون هناك، وكانت الغالبية العظمى منهم مهجّرين داخليًا أصلًا. كما أغلقت إسرائيل ودمرت معظم أجزاء معبر رفح الحدودي مع مصر.

وفي أعقاب أوامر “إخلاء” واسعة ومتكررة، أمرت القوات الإسرائيلية، في 6 أكتوبر/تشرين الأول، من تبقى من الفلسطينيين في محافظة شمال غزة، وعددهم حوالي 300,000 نسمة، بالنزوح منها.وكان أكثر من مليون شخص، نصفهم من الأطفال، يعيشون في خيام خلال فصل الشتاء، وفقًا لما ذكره المجلس النرويجي للاجئين. وتُوفي خمسة أطفال حديثي الولادة بسبب انخفاض درجة حرارة الجسم، بين 24 و29 ديسمبر/كانون الأول، وفقًا لما ذكرته وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا).

وشنَّت القوات الإسرائيلية هجمات على مستشفيات، وعاملين في المجالين الطبي والإنساني، وقتلت عشراتٍ في هجمات بطائرات مُسيَّرة وبالمدفعية، وفي ضربات جوية. ومن بين مستشفيات قطاع غزة، البالغ عددها 36، كان هناك 17 مستشفى فقط تعمل جزئيًا بحلول نهاية العام، وذلك بسبب الهجمات الإسرائيلية. وأدت غارة إسرائيلية على مستشفى كمال عدوان يوم 27 ديسمبر/كانون الأول، إلى إخراج آخر منشأة طبية كبرى في شمال غزة من نطاق الخدمة، بينما احتُجز تعسفيًا مدير المستشفى، الدكتور حسام أبو صفية، مع 240 من العاملين الآخرين والمرضى.

وأفادت جميع المنظمات الإنسانية بوجود قيود ومماطلات إسرائيلية مُفرطة في الموافقات على نقل المساعدات. فعلى سبيل المثال، قالت منظمة أطباء بلا حدود، في ديسمبر/كانون الأول، إن عملية التفاوض بشأن استيراد أجهزة تبريد أساسية لحفظ المواد الطبية استغرقت خمسة أشهر، وإن معدات التعقيم مُنعت عند الحدود. ونتيجة للحصار العسكري الإسرائيلي، كان 96% من أطفال قطاع غزة، البالغ عددهم مليون طفل، يعانون من سوء التغذية، وكان نحو 60,000 طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد بحلول نهاية العام. وواجه قرابة 2 مليون شخص حالة تتراوح بين حرجة وكارثية من انعدام الأمن الغذائي، وفقًا لما جاء في التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي. وتُوفي ما لا يقل عن 34 شخصًا من جراء الجوع بين أبريل/نيسان ويونيو/حزيران، وفقًا لما ذكرته تقارير للأمم المتحدة.

وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول، أقر الكنيست قانونًا يحظر الاتصالات بين المسؤولين الإسرائيليين، من قبيل أولئك الذين يتولون شؤون الموافقات على نقل المساعدات، ووكالة الأونروا، وهي الوكالة الرئيسية التي تقدم المساعدات وخدمات التعليم والصحة. وحظر القانون على وكالة الأونروا العمل في القدس الشرقية وإسرائيل، ونصّ على إغلاق مقرها الرئيسي.3

ونفَّذ جنود إسرائيليون عمليات تدمير غير مبرر دون ضرورة عسكرية مُلحَّة.4 وكانت من بين المناطق التي تضرَّرت على وجه الخصوص المنطقة العازلة الشرقية، التي تمثِّل حوالي 16% من مساحة قطاع غزة، ولاسيما الأراضي الزراعية المُنتجة فيها، بالإضافة إلى بلدة خُزاعة جنوبًا وحي الشُجاعية شمالًا.

وعلى مدار العام، أدى النزاع إلى خفض إمدادات المياه في قطاع غزة إلى أقل من 5 ليترات للفرد يوميًا. وفي يوليو/تموز، ذكرت منظمة أوكسفام أن النقص الشديد في المياه نجم عن التدمير المُمنهج لمرافق البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي في قطاع غزة. وبحلول نهاية يونيو/حزيران، كانت جميع مرافق معالجة الصرف الصحي قد دُمرت، كما حُطِّمت آلات ثقيلة في مكب النفايات الرئيسي في جنوب قطاع غزة. وذكرت منظمة الصحة العالمية أنه بحلول 28 مايو/أيار، كان 727,909 أشخاص، وخاصة من الأطفال، قد أُصيبوا بأمراض ذات صلة بالمياه والصرف الصحي، من قبيل الالتهاب الكبدي الوبائي أ.

وتضرَّرت كل الجامعات والمعاهد في قطاع غزة، بالإضافة إلى مئات المساجد وثلاث كنائس، أو تدمرت بالكامل. وتحولت معظم المدارس إلى ملاجئ للمهجّرين. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن 95% من مباني المدارس لحقت بها أضرار.

النزاع المسلح مع حزب الله

على مدار العام، أطلق حزب الله مرارًا صواريخ غير موجَّهة نحو مناطق مدنية آهلة بالسكان في إسرائيل، مما أسفر عن مقتل وإصابة مدنيين، وإلحاق أضرار بمنازل مدنية وتدميرها.5 وأدت هجمات حزب الله إلى مقتل ما يزيد عن 100 شخص وتشريد حوالي 63,000 شخص من سكان شمال إسرائيل. وعقب الغزو البري الإسرائيلي لجنوب لبنان، وثَّقت منظمة العفو الدولية، في أكتوبر/تشرين الأول، ثلاث هجمات صاروخية شنَّها حزب الله وأدت إلى مقتل ثمانية مدنيين وإصابة ما لا يقل عن 16 آخرين، فيما يُحتمل أن يُشكِّل جرائم حرب.

الأبارتهايد

النقل القسري

أفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن السلطات الإسرائيلية هدمت 1,763 مبنى في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، كما شرَّدت بشكل دائم حوالي 4,500 فلسطيني، وهو أعلى رقم للمشردين في عام واحد منذ عام 2009.

وواصلت إسرائيل حملتها لتدمير قرى فلسطينية في الضفة الغربية. فوفقًا لما ذكره مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة (بتسليم)، وهو منظمة غير حكومية، أخضعت الإدارة العسكرية الإسرائيلية سكان ست قرى فلسطينية في الضفة الغربية لعمليات نقل قسري عن طريق هدم منازلهم، كما هدَّدت ما يزيد عن 40 مجتمعًا محليًا، يضم كل منها عدة مئات من السكان، بالمصير نفسه. وسمحت القوات الإسرائيلية لأعداد من المستوطنين، أو شجَّعتهم على ترويع السكان مع الإفلات من العقاب، وشاركت أحيانًا في أعمال العنف.

وأقامت إسرائيل 43 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، بالإضافة إلى حوالي 330 مستوطنة أُقيمت في سنوات سابقة، وفقًا لما ذكرته منظمة السلام الآن، وهي منظمة إسرائيلية مناهضة للاحتلال. وأُعلن ضم حوالي 2,400 هكتار من الأراضي في الضفة الغربية لتصبح أراضٍ تابعة لدولة إسرائيل، فيما يمثِّل أكبر عملية مصادرة للأراضي في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1992.

وفي داخل إسرائيل، أعلنت وزارة الأمن القومي، في نوفمبر/تشرين الثاني، أنه حدثت زيادة بنسبة 400% في عمليات هدم منازل البدو في منطقة النقب جنوبي إسرائيل منذ بداية العام، بالمقارنة بعدد عمليات الهدم في عام 2022. وفي 8 مايو/أيار، أصبح 300 بدوي فلسطيني من حملة الجنسية الإسرائيلية بلا مأوى، عندما هدمت السلطات قريتهم، وادي الخليل، بدون إجراء مشاورات ملائمة.6 وفي 3 يونيو/حزيران، تلقى 500 من البدو في قرية رأس جرابة أمرًا من محكمة جزئية بهدم منازلهم والانتقال إلى قرية غير مُكتملة الإنشاء وافقت عليها الحكومة، مع الخضوع لسلطة منفصلة للبدو فقط. وفي 14 نوفمبر/تشرين الثاني، هُدم جميع ما تبقى من مرافق البنية الأساسية بالإضافة إلى مسجد في قرية أم الحيران على أيدي وحدات من الشرطة العسكرية. وقالت السلطات الإسرائيلية إن عمليات الهدم كانت ضرورية لإفساح المجال لتوسيع أو إقامة مجتمعات يهودية جديدة.

وأجاز قانون ترحيل عائلات الإرهابيين، الذي أُقر في 7 نوفمبر/تشرين الثاني، إسقاط الجنسية الإسرائيلية أو تصريح الإقامة في القدس بالنسبة لأفراد عائلات المُحتجزين الذين يُزعم أنهم “دعموا الإرهاب” أو الأشخاص الذين أُدينوا بتهم أمنية؛ فيما يُعد شكلًا من أشكال العقاب الجماعي. وما زال قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل (الأمر المؤقت)، والذي يُجدد بشكل مستمر تقريبًا منذ عام 2003، يجعل فئات معينة من الفلسطينيين عُرضة لخطر أن يصبحوا منعدمي الجنسية.

حرية التنقل

أُلغيت التصاريح الممنوحة لحوالي 3,500 طفل من قطاع غزة يعانون من أمراض مزمنة، وكان مقررًا أن يتلقوا العلاج في الضفة الغربية بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأُعيد إلى قطاع غزة 22 مريضًا من القطاع، بينهم خمسة أطفال من حديثي الولادة، ممن كانوا في مستشفيات في إسرائيل أو في القدس الشرقية في عام 2023، وذلك عقب صدور أمر في 19 يونيو/حزيران، بدون أن يتلقوا الرعاية الطبية التي أُحيلوا من أجلها.

وأحصى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة وجود 793 من حواجز الطرق ونقاط التفتيش في الضفة الغربية، مما يُعيق تنقل الفلسطينيين بين القرى والبلدات الفلسطينية، كما يؤخِّر الوصول إلى خدمات الطوارئ. وأُلغي بشكل كامل الأمر العسكري، الذي كان يُمنح في السابق مرتين سنويًا للوصول إلى الأراضي الزراعية المملوكة ملكية خاصة، مما أثَّر على المزارعين في 105 مواقع في الضفة الغربية. وأغلق الجيش الإسرائيلي البلدات ومخيمات اللاجئين الكبرى في شمال الضفة الغربية، وأخضعها لأوامر حظر التجول لمدة أيام خلال المداهمات. وسجَّلت منظمة الصحة العالمية أن حالات إعاقة عمل المُستجيبين الطبيين للطوارئ في الضفة الغربية قد تضاعفت مقارنةً بالعام السابق.

وأُلغيت تصاريح العمل في إسرائيل الممنوحة لحوالي 100,000 عامل فلسطيني في الضفة الغربية. ونادرًا ما صدرت تصاريح جديدة.

أعمال القتل غير المشروع

أدت الهجمات الإسرائيلية إلى مقتل 74 صحفيًا فلسطينيًا في الأرض الفلسطينية المحتلة، وفقًا للجنة حماية الصحفيين، التي تحقق في الحالات التي يُقتل فيها صحفيون بسبب عملهم.

وذكر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن حوالي 487 فلسطينيًا، بينهم 90 طفلًا، قد قُتلوا خلال مداهمات اعتقال عسكرية في جنين، وطولكرم، ونابلس، وطوباس في شمال الضفة الغربية. ولم تحقق السلطات الإسرائيلية في ما بدت أنها عمليات قتل غير مشروع.7

وقام مستوطنون بقتل ستة فلسطينيين بالإضافة إلى إصابة 356 آخرين، وفقًا لما ذكره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ووقعت معظم هذه الحوادث في مناطق ريفية، مثل الهضاب الواقعة جنوب نابلس، وتلال الخليل الجنوبية، ومناطق في القدس الشرقية والخليل. وساهم عنف المستوطنين المدعوم من الدولة في النقل القسري للسكان الفلسطينيين.8

الاحتجاز التعسفي

قبضت القوات الإسرائيلية على أكثر من 10,000 فلسطيني، وأخضعت فلسطينيين من قطاع غزة للاختفاء القسري أو الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي.9 وذكر مركز الدفاع عن الفرد (هموكيد)، وهو منظمة غير حكومية، أن حوالي 5,262 فلسطينيًا كانوا مُحتجزين بدون تهمة أو محاكمة بحلول نهاية العام؛ ويُحتجز 3,376 منهم بموجب أوامر الاعتقال الإداري، و1,886 بموجب قانون المقاتلين غير الشرعيين.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن وزير الدفاع أن إسرائيل ستتوقف عن إصدار أوامر الاعتقال الإداري ضد المستوطنين اليهود.

وظلَّ رهن الحبس الاحتياطي السابق للمحاكمة، في فبراير/شباط، ما لا يقل عن 10 من بين 156 فلسطينيًا من حملة الجنسية الإسرائيلية، قُبض عليهم في عام 2023 بتهمٍ مُبهمة ومُبالغ فيها تتمثَّل في “الاستخدام المستمر لمواد إرهابية”، استنادًا إلى ادعاءات بأنهم كانوا يشاهدون صورًا من غزة على وسائل التواصل الاجتماعي، وفقًا لما ذكره مركز مساواة لحقوق المواطنين العرب في إسرائيل، وهو منظمة غير حكومية.

التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة

أدلى معتقلون أُفرج عنهم وموظفون في السجون، تحدثوا باعتبارهم كاشفين عن مخالفات، بشهادات تؤكد الاستخدام المُعتاد للعنف البدني الشديد، بما في ذلك الاعتداء الجنسي والاغتصاب، ضد المعتقلين الفلسطينيين في جميع منشآت الاحتجاز. وكان الحرمان من قدرٍ كافٍ من الطعام، والمياه، والنوم، وضوء النهار، والعلاج الطبي يُمارس بشكل مُمنهج. وتُوفي ما لا يقل عن 54 معتقلًا فلسطينيًا في الحجز، وفقًا لما ذكرته جمعية نادي الأسير الفلسطيني. فقد تُوفي الدكتور عدنان البرش، وهو جراح عظام بارز في غزة، أثناء احتجازه في سجن عوفر في الضفة الغربية في منتصف أبريل/نيسان، دون أن تُوجه له أي تهمة جنائية. وقال شهود عيان إنه سبق أن تعرَّض لضرب مُبرح.

وفتحت المدعية العامة العسكرية 44 تحقيقًا جنائيًا بخصوص حالات وفاة أثناء الاحتجاز، وثمانية تحقيقات بخصوص ادعاءات بالتعرُّض للتعذيب، أسفرت عن صدور لائحة اتهام واحدة فقط.

وأوقفت السلطات الإسرائيلية زيارات اللجنة الدولية للصليب الأحمر وعائلات المعتقلين للفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل، مما ساهم في غياب المحاسبة بشأن معاملة المعتقلين.

الحق في معرفة الحقيقة، وتحقيق العدالة، والحصول على التعويض

تقاعست السلطات الإسرائيلية عن إجراء تحقيقات مستقلة وفعَّالة تتسم بالشفافية في انتهاكات القانون الدولي التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية، بما في ذلك جرائم حرب محتملة وأعمال إبادة جماعية في قطاع غزة، وأعمال قتل غير مشروع في الضفة الغربية. ولم يُسمح لأي مُحقِّقين مستقلين بدخول غزة.

وفي 26 يناير/كانون الثاني، و28 مارس/آذار، و24 مايو/أيار، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بتنفيذ التدابير المؤقتة لمنع الإبادة الجماعية في قطاع غزة. إلا أن السلطات الإسرائيلية تجاهلت مرارًا مثل هذه الأوامر.

وفي 19 يوليو/تموز، توصلت محكمة العدل الدولية إلى أن الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية غير قانوني بموجب القانون الدولي.

وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع آنذاك، يوآف غالانت، وأحد قادة حركة حماس لاتهامهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وظلَّت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة ممنوعةً من دخول إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة. ولم تتلقَّ اللجنة ردًا من الحكومة الإسرائيلية على 15 طلبًا للحصول على معلومات، وذكرت أن الحكومة الإسرائيلية كانت قد أبلغت أطباء إسرائيليين بعدم التعاون مع تحقيق اللجنة بخصوص جرائم الحرب التي ارتكبها مقاتلون فلسطينيون في جنوب إسرائيل.

وفيما يتعلق بالعقوبات التي فُرضت على مستوطنين مُسلحين ممن يؤمنون بتفوق اليهودية، وعلى منظمات استيطان معينة من جانب فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية في بداية العام، فلا يبدو أنها ردعت شنَّ مزيد من أعمال عنف المستوطنين المدعومة من الدولة أو تواطؤ جنود إسرائيليين في هجمات المستوطنين.

حقوق النساء والفتيات

تضرَّرت النساء الحوامل والمُرضعات بشكل غير متناسب جراء الكارثة الإنسانية في قطاع غزة. فقد ذكر التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي أن 16,500 من النساء الحوامل والمُرضعات في غزة كُن يعانين من سوء التغذية الحاد. وتعرَّضت نساء وفتيات لأمراض بسبب تدمير مرافق البنية الأساسية الصحية ومعظم المنشآت الصحية، بما في ذلك عنابر رعاية الأمهات وحديثي الولادة.

وتزايد العنف الأُسري والعنف القائم على النوع الاجتماعي في إسرائيل وفي قطاع غزة في سياق النزوح الواسع والنزاع المسلح.

حرية التعبير والتجمع

تعرَّض فلسطينيون من حملة الجنسية الإسرائيلية للاعتقال والتمييز المُجحف عندما عبَّروا عن معارضتهم لهجمات القوات الإسرائيلية على غزة. ففي فبراير/شباط، أُفرج عن المحامي الحقوقي أحمد خليفة، ووُضع رهن الإقامة الجبرية، بعدما أمضى 110 أيام رهن الحبس الاحتياطي لتنظيمه مظاهرات مناهضة للحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وكانت التهم الموجهة إليه، وهي “التحريض على الإرهاب و”التماهي مع منظمة إرهابية” تهمًا لا أساس لها، وفقًا لما ذكرته منظمة صندوق المدافعين عن حقوق الإنسان (Human Rights Defenders Fund)، وهي منظمة غير حكومية.

وفي يونيو/حزيران، ذكر مركز مساواة لحقوق المواطنين العرب في إسرائيل أنه تلقى حوالي 400 طلب للمساعدة من عمال فصلهم أرباب عملهم الإسرائيليين، وخاصة منظمة كلاليت (Clalit) لخدمات الرعاية الصحية، بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي تعارض الهجمات الإسرائيلية على غزة.

ونظَّم آلاف الإسرائيليين اليهود مظاهرات ضد الحكومة. وقُوبل المتظاهرون بمدافع المياه التي أطلقتها الشرطة، وقُبض على عشرات منهم. وفي 2 سبتمبر/أيلول، طبَّق وزير المالية أمرًا قضائيًا بمنع الاتحاد العام للعمال في أرض إسرائيل (الهستدروت)، وهو أكبر اتحاد نقابي في إسرائيل، من الدعوة إلى إضراب عام لمدة يوم واحد تأييدًا للمتظاهرين. وفي 22 سبتمبر/أيلول، داهمت القوات الإسرائيلية وأغلقت مكتب قناة الجزيرة في مدينة رام الله، وكانت قد أغلقت المقر الرئيسي للقناة في القدس قبل بضعة شهور. واستمرت السلطات الإسرائيلية في منع الصحفيين الأجانب من دخول قطاع غزة، ورفضت المحكمة العليا الإسرائيلية التماسات قدمتها رابطة الصحافة الأجنبية للسماح لها بالدخول.

حقوق المعترضين على الخدمة العسكرية بدافع الضمير

سُجن تسعة أشخاص يهود بالإضافة إلى شخصين فلسطينييْن من حملة الجنسية الإسرائيلية لرفضهم الخدمة في الجيش استنادًا إلى اعتراضهم على الاحتلال العسكري، ونظام الأبارتهايد، والإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين. وسُجن اثنان منهم، وهما الشابان تال ميتنيك وإيتامار غرينبرغ، لمدة ستة شهور.

الحق في بيئة صحية

في يونيو/حزيران، أشار برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن الأنقاض الناجمة عن الدمار الواسع لمرافق البنية التحتية، بالإضافة إلى ذخائر الفوسفور الأبيض، والنفايات الصناعية والطبية، تُصدر مستويات عالية للغاية من المواد الخطرة في قطاع غزة. وأفادت تقديرات البرنامج بأنه في حال توقُّف القصف، فإن عملية إزالة وتدوير الأنقاض والنفايات سوف تستغرق حوالي 45 عامًا.


  1. إسرائيل/الأرض الفلسطينية المحتلة: “بتحس إنك مش بني آدم”: الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، 5 ديسمبر/كانون الأول ↩︎
  2. “إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة: الغارات الجوية الإسرائيلية التي قتلت 44 مدنيًا تمثِّل دليلًا إضافيًا على جرائم الحرب – تحقيق جديد”، 27 مايو/أيار ↩︎
  3. إسرائيل/الأرض الفلسطينية المحتلة: قانون حظر الأونروا يرقى إلى تجريم المساعدات الإنسانية، 29 أكتوبر/تشرين الأول ↩︎
  4. “إسرائيل/الأرض الفلسطينية المحتلة: يجب التحقيق في ارتكاب الجيش الإسرائيلي جريمة الحرب المتمثلة في التدمير غير المبرر في قطاع غزة – تحقيق جديد”، 5 سبتمبر/أيلول ↩︎
  5. “إسرائيل: استخدام حزب الله أسلحة غير دقيقة بطبيعتها لشن هجمات غير قانونية ينتهك القانون الدولي”، 20 ديسمبر/كانون الأول ↩︎
  6. ” إسرائيل/الأراضي الفلسطينية المحتلة: أكثر من 300 بدوي فلسطيني يتعرضون للإخلاء القسري في أعقاب عمليات الهدم الجماعية لمنازلهم في النقب”، 9 مايو/أيار ↩︎
  7. “إسرائيل/الأرض الفلسطينية المحتلة: الفلسطينيون يواجهون تصعيدًا حادًا في عمليات القتل غير المشروع والتهجير مع شن إسرائيل عملية عسكرية في الضفة الغربية”، 28 أغسطس/آب ↩︎
  8. “هجمات المستوطنين الإسرائيليين المميتة والمدعومة من الدولة تؤكد الحاجة الملحة إلى تفكيك نظام الأبارتهايد”، 22 أبريل/نيسان ↩︎
  9. إسرائيل/الأراضي الفلسطينية المحتلة: “يجب على إسرائيل وضع حد لتعذيب الفلسطينيين في سجونها وعزلهم عن العالم الخارجي”، 18 يوليو/تموز ↩︎