لبنان

لا تتخذ منظمة العفو الدولية أي موقف من قضايا السيادة أو النزاعات الإقليمية. وتستند الحدود على هذه الخريطة إلى بيانات الأمم المتحدة الجغرافية المكانية.
العودة. لبنان

لبنان 2022

تقاعست السلطات عن حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الرئيسية التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، مما تسبب بحرمان السكان من الحصول على قدر ملائم من الرعاية الصحية والمياه. وظلّ الإفلات من العقاب يحمي مرتكبي التعذيب وغيره من الجرائم. واستُخدمت قوانين التشهير ضد منتقدي السلطات. وظل العمال الأجانب – وبخاصة العاملات المنزليات – يواجهون الانتهاكات بموجب نظام الكفالة القائم على التمييز المجحف. وما زالت النساء يواجهن التمييز المجحف في القانون والممارسة الفعلية. وقد صعّدت السلطات عمليات ترحيل اللاجئين السوريين إلى سوريا برغم تعرّضهم لمخاطر انتهاكات حقوق الإنسان المروعة هناك. وحظرت السلطات إقامة فعاليات عامة لمجتمع الميم خلال شهر الفخر.

خلفية

أخفقت السلطات في معالجة الأزمة الاقتصادية بسبب الجمود السياسي. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، كان تضخم تكاليف المواد الغذائية قد وصل إلى %171.2، بحسب إدارة الإحصاء المركزي؛ فحلّ البلد في المرتبة الثانية عالميًا على صعيد انعدام الأمن الغذائي وفقًا للبنك الدولي. وأدى انقطاع الكهرباء إلى حصول الناس على ساعة أو ساعتيْ كهرباء فقط من الدولة يوميًا.

وفي 7 أبريل/نيسان، أعلن صندوق النقد الدولي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء للاستفادة من “تسهيل الصندوق الممدد”، قيمته 3 مليارات دولار تقريبًا، مشروط بتنفيذ الحكومة ثمانية إصلاحات. ولم يُنجز من هذه الإصلاحات إلا بندٌ واحد بحلول نهاية السنة، مع إقرار قانون الموازنة العامة للعام 2022، الذي دخل حيز النفاذ في 15 نوفمبر/تشرين الثاني.

وفي أعقاب الانتخابات البرلمانية التي جرت في 15 مايو/أيار – التي فاز فيها مرشحون مستقلون مؤيدون لاحتجاجات عام 2019 بـ 13 مقعدًا من أصل 128 – سمّى البرلمان الجديد نجيب ميقاتي رئيسًا للوزراء، بيد أن ميقاتي كان قد أخفق في تشكيل حكومة بحلول نهاية العام.

وفي 31 أكتوبر/تشرين الأول، انتهت ولاية الرئيس ميشال عون. وعقد البرلمان 10 جلسات انتخابية في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول لكنه أخفق في انتخاب رئيس جديد.

الحق في الصحة

ظلت الأدوية – ومن ضمنها أدوية علاج السرطان وغيره من الأمراض المزمنة – غير متوفرة وباهظة الثمن بالنسبة لمعظم الناس، منذ أن فشلت الحكومة في إعداد خطة ضمان اجتماعي طارئة تفي بالغرض لتحل محل أشكال الدعم التي رُفعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2021. وقد ازداد عدد المرضى الذين يحتاجون أدوية وعلاجات مجانية أو متدنية التكلفة في مراكز الرعاية الصحية العامة بنسبة 62% منذ بداية الأزمة الاقتصادية في 2019. بيد أن السلطات تقاعست عن زيادة التمويل اللازم لتلبية هذه الاحتياجات.

وقد احتج العاملون الصحيون على مدار العام ضد الأجور المتدنية وانعدام تمويل المستشفيات، واحتجّ مرضى السرطان ضد النقص في الأدوية.

وتقاعست السلطات عن تقديم الرعاية الطبية الوافية للسجناء، ما اضطر أُسرهم إلى تغطية كافة نفقاتهم الطبية، ومن ضمنها تلك المتعلقة بالاستشفاء. وتوفي ثلاثة سجناء، على الأقل، بين أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول في ظل التأخير في نقلهم إلى المستشفيات في الوقت المناسب. وأعلنت السلطات فتح تحقيق في حالتيْ وفاة منها.

الحق في المياه

تقاعست السلطات عن ضمان سبل الحصول على المياه العامة النظيفة على نحو وافٍ. وظلت إمدادات المياه طوال العام غير منتظمة بسبب انقطاع الكهرباء، ما اضُطر الناس بشكل متزايد إلى شراء المياه المكلفة من جهات خاصة غير خاضعة للإشراف بأسعار أعلى بستة أضعاف عنها في 2019، لا يمكن لمعظم الناس تحمل تكلفتها.

وأدى تقصير الحكومة في صيانة البنية التحتية للمياه إلى اختلاط مياه الشرب بمياه المجاري في بعض المناطق. وأُعلن، في يونيو/حزيران، ظهور مئات الحالات الجديدة للإصابة بالتهاب الكبد الوبائي (أ)، وفي أكتوبر/تشرين الأول أدى تلوث المياه إلى ظهور 913 حالة إصابة بالكوليرا على الأقل.

الإفلات من العقاب

استمرت ظاهرة الإفلات من العقاب في حماية المسؤولين وعناصر الأمن والجيش من المساءلة على انتهاكات حقوق الإنسان.

وظل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع عام 2020 مجمدًا منذ ديسمبر/كانون الأول 2021 بسبب الطعون التي قدّمها السياسيون ضد قاضي التحقيق الذي استدعاهم للاستجواب. وانتُخب سياسيان – هما غازي زعيتر وعلي حسن خليل – في يونيو/حزيران، كعضوين في لجنة الإدارة والعدل النيابية.1

وفي 23 أبريل/نيسان، غرق قارب كان يحمل على متنه نحو 80 مهاجرًا لبنانيًا وسوريًا وفلسطينيًا كانوا يحاولون الوصول إلى قبرص وذلك قبالة ساحل ميناء مدينة طرابلس اللبنانية. واتهمت السلطات المهربين بتعمّد تحميل القارب فوق طاقته الاستيعابية، لكن الناجين قالوا إن القوات البحرية اللبنانية تسببت بغرق القارب نتيجة لاصطدامها به. وقدّم الناجون والأسر شكاوى لدى النيابة العامة التمييزية ضد أحد الضباط و12 عنصرًا من القوات البحرية على خلفية التسبب بالوفيات عمدًا. إلا أن النيابة العامة حوّلت الشكوى إلى النيابة العسكرية حيث ظلت مجمدة في نهاية العام. وأعلنت مديرية المخابرات في الجيش في أبريل/نيسان أنها فتحت تحقيقًا داخليًا ولم تجد أي تصرف خاطئ من جانب عناصر القوات البحرية.2

التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة

تقاعست السلطات القضائية عن التحقيق في ما لا يقل عن 21 شكوى – تستند إلى قانون مناهضة التعذيب لعام 2017 – قُدّمت ضد مختلف العناصر الأمنية والعسكرية، بحسب نقابة المحامين في طرابلس.

وفي مايو/أيار، زارت اللجنة الفرعية للأمم المتحدة لمنع التعذيب لبنان وتبين لها أنه لم يُحرَز إلا تقدم ضئيل في منع التعذيب منذ الزيارة الأولى التي قامت بها في 2010.

وفي 30 أغسطس/آب، ألقت قوات الأمن القبض على اللاجئ السوري بشار عبد السعود من منزله في العاصمة بيروت. وتلقت أسرته مكالمة هاتفية بعد أربعة أيام طُلب منها فيها تسلّم جثمانه من أمن الدولة في جنوب لبنان. وبعيد ذلك سُرّبت للإعلام صورٌ ومقاطع فيديو تُظهر رضوضًا وجروحًا بليغة على جسد بشار عبد السعود، ما أثار ضجة عامة عارمة. وأصدر جهاز أمن الدولة بيانًا ذكر فيه أن بشار “اعترف” قبل وفاته بأنه عضو في الجماعة المسلحة المسماة الدولة الإسلامية. وفي سبتمبر/أيلول، فتح القضاء العسكري تحقيقًا وأمر باحتجاز خمسة من عناصر أمن الدولة، لكنه منع محامي الأسرة من الاطلاع على مستندات القضية. وعُقدت جلسة المحكمة الأولى في ديسمبر/كانون الأول.3

حرية التعبير

ظلت قوانين التشهير تتيح للأجهزة الأمنية والعسكرية تقييد الآراء الناقدة للسلطات، مع حدوث ثلاثة استدعاءات وتحقيقات على الأقل في 2022.

وفي 24 يونيو/حزيران، أدانت المحكمة العسكرية الفنانة الكوميدية شادن فقيه بتهمة “المس بسمعة قوى الأمن الداخلي وتحقير عناصرها”، وغرّمتها 1,858,000 ليرة لبنانية (50-70 دولارًا أمريكيًا بسعر السوق حينها). وقد استجوبها مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية، أولًا في مايو/أيار 2021، في أعقاب شكوى تقدمت بها قوى الأمن الداخلي حول اتصال هاتفي ساخر أجرته مع الخط الساخن لقوى الأمن خلال فترة الإغلاق التي جرت إبان تفشي وباء فيروس كوفيد-19، طلبت فيه إرسال فوط صحية إلى منزلها.

حقوق النساء

ظلت النساء يواجهن التمييز في القانون والممارسة الفعلية، بما في ذلك في الحق في حضانة الأطفال على قدم المساواة. وفي 4 أغسطس/آب، رأت ليليان شعيتو – وهي أم أُصيبت في انفجار مرفأ بيروت وبقيت في المستشفى منذ ذلك الحين – ابنها الذي يبلغ من العمر سنتين لأول مرة منذ عام 2020، في أعقاب أمر صادر عن المحكمة الدينية الشيعية بعد جلسات استمرت سنتين. وكان زوجها قد منعها من رؤية ابنهما قائلًا إنه لا يريد للطفل أن يرى أمه وهي مصابة في المستشفى، لذا تقدمت عائلتها بشكوى أمام المحكمة.

وفي الجلسة العامة البرلمانية التي عُقدت في 27 يوليو/تموز، أقدم عدد من النواب من ضمنهم رئيس المجلس على التحرش اللفظي بثلاث نائبات مستقلات ناقدات للسلطات انتُخبن حديثًا. وقالت إحداهن، وهي النائبة سينتيا زرازير، إن البرلمان لم يتخذ أي إجراء بعدما تقدمت بشكوى تحرّش رسمية.

حقوق المهاجرين

على عكس السنوات السابقة، لم يشارك وزير العمل في مناقشات لإصلاح نظام الكفالة الذي يزيد من خطر استغلال عمالة العمال الأجانب ولا يترك للنساء احتمالًا يُذكر للحصول على سبيل انتصاف.

وفي 4 أغسطس/آب، حاولت السلطات ترحيل عاملة منزلية أجنبية كينية إلى كينيا بدون إبلاغ محاميها، مع أنها قدمت طلبًا للحصول على وضع لاجئة لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وكان الأمن العام قد ألقى القبض عليها، في 4 أبريل/نيسان، وأنهى التحقيق معها في 21 أبريل/نيسان، ولم تتم إحالتها إلى المحاكمة، ومع ذلك ظلت رهن الاحتجاز. وتدخلت حركة مناهضة العنصرية – وهي منظمة غير حكومية محلية – في المطار لوقف ترحيلها، وأُعيدت المرأة إلى مركز الاحتجاز. وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول، وفي أعقاب دعوات أطلقتها منظمات محلية ودولية أخلى الأمن العام سبيلها بعدما أمضت ستة أشهر في الحجز التعسفي.

حقوق اللاجئين

واصل لبنان استضافة أكبر عدد من اللاجئين في العالم نسبة إلى تعداد سكانه، بوجود ما يُقدّر بـ 1.5 مليون لاجئ سوري. وبحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في أبريل/نيسان، جعلت الأزمة الاقتصادية في لبنان ووباء فيروس كوفيد-19 نسبة 88% من اللاجئين السوريين يعيشون في فقر مدقع.

وفي سبتمبر/أيلول، كلّف رئيس الوزراء مدير الأمن العام باستئناف خطة إعادة اللاجئين السوريين إلى سوريا – في ما يرقى إلى حد “الإعادة القسرية الضمنية” –، على اعتبار أن كافة المناطق في سوريا آمنة لعمليات الإعادة، برغم خطر الاضطهاد الخطير الموثّق عند عودتهم. وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول، نظّم الأمن العام عملية النقل الأولى إلى سوريا في 2022 التي تضمنت 551 لاجئًا سجّلوا أسماءهم على قوائم الأمن العام للعودة وقبلتهم الحكومة السورية.

حقوق أفراد مجتمع الميم

واصلت السلطات تقييد إقامة فعاليات عامة لأفراد مجتمع الميم والمنظمات الداعمة لحقوقهم.

وفي 24 يونيو/حزيران، حظر وزير الداخلية كافة التجمعات خلال شهر الفخر الذي قيل إنه يهدف إلى الترويج “للشذوذ الجنسي”. وبعد يومين، دعت منظمات مجتمع الميم وأفراده إلى احتجاج، لكن جماعات دينية دعت إلى احتجاج مضاد، وهددت باللجوء إلى العنف. ولم تقدم السلطات حماية للمسيرات السلمية، ولم تتخذ إجراءات ضد أولئك الذين حرّضوا على العنف، ونتيجة لذلك ألغت مجموعات مجتمع الميم احتجاجها. وفي أغسطس/آب، طعنت المنظمتان المحليتان المفكرة القانونية وحلم بالحظر الذي فرضه الوزير، وذلك أمام مجلس شورى الدولة، وهو أعلى محكمة إدارية في البلد، مقدمةً حججًا بأنه حرّض على العنف والكراهية ضد جماعات مهمشة، وانتهك الحقوق الدستورية لأفراد مجتمع الميم في المساواة، وحرية التعبير، وحرية التجمع. وفي 1 نوفمبر/تشرين الثاني، قبل مجلس شورى الدولة الطعن وجمّد قرار الوزير.

التقاعس عن التصدي لأزمة المناخ

مع أن الحكومة التزمت في مارس/آذار 2021 بهدف خفض مشروط للانبعاثات تبلغ نسبته 31% بحلول عام 2030، وزادت هدف الخفض غير المشروط للانبعاثات الذي وضعته إلى نسبة 20%، فإنها لم تعلن مساهمة جديدة محددة وطنيًا في 2022.


  1. “لبنان: ينبغي على السلطات رفع الحصانة عن النائبين والسماح باستجوابهما بشأن انفجار مرفأ بيروت”، 8 يونيو/حزيران
  2. “لبنان: رسالة مشتركة تدعو السلطات اللبنانية إلى إجراء تحقيق مستقل وحيادي وشفاف في أسباب غرق قارب قبالة سواحل طرابلس”، 13 مايو/أيار
  3. “لبنان: يجب نقل التحقيق في وفاة لاجئ سوري في الحجز إلى القضاء العدلي”، 6 سبتمبر/أيلول