الجزائر 2024
واصلت السلطات تضييق الخناق على الحيز المدني، بشنها حملة قمعية شديدة على حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. فاستمر استخدام تهم الإرهاب التي لا أساس لها، لسحق المُعارَضة السلمية، ومن بين المستهدفين بتلك التهم نشطاء سياسيون وصحفيون ونقابيون ومدافعون عن حقوق الإنسان. وشدَّدت السلطات العقوبة على مغادرة الجزائر بطريقة غير نظامية، وفرضت عقوبة السجن لما يصل إلى خمسة أعوام لمعاقبة تسهيل المغادرة غير النظامية. وطردت الحكومة بصورة جماعية وغير قانونية 31,404 لاجئًا ومهاجرًا على الأقل إلى النيجر. وتقاعست السلطات عن إجراء تحقيقات كافية في مزاعم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة. وأعلنت منظمات المجتمع المدني عن وقوع 48 جريمة قتل للإناث، بينما استمر غياب الإحصائيات الرسمية الشاملة بشأن حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي. وكان للجفاف، الذي طال أمده، من جراء تغير المناخ أثرٌ سلبي على إعمال حقوق الإنسان. واعتمدت السلطات تدابير لمواجهة التضخم؛ بينما تباطأ معدل تضخم أسعار الغذاء، ولكنه ظل مرتفعًا.
خلفية
أُجرِيَت انتخابات رئاسية مبكرة في 7 سبتمبر/أيلول. وبحسب ما أعلنت المحكمة الدستورية، انتُخِب الرئيس عبد المجيد تبون لولاية ثانية، بعدما حصل 84.3% من الأصوات، وبلغت نسبة المشاركة 46.1% من الناخبين الذين يحق لهم التصويت.
وفي يوليو/تموز، أعاد البنك الدولي تصنيف الاقتصاد الجزائري ضمن فئة الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى، بدلًا من فئة الدول ذات الدخل المتوسط الأدنى، بعد المراجعة التي أجرتها السلطات لإحصائيات الحسابات الوطنية.
أشارت شبكة وورلد وذر أتريبيوشن (World Weather Attribution)، إلى وجود علاقة بين موجة الحر الشديد، التي اجتاحت منطقة البحر الأبيض المتوسط في يوليو/تموز، وتغير المناخ.
قمع المعارضة
النشطاء السياسيون
استمرت السلطات في تقييد الحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها، لأعضاء الأحزاب السياسية المعارضة، واعتقال ومحاكمة نشطاء المعارضة السياسية تعسفًا بسبب ممارستهم لحقوقهم الإنسانية.1 وفي أغسطس/آب، وضعت السلطات القضائية نشطاء سياسيين تحت المراقبة القضائية بموجب شروط تعسفية، تضمنت منعهم من إصدار أي منشورات، وإجراء أي مداخلات في وسائل الإعلام، وممارسة أي نشاط سياسي.
حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها
واصلت السلطات تعاملها مع التجمعات السلمية وغيرها من أشكال التجمهر بدرجة كبيرة من عدم التسامح. فعلى مدى العام، منعت قوات الأمن إقامة ما لا يقل عن ثلاث فعاليات حقوقية وثقافية، واعتقلت ما لا يقل عن 64 ناشطًا حاولوا تنظيم تجمعات سلمية.
وفي مارس/آذار، أعربت لجنة الحرية النقابية لدى منظمة العمل الدولية عن قلقها البالغ حيال الصعوبات العديدة التي واجهتها قيادات الكنفدرالية النقابية للقوى المنتجة،والمنظمات التابعة لها، في ممارسة حقوقها النقابية وحقها في حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.
وفي تقرير صدر في مايو/أيار، أعلن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات أن تجريم عمل المجتمع المدني في الجزائر كان له “تأثير مروع وخلق مناخًا من الخوف، ما أدى إلى تضاؤل شديد في الحيز المدني”.
مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان
استمر استخدام تهم الإرهاب غامضة الصياغة والتي لا أساس لها لقمع المعارضة السلمية على نطاق واسع. فقد ظل الناشط والشاعر محمد تجاديت مُحتَجَزًا تعسفًا لمدة تسعة أشهر بعد اعتقاله في 29 يناير/كانون الثاني على خلفية تهم “إرهاب”.2وفي 28 مارس/آذار، أُدِين حمزة خروبي، وهو أحد القيادات النقابية ورئيس الاتحاد الجزائري للصناعات التابع للكنفدرالية النقابية للقوى المنتجة، وحُكِم عليه ظلمًا بالسجن لمدة 20 عامًا بتهم لا أساس لها تتعلق بالإرهاب.
حرية التعبير وحرية الصحافة
في 28 أبريل/نيسان، صدَّق الرئيس على القانون رقم 24-06 المعدل والمتمم لقانون العقوبات. وقد أُدخِل على إثر القانون عدد كبير من التعديلات الفضفاضة للغاية ومبهمة الصياغة والأحكام الجديدة التي تسهل تجريم أفعال تحظى بحماية القانون الدولي لحقوق الإنسان. وقد يدفع هذا القانون الأفراد إلى ممارسة مزيد من الرقابة الذاتية على أنفسهم، ويحول دون أي مناقشات حرة وعلنية بشأن المسائل التي تهم الرأي العام.
وواصلت السلطات تقييد عمل الصحفيين، باللجوء إلى الاحتجاز التعسفي والملاحقات القضائية، وفرض عقوبات غير مشروعة على وسائل الإعلام المستقلة. وفي 13 يونيو/حزيران، أيَّدت محكمة الاستئناف بالجزائر العاصمة قرارًا تعسفيًا بحل المجموعة الإعلامية، إنترفيس ميديا (Interface Médias)، بعدما أدانت مديرها ومؤسسها إحسان القاضي، وحكمت عليه بالسجن لمدة سبعة أعوام، في يونيو/حزيران 2023، بتهم ملفقة وغامضة.3 وقد أُفرِج عن إحسان القاضي في 1 نوفمبر/تشرين الثاني بموجب عفو رئاسي عن 4,000 سجين، من بينهم أيضًا الناشط محمد تجاديت (انظر أعلاه) ومدافع حقوق الإنسان محاد قاسمي وما لا يقل عن 20 ناشطًا ومدافعًا عن حقوق الإنسان وصحفيًا آخرين كانوا محتجزين تعسفًا.
كما فرضت السلطات أو واصلت حظر السفر التعسفي وغيره من القيود على النشطاء والمحامين والنقابيين والصحفيين فيما يتعلق بممارسة حقوقهم الإنسانية، بما في ذلك الحق في حرية التعبير.
حقوق النساء والفتيات
استمر قانون العقوبات وقانون الأسرة في التمييز بشكل غير قانوني ضد المرأة في مسائل الميراث والزواج والطلاق وحضانة الأطفال والوصاية. وواصلت جمعيات حقوق المرأة دعوتها إلى إلغاء الأحكام القانونية التمييزية.
وسجَّلت المجموعة الناشطة المعروفة باسم لا لقتل النساء-الجزائر (Féminicides Algérie) 48 حالة قتل للإناث على الأقل بحلول 23 ديسمبر/كانون الأول. ولم تتوفر أي إحصائيات شاملة رسمية حول حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي، في ظل بواعث القلق حيال عدم الإبلاغ عن الكثير من هذه الحالات بسبب الخوف من الوصمة الاجتماعية، وتقاعس الشرطة عن اتخاذ ما يلزم والعدد المحدود للمآوي، والخوف من التعرُّض لمزيد من التجاوزات، وغير ذلك من العوائق التي تعترض النساء والفتيات عند التماسهن الحماية والعدالة.
حقوق أفراد مجتمع الميم
ظل قانون العقوبات يجرم الأفعال الجنسية المثلية بالتراضي بين البالغين التي يُعاقَب عليها بالسجن لمدة تصل إلى عامين ودفع غرامة.
حرية التنقل
شُدِّدَت مدة العقوبة القصوى لمغادرة الجزائر بطريقة غير نظامية بموجب القانون رقم 06-24 لتصبح ثلاث سنوات بدلًا من ستة أشهر. وفُرِضَت عقوبة جديدة بالسجن لمدة تصل إلى خمسة أعوام، بموجب المادة 175 مكرر 1، على “كل من يقوم بصفة مباشرة أو غير مباشرة بتسهيل أو محاولة تسهيل” مغادرة الإقليم الوطني بصفة غير شرعية.
حقوق اللاجئين والمهاجرين
وفقًا لما ذكرته شبكة ألارم فون ساهارا (Alarm Phone Sahara)، طردت الجزائر بصورة جماعية وبإجراءات موجزة ما لا يقل عن 31,404 لاجئًا وطالبًا للجوء ومهاجرًا إلى النيجر خلال العام.
حرية الدين والمعتقد
واصلت السلطات استخدامها للأمر رقم 06-3 -الذي ينطوي على أحكام تمييزية بحق معتنقي الديانات الأخرى غير المذهب الإسلامي السني- لتنتهك حقوق غير المسلمين في ممارسة شعائرهم الدينية، بطرق شملت الملاحقات القضائية الجنائية.
ووفقًا لما ذكرته الكنيسة البروتستانتية الجزائرية، كانت 46 من أصل 47 كنيسة لا تزال مُغلقة، إما بسبب المضايقات القضائية أو لأن السلطات أمرت بإغلاقها.
التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة
واصلت السلطات القضائية والأمنية تجاهلها لمزاعم المحتجزين حول تعرُّضهم للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.
ولم تفتح السلطات أي تحقيق بشأن البلاغ الذي قدمه الصحفي مرزوق تواتي في 12 أغسطس/آب، وزعم فيه أنه تعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على أيدي ضباط الشرطة في مدينة بجاية بشمال شرق البلاد، لكي يكشف عن موقع هاتفه، وتضمن ذلك تهديده بممارسة العنف الجنسي بحقه داخل حجز الشرطة.
ولم تتقدم الجزائر مجددًا بتقريرها الدوري الرابع إلى لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، والذي كان من المقرر تقديمه في 2012.
الحق في بيئة صحية
سلط التقرير، الذي أصدره مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية في يناير/كانون الثاني، الضوء على آثار استمرار الجفاف الشديد على خلفية تغير المناخ في أرجاء منطقة البحر الأبيض المتوسط، بما فيها الجزائر، إلى جانب تداعياته السلبية على الزراعة والأنظمة البيئية، ومدى تَوفُر مياه الشرب، وإنتاج الطاقة، وتصاعد مخاطر اندلاع حرائق الغابات.
وفي سبيل مواجهة الجفاف، أعلنت الجزائر في 8 فبراير/شباط عن برنامج لإعادة تأهيل محطات معالجة مياه الصرف الصحي، في ضوء هدفها المُعلَن باستخلاص 60% من مياه الري من مياه الصرف الصحي المُعالَجة بحلول 2030.
وفي 8 يونيو/حزيران، اندلعت تظاهرات في شمال شرق منطقة تيارت، في أعقاب نقص المياه، وترشيد حصص الاستهلاك، على مدى أشهر بسبب الجفاف. وأقالت الحكومة المسؤولين المحليين الذين زعمت أنهم كانوا مسؤولين عن سوء الإدارة، وحشدت شاحنات المياه، وأعلنت عن إقامة خطوط لإمداد المياه.
وكانت الجزائر لا تزال ضمن أكثر تسعة بلدان إحراقًا للغاز حول العالم. وتنتج عن إحراق الغاز انبعاثات غازات الدفيئة، ما يمكن أن يضر بصحة أفراد المجتمعات المحيطة. وفي يونيو/حزيران، أعلن البنك الدولي عن انخفاض حجم إحراق الغاز في الجزائر بنسبة 5%، وتراجُع كثافة إحراق الغاز بنسبة 3%، مقارنةً بالعام الماضي، فضلًا عن انخفاض إنتاج النفط بواقع 2%.
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
في 1 يوليو/تموز، أدانت إحدى المحاكم ظلمًا ناشط المجتمع المدني رابح قادري، وحكمت عليه بالسجن لمدة عام واحد مع وقف التنفيذ ودفع غرامة وتعويضات على خلفية مقاطع فيديو عبر تطبيق تيك توك، انتقد فيها الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في الجزائر، وطالب بالتغيير السياسي.
وتباطأ معدل تضخم أسعار الغذاء، لكنه ظل مرتفعًا عند 5% تقريبًا، ما شكَّل خطرًا على حقوق أفقر قطاعات السكان في الغذاء والصحة والسكن. وبحسب ما ذكره البنك الدولي، شكَّل الغذاء أكثر من نصف حجم إنفاق الأسر ضمن فئة الـ 40% الأفقر من السكان.
وتضمنت ميزانية عام 2024 إعفاءات ضريبية على مبيعات وواردات عدد من المنتجات الغذائية، بينما رُفِعَ سلم الرواتب لموظفي القطاع العام بنحو 15%، والبدلات المصروفة للطلاب، والأشخاص ذوي الإعاقة، والعاطلين عن العمل. وأعلنت السلطات عن توفير عقود توظيف جديدة مدعومة للعاطلين عن العمل في أبريل/نيسان، وأعلنت زيادة إعانات التقاعد بما يتراوح بين 10% و15% في مايو/أيار.
ولم تكن الجزائر قد قدمت بعد تقريرها الدوري الخامس إلى لجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الذي كان من المقرر تقديمه في 2015.
- “الجزائر: يتعين على السلطات وقف القمع المستمر للفضاء المدني قبيل الانتخابات الرئاسية”، 2 سبتمبر/أيلول ↩︎
- “الجزائر: على السلطات إسقاط التهم الزائفة الموجهة إلى ناشط الحراك محمد تجاديت، 17 يوليو/تموز ↩︎
- الجزائر – معلومات إضافية: تأييد الحكم بسجن صحفي بعد الاستئناف: إحسان القاضي، 16 يناير/كانون الثاني ↩︎