روسيا 2024
واصلت روسيا حربها العدوانية ضد أوكرانيا. واستمر فرض القيود المُشدَّدة على ممارسة الحقوق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. وواجه المعارضون ملاحقات قضائية تعسفية ومحاكمات جائرة، بالإضافة إلى غرامات باهظة وأحكام بالسجن لمدد طويلة، بموجب عدد كبير من القوانين التي لا تفي بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان. واستُخدِمَت قوانين مكافحة التطرف والإرهاب كسلاح لملاحقة منتقدي الحكومة والأفراد من الجماعات الدينية، وكذلك الأطفال قضائيًا. ولُوحِق عدد متزايد من الأشخاص قضائيًا على خلفية الخيانة والتجسس. وأُعلِن تصنيف أكثر من 60 منظمة بأنها “متطرفة” ومحظورة. ولم تُلبِ المحاكمات المعايير الدولية للعدالة. وتفشت أعمال التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في أماكن الاحتجاز، وكانت تُرتَكَب في ظل إفلات شبه تام من العقاب. واشتدت وطأة الاضطهاد بحق أفراد مجتمع الميم. وواصلت السلطات الإقليمية فرضها للعوائق فيما يتعلق بالإجهاض. ولم تُبدِ روسيا أي التزام للتصدي لتغير المناخ.
خلفية
واصلت روسيا حربها العدوانية ضد أوكرانيا، مُرتكبةً انتهاكات عديدة للقانون الدولي الإنساني، بما فيها جرائم الحرب (انظروا باب أوكرانيا).
وفي أغسطس/آب، احتلت القوات الأوكرانية جزءًا من منطقة كورسك في روسيا. وبحسب أنباء غير مؤكدة من جانب السلطات، قُتِل عشرات المدنيين وأُصيب المئات وفُقِد المئات، بينما نزح داخليًا أكثر من 150,000 شخص. وذكرت أمينة المظالم الروسية أن السلطات قد وفرت السكن المؤقت لنحو 50,000 من النازحين. واشتكى العديد من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم ، من انعدام التنظيم من جانب السلطات الروسية خلال عمليات الإجلاء في بداية الهجوم الأوكراني. وعرقلت أعمال القتال في المنطقة وصول المساعدات الإنسانية إلى هؤلاء الذين ظلوا في الأراضي المحتلة. في نوفمبر/تشرين الثاني، أفادت أمينة المظالم الروسية أنه جرى إعادة 46 مدنيًا إلى روسيا بعد نقلهم إلى أوكرانيا على يد القوات الأوكرانية. وفي ديسمبر/كانون الأول، أسفرت الهجمات الصاروخية على مدينتي ريلسك ولغوف في منطقة كورسك عن مقتل تسعة أشخاص وإصابة 19 آخرين. واستمرت غارات أوكرانيا على منطقة بيلغورود، وأفادت وسائل إعلام روسية بمقتل ما لا يقل عن 161 مدنيًا بحلول نهاية العام. واستخدمت أوكرانيا الطائرات المُسيَّرة لمهاجمة مستودعات النفط وأعيان أخرى في روسيا. وقد أسفرت بعض هذه الهجمات عن مقتل وإصابة مدنيين وأضرار في البنية التحتية المدنية.
وفي 22 مارس/آذار، هاجمت جماعة مسلحة قاعة كروكوس سيتي هول (Crocus City Hall) للحفلات الموسيقية في العاصمة موسكو، ما أسفر عن مقتل 145 شخصًا وإصابة 551 آخرين.
وفي أغسطس/آب، أصدرت السلطات الروسية عفوًا عن 15 سجينًا، وأطلقت سراحهم ونفتهم إلى الخارج، من بينهم نشطاء بارزون من المجتمع المدني وصحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان، في إطار اتفاق تبادل أُبرِم مع بعض البلدان الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية.
وفي أغسطس/آب، انسحبت روسيا من الاتفاقية الإطارية لمجلس أوروبا بشأن حماية الأقليات القومية. وواصلت رفضها الاعتراف بولاية مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بروسيا، والتي مدَّدها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول إلى عام آخر.
وعلى الرغم من النمو الاقتصادي الذي شهدته البلاد بفضل الإنفاق العسكري الضخم، ارتفعت تكلفة المعيشة على الكثير من الأشخاص، بسبب الارتفاع الشديد لمعدل التضخم، واستمرار العقوبات الدولية على البلاد.
انتهاكات القانون الدولي الإنساني
في أكتوبر/تشرين الأول، وردت أنباء حول قتل القوات الروسية لتسعة أسرى حرب أوكرانيين بالنيران في منطقة كورسك، ولم يُجرَ أي تحقيق بشأن هذه المزاعم (انظروا باب أوكرانيا).
وفي 2 نوفمبر/تشرين الثاني، ذكرت لجنة التحقيق العسكرية أنها كانت “توثق إثباتًا على الجرائم التي ارتكبها القوميون الأوكرانيون”، بناءً على صورة (لم تنشرها) زُعِم أنها تظهر “أسرى من الجيش الروسي بدون أي علامات تدل على أنهم أحياء” في منطقة كورسك.
الإفلات من العقاب
وفي فبراير/شباط، تُوفي زعيم المُعارَضة البارز، أليكسي نافالني، في الحجز في ظل ظروف مريبة.
وأخَّرَت السلطات تسليم جثته لمدة تسعة أيام، وحاولت الإلحاح على إقامة جنازة سرية له، لكن والدته رفضت قبول ذلك.
وفي سبتمبر/أيلول، نشر صحفي استقصائي لدى صحيفة موقع ذا إنسايدر الإخباري (The Insider) مزاعم مُوثَّقة تفيد بأن أليكسي نافالني قد تُوفي نتيجة تسميمه. ولم يُجرَ أي تحقيق فعال بشأن ظروف وفاته.
في مارس/آذار، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتين باعتقال اثنين من كبار القادة العسكريين في روسيا، تبع ذلك إصدار مذكرتين في يونيو/حزيران بحق وزير الدفاع السابق، سيرغي شويغو، ورئيس الأركان العامة، فاليري غيراسيموف، وذلك لاتهامهم جميعًا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب مزعومة. واعتُمِد، في مارس/آذار، قانونٌ أضفى صبغة قانونية على ممارسة كانت تُتَّبع قبل صدوره، حيث كان يُفرَج عن السجناء أو المتهمين بارتكاب الجرائم وتُسقَط عنهم المسؤولية الجنائية، إذا وافقوا على الانضمام إلى القوات الروسية وخوض معاركها العسكرية.
حرية التعبير
استخدمت السلطات القوانين المتعلقة بـ “العملاء الأجانب” و”المنظمات غير المرغوب فيها” و”رقابة الحرب” لاضطهاد المجتمع المدني، وإسكات الانتقادات بشأن استمرار الحرب على أوكرانيا، والسياسات الأخرى. وقد رُفع ما لا يقل عن 98 قضية جنائية جديدة وحُكم على 171 شخصًا بموجب قوانين “رقابة الحرب”.
وازداد استخدام قوانين مكافحة التطرف والإرهاب ضد منتقدي الحكومة؛ فقد رُفِعَ ما لا يقل عن 114 قضية جنائية جديدة بتهمة “تبرير الإرهاب”، لمجرد مشاركة آراء حول أحداث أو أشخاص معينين.
وقد فُرِضَت الرقابة على الأعمال السينمائية والمسرحية والتلفزيونية والكتب، إما بحذف أجزاء منها أو بسحبها بالكامل، بسبب احتوائها على إشارات إلى العلاقات المثلية أو غيرها من الموضوعات المحظورة أو بسبب مؤلفيها الذين اعتُبِروا “عملاء أجانب”. في أغسطس/آب وديسمبر/كانون الأول على التوالي، حظرت السلطات تطبيقي المراسلة سيجنال وفايبر.
وفي فبراير/شباط، حُكِم على أوليغ أورلوف (Oleg Orlov)، المدافع البارز عن حقوق الإنسان والرئيس المشارك لمنظمة ميموريال (Memorial)، بالسجن لمدة 30 شهرًا بتهمة “تشويه سمعة القوات المسلحة”، بسبب مقال نُشر عبر وسائل الإعلام الفرنسية. وأُفرِج عنه في أغسطس/آب في إطار اتفاق لتبادل السجناء.
وفي مارس/آذار، حُكِم على الصحفي رومان إيفانوف (Roman Ivanov) بالسجن لمدة سبعة أعوام على خلفية “نشر معلومات خاطئة عن عمد حول القوات المسلحة”، وذلك بناء على منشوراته حول جرائم حرب زُعِم أن القوات الروسية قد ارتكبتها في أوكرانيا.
وفي يوليو/تموز، حُكِم على كلٍ من المخرجة المسرحية إيفغينيا بيركوفيتش (Evgenia Berkovich) والكاتبة المسرحية سفيتلانا بيتريتشوك (Svetlana Petriychuk) بالسجن لمدة ستة أعوام بتهمة “تبرير الإرهاب”؛ وذلك بسبب مسرحيتهما الحائزة على جوائز، والتي تدور أحداثها حول نساء تزوجن من أعضاء في جماعات مسلحة بسوريا.
وفي يوليو/تموز، بدأ عازف البيانو المُحتَجَز، بافل كوشنير (Pavel Kushnir)، إضرابًا عن الطعام والشراب، ثم تُوفي بعد ذلك بأيام. وكان قد اعتُقِل بتهمة “الدعوة علانيةً لأعمال إرهاب” على إثر تعبيره عن آرائه المُناهِضة للحرب سلميًا عبر يوتيوب.
وبعد وفاة أليكسي نافالني، واصلت السلطات أعمالها الانتقامية ضد مؤسسة مكافحة الفساد التي كان قد أنشأها والمجموعات التي تربطها صلة به. وبدأت محاكمات محامي نافالني الثلاثة وأربعة صحفيين في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول، بالترتيب، بتهمة مُوجَّهة إليهم تعسفًا بـ”المشاركة في جمعية متطرفة”.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، بدأت محاكمة ستة نشطاء من حركة الربيع الشبابية (Spring) في سانت بطرسبرغ، استنادًا إلى مجموعة من التهم المُوجَّهة إليهم على خلفية معارضتهم السلمية للحرب على أوكرانيا. وكانوا يواجهون السجن لما يصل إلى 15 عامًا.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان حكمها في قضية تقدمت بها 107 منظمات وأشخاص صُنِّفوا على أنهم “عملاء أجانب”، وجاء في الدعوى أن روسيا قد انتهكت الحقوق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها والحياة الخاصة والعائلية.
حرية التجمع السلمي
واصلت السلطات انتهاك الحق في حرية التجمع السلمي، برفضها التصريح بإقامة التظاهرات وفضها، بينما سمحت بإقامة التجمعات المؤيدة للحكومة.
وفي يناير/كانون الثاني، فضت السلطات تظاهرة سلمية بمعظمها تندد بحكم صدر بحق ناشط الحقوق المدنية فيل ألسينوف (Fail Alsynov) ببلدة بايماك في جمهورية باشكورتوستان، ولاحقت قضائيًا ما لا يقل عن 81 من المشاركين. واشتكى كثيرون من التعذيب، بينما تُوفي محتجز واحد خلال احتجازه لدى الشرطة. وكانت محاكمات بعض المتظاهرين لا تزال جارية بحلول نهاية العام، بينما لم يكن قد أُجري أي تحقيق بعد بشأن مزاعم التعذيب.
وفي فبراير/شباط، اعتقلت السلطات تعسفًا ما لا يقل عن 387 شخصًا في 39 مدينة في أرجاء روسيا لإقامتهم حدادًا علنيًا على روح أليكسي نافالني. وأُوقِعَت عقوبات إدارية مُشدَّدة على عشرات الأشخاص، شملت فرض غرامات مالية والاحتجاز لفترات قصيرة.
وفي الشهر نفسه، اعتقلت الشرطة نحو 30 شخصًا أغلبهم من الصحفيين، كانوا يغطون مسيرة نظمتها حركة الطريق إلى البيت (The Way Home)، وهي مجموعة من السيدات اللاتي يطالبن بعودة ذويهن المجندين للقتال في الحرب ضد أوكرانيا إلى وطنهم.
وفي مايو/أيار، أُعلِنت هذه الحركة على أنها من “العملاء الأجانب”. وفُضَّت أيضًا مسيرتان نظمتهما الحركة في يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول. وفُرِضَت غرامات مالية على ما لا يقل عن أربع مُشارِكات لمخالفتهن القواعد التقييدية التي تنظم التجمعات العامة.
حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها
واصلت السلطات استهداف المجتمع المدني؛ إذ استخدمت القوانين والتشريعات القمعية وأدرجت 169 من المنظمات الأخرى والمنافذ الإعلامية والأشخاص ضمن قوائم “العملاء الأجانب” و65 منظمة أخرى ضمن قوائم “المنظمات غير المرغوب فيها”. وفُرِضَت إما عقوبات إدارية أو جنائية على عشرات الأشخاص، بسبب مخالفات مزعومة للقوانين بشأن “العملاء الأجانب” أو “المنظمات غير المرغوب فيها”. واتُّخِذت إجراءات قضائية عديدة ضدهم غيابيًا.
وفُرِضَت القيود بشكل مُكثَّف على المنظمات والأشخاص المُصنَّفين كـ”عملاء أجانب”. وأُقِر قانون جديد في مارس/آذار يحظر الترويج أو الإعلان على المنصات التابعة للـ”عملاء الأجانب”، ويُعاقَب على مخالفة هذه الأحكام بدفع غرامة مالية باهظة أو بالسجن لمدة تصل إلى عامين.
وفي مايو/أيار، أُدِخلَت تعديلات على قانون “العملاء الأجانب”، يُمنَع بموجبها من يُعتبرون “عملاء أجانب” من خوض الانتخابات بجميع مستوياتها. وطُرِد من الهيئات المُنتَخَبة ستة سياسيين محليين على الأقل، كانوا قد صُنِّفوا كـ”عملاء أجانب”.
ووسّعت تعديلات أُجريت على قانون “المنظمات غير المرغوب فيها” في أغسطس/آب نطاق تطبيقه ليشمل، إلى جانب المنظمات غير الحكومية، المنظمات التي تؤسسها الحكومات الأجنبية أو تُشارك في تأسيسها.
وفي يونيو/حزيران، أعلنت المحكمة العليا ما أسمته بالحركة الانفصالية المُناهِضة لروسيا جماعة “متطرفة”، ولكن بدا أنه لا وجود لهذه الجماعة. وفي أعقاب قرار المحكمة، أدرجت وزارة العدل، في يوليو/تموز، 55 منظمة ضمن قوائم “المنظمات المتطرفة”، ومن بينها منظمات السكان الأصليين.
وفي سبتمبر/أيلول، بدأت محاكمة غريغوري ملكونيانتس (Grigory Melkonyants)، الرئيس المشارك لمنظمة غولوس (Golos) المعنية بمراقبة الانتخابات. واتُهم على خلفية صلات مزعومة تربط منظمة غولوس بالشبكة الأوروبية لمنظمات مراقبة الانتخابات، المُدرَجة كـ”منظمة غير مرغوب فيها”، وواجه السجن لما يصل إلى ستة أعوام.
حرية الدين والمعتقد
استمرت الملاحقة القضائية التعسفية لأتباع طائفة شهود يهوه بتهم “التطرف”؛ فقد رُفِعَت 24 قضية جنائية جديدة ضد 34 من أتباع الطائفة، بينما صدرت أحكام ضد 116، من بينهم 43 حُكِم عليهم بالسجن لمدد وصلت إلى ثمانية أعوام. واعتبارًا من ديسمبر/كانون الأول، كان يقضي 171 من أتباع طائفة شهود يهوه من روسيا وأراضي أوكرانيا المحتلة من روسيا، مدد عقوبة السجن داخل مؤسسات عقابية.
وتعرض قساوسة أرثوذكس روسيون، ممن أعربوا عن موقف مُناهِض للحرب، إما للفصل من الكهنوتية أو لإجراءات تأديبية، بينما عُوقِب أكثر من 60 قسيسًا منذ فبراير/شباط 2022.
الاحتجاز التعسفي والمحاكمات الجائرة
واصلت روسيا ملاحقة أسرى الحرب الأوكرانيين قضائيًا على نحو غير مشروع؛ إذ اتهمتهم بجرائم تتعلق بمجرد مشاركتهم في الأعمال القتالية وحكمت عليهم بالسجن لمدد طويلة على إثر محاكمات جائرة.
وفي يوليو/تموز، احتُجز المدافع عن حقوق الإنسان أليكسي سوكولوف (Aleksei Sokolov) في الحبس الاحتياطي بتهمة “التطرف”، بسبب نشره لشعار فيسبوك عبر الإنترنت. وفي سبتمبر/أيلول، أمضى أسبوعين داخل مستشفى للصحة النفسية ليخضع “للفحص”. وقد ظل يقبع في الحبس الاحتياطي بحلول نهاية العام. وحُوكِم عدد متزايد من المعارضين غيابيًا.
وقد شاعت بشكل متزايد محاكمة الأشخاص بتهم الإرهاب أو التطرف أو الخيانة أو التجسس؛ ففي أول ستة أشهر من العام، كان عدد أحكام الإدانة بتهمة الخيانة أكثر بثلاث مرات (52 شخصًا) وبتهمة التجسس تسع مرات (18 شخصًا)، مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2023.
وشاعت الملاحقة القضائية للمعارضين المسجونين، بتهم زائفة جديدة. وحُوكِمَت الصحفية ماريا بونومارينكو (Maria Ponomarenko) بعد اتهامها بالاعتداء على ضباط السجن. وصدر حكم آخر بالسجن لمدة ثلاثة أعوام بحق أليكسي غورينوف (Aleksei Gorinov)، عضو أحد مجالس البلدية السابقين، والذي يقضي سبعة أعوام في السجن بموجب قوانين “رقابة الحرب”، بتهمة “تبرير الإرهاب”.
التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة
ظل التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة ممارسة متفشية داخل أماكن الاحتجاز، بينما كان يتمتع الجناة بالإفلات شبه التام من العقاب.
ومثل أمام المحكمة أربعة رجال مُشتَبه في تنفيذهم للهجوم المسلح على قاعة كروكوس سيتي هول في مارس/آذار، وقد بدت عليهم آثار التعذيب بوضوح. وأظهرت مقاطع فيديو متداولة عبر الإنترنت، حسبما زُعِم، أحد المُشتَبه بهم وأحد أذنيه قد قطعت خلال استجوابه على أيدي مسؤول أمن، وآخر يتعرض للصعق الكهربائي. ولم يُجرَ أي تحقيق بعد ذلك.
واحتُجِز أسرى الحرب الأوكرانيون والمدنيون المعتقلون في ظل أوضاع لاإنسانية، وتعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة والإخفاء القسري على نحو ممنهج.
وبلغت أوضاع الاحتجاز في أرجاء البلاد، درجة المعاملة أو العقوبة اللاإنسانية أو المهينة على نحو شائع، وكثيرًا ما مُنِع تقديم الرعاية الصحية الكافية للمُحتَجَزين. واستهدفت السلطات من سُجِنوا لإدانتهم بتهم ذات دوافع سياسية، بحرمانهم من التواصل مع أسرهم وتوقيع عقوبات تأديبية عليهم تعسفًا، بما في ذلك الحبس الانفرادي.1
وظل أليكسي غورينوف (انظروا أعلاه) محتجزًا رهن الحبس الانفرادي المُطوَّل، في إجراء عقابي تأديبي تعسفي، بينما رُفِض تقديم الرعاية الطبية الكافية إليه.
وفي أغسطس/آب، دعت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة روسيا إلى إتاحة العلاج الطبي اللازم لإيغور باريشنيكوف (Igor Baryshnikov)، وهو ناشط في المجتمع المدني من منطقة كالينينغراد يُسجَن لمدة سبعة أعوام بموجب قوانين “رقابة الحرب”. وقد خضع لعملية جراحية في سبتمبر/أيلول تأخرت كثيرًا عن وقتها المطلوب.
حقوق أفراد مجتمع الميم
ازداد اضطهاد مجتمع الميم، بما في ذلك من خلال العقوبات الإدارية أو الجنائية التعسفية على “التطرف” و”الدعاية للمثلية”. ونفذت الشرطة ما لا يقل عن 24 عملية مداهمة لملاهي ليلية مخصصة لأفراد مجتمع الميم في أرجاء البلاد.
ففي مارس/آذار، احتُجِز اثنان من العاملين بأحد الملاهي الليلية في أورينبورغ ومالكه على ذمة المحاكمة بتهمة “التطرف” الجنائية، التي يُعاقَب عليها بالسجن لمدة 10 أعوام. وفي أكتوبر/تشرين الأول، وُجِّهَت التهمة ذاتها إلى مالكة أحد الملاهي الليلية التي داهمتها الشرطة في مدينة شيتا.
وداهمت الشرطة في أكتوبر/تشرين الأول أيضًا ملهى ليليًا في مدينة ياروسلافل. واعتدت بدنيًا على روّاد الملهى وأهانتهم، بإرغامهم على الانبطاح أرضًا لعدة ساعات. واعتُقِل بعضهم واتُّهِموا بارتكاب انتهاكات إدارية بموجب قانون “الدعاية للمثلية”.
الحقوق الجنسية والإنجابية
واصلت السلطات الإقليمية فرضها للعوائق فيما يتعلق بعمليات الإجهاض؛ ففي يونيو/حزيران، حظر برلمان جمهورية كومي “الإكراه على الإجهاض”، وفرض فعليًا غرامات باهظة على كل من يُسهِّل إجراء هذه العملية. وأُقِرَت قوانين محلية مماثلة في 14 منطقة أخرى. ورفضت عدة عيادات خاصة إجراء عمليات الإجهاض، على الرغم من عدم حظرها حظرًا صريحًا.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، صُدِّق على قانون اتحادي يحظر “الدعاية إلى رفض إنجاب الأطفال”، ليصبح قانونًا ساريًا. ونص على فرض الرقابة، وتوقيع غرامات باهظة، واعتقال كل من ينشر معلومات تروج للقرارات الطوعية بعدم إنجاب الأطفال.
الحق في التعليم
في أكتوبر/تشرين الأول، وردت أنباء حول إدخال الدروس التلقينية المعروفة بمسمى “محادثات حول أمور مهمة” في مناهج رياض الأطفال، وكانت قد استُحدِثَت هذه الدروس في المدارس في 2022. واشتملت الموضوعات التي تتناولها هذه الدروس على الترويج في الفصول لما يُسمى بـ”القيم التقليدية”، وتمجيد الحرب الروسية على أوكرانيا.
واعتُمد قانون في ديسمبر/كانون الأول يمنع أبناء الأجانب من الالتحاق بالمدارس، إذا لم يجتازوا اختبارًا للغة الروسية، وما لم يكن وجودهم في روسيا قانونيًا.
حقوق الطفل
اضطهدت السلطات الأطفال بسبب مواقفهم المُناهِضة للحرب، ولفقت قضايا جنائية ضدهم على أساس تهم بموجب قانون “مكافحة الإرهاب”.2
وفي يونيو/حزيران، أصدرت محكمة عسكرية في موسكو حكمًا بالسجن لخمسة أعوام بحق أرسيني توربين (Arseniy Turbin)، البالغ من العمر 15 عامًا، بسبب “اشتراكه” المزعوم في فيلق حرية روسيا، وهي وحدة عسكرية شكَّلها مواطنون روسيون وبيلاروسيون في أوكرانيا وتُصنَّف كمنظمة “إرهابية” في روسيا. وأُيِّد الحكم بعد استئنافه في نوفمبر/تشرين الثاني.
حقوق المهاجرين
استمر انتهاك حقوق المهاجرين وسادت ممارسة التمييز المجحف بحقهم. ومنعت السلطات في 24 منطقة المهاجرين من العمل في بعض المهن لدواعٍ مثل الأمن الوطني، أو “منح أولوية التوظيف للمواطنين الروسيين”؛ على الرغم من الأنباء الواردة حول نقص القوى العاملة. واتسعت قوائم المهن المحظورة على المهاجرين في سبع مناطق لتشمل مهنًا أخرى.
وصعَّدت السلطات من حدة الخطاب والممارسات المُعادية للمهاجرين، بعد الهجوم على قاعة كروكوس سيتي هول؛ إذ ذُكِر أن المُشتَبه في تنفيذهم للهجوم كانوا من المهاجرين.
واستُهدِف المهاجرون الذين يطلبون الجنسية الروسية للتجنيد في الجيش بعد تجنيسهم. وفي يونيو/حزيران، وردت أنباء حول إجراء الشرطة لعمليات مداهمة في ما لا يقل عن ثماني مناطق، للبحث والتعرف على المهاجرين غير المُوثَّقين، أو هؤلاء الحاصلين على الجنسية الروسية بدون تسجيل أنفسهم كمجندين في الجيش. وفي يونيو/حزيران أيضًا، زعم رئيس لجنة التحقيق أن أكثر من 10,000 مهاجر من الحاصلين على الجنسية الروسية قد نُشروا في أوكرانيا.
واعتُمِدَت تعديلات قانونية في أغسطس/آب، كان من المقرر أن تصبح سارية في 2025، واستُحدِث بموجبها مزيد من القيود على حقوق المهاجرين غير المُوثَّقين وبعض الفئات الأخرى من المهاجرين.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أصبحت الجنسية الأجنبية من “الظروف المُشدِّدة للعقوبات” عند ارتكاب الجرائم.
الحق في بيئة صحية
واصلت روسيا زيادة إنتاجها من النفط والغاز بنحو 10%، بينما لم تُبدِ أي التزام ببذل الجهود اللازمة للتصدي لتغير المناخ، أو تقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري. ولا تشكل مصادر الطاقة المتجددة سوى نحو 1% فقط من مصادر الطاقة التي تعتمد عليها روسيا، وهي نسبة تَبعُد كثيرًا عن نسبة الـ4.5% المُستَهدَفة بحلول 2024، بحسب ما جاء في تعهدها الذي افتقر إلى أي طموح.