روسيا

لا تتخذ منظمة العفو الدولية أي موقف من قضايا السيادة أو النزاعات الإقليمية. وتستند الحدود على هذه الخريطة إلى بيانات الأمم المتحدة الجغرافية المكانية.
العودة. روسيا

روسيا 2023

استمرت روسيا في حربها العدوانية ضد أوكرانيا، وسمحت لقواتها بارتكاب جرائم حرب مع الإفلات من العقاب. وفي الوقت نفسه، استمرت حالة حقوق الإنسان في الداخل بالتدهور. وفُرضت قيود مشددة على حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. وواجه منتقدو الحكومة ملاحقات قضائية تعسفية، وأحكامًا بالسجن لمدد طويلة، وهجمات عنيفة مع إفلات مرتكبيها من العقاب، وغيرها من الأعمال الانتقامية. واستخدمت السلطات قوانين مكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف على نطاق واسع ضد المعارضة والجماعات الدينية والمنتقدين الأفراد والمحامين. وتفشَّى التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في الحجز مع الإفلات من العقاب إلى حد كبير. وكانت المحاكمات جائرة، ولاسيما في القضايا السياسية والقضايا التي تتعلق بأسرى الحرب الأوكرانيين. واعتُمد قانون جديد ينطوي على رُهاب العابرين جنسيًا، وصُنِّفت ما تُسمى بـ “حركة مجتمع الميم” بأنها “متطرفة”. ورفضت روسيا التعاون مع المؤسسات الدولية لحقوق الإنسان. وبعد أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال الرئيس فلاديمير بوتين، أعلنت تجريم تقديم المساعدة للمحكمة. وفشلت السلطات في منع العنف المعادي للسامية وللاجئين. وكانت التدابير التي اتُخذت لمعالجة أزمة المناخ غير كافية. وحُظرت المنظمات غير الحكومية المدافعة عن البيئة في البلاد.

خلفية

ارتكبت روسيا العديد من الانتهاكات للقانون الدولي الإنساني في أوكرانيا (انظر باب أوكرانيا)، في الوقت الذي توقَّف فيه الغزو إلى حد كبير. ووصلت الهجمات العسكرية الأوكرانية إلى عمق الأراضي الروسية، وأعلنت السلطات الروسية عن وقوع عشرات الخسائر في صفوف المدنيين. واستمرت الحكومة في تشديد السيطرة على المعلومات المتعلقة بالحرب والتلاعب بها. وتُقدَّر الخسائر العسكرية الروسية بمئات الآلاف بين قتيل وجريح. ووردت أنباء عن عشرات الهجمات بإضرام النار عمدًا في مراكز التجنيد وغيرها من المباني الحكومية في مختلف أنحاء البلاد. وفي 24-23 يونيو/حزيران، قادَ إفغيني بريغوجن مجموعة فاغنر، وهي شركة عسكرية خاصة كان قد أسَّسها، في محاولة انقلاب فاشلة. وقد تفادى الملاحقة القضائية، لكنه قُتل في حادثة تحطم طائرة مريبة في 25 أغسطس/آب.

ظلت روسيا تواجه عزلة دولية. ففي سبتمبر/أيلول، تحدَّث المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بأوضاع حقوق الإنسان في روسيا الاتحادية عن “تزايد قمع الممارسة السلمية لحقوق الإنسان”. ورفضت السلطات الاعتراف بولايته أو السماح له بزيارة البلاد. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، انسحبت روسيا من معاهدة القوات المسلحة التقليدية في أوروبا.

على الرغم من رفضها التعاون مع آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، سعتْ روسيا إلى العودة إلى مجلس حقوق الإنسان، لكنها خسرت التصويت في أكتوبر/تشرين الأول. واستمرت السلطات في تجاهل قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان المتعلقة بانتهاكات روسيا للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي ارتُكبت عندما كانت روسيا دولة طرفًا فيها.

حرية التعبير

لقد قوبل أي شكل من أشكال الانتقاد للسلطات بالقمع الشديد.1 وفُرضت على منصات وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والأفراد غرامات باهظة، وحجب تعسفي، وملاحقات قضائية وغيرها من أشكال الانتقام بموجب مجموعة واسعة من القواعد القانونية العقابية، ومنها: تصنيف “عميل أجنبي”، ومزاعم “التطرف”، و”تبرير الإرهاب”، و”نشر معلومات كاذبة قصدًا”، و”تشويه السمعة”، و”إثارة الكراهية”، و”الدعاية” لمجتمع الميم.

في 29 مارس/آذار، اعتقلت السلطات الصحفي الأمريكي إيفان غيرشكوفيتش بتهمة التجسس المشكوك فيها. وظل بانتظار محاكمته بحلول نهاية العام.

في 4 مايو/أيار، قُبض على المخرجة المسرحية إيفغينيا بيركوفيتش، والكاتبة المسرحية سفيتلانا بتريتشوك بتهمة ملفقة، وهي “تبرير الإرهاب” بسبب مسرحيتهما التي حصلت على جائزة، وتدور حول نساء تزوّجن أعضاء في الجماعات المسلحة في سوريا. وكانتا قيد الاحتجاز بانتظار المحاكمة بحلول نهاية العام.

وتعرَّض الأشخاص الذين يعبِّرون عن معارضتهم لغزو أوكرانيا، أو لانتهاكات روسيا هناك، أو للحرب بوجه عام، لاضطهاد قاسٍ بشكل خاص.2 وحُكم على ما لا يقل عن 140 شخصًا بالسجن بسبب بياناتهم أو احتجاجاتهم أو غيرها من الأنشطة المناهضة للحرب، وذلك مقارنةً بـ 22 شخصًا في عام 2022.

في أبريل/نيسان، حُكم على الناشط في مجال حقوق الإنسان والمعارض فلاديمير كارا-مورزا بالسجن لمدة 25 سنة بتهم ملفقة، وهي: خيانة الدولة، ونشر “معلومات كاذبة” حول القوات المسلحة، والاشتراك في “منظمة غير مرغوب فيها”.

في 27 فبراير/شباط، اعتُقل أليكسي موسكاليوف، وهو رجل أعمال وأب أعزب في منطقة تولا، بتهمة “إساءة سمعة القوات المسلحة” بسبب انتقاده الحرب على أوكرانيا عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ووضعت السلطات ابنته البالغة من العمر 13 سنة في دار للأيتام؛ وعقب تنظيم حملة من أجلها، سلمتها إلى أفراد عائلة آخرين. وفي ديسمبر/كانون الأول، تم إلغاء الحكم الصادر على أليكسي موسكاليوف بالسجن سنتين.

في 13 أبريل/نيسان، أيَّدت إحدى المحاكم الحكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات الذي كان قد صدر بحق فلاديمير روميانتسيف، وهو وقَّاد فحم من مدينة فولوغدا، بتهمة “نشر معلومات كاذبة قصدًا حول القوات المسلحة الروسية”. وكان فلاديمير روميانتسيف قد استخدم استوديو إذاعي منزلي لإعادة بث ما تورده وسائل الإعلام المحظورة من معلومات حول الحرب.

وكان أوليغ أورلوف، وهو مدافع معروف عن حقوق الإنسان، يُحاكَم بسبب نشره مقالًا انتقد فيه غزو روسيا لأوكرانيا.

وقيل إن العديد من أساتذة الجامعات ومعلمي المدارس فقدوا وظائفهم بسبب انتقاد السلطات أو انتقاد غزو أوكرانيا. ففي 11 أكتوبر/تشرين الأول، تم فصل سفيتلانا دروغوفيكو – دولزهانسكايا من جامعة سانت بطرسبرغ الحكومية بعد أن أدلت بشهادتها كخبيرة في اللغويات لصالح سجينة الرأي أليكساندرا سكوشيلينكو.

وواجه بعض السجناء تُهمًا جديدة إضافية أثناء قضاء مدد أحكامهم في السجن. فعلى سبيل المثال، في أكتوبر/تشرين الأول، وجِّهت تهمة “تبرير الإرهاب” لسجين الرأي وعضو المجلس البلدي السابق المعارض أليكسي غورينوف، الذي كان قد حُكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات في عام 2022 بسبب إلقاء كلمة مناهضة للحرب في اجتماع المجلس البلدي.

في نوفمبر/تشرين الثاني، وُجهت إلى سجينة رأي أخرى، وهي الصحفية ماريا بونومارينكو، التي كانت محكومة بالسجن لمدة ست سنوات بسبب مشاركة فيديو حول قصف روسيا للمسرح في ماريوبول بأوكرانيا، تهمة جديدة مشكوك في صحتها حول “التسبب بأذى جسدي” لموظفي المستعمرات العقابية.

حرية التجمع السلمي

استمر قمع حرية التعبير. واستخدَمت التشريعات ذات الصلة التقييدية بشكل غير مبرر عبارات مبهمة تسمح بتفسيرات تعسفية. وحظرت قوانين محلية التجمعات والاحتجاجات العفوية بالقرب من المباني الحكومية وفي العديد من الأماكن الأخرى، وتضمَّنت فرض قيود عديدة أخرى على الأماكن والمنظمين. واستخدمت السلطات صلاحياتها الواسعة لرفض منح التراخيص، ولم تُظهر الشرطة أدنى تسامح مع التجمعات “غير المرخصة”، مهما كانت صغيرة وغير متكررة.

وفي بعض أنحاء البلاد ظلت التجمعات السلمية محظورة بذريعة بروتوكولات كوفيد-19. وغالبًا ما كانت القيود تمييزية، فعلى سبيل المثال، في 29 سبتمبر/أيلول، حظرت سلطات مدينة موسكو وقفة لإحياء ذكرى ضحايا القمع في الحقبة السوفيتية، بينما سمحت لتجمع كبير مؤيد للحكومة بالمضي قُدمًا في اليوم نفسه.

حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها

استمرت السلطات في استهداف منظمات المجتمع المدني، بما فيها منظمات حقوق الإنسان، باستخدام القوانين القمعية الروسية على نطاق واسع. وفي عام 2023، تم تصنيف 54 منظمة و172 شخصًا بأنهم “عملاء أجانب”، وصُنفت 56 منظمة بأنها “منظمات غير مرغوب فيها”.

تمَّ حل مجموعات رائدة معنية بحقوق الإنسان، ومن بينها مجموعة موسكو هلسنكي (Moscow Helsinki Group) ومركز ساخاروف (Sakharov Centre) ومركز سوفا (Sova Centre)، بذريعة انتهاك الأنظمة المتعلقة بـ “العملاء الأجانب” أو لأسباب تقنية.

بدأ تحريك قضايا جنائية ذات دوافع سياسية ضد أعضاء منظمة ميموريال (Memorial)، وهي أقدم منظمة لحقوق الإنسان، وكانت قد حُلَّت في عام 2022. ومن بين تلك التهم “الإساءة لسمعة القوات المسلحة” و”إعادة تأهيل النازية”. وفي 5 مايو/أيار، اعتُقل عضو منظمة ميموريال أليكساندر تشيرنيشوف ووُجهت له تهمة “تهريب مواد ذات قيمة ثقافية” بزعم محاولة نقل أرشيف منظمة ميموريال خارج البلاد. وقد ظل مسجونًا بحلول نهاية العام.

في 17 أغسطس/آب، اعتُقل غريغوري ميلكونيانتس، الرئيس المشارك في منظمة غولوس (Golos) الرائدة لمراقبة الانتخابات في روسيا، بسبب تعاونه مع ائتلاف دولي لمراقبي الانتخابات، اعتُبر “منظمة غير مرغوب فيها”. وقد أُودع في الحبس الاحتياطي.

واستُخدمت تهمة التطرف ضد المجموعات والأفراد الذين ينتقدون السلطات. ففي 17 مايو/أيار، أيَّدت إحدى المحاكم التصنيف التعسفي لحركة الشبيبة المؤيدة للديمقراطية فيسنا (Vesna) واعتبرتها منظمة “متطرفة”، وحظرت أنشطتها. وظل ستة أشخاص في الحجز في نهاية العام بتهمة المشاركة في حركة فيسنا.

واجه المعارض البارز أليكسي نافالني وشركاؤه مزيدًا من التهم المتعلقة بالتطرف بسبب مشاركتهم في المنظمات غير الحكومية التي كان قد أنشأها. وفي 4 أغسطس/آب، صدر حكم آخر على أليكسي نافالني، الذي كان قد حُرم من حريته تعسفيًا منذ عام 2021، بالسجن بدوافع سياسية، مما زاد عدد سنوات سجنه إلى 19 سنة. وكان زملاؤه ليليا تشاينيشيفا وكسينيا فاديفا ودانيال خولودني وفاديم أوستانين قد اعتُقلوا وقُدموا للمحاكمة وحُكم عليهم بالسجن، أو كانوا يقضون أحكامًا بالسجن في نهاية العام. كما أن الأشخاص الذين تبرعوا بمبالغ مالية، مهما كانت صغيرة، واجهوا ملاحقات قضائية، ومنهم غليب كالينيشيف، الذي كان بانتظار المحاكمة في الحجز بسبب تبرعه المزعوم بثلاثين دولارًا أمريكيًا إلى مؤسسة أليكسي نافالني المناهضة للفساد.

في أغسطس/آب، تم تعديل القانون الجنائي لمعاقبة “القيام بأنشطة” المنظمات غير الحكومية الأجنبية التي ليس لها مكاتب مسجَّلة في روسيا. وقد جرَّم التعديل، فعليًا، جميع أشكال التعاون مع معظم منظمات المجتمع المدني خارج البلاد.

حرية الدين والمعتقد

واصلت السلطات الملاحقات القضائية لشهود يهوه بلا أساس تستند إليه منذ حظر كنيستهم تعسفيًا في عام 2017. وبحلول ديسمبر/كانون الأول، كان أكثر من 100 عضو من هذه الجماعة لا يزال رهن الاحتجاز.

واجه أعضاء في جماعات إسلامية، من بينها حزب التحرير، ملاحقات قضائية ومحاكمات جائرة بتهم التطرف والإرهاب بسبب آرائهم الدينية.

حقوق المعترضون على تأدية الخدمة العسكرية الإلزامية بوازع الضمير

في سابقة نادرة في 16 مارس/آذار، سمحت إحدى المحاكم لمؤمن مسيحي كان اسمه مُدرجًا في قائمة المشاركين في حرب روسيا ضد أوكرانيا، بتأدية خدمة مدنية بديلة. بيد أن هذا الخيار ظل بعيد المنال بالنسبة لجميع المعترضين على تأدية الخدمة العسكرية بوازع الضمير.

التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة

ظل التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة في الحجز متفشيًا على نطاق واسع. وظل مرتكبوه يتمتعون بالإفلات من العقاب، أو تلقوا أحكامًا مخفَّفة. وانتهت قضية واحدة فقط بحكم الإدانة بموجب المادة التي تُعاقب على التعذيب في القانون الجنائي التي أُدخلت في عام 2022.

استهدفت السلطات سجناء معيَّنين، من قبيل أليكسي نافالني، بأشكال متنوعة من المعاملة السيئة، ومنها الحرمان من الرعاية الطبية الكافية، والحجز التعسفي في زنازين العقوبات (غالبًا لمدد متعاقبة عديدة)، والضغط النفسي، والتهديدات، واستخدام القوة الجسدية.

في 14 يونيو/حزيران، توفي في أحد مراكز الاحتجاز في مدينة روستوف على نهر الدون، الناشط المناهض للحرب أناتولي بريزيكوف حيث كان قد احتُجز فيه إثر إجراءات إدارية مشكوك فيها، قبل يوم واحد من إطلاق سراحه. وقبل ذلك بوقت قصير، كان قد أبلغ محاميه والمحكمة بأنه يخشى على حياته، لأن ضباطًا من جهاز الأمن الفدرالي كانوا قد هدَّدوه وعذَّبوه باستخدام الصعق الكهربائي. وقد تجاهلت السلطات تلك المزاعم، وأعلنت الشرطة أن سبب وفاته هو الانتحار، واضطر محاميه وأحد المدافعين عن حقوق الإنسان الذي كان يساعده، إلى مغادرة البلاد بعد أن فتّشت الشرطة منزليهما.

المحاكمات الجائرة

أظهرت المحاكم الجنائية تحيزًا شديدًا ضد المتهمين. إذ بلغت نسبة المتهمين الذين تمت تبرئة ساحتهم أو إلغاء مقاضاتهم بقرار من المحاكم 0.4% فقط. وقَبِلَ القضاة أدلة الادعاء العام بشكل اعتيادي وبلا سؤال، بما فيها الشهادات التي قُدِّمت تحت وطأة التعذيب، ورفضوا الأدلة القوية على البراءة. وغالبًا ما كانت المحاكمات، ولا سيما تلك التي تتضمن تُهمًا تتصل بالإرهاب أو التطرف أو الخيانة العظمى، تُعقد خلف أبواب موصَدة.

وتعرَّض المحامون الذين يعملون في مجال القضايا السياسية البارزة، وخاصةً تلك التي تتضمن تُهمًا تتعلق بالإرهاب أو التطرف، للضغط والمضايقة. ففي 13 أكتوبر/تشرين الأول، اعتقلت السلطات ثلاثة من محامي أليكسي نافالني، واتَّهمتهم “بالمشاركة في جمعية متطرفة” بسبب أنشطتهم المهنية. وكانوا بانتظار المحاكمة في الحجز في نهاية العام. 3

في 4 يوليو/تموز، قام أشخاص مجهولو الهوية بمهاجمة الصحفية إلينا ميلاشينا والمحامي أليكساندر نيموف، وأهانوهما وأصابوهما بجروح بينما كانا في الطريق لحضور جلسة استماع في جمهورية الشيشان. ولم يُجرَ أي تحقيق سليم في ذلك الهجوم.

قدَّمت السلطات أسرى حرب أوكرانيين ومدنيين إلى محاكمات جائرة. ففي 22 أغسطس/آب، أيَّدت محكمة في موسكو حُكمًا بالسجن لمدة 13 سنة على مكسيم بوتكيفيتش، وهو أسير حرب أوكراني ومدافع عن حقوق الإنسان بزعم ارتكابه جرائم حرب لم يكن بإمكانه ارتكابها استنادًا إلى دليل مكان تواجده في ذلك الوقت. ويحتمل أنه كان قد أُرغم على “الاعتراف” بارتكاب تلك الجرائم أمام عدسة الكاميرا.4

كما استُخدمت المحاكمات الجائرة ضد النشطاء والمعارضين. ففي 12 سبتمبر/أيلول، حُكم على الصحفي الداغستاني عبد المؤمن غادجيف بالسجن لمدة 17 سنة بتهم ملفقة تتعلق بالإرهاب. وفي اليوم نفسه حُكم على زاريما موساييفا، والدة المدافع عن حقوق الإنسان أبو بكر يانغولبايف، بالسجن لمدة خمس سنوات ونصف بتهمة ملفقة، وهي استخدام العنف ضد أحد أفراد الشرطة.

حقوق أفراد مجتمع الميم

في 24 يوليو/تموز، صدَّق الرئيس بوتين على مشروع قانون يتَّسم برُهاب العبور الجنسي، ويتضمن حظر علاج تأكيد النوع الاجتماعي والاعتراف القانوني بالنوع الاجتماعي للعابرين جنسيًا. كما ألغى القانون زيجات مسجَّلة في السابق وحظرَ تبني الأطفال من قِبل العابرين جنسيًا.

في 30 نوفمبر/تشرين الثاني، صنَّفت المحكمة العليا ما أسمتها “الحركة العامة الدولية لمجتمع الميم” بأنها “منظمة متطرفة”، وحظرت نشاطاتها. واضطر العديد من منظمات مجتمع الميم ونشطاؤها إلى وقف العمل أو مغادرة روسيا في أعقاب صدور الحكم. وفي غضون أيام، داهمت الشرطة النوادي الصديقة لمجتمع الميم في مدن مختلفة، وصوَّرت وثائق رعاتها وقامت بترهيبهم.

وفرضت السلطات عشرات الغرامات على منصات بث الفيديوهات بسبب استضافة “دعاية مجتمع الميم”. وأُخضع العديد من الأفلام والبرامج التلفزيونية للرقابة بُغية إزالة أي إشارات إلى العلاقات المثلية.

الحق في التعليم

في 1 سبتمبر/أيلول، وفي مثال واضح على التعليم التلقيني الذي يشكل انتهاكًا للحق في التعليم النوعي، أُصدرت كتب تاريخ مدرسية جديدة “موحَّدة” لطلبة المدارس الثانوية في سائر أنحاء البلاد وفي الأراضي المحتلة في أوكرانيا. وقد سَعت تلك الكتب المدرسية إلى تلميع سجل حقوق الإنسان التاريخي للسلطات الروسية والسوفييتية وسياساتهما الاستعمارية، بينما تُبرر، خطأً، الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا بأنها عملية دفاع عن النفس.

الإفلات من العقاب

في 17 مارس/آذار، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق الرئيس بوتين ومفوضة حقوق الطفل ماريا لفوفا-بيلوفا بتهمة ارتكاب جريمة الحرب المتمثلة بترحيل ونقل الأطفال الأوكرانيين من الأراضي المحتلة بصورة غير قانونية.5 وقد رفضت روسيا التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وفرضت مسؤولية جنائية على مساعدة المنظمات الدولية أو الحكومات الأجنبية في مقاضاة المسؤولين أو العسكريين الروس. ورفعت لجنة التحقيق دعوى جنائية ضد قضاة المحكمة الجنائية الدولية والمدعي العام للمحكمة واتهمتهم بمقاضاة “أشخاص أبرياء بشكل واضح”. وفي يوليو/تموز، قرر الرئيس بوتين عدم حضور قمة بريكس في جنوب أفريقيا قبل أن تقرر إحدى المحاكم هناك بوقت قصير أنه سيتم اعتقاله عند وصوله.

حقوق اللاجئين والمهاجرين

ظل التمييز والعنف ضد المهاجرين، بما في ذلك على أيدي الشرطة، متفشّيان على نطاق واسع. واعتقلت الشرطة مئات المهاجرين الذين زُعم أنهم لا يحملون وثائق قانونية، في مداهمات قامت بها في شتى أنحاء البلاد في مايو/أيار. وأبلغ العديد من الأشخاص عن حالات إساءة المعاملة الجسدية والنفسية في الحجز.

استخدمت السلطات الخداع والضغوط من أجل تجنيد مهاجرين أجانب في الخدمة العسكرية.

التمييز المجحف

في 29 أكتوبر/تشرين الأول، هاجم مئات الأشخاص مطار مخاتشكالا في داغستان، بشمال القوقاز، في محاولة لاستهداف الأشخاص اليهود الذين اعتقدوا أنهم وصلوا مؤخرًا من إسرائيل. وتدخلت الشرطة بعد ساعات من أجل استعادة النظام. ووقعت حوادث مشابهة تتصل بمعاداة السامية في أنحاء أخرى من شمال القوقاز.

الحق في بيئة صحية

ظلت روسيا في طليعة الدول المنتجة والمصدِّرة للوقود الأحفوري، كما ظلت واحدة من أكثر الدول تسبُّبًا في انبعاثات غازات الدفيئة، ولم تتخذ أي خطوات فعَّالة لتقليص آثارها البيئية. وبدلًا من ذلك خططت لزيادة إنتاج وتصدير الفحم والغاز بكميات ضخمة، واستمرت في الاستثمار في عمليات إنتاج جديدة خارج البلاد. ووصف برنامج تعقّب الإجراءات المناخية انبعاثات روسيا من حيث الأهداف والسياسات والتمويل بأنها “غير كافية على إلى حدٍّ خطير”.

بين مايو/أيار وسبتمبر/أيلول، أدّت حرائق الغابات، التي تفاقمت بفعل الاحترار العالمي، والتي غالبًا ما تستمر لأسابيع بدون مراقبة، إلى زيادة انبعاثات الكربون وتقليص امتصاص ثاني أكسيد الكربون.

في مايو/أيار ويوليو/تموز، صنَّفت السلطات منظمتين بيئيتين كبيرتين، وهما منظمة غرينبيس، والمؤسسة العالمية للحياة البرية (World Wildlife Foundation)، بأنهما “غير مرغوب فيهما”، وبذلك حظرت وجودهما في البلاد. وكانت منظمة غرينبيس قد لعبت دورًا مهمًا في التعامل مع حرائق الغابات في روسيا.


  1. Russian Federation: Dark Times for Human Rights. Amnesty International Submission to the 44th Session of the UPR Working Group, 13 November 2023, 3 May
  2. “Russia: 20,000 activists subject to heavy reprisals as Russia continues to crack down on anti-war movement at home”, 20 July
  3. “Russian Federation/Ukraine (Crimea): Human rights lawyers must be immediately and unconditionally released”, 27 October
  4. “Ukraine: Russia’s reprisals against prominent Ukrainian human rights defender who joined the Armed Forces of Ukraine”, 17 August
  5. “Russia: ICC’s arrest warrant against Putin a step towards justice for victims of war crimes in Ukraine”, 17 March