الأويغور يتحدثون عن حملة ترهيب تقودها الصين في الخارج
مر حتى الآن نحو ثلاث سنوات منذ أن أطلقت الصين حملة جماعية غير مسبوقة شملت اعتقالات جماعية للأويغور، والكازاخيين ومجموعات أخرى معظمها من المسلمين في الشمال الغربي من الصين في منطقة شينجيانغ الأويغورية ذاتية الحكم.
وخلال هذا الوقت، تواصل تَسَرُّب التفاصيل عن معاملة نحو مليون شخص أو أكثر تم احتجازهم في مراكز “التحويل من خلال التعليم” أو مراكز “التدريب المهني”. بيد أن التعتيم بحجب الحجم الحقيقي وطبيعة ما يحدث في إقليم شينجيانغ.
لقد نفَت الحكومة الصينية أصلا وجود معسكرات احتجاز. لكنها أخذت لاحقا في الزعم بأن هذه المنشآت هي مراكز “للتدريب المهني” هدفها مساعدة الأويغور وآخرين على التخلص من الأفكار “المتطرفة” وتوفير التدريب المهني لهم- حتى المثقفين ذوي الثقافة العالية، والأشخاص من مجتمع الأعمال والمتقاعدين.
وقاومت الحكومة الصينية بثبات الدعوات الرامية إلى السماح بدخول مراقبين مستقلين إلى المنطقة، إذ سمحت فقط لمجموعة مختارة من الصحفيين والدبلوماسيين بالقيام بجولات أعدّت بإحكام وعناية. غير أن أصدقاء وأقارب الأشخاص الذين يُعتقد أنهم محتجزون يظلون محرومين من تلقي المعلومات بشأنهم وغير متأكدين من أماكن وجود أحبائهم.
وفي أواخر عام 2019، كشفت الوثائق المسربة التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز و الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين و17 منظمة شريكة، تفاصيل جديدة بشأن حملة الصين في إقليم شينجيانغ. وتكشف الوثائق كيف أن الحملة لتغيير تفكير سكان شينجيانغ انبثقت من دعوة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في عام 2014 من أجل “الصراع ضد الإرهاب، والتسلل، والانفصال” في شينجيانغ. وتظهر الوثائق أيضا كيف أنه، بعد تولي تشين كوانغو منصب الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني بإقليم شينجيانغ في أغسطس/آب 2016، أمر المسؤولين المحليين “باعتقال أي أحد ينبغي اعتقاله”. ووجهت أدلة العمليات السرية، بتفاصيل وافية، كيف ينبغي إدارة معسكرات “إعادة التأهيل”. وصدرت تعليمات للمسؤولين بشأن ما ينبغي إخبار الأطفال به بخصوص احتجاز آبائهم، والتي شملت تحذيرات عن التداعيات إذا تحدثوا علانية عن الاحتجازات.
وأَمْر آخر برز بوضوح من الوثائق المسربة يتمثل في الحجم العالمي لحملة الصين ضد الأويغور والكازاخيين وآخرين أصلهم من إقليم شينجيانغ؛ إذ طُلب من السفارات والقنصليات الصينية في الخارج جمع معلومات عن أعضاء هذه المجموعات العرقية المقيمين في بلدان أخرى. وقد شعر أفراد هذه المجموعات بعمق بإصرار الصين في جهودها على تعقب أعضاء مجتمعات الشتات، كما تظهر الإفادات التسع أدناه.
الأويغور في الخارج يعيشون في خوف
وتشير التقديرات إلى أن ما يتراوح بين 1 و1.6 من الأويغور يعيشون خارج الصين، حسب المؤتمر الأويغورى العالمي، وهو اتحاد لمجتمعات الأويغور التي تعيش في المنافي ومُسجل في ألمانيا. ويمكن العثور على أعداد كبيرة من المجتمعات الأويغورية الشتات في كازاخستان وقرغيستان وأوزبكستان. وتعيش مجتمعات أصغر في بلدان أخرى بما فيها أفغانستان، وأستراليا، وبلجيكا، وكندا، وألمانيا، والنرويج، وروسيا، والسعودية، والسويد، وهولندا، وتركيا، والولايات المتحدة الأمريكية.
اعتقال أي أحد ينبغي اعتقاله
تشين كوانغو، الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني بمنطقة شينجيانغ الأويغورية ذاتية الحكم
الأويغور في الخارج يعيشون في خوف
الإطار الزمني

عموما أبدى الأويغور الذين يعيشون في الشتات وراء البحار ترددا كبيرا في الحديث عن أقاربهم المحتجزين أو المفقودين في إقليم شينجيانغ؛ إذ ساورهم الخوف بشأن تعرض هؤلاء أو تعرض أقارب آخرين لأعمال انتقامية في شينجيانغ. نحو ثلثي الذين تحدثوا إلى منظمة العفو الدولية طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم مخافة التعرض لأعمال انتقامية من السلطات.
قال عدة أشخاص من الأويغور الذين يعيشون في الخارج وأجرت معهم منظمة العفو الدولية مقابلات إن السلطات المحلية في شينجيانغ استهدفت أقاربهم كطريقة لقمع أنشطة المجتمعات االأويغوربة القاطنة وراء البحار. وقال أفراد من الأويغور إنهم تلقوا تحذيرات أن أفراد من عائلاتهم سيتعرضون للاحتجاز إذا لم يعودوا إلى شينجيانغ، أو أنهم قد لا يتمكنون من رؤية عائلاتهم مرة أخرى إذا رفضوا تقديم معلومات عن أويغور آخرين يعيشون في مجتمعاتهم المحلية.
وتتمثل نتيجة هذه الإجراءات في أن أويغور الشتات غالبا ما يعيشون في خوف ويمتنعون عن التحدث عن الوضع في إقليم شينجيانغ، بما في ذلك تبادل المعلومات التي بحوزتهم عن معسكرات الاحتجاز؛ أو ما هي الأمور التي عرفوها عن أقاربهم في شينجيانغ؛ أو حتى معلومات حول فقدانهم الاتصال بأقاربهم في الإقليم.
أنواع المضايقات التي يواجهها الأويغور في الخارج
الصين تستخدم تطبيقات المراسلة والتواصل الاجتماعي لمضايقة الأويغور في مختلف أنحاء العالم
وقال الأشخاص الذين أجرت منظمة العفو الدولية مقابلة معهم إن الوسيلة الوحيدة التي يمكن لهم استخدامها للتواصل مع أفراد عائلاتهم في شينجيانغ هي ويتشات – WeChat – وسيلة صينية للتواصل اجتماعي والمراسلة تشبه نسخة تجمع ما بين الفيسبوك والواتساب (وكلاهما ممنوع في الصين)- بالرغم من أنهم يدركون أن مراسلاتهم في هذه المنصة غير مشفرة وتخضع للمراقبة من قبل السلطات الصينية. حتى أن بعضهم يمتنعون عن أي شكل من أشكال التواصل الاجتماعي على نظام ويتشات، بحيث يقتصرون على تتبع التحديثات التي ينشرها أقاربهم على المنصة. وذكر العديد منهم أيضا أن السلطات الصينية استخدمت تطبيقات المراسلات والتواصل الاجتماعي لتعقبهم وتخويفهم.
يونس توهتي
يونس توهتي كان طالبا في مصر عندما اتصلت به الشرطة الصينية عبر نظام ويتشات. طُلِب منه تحديد متى سيعود إلى شينجيانغ، وأُمِر بتوفير تفاصيل شخصية، مثل نسخة من جواز سفره. وبعدما شعر بأنه لم يعد آمنا في مصر، هرب يونس من مصر إلى تركيا ثم وصل لاحقا إلى هولندا. وبعيد أشهر على ذلك، استدعت الشرطة في إقليم شينجيانغ أخ يونس الأكبر، الذي كان في تركيا. وقالوا له إنهم يقفون بالقرب من والديه وإن عليه أن يعود إلى شينجيانغ– وفهم من هذه الرسالة أنها تنطوي على تهديد ضد سلامة أبويه. ولاحقا، فقد يونس توهتي الاتصال بعائلته في شينجيانغ ويساوره القلق من أن أبويه ربما تعرضا للاحتجاز أو حدث لهما أسوأ من ذلك.
(لقد تمّ تبسيط رسائل ويتشات استناداً إلى شهادة يونس توهتي)
الأويغور الذين يعيشون في فرنسا، وألمانيا، وإيران قالوا أيضا لمنظمة العفو الدولية إن الشرطة الصينية اتصلت بهم عبر نظام ويتشات وطُلِب منهم تقديم معلومات، مثل أرقام بطاقات الهوية الوطنية، وأماكن الإقامة، وصور عن جوازات السفر، وحتى معلومات عن بطاقات الهوية الوطنية الخاصة بأزواجهم.
إركين: (اسم مستعار) من الأويغور الذين يعيشون في الولايات المتحدة الأمريكية وقد أخبر منظمة العفو الدولية بأن عناصر الأمن الداخلي الصيني اتصلوا به حتى على نظام الواتساب، الذي لا يستخدمه سوى قلة من الصينيين بسبب القيود التي يفرضها جدار الحماية الصيني. أرسلوا له فيديو لأبيه يطلب منه أن يتعاون مع عملاء الأمن، وقالوا له إن السلطات ستصدر جوازي سفر لأبويه وتسمح لهما بالهجرة إلى الولايات المتحدة إذا قام بذلك. حاولوا إقامة علاقة معه، قائلين إنهم أصدقاء لوالده ويمكن لهم ترتيب دردشات منتظمة في الفيديو مع أقاربه إذا تعاون معهم.
لا أزال لا أملك معلومات بشأن جميع أعضاء عائلتي وأقاربي.
إركين*، أويغوري يسكن في الولايات المتحدة الأمريكية
طلب إركين من عملاء الأمن ماذا يريدون، لكنهم لم يقدموا تفسيراً. توقف عن الرد، وكفوا عن الاتصال به بعد يومين. وقال لمنظمة العفو الدولية يوم 30 أغسطس/آب 2019 “لا أزال لا أملك معلومات بشأن جميع أعضاء عائلتي وأقاربي”.
أنا مواطنة أمريكية وليس لدي أي عمل مع شركتكم. أرجو ألا تتصلوا بي من جديد.
غولروي أسكار مُدرسة من الأويغور تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية.

المكالمات الهاتفية ترهيبية بهدف الحصول على معلومات شخصية
غولروي أسكار مُدرسة تعيش في الولايات المتحدة الأمريكية. أخوها حسين جان، عالم لسانيات بارز في إقليم شينجيانغ وسبق له أن أصدر قاموسا باللغتين الأويغورية-الصينية.
وبدءا من عام 2018، بدأت غولروي في تلقي مكالمات هاتفية بشكل متكرر من القنصلية الصينية في مدينة هيوستون. أخبرتها القنصلية في مكالمة مسجلة بأن عليها التحدث مع موظف بشأن وثيقة مهمة يتعين عليها تقديمها. وفي كل وقت، كان يأتي شخص صيني في الجهة الأخرى من المكالمة ويطلب منها معلومات عن اسمها، وتاريخ ميلادها، وتفاصيل شخصية أخرى. وفي كل مرة، كانت غولروي ترفض الإذعان وتوقف المكالمة.
وفي نهاية المطاف، واجهت الرجل في الجهة الأخرى من المكالمة وقالت له إنها مواطنة أمريكية وإنها غير مهتمة بهذه الوثيقة. توقفت المكالمات، ولكنها بدأت في استلام مكالمات هاتفية من شركة صينية لتسليم البريد. واستبعدت أن يكون أفراد عائلتها قد أرسلوا لها أي شيء من شينجيانغ، أخذا في الاعتبار مدى خوفهم من الاتصال بها. اشتبهت في أن هذه المكالمات-التي كانت قد سمعت أنها “شائعة جدا” في مجتمع أويغور الشتات- هي محاولة أخرى للحصول على معلوماتها الشخصية.
في أوائل عام 2019، سمعت غولروي أسكار من الأصدقاء أن أخاها حسين جان يُحتمل أن يكون قد احتجز في شينجيانغ. ولم تتمكّن منذ ذلك الوقت الحصول على أي معلومات بشأن وضعه أو مكان وجوده.
(الاقتباس أعلاه تُرجم من تسجيل باللغة صينية)..

ديلنور إنور، التي تعيش في مونتريال، قالت أيضا إنها تلقت مكالمات بشكل متكرر من السفارة الصينية وأشخاص مجهولين منذ وصولها إلى كندا في يناير/كانون الثاني 2019. وقالت ديلنور، التي تقدمت بطلب للحصول على اللجوء، إنها خائفة من الذهاب إلى السفارة الصينية لاستلام وثيقة “مهمة” كما هو مطلوب منها. قبل أن قُطعت كل اتصالاتها مع أقاربها في شينجيانغ، حذرتها إحدى قريباتها، التي ربما سمعت بعض المعلومات من الشرطة في شينجيانغ، بأن السفارة “ستلقي القبض عليها” وترسلها إلى شينجيانغ إذا لم تعد طواعية. كانت ولا تزال تشعر بالخوف من التحدّث عن احتجاز والديها في أبريل/نيسان 2017 خوفاً على سلامتها وسلامة أقارب آخرين لها في شينجيانغ.

إلدانا عباس، ناشطة من الأويغور ومترجمة فورية من أورومتشي، عاصمة منطقة شينجيانغ الأويغورية ذاتية الحكم ، تعيش حاليا في أستراليا. وصفت تلقيها لمكالمات مشابهة من السفارة الصينية في كانبيرا في 2018 و2019. وجعلتها هذه المكالمات تشعر وكأن سلامتها وسلامة عائلتها تتعرض للتهديد.
“شعرت وكأنني كنت بحاجة إلى أن آخذ حذري من الناس من حولي ومن حول منزلي”.
إلدانا عباس، ناشطة من الأويغور
وقالت ” شعرت وكأنني كنت بحاجة إلى أن آخذ حذري من الناس من حولي ومن حول منزلي “. ومضت قائلة إنها شاهدت أفرادا وجماعات اعتقدت أنهم عملاء صينيون صوروها وصوروا أصدقائها خلال أنشطتهم.
استهداف الأويغور بسبب التحدث علانية
عبد الرحيم غني، ناشط مشهور من الأويغور في هولندا قال لمنظمة العفو الدولية إنه يتعرض أيضا لمراقبة والترهيب بشكل منتظم من قبل أشخاص مجهولين يَعتقد أنهم صينيون. وقال عبد الرحيم إنه هُدّد وصُوّر في المظاهرات الأسبوعية السلمية التي يقوم بها وحده منذ يونيو/حزيران 2018 حول ميدان السد – دام سكوير في مدينة أمستردام. وقال في إحدى المناسبات في أكتوبر/تشرين الأول 2018، إن ثلاثة رجال صينيين وامرأة ظهروا بالقرب من مكان احتجاجه وبدأوا في الصراخ أمام الناس القريبين منه بأن عبد الرحيم ينشر “معلومات خاطئة” و “يستحق أن يموت” بسبب “الإضرار بسمعة الصين”. وبحسب ما ورد، فإنهم قالوا محذرين إنه “سيتعرض قريبا للتدمير” إذا استمر في سلوكه. وتلقى أيضا تهديدات بالقتل عبر الهاتف.
وبالرغم من أنه ليس من الواضح إن كانت هذه المجموعة تعمل نيابة عن السلطات الصينية، فإن هذه التهديدات ضد حياته وسلامته جعلت عبد الرحيم يطلب الدعم من الشرطة الهولندية، التي بدأت في نشر سيارة شرطة بالقرب من احتجاجاته وزودته برقم اتصال مباشر بهدف الاتصال بها في حال شعوره بالخطر.

روشان عباس قالت لمنظمة العفو الدولية إن حياتها انقلبت رأسا على عقب بعدما اختُطِفت أختها، غولشان، في شينجيانغ في سبتمبر/أيلول 2018. وأضافت روشان وهي ناشطة من الأويغور في الولايات المتحدة الأمريكية وهي أيضا مديرة تنفيذية للحملة من أجل الأويغور، Campaign for Uyghurs وهي منظمة غير ربحية لكسب التأييد “ليس هناك يوم لم أتحدث فيه علناً عن هذه الفظاعة المُروِّعة”.
“ليس هناك يوم لم أتحدث فيه علناً عن هذه الفظاعة المُروِّعة”.
روشان عباس، ناشطة من الأويغور في الولايات المتحدة الأمريكية
وتعتقد روشان أن أختها، وهي طبيبة متقاعدة، اختطفت بُعيد أيام من إلقاء روشان خطابا حول الاعتقالات الجماعية للأويغور في شينجيانغ. وقالت “هذا تكتيك تستخدمه بكين لإسكاتي ووقف نشاطي القانوني في الولايات المتحدة”.
وتعرضت روشان منذ ذلك الوقت لهجمات من قبل وسائل الإعلام الصينية الرسمية، مثل صحيفة ذي غلوبال تايمز، التي اتهمتها بأنها “انفصالية” وتنشر الإشاعات بشأن احتجاز الأويغور في إقليم شينجيانغ.
مناخ من عدم الثقة في ظل سعي الصين لتجنيد مخبرين
وبالإضافة إلى الضغوط التي يتعرض لها الأويغور الذين يعيشون في الخارج، هناك جهود حثيثة يبذلها مسؤولو الأمن الصينيون بهدف تجنيد مخبرين للتجسس على المجتمعات المحلية للأويغور الذين يعيشون في الخارج. وفي ظل عدم معرفة من يُحتمل من بينهم أن يُبلِّغ عنهم لعملاء الأمن الصينيين، فإن هذا الوضع يزرع بذور الشك وانعدام الثقة التي تتجذر أكثر فأكثر وتؤجج الإحساس بالعزلة والخوف. إن انتشار هذه المشاعر على نطاق واسع يساهم في نشوب أزمة متصاعدة من اليأس والكآبة بين المجتمعات المحلية في الشتات.

إسماعيل عثمان، عامل في مصنع للأويغور يعيش حاليا في هولندا قال “الشرطة الصينية طلبت (في شينجيانغ) من أخي تزويدها برقم هاتفي. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2014، اتصلت (الشرطة الصينية) بأخي وأرغمته على الاتصال بي. استولوا على الهاتف أثناء إجراء المكالمة وقالوا لي إنه يتعين عليّ إمدادهم بمعلومات (التجسس على) عن أويغور آخرين في هولندا. وإلا فإنهم سيلجأون إلى اعتقال أخي”.
موسى جان، (اسم مستعار) يعيش أيضا في هولندا، قال إن زميلا سابقا في الدراسة ويعمل حاليا في شرطة الأمن الصينية اتصل به عن طريق نظام ويتشات. وطلب منه الرجل جمع معلومات عن ويغور آخرين يعيشون في هولندا وإرسالها إليه. وقال موسى جان إنه وجد أن الطلب ينطوي على ترهيب كبير بحيث اضطر إلى حذف ويتشات من هاتفه المحمول.
يجب على الدول حماية الأويغور من تهديد الترحيل
أحد أسباب خوف الأويغور من معرفة السلطات الصينية الكثير من المعلومات المتعلقة بأماكن وجودهم في الخارج هو أن الحكومات الأخرى تعرضت لضغوط من الصين بهدف ترحيل الأويغور الذين غادروا الصين. ففي عام 2015، مثلا، أعادت تايلند أكثر من 100 شخص من الأويغور كانوا قد طلبوا اللجوء في هذا البلد. ورحلت مصر 16 طالبًا صينيا من الأويغور بناء على طلب من السلطات الصينية في عام 2017، بمن فيهم يلياسيجيانغ رحمان. ويخشى الأويغور الصينيون الذين يعيشون في الخارج، إذا أرغموا على العودة إلى الصين، أن ينتهي بهم الأمر لا محالة في معسكرات “إعادة التأهيل” بشينجيانغ. بالنسبة إلى أولئك الذين ينتظرون البت في طلباتهم للجوء في البلدان التي يقيمون فيها، الترحيل هو أحد مصادر الضغط والقلق الرهيبين، ولا سيما في ظل الخوف الذي ينتابهم من التجسس عليهم من قبل الآخرين في مجتمعاتهم المحلية.
ومما يفاقم الخوف أن الأويغور الذين يعيشون في الخارج أُخبِروا من طرف الهيئات الدبلوماسية الصينية في بلدان الإقامة أنه لا يمكن لهم تجديد جوازات السفر الصينية إلا بالعودة إلى شينجيانغ. هذه المخاوف ليست بدون أسس. وحسب إحدى الوثائق المسربة حديثا، “النشرةرقم 2“، تخضع السفارات والقنصليات الصينية الأويغور ومجموعات عرقية أخرى ذات أغلبية مسلمة إلى عمليات الفحص الفردي إذا قدموا طلبات لتجديد جوازات سفرهم الصينية أو للحصول على تأشيرة للعودة إلى الصين. يتم التأكد من المعلومات الخاصة بهم من قبل السلطات في شينجيانغ مقابل “منصة متكاملة” من البيانات يتم الحصول عليها من خلال برنامج شامل للمراقبة الجماعية. إذا قررت السلطات بناء على عمليات الفحص أن “شبهة الإرهاب لا يمكن استبعادها”، فإن من المرجح أن يتعرض هؤلاء الأفراد إلى الاعتقال أو إرسالهم إلى “معسكرات إعادة التأهيل”.
الدول لها التزام بموجب القانون الدولي أن تمتثل لمبدأ عدم الإعادة القسرية من خلال ضمان ألا يتم إعادة الأشخاص، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى بلد يواجهون فيه انتهاكات أو إساءات جدية لحقوق الإنسان.
ومنذ عام 2018، التزمت ألمانيا والسويد رسميا بعدم ترحيل الأويغور إلى الصين أو أعضاء مجموعات عرقية أخرى ذات غالبية مسلمة من شينجيانغ.
تم اعتماد قرار قوي للاتحاد الأوروبي (2019/2945[RSP]) بشأن أوضاع الأويغور في الصين بأغلبية كبيرة يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2019. وعبّر البرلمان الأوروبي عن قلقه البالغ بشأن التقارير التي تناولت تعرض الأويغور في الخارج للمضايقات من قبل السلطات الصينية بهدف إرغامهم على التحول إلى مخبرين ضد أويغور آخرين، أو العودة إلى شينجيانغ أو التزام الصمت بشأن الوضع هناك، وأحيانا من خلال احتجاز أفراد من عائلاتهم. ويدعو القرار الاتحاد الأوروبي إلى تكثيف جهوده لحماية السكان الأويغور ومواطني الاتحاد الأوروبي في الدول الأعضاء من المضايقات وحملات الترهيب التي تمارسها السلطات الصينية. ويدعو القرار أيضا السلطات الصينية إلى وضع حد لحملات القمع الحالية التي تتضمن الاحتجاز، والمضايقة القضائية، والترهيب.
إن ترهيب الحكومة الصينية للأويغور والمواطنين الصينيين في الولايات المتحدة من القضايا المذكورة أيضا في الاقتراح التشريعي المُعَدَّل لقانون الأويغور (UIGHUR Act) الصادر عام 2019، وهو قانون أجازه مجلس النواب الأمريكي بـ 407 أصوات مقابل صوت واحد (407-1) يوم 3 ديسمبر/كانون الأول 2019.
ومن الأهمية البالغة أن تتخذ جميع البلدان التي تستضيف أفراد شتات الأويغور تدابير لحمايتهم من تهديد الترحيل إلى الصين، حيث من المُرجح أن يواجهوا خطر الإرسال إلى أحد معسكرات الاعتقال في شينجيانغ.
بادروا بالتحرّك
اطلبوا من الصين أن تتوقّف عن استهداف مجتمعات الأويغور والكازاخ وغيرهم من المجتمعات العرقية ذات الأغلبية المسلمة
مطالب منظمة العفو الدولية
إلى الحكومة الصينية:
- وقف جميع أنواع المضايقات والترهيب ضد الأويغور، والكازاخيين ومجموعات عرقية أخرى ذات غالبية مسلمة ممن يعيشون في الخارج.
- إغلاق “معسكرات إعادة التأهيل” السياسي والإفراج عن المحتجزين فورا وبدون قيد أو شرط.
- إلغاء أو تعديل جميع القوانين والتنظيمات، وإنهاء الإجراءات ذات الصلة، والتي تقيد حقوق الأويغور ومجموعات عرقية أخرى ذات غالبية مسلمة بصورة غير مسموح بها ووقف استخدام “التطرف” و “الإرهاب” كمبرر لوضع قيود على الممارسات الدينية والثقافية.
- وقف الطلب من بلدان أخرى إعادة الأفراد إلى الصين في انتهاك لمبدأ عدم الإعادة القسرية.
- إتاحة امكانية الوصول بدون قيود لخبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة، والباحثين المستقلين والصحفيين إلى شينجيانغ بهدف إجراء تحقيق مستقل بشأن ما يحدث في المنطقة
إلى الحكومات الثانية:
- اتخاذ إجراءات محددة لضمان أن أعضاء مجتمعات الشتات من بالأويغور، والكازاخيين، ومجموعات عرقية أخرى ذات غالبية مسلمة التي تسكن في هذه البلدان تحظى بالحماية من الترهيب الذي تمارسه السفارات الصينية والعملاء الصينيين ووقف ترحيل هؤلاء إلى الصين.