حقوقكم عرضة للخطر: شهد العام اعتداء عالمياً على الحريات الأساسية، حيث انتهكت العديد من الحكومات بلا وجل القانون الدولي، وقوضت عن عمد المؤسسات التي قصد من قيامها حماية حقوق الإنسان.
وقد حذَّرت منظمة العفو الدولية من أن الحماية الدولية لحقوق الإنسان تتعرض لخطر الانهيار من جراء المصالح الذاتية قصيرة الأجل لبعض الدول والحملات الأمنية القمعية في دول أخرى؛ مما أدى إلى اعتداء واسع النطاق على الحقوق والحريات الأساسية. جاء ذلك مع نشر التقرير السنوي للمنظمة، الذي يقدم تقييماً لوضع حقوق الإنسان في مختلف أنحاء العالم.
وقال سليل شيتي، الأمين العام لمنظمة العفو الدولية: “إن حقوقكم تتعرض للخطر: فهي تُعامل باستخفاف تام من حكومات كثيرة في شتى أرجاء العالم”.
ومضى سليل شيتي يقول: “هناك ملايين الناس يعانون معاناةً شديدة على أيدي الدول والجماعات المسلحة، وهناك حكومات لا تتورع عن تصوير حماية حقوق الإنسان كما لو كانت تشكل خطراً على الأمن أو القانون أو النظام أو “القيم” الوطنية”.
إن حقوقكم تتعرض للخطر: فهي تُعامل باستخفاف تام من حكومات كثيرة في شتى أرجاء العالم.
سليل شيتي، الأمين العام لمنظمة العفو الدولية.
العام في صور
حقوق الإنسان عُرضة للخطر على المستوى العالمي
تحذِّر منظمة العفو الدولية من اتجاه خبيث متصاعد لتقويض حقوق الإنسان، ومصدره تلك الحكومات التي تتعمد الاعتداء على المؤسسات التي أُنشئت بغرض حماية حقوقنا، أو تتعمد إهمال هذه المؤسسات أو تحجم عن تقديم التمويل الكافي لها.
إن الخطر لا يهدد حقوقكم فحسب، بل يهدد أيضاً القوانين والنظم التي تحميها. وبعد ما يزيد عن 70 سنة من العمل الشاق، يبدو تقدم الإنسانية محفوفاً بالمخاطر
سليل شيتي
وقال سليل شيتي: “إن الخطر لا يهدد حقوقكم فحسب، بل يهدد أيضاً القوانين والنظم التي تحميها. وبعد ما يزيد عن 70 سنة من العمل الشاق، يبدو تقدم الإنسانية محفوفاً بالمخاطر”.
والملاحظ أن هيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، و”المحكمة الجنائية الدولية”، والآليات الإقليمية من قبيل “مجلس أوروبا” ونظم حقوق الإنسان لدول الأمريكيتين، تتعرض جميعها للتقويض على أيدي بعض الحكومات التي تسعى إلى التهرب من مراقبة سجلها المحلي في مجال حقوق الإنسان.
وتدعو منظمة العفو الدولية حكومات العالم إلى تقديم الدعم السياسي، وتوفير التمويل الكامل للنظم القائمة المعنية بتعزيز القانون الدولي وحماية حقوق الأفراد.
احصل على تقرير منظمة العفو الدولية للعام 2015/16
حقوق إنسانية تتعرض للهجوم: بالأرقام
الحقوق عرضة للخطر على المستوى الوطني
وثَّقت منظمة العفو الدولية كيف أقدمت حكومات كثيرة، كلٌ في سياقها المحلي، على انتهاك القانون الدولي بشكل صارخ خلال عام 2015: فقد تعرض أشخاص للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة في أكثر من 122 دولة، بينما قامت 30 دولة أو أكثر بإجبار لاجئين على العودة بشكل غير قانوني إلى بلدان قد يتعرضون فيها للخطر. وفي ما لا يقل عن 19 دولة، ارتُكبت جرائم حرب أو غيرها من انتهاكات “قوانين الحرب” على أيدي حكومات أو جماعات مسلحة.
وتحذِّر منظمة العفو الدولية من اتجاه يبعث على القلق من جانب بعض الحكومات التي تتزايد اعتداءتها على النشطاء والمحامين وغيرهم ممن يعملون للدفاع عن حقوق الإنسان.
وتعليقاً على ذلك، قال سليل شيتي: “بدلاً من الإقرار بالدور الجوهري الذي ينهض به المدافعون عن حقوق الإنسان في المجتمع، تُقْدم حكومات كثيرة عمداً على خنق أشكال الانتقاد في بلدانها. وقد انتهكت هذه الحكومات قوانين بلدانها نفسها في سياق حملاتها القمعية على المواطنين”.
وتقول منظمة العفو الدولية إن هذا الاتجاه قد تجسَّد جزئياً في رد فعل كثير من الحكومات على التهديدات الأمنية المتصاعدة في غضون عام 2015.
ومضى سليل شيتي قائلاً: “كان رد الفعل الخاطئ لكثير من الحكومات على تهديدات الأمن القومي يتمثَّل في سحق المجتمع المدني، والحق في الخصوصية، والحق في حرية التعبير؛ وكذلك في الحملات الصريحة لتشويه حقوق الإنسان وتحويلها إلى كلمات مقيتة، وتصويرها وكأنها تتعارض مع الأمن القومي والقانون والنظام و”القيم الوطنية”. وبهذا الشكل، انتهكت تلك الحكومات قوانينها ذاتها”.
أمثلة قُطرية
روسيا
استخدمت السلطات بشكل قمعي تشريعات ذات صياغات مبهمة بشأن الأمن القومي ومكافحة التطرف، كما زادت من محاولاتها الدؤوبة لإخراس هيئات المجتمع المدني في البلاد؛ ورفضت السلطات بشكل مخجل الإقرار بقتل مدنيين في سوريا، كما واصلت مساعيها القوية لمنع مجلس الأمن الدولي من القيام بتحرك بشأن سوريا.
تايلند
قُبض على منتقدين سلميين بسبب أنشطة من قبيل تمثيل مسرحيات أو نشر تعليقات على موقع “فيسبوك” أو رسم صور على الجدران؛ وتجاهلت السلطات العسكرية النداءات الدولية التي حثَّتها على عدم توسيع صلاحياتها التي تتيح لها الإفراط في تقييد الحقوق وإخراس المعارضة تحت ذريعة “الأمن”.
بوروندي
ارتكبت قوات الأمن عمليات قتل بصورة منظَّمة وغيرها من الأساليب العنيفة على نطاق واسع؛ كما كانت هناك جهود لقمع نشطاء حقوق الإنسان في البلاد.
إسرائيل
واصلت إسرائيل حصارها العسكري لقطاع غزة وما يستتبعه من عقاب جماعي لسكان القطاع البالغ عددهم نحو 1.8 مليون نسمة، كما تقاعست، شأنها شأن فلسطين، عن الاستجابة لدعوة الأمم المتحدة من أجل إجراء تحقيقات تتسم بالمصداقية بخصوص جرائم الحرب التي ارتُكبت خلال نزاع غزة في عام 2014.
فنزويلا
استمر الافتقار إلى العدالة في حالات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، كما استمرت الاعتداءات الدؤوبة على المدافعين عن حقوق الإنسان؛ وواصلت السلطات نقض “اتفاقية الدول الأمريكية لحقوق الإنسان” عقب انسحابها في وقت سابق من ولاية “محكمة الدول الأمريكية لحقوق الإنسان”، مما حرم ضحايا الانتهاكات من سُبل التماس العدالة.
حقوقكم عُرضة للخطر: بالأرقام
الأمم المتحدة في حاجة ماسة لتجديد حيويتها
في غضون عام 2015، عانت الأمم المتحدة وهيئاتها المعنية بحماية حقوق الإنسان واللاجئين معاناةً شديدة بسبب العداء والإهمال من جانب بعض الحكومات التي تتصرف كما يحلو لها.
وقال سليل شيتي: “لقد أُنشئت الأمم المتحدة من أجل “إنقاذ الأجيال المتعاقبة من ويلات الحرب”، و”التأكيد من جديد على الحقوق الأساسية للإنسان”، ولكنها غدت أكثر ضعفاً من أي وقت مضى في مواجهة التحديات الجسام”.
فقد أحبطت كثير من الحكومات عمداً تحركات الأمم المتحدة لمنع وقوع الفظائع على نطاق واسع أو لمحاسبة الجناة، كما رفضت هذه الحكومات توصيات الأمم المتحدة لتحسين وضع حقوق الإنسان في بلدانها، أو أظهرت استخفافاً تاماً بها.
ويُعد النزاع في سوريا مثالاً مروِّعاً على التبعات الإنسانية الكارثية لتقاعس الأمم المتحدة بشكل مستمر عن النهوض بدورها الحيوي في تعزيز الحقوق والقانون الدولي وضمان المحاسبة.
وتقول منظمة العفو الدولية إن الأمين العام القادم للأمم المتحدة، والذي سيُنتخب في وقت لاحق من العام الجاري ويتسلم مهام منصبه في يناير/كانون الثاني 2017، سوف يرث منظمةً حققت الكثير، ولكنها في حاجة ماسَّة لتجديد حيويتها. وتدعو منظمة العفو الدولية جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، إلى انتهاج فكر جديد شجاع في التحرك قُدماً نحو الإصلاح، على أن تكون البداية هي العملية التي سيُنتخب بموجبها الأمين العام الجديد للأمم المتحدة.
وفي هذا الصدد، قال سليل شيتي: “تلوح أمام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة خلال العام الحالي فرصةٌ تاريخيةٌ لتجديد حيوية المنظمة، وذلك بدعم انتخاب مرشح قوي لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة يتحلى بالالتزام والجسارة الشخصية والرؤية اللازمة للوقوف في وجه أية دولة تُقدم على تقويض حقوق الإنسان على المستوى المحلي أو الدولي”.
وتقول منظمة العفو الدولية إن تحقيق هذا الهدف يتطلب أن تتسم عملية الانتخاب بالنزاهة والشفافية، بما يكفل أن تكون آراء المرشحين بشأن التحديات الأساسية التي تواجهها الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان معروفةً ومفهومةً.
حالة حقوق الإنسان في العالم: بالأرقام
وجوه العام 2015
بوادر أمل
كانت بوادر الأمل التي شهدناها في عام 2015 حصيلة العمل الدعوي والتنظيمي والمعارضة والأنشطة المستمرة من جانب المجتمع المدني والحركات الاجتماعية والمدافعين عن حقوق الإنسان.
ولم تنبثق هذه الحصيلة من النزعة الإنسانية لدى الدول. ويتعين على الحكومات أن تتيح الفضاء والحرية للمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين من أجلها، كيما يقوموا بعملهم الحيوي.
سليل شيتي
ولإعطاء ثلاثة أمثلة فقط من السنة الماضية، نشير إلى: حضور حقوق الإنسان في العناصر المتعلقة بالمساءلة في أهداف الأمم المتحدة المستدامة للتنمية؛ وللتحرك في مايو/أيار لمنع عمليات الإخلاء القسري في مشروع الطريق الإقليمي المؤدي إلى ميناء مومباسا، بكينيا؛ وللإفراج عن فيلب فارما، سجين الرأي في بابوا غينيا الجديدة، نتيجة تدفق 65,000 رسالة كتبها دعماً له متضامنون من شتى أنحاء العالم.
إن هذه المنجزات لم تتحقق بسبب النزعة الإنسانية لدى الدول. ويتعين على الحكومات أن تتيح الفضاء والحرية للمدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين من أجلها، كيما يقوموا بعملهم الحيوي. ولذا، فإن منظمة العفو الدولية تدعو الدول إلى ضمان تنفيذ القرار الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني لحماية حقوق المدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك تسمية الدول التي لا تحترم هذه الحقوق وفضحها.