- افتتاح ملجأ دار آمنة للنساء المعرضات للخطر خطوة مهمة، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من الإجراءات.
- احتجاز النساء من دون تهمة أو محاكمة بسبب مغادرتهن المنزل من دون إذن من أفراد الأسرة الذكور، أو بسبب إقامة علاقة جنسية خارج نطاق الزواج.
- اقتياد النساء من قبل الشرطة لإخضاعهن “لفحوصات العذرية”.
- النساء غير المتزوجات يجبرن على التخلي عن مواليدهن “غير الشرعيين”.
قالت منظمة العفو الدولية في تقرير جديد نُشر اليوم إنه يجب على السلطات الأردنية الكف عن التواطؤ مع نظام “وصاية” الرجل على المرأة المسيء، للتحكم في حياة النساء والحدّ من حرياتهن الشخصية.
ويوثق التقرير المعنون: سَجن النساء وانتزاع الأطفال – الرقابة الشرطية على الجنس والزواج والحمل في الأردن – كيف تتعرض النساء المتهمات بمغادرة المنزل من دون إذن، أو ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج لخطر الاعتقال و”فحوصات العذرية” المهينة إذا اشتكى أفراد الأسرة الذكور إلى السلطات. كما تتعرّض النساء الحوامل خارج إطار الزواج لانتزاع أطفالهن الحديثي الولادة منهن قسراً.
يجب على الحكومة الأردنية أن تعالج، على وجه السرعة، هذه الانتهاكات المشينة التي تناضل المنظمات النسائية الوطنية ضدها منذ عقود، بدءاً من الاستخدام المفرط للاحتجاز من قبل الحكام الإداريين (المحافظين) للمحافظات، وصولاً إلى نظام الوصاية التمييزي للذكور الذي يسمح بالقبض على النساء البالغات بسبب مغادرتهن المنزل من دون إذن
هبة مرايف
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية: “يجب على الحكومة الأردنية أن تعالج، على وجه السرعة، هذه الانتهاكات المشينة التي تناضل المنظمات النسائية الوطنية ضدها منذ عقود، بدءاً من الاستخدام المفرط للاحتجاز من قبل الحكام الإداريين (المحافظين) للمحافظات، وصولاً إلى نظام الوصاية التمييزي للذكور الذي يسمح بالقبض على النساء البالغات بسبب مغادرتهن المنزل من دون إذن.
“على مدى السنوات العديدة الماضية، اعتمدت الحكومة عدة تدابير إصلاحية مهمة للتصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي، من خلال افتتاح ملجأ دار آمنة للنساء المعرضات للخطر، ولكن حان الوقت الآن لوضع حد للاحتجاز والمعاملة السيئة للنساء لمجرد عصيانهن أوصيائهن، أو مخالفتهن الأعراف المتعلقة بالنوع الاجتماعي”.
بين يونيو/حزيران 2018 وأكتوبر/تشرين الأول 2019، قابلت منظمة العفو الدولية ما مجموعه 121 شخصاً في الأردن من أجل إعداد التقرير. كما التقت المنظمة مع 10 مسؤولين حكوميين في فبراير/شباط 2019، وتبادلت مع رئيس الوزراء نتائج البحث الرئيسية. وقد أُرفق في هذا التقرير رد الحكومة الأردنية، الذي تم استلامه في 14 أكتوبر/تشرين 2019.
تسجن النساء بسبب عصيانهن سلطة الذكور
يسيء المحافظون في الأردن استخدام نص مشين في تشريع قانون منع الجريمة، من أجل الاحتجاز الإداري لعشرات النساء في أي وقت. وجاء في رد مكتب رئيس الوزراء على منظمة العفو الدولية أن هناك 149 امرأة رهن الاحتجاز الإداري، وأن 1259امرأة قد تم إطلاق سراحهن من الاحتجاز الإداري، خلال الأشهر الستة الأولى من 2019. وتم احتجازهن لعدة أسباب من بينها “الغياب” عن المنزل من دون إذن ولي الأمر الذكر، وممارسة الجنس خارج إطار الزواج (الزنا).
وأبلغ مكتب رئيس الوزراء منظمة العفو الدولية أن 85 امرأة قد احتجزن إدارياً حتى الآن في 2019، بسبب الزنا، لكنه نفى أن يتم سجن النساء على الإطلاق بسبب “غيابهن”، ما لم يكن يشتبه في ارتكابهن جريمة أخرى.
على مدى السنوات العديدة الماضية، اعتمدت الحكومة عدة تدابير إصلاحية مهمة للتصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي، من خلال افتتاح ملجأ دار آمنة للنساء المعرضات للخطر، ولكن حان الوقت الآن لوضع حد للاحتجاز والمعاملة السيئة للنساء لمجرد عصيانهن أوصيائهن، أو مخالفتهن الأعراف المتعلقة بالنوع الاجتماعي
هبة مرايف
بيد أنه قد تبيّن من توثيق منظمة العفو الدولية وعمل المحامين الأردنيين أن المحافظين يأمرون باحتجاز النساء بسبب “الغياب”، وغالبًا ما يكون ذلك بناءً على طلب ولي الأمر.
وفي فبراير/ شباط 2019، زارت منظمة العفو الدولية سجن الجويدة، وهو سجن النساء الرئيسي في الأردن، والتقت بـ 22 امرأة مسجونة من دون تهمة أو محاكمة، وقلن إنه قُبض عليهن بتهمة “الغياب” أو تهمة “الزنا”. وقال معظمهن إنهن تعرضن للسجن لعدة أشهر، وكن ينتظرن أحد أفراد الأسرة الذكور “لكفالتهن”. وفي الآونة الأخيرة، وحتى سبتمبر/ أيلول 2019، أكدت مصادر مطلعة لمنظمة العفو الدولية أن ما لا يقل عن 30 امرأة ما زلن محتجزات في الجويدة بسبب “غيابهن” و”الزنا”.
وذكر جميعهن تقريباً فرارهن من البيئات المسيئة، أو قلن إنهن هربن بعدما منع الوصي عليهنّ زواجهن من شريك من اختيارهن. وفقًا للقانون الأردني، تطلب النساء دون سن الثلاثين موافقة ولي أمرهن (عادة ما يكون والدها أو أخيها أو عمها) على الزواج.
* سوسن، أخبرت منظمة العفو الدولية أنها سجنت منذ أكثر من عام بعدما اشتكى والدها إلى السلطات من أنها هربت مع أحد الرجال. بينما في الواقع، إنها هربت بسبب سوء المعاملة.
وقالت: “أوقفتني الشرطة في الشارع في عمان، وطلبت مني بطاقة هويتي. ولم تكن معي، ولذا قالوا إن عليّ أن أذهب معهم إلى مركز الشرطة، ولكن عندما وصلت إلى هناك تبيّن أن هناك مذكرة قبض صادرة بحقي بسبب “غيابي” عن البيت. وقام ضابطا الشرطة هناك بضربي. واقتاداني إلى مكتب نائب المحافظ [نتحفظ على الموقع]. وقال إنني سأذهب إلى سجن الجويدة حتى يأتي والدي ليكفلني… لا أريده أن يكفلني، وأريد أن أستقل بحياتي.
قالت أربع نساء قابلتهن منظمة العفو الدولية، أو بعد إطلاق سراحهن من الاحتجاز الإداري، إن موظفي المستشفى اتصلوا بالشرطة لأنهن حملن خارج إطار الزواج.
وأوضحت علا*، وهي في العشرينيات من عمرها، قائلة:
“حمَلت وحاولت الزواج من الرجل. ولكن لم يوافَق على الزواج لأنه ليس لدي أوصياء ذكور. فوالداي متوفيان، ولدي أخت أصغر مني وليس لدي إخوة… وذهبت إلى المستشفى للولادة. وسألني المستشفى عما إذا كنت متزوجة، وقلت لا، فاستدعوا الشرطة. وبذلك، وصلت إلى هنا”.
وقالت امرأتان حاملتان غير متزوجتين، كل على حدة، إنهما محتجزتان رهن الاعتقال الإداري حتى يضعا حملاهما، كي تتمكن السلطات من جمع أدلة الحمض النووي من طفليهما. وذلك لأن الأب المزعوم أراد أن يبرئ نفسه من الاتهام بارتكاب الزنا.
خطوات إيجابية، ولكن بواعث القلق مستمرة
في اجتماعات عقدت في فبراير/ شباط 2019، أخبر مسؤولو وزارة الداخلية منظمة العفو الدولية أن المحافظين يحتجزون النساء بسبب “الغياب” والزنا لحمايتهن، لأن أفراد أسرهم قد يريدون قتلهن. وأضافوا أن ملجأ دار آمنة، الذي أنشئ حديثًا، سينهي عملية “الحجز الوقائي”.
ونسبت منظمات المجتمع المدني الفضل الكبير إلى دار آمنة في خفض عدد النساء المعرضات للخطر في الاعتقال الإداري. واعتباراً من منتصف سبتمبر/أيلول 2019، استضافت المنشأة 75 امرأة. ومع ذلك، كما ذكر أعلاه، لم تضع دار آمنة حداً لاحتجاز النساء بسبب “الغياب” و“الزنا”، ويبدو أن العديد منهن محتجزات لمعاقبتهن، وإكراههن على العودة إلى ولي أمرهن.
كما تتعرض النساء لخطر المحاكمة بسبب جريمة الزنا، التي تحمل عقوبة بالسجن تتراوح بين سنة وثلاث سنوات. بينما يمكن مقاضاة كل من الرجال والنساء إذا تقدم الأزواج أو الزوجات بشكوى إلى السلطات، يمكن أيضًا محاكمة المرأة بعد تقديم شكوى من ولي أمرها الذكر. ما يعطي أفراد الأسرة الذكور أداة أخرى لمعاقبة النساء والتحكم فيهن.
* رنا، في منتصف العشرينات من عمرها، أخبرت منظمة العفو الدولية أنها قد قبض عليها وحُوكمت بتهمة الزنا بعدما هربت مع رجل أحبته، لكن لم يُسمح لها بالزواج منه، ورفع والدها دعوى عليها.
“فحوصات العذرية” المهينة
أخبرت النساء غير المتزوجات المحتجزات بسبب “غيابهن” منظمة العفو الدولية بأن الشرطة اقتادتهن لإجراء “فحوصات العذرية”. وهو فحص مشين يتم إجراؤه في ظل اعتقاد غير علمي بأنه قادر على تأكيد ما إذا كانت المرأة قد مارست الجماع المهبلي، ويعد هذا الفحص انتهاكاً بنود حظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة بموجب القانون الدولي.
إن استخدام “فحوصات العذرية ” من قبل الشرطة في الأردن يعزز الفكرة التمييزية أن أعضاء الأسرة من الذكور لديهم الحق في مراقبة الحياة الجنسية للمرأة والتحكم فيها. فيجب أن تنتهي هذه الممارسات غير القانونية في جميع الظروف
هبة مرايف
* حنان، البالغة من العمر حوالي 20 عاماً، قالت لمنظمة العفو الدولية إنها فرت من الإساءة في منزلها في ثلاث مناسبات مع أختها، وأوضحت:
“في كل مرة نهرب فيها، عندما يتم القبض علينا، تأخذنا الشرطة إلى المستشفى، ويصر والدي على إجراء فحوصات العذرية علينا. لقد وافقنا على ذلك في كل مرة، كما كنا نعرف أنه كان علينا أن نثبت لأبينا أننا عذارى. وأوضحت لنا إدارة حماية الأسرة [الشرطة] الأمر على أي حال: إذا طلب منا والدنا إجراء الفحوص، فعلينا القيام بذلك. يحقّ له بذلك”.
وقالت بعض النساء أنه قد تم طلب إجراء الفحوصات من قبل إدارة حماية الأسرة أو أفراد الأسرة. وحتى في غياب الأشكال الصريحة من الإكراه، يظل من غير الممكن للنساء المحتجزات أن يملكن حرية الموافقة أو الرفض.
وأضافت هبة مرايف قائلة: “إن استخدام “فحوصات العذرية ” من قبل الشرطة في الأردن يعزز الفكرة التمييزية أن أعضاء الأسرة من الذكور لديهم الحق في مراقبة الحياة الجنسية للمرأة والتحكم فيها. فيجب أن تنتهي هذه الممارسات غير القانونية في جميع الظروف.
الانتزاع القسري “للأطفال غير الشرعيين”
تواجه النساء الحوامل خارج إطار الزواج خطرًا إضافيًا يتمثل في أن أطفالهن سيخضعون قسراً لرعاية الدولة. بينما أخبر مكتب رئيس الوزراء منظمة العفو الدولية أنه لا يتم إبعاد الطفل إلا إذا كان يُقدر أنه معرض للخطر، إلا أن نشطاء حقوق المرأة والمحامين أخبروا منظمة العفو الدولية عكس ذلك: أن حماية الأسرة تأخذ أطفال النساء غير المتزوجات إلى دور الرعاية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية على سبيل الممارسة المؤسسية، وذلك في غياب التقييم الفردي.
للأسف، قمنا بتوثيق عدة حالات لنساء غير متزوجات أصبحن حوامل نتيجة للاغتصاب، واللائي سجنن بعد ذلك أو فصلن قسراً عن أطفالهن، أو منعن من تسجيل المواليد
هبة مرايف
وقالت خمس نساء أنجبن وهنّ غير متزوجات لمنظمة العفو الدولية إن الشرطة أخذت أطفالهن حديثي الولادة من دون موافقتهن. وتستثني روضة المرفق – التي تديرها وزارة التنمية الاجتماعية في سجن الجويدة، والتي تسمح للنساء بإبقاء الأطفال الصغار معهن -“الأطفال غير الشرعيين”.
وفي أحسن الأحوال، يمكن للمرأة غير المتزوجة أن تسعى إلى لمّ شملها مع أطفالها كأم حاضنة.
وأخبرت عاملات منازل مهاجرات باحثي منظمة العفو الدولية بأنهن ولدن في المنزل للحيلولة دون أخذ طفلهن بعيدًا عنهن. وأخبرت إحدى المنظمات غير الحكومية منظمة العفو الدولية أنها على علم بوجود 20 حالة من هذه الحالات. وتجد النساء غير المتزوجات صعوبة في تسجيل ولادة أطفالهن واكتساب هوية قانونية لهم.
وقالت امرأة إنها تزوجت من شريك مسيء كان قد اغتصبها لتتمكن من تسجيل أطفالها، بناءً على مشورة إحدى المنظمات غير الحكومية، نظراً إلى افتقارها إلى خيارات أخرى.
وقالت آمي لمنظمة العفو الدولية: “لم أرغب في الزواج [من الرجل الذي أصبح زوجي] ولكن نصحوني بذلك. أشعر بالقلق من أن يضربني حتى الموت يوماً ما. ولكن ليس لدي خيار آخر، يجب أن أبقى معه. قال المحامي إن عليّ أن أتزوجه كي أسجل الأطفال”.
وقالت هبة مرايف: “للأسف، قمنا بتوثيق عدة حالات لنساء غير متزوجات أصبحن حوامل نتيجة للاغتصاب، واللائي سجنن بعد ذلك أو فصلن قسراً عن أطفالهن، أو منعن من تسجيل المواليد.
إن افتتاح دار آمنة خطوة إيجابية، يبدو أنها أسفرت عن خفض عدد النساء اللائي يحتجزن فيما يسمى “بالحجز الوقائي”، ويثبت الإرادة السياسية لتوفير الحماية لحقوق المرأة. أما المطلوب الآن فهو مراجعة شاملة للقوانين والسياسات لضمان ثقة المرأة في اتخاذ قرارات حرة بشأن حياتها الجنسية والإنجابية؛ بدلاً من تجريمها ومعاقبتها وتهميشها
هبة مرايف
“إن الانتزاع القسري للأطفال من الأمهات غير المتزوجات يصل إلى حد التعذيب، ويجب أن يتوقف فوراً. فبدلاً من المساهمة فعلياً في وصمة العار المرتبطة بالأطفال المولودين خارج إطار الزواج، يجب على السلطات العمل للقضاء على هذه الممارسة، ومساعدة النساء غير المتزوجات اللائي يرغبن في القيام بتنشئة أطفالهن”.
الحاجة ملحة لإجراء لإصلاحات
تدعو منظمة العفو الدولية السلطات الأردنية إلى مضاعفة جهودها لحماية حقوق المرأة، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني.
واختتمت هبة مرايف قائلة: “إن افتتاح دار آمنة خطوة إيجابية، يبدو أنها أسفرت عن خفض عدد النساء اللائي يحتجزن فيما يسمى “بالحجز الوقائي”، ويثبت الإرادة السياسية لتوفير الحماية لحقوق المرأة. أما المطلوب الآن فهو مراجعة شاملة للقوانين والسياسات لضمان ثقة المرأة في اتخاذ قرارات حرة بشأن حياتها الجنسية والإنجابية؛ بدلاً من تجريمها ومعاقبتها وتهميشها”.
* تم حجب الأسماء الحقيقية لحماية هوية أصحابها.